المرجعية النسوية الغربية إلى أين؟!
هناك تحليل علمي قيِّم للدكتورة أماني صالح نائب رئيس جمعية (دراسات المرأة والحضارة) عن (نحو منظور إسلامي للمعرفة النسوية) تناقش فيه المطلوب تجاه قضايا المرأة المسلمة ليس وفق المرجعية النسوية الغربية بمختلف اتجاهاتها.. ولكن وفق المرجعية الإسلامية. وتؤكد على أن الحاجة ملحة إلى نشأة معارف نسوية محلية أو خاصة وفك عرى التبعية بين حركة النساء في العالم عموماً -والعالم الإسلامي على وجه الخصوص- وبين الاتجاهات النسوية الأسبق حركة وتقدماً في الغرب.
كما تؤكد على ضرورة توليد هذه المعرفة لسببين هما: سبب طارد أو سلبي، ويكمن في صميم المعرفة النسوية الغربية المهيمنة ويرجع ذلك إلى المسارات التي انتهت إليها وهي مسارات تثير في النهاية شعوراً بالرفض والاغترار وعدم الرضا لدى قطاع كبير من النساء غير الغربيات، إما لتناقضها مع رؤيتهن الخاصة للعالم ولذواتهن وللأهداف المرجوة لحركة النساء أو لتناقضها مع أطرهن المرجعية الأصلية.
أيضاً من بين تلك العوامل تفاقم نزعة التطرف وغلبة الاتجاهات النسوية الراديكالية على مجمل الحركة النسوية، الأمر الذي يتجلى في تخلي عديد من النسويات الغربيات عن النزعات الإصلاحية الرامية لإصلاح البنى القائمة نحو هدمها تماماً يستوي في ذلك بنى المجتمع وعلى رأسها الأسرة الطبيعية، أو بين المعرفة والعلوم المختلفة، كما يظهر في تجاوز غاية إقامة أو تحقيق العدل..
وفي موقع آخر من دراستها توضح أن الخلاف الجوهري مع مرتكزات المعرفة النسوية الغربية التي تعتمد العقل البشري والخبرة المادية والإنسانية مصدراً وحيداً للمعرفة سواء في ذلك علاقات الإنتاج أو الخبرة المادية الجسدية للمرأة.. الخ. وفي المقابل فإن المنظور الإسلامي ينبثق من الاعتراف بالأبعاد الغيبية (ما وراء الطبيعة) ممثلة في الخالق المعبود جل شأنه وهو مصدر أساسي للمعرفة والحكمة من خلال الرسالة والدين والشريعة، فهذه المعرفة الميتافيزيقية ليست في المنظور الإسلامي معرفة هلامية غير محددة الأبعاد بل هي منظومة متكاملة للحياة وأصل الكون وغاية الوجود الإنساني وعلاقته الطبيعية وما وراءها، ثم مصير الإنسان. كما أنها بالنسبة للإنسان المسلم محددة في نص مقدس «لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ»(سورة فصلت، الآية: 42) يتضمن نسق العقائد والأحكام.
وبالإضافة إلى هذه المعرفة ومن منطوق النص المقدس ذاته تأتي المعرفة المادية والتاريخية مصدراً أساسياً بدوره: للعلم والتذكر والتدبر والتأمل والتفكر والفهم واستنباط الدروس. وقد دعانا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه إلى النظر في الآفاق وفي أنفسنا، وإلى النظر في الكون والمخلوقات وسير السابقين واستنباط الحكمة من ذلك.
.. ما استعرضت جزءاً منه سابقاً هو ورقة قيِّمة وتحليل عميق للفروق بين هذه المعرفة النسوية الغربية التي يعرف الجميع مصدرها وجذورها سواء في جذورها التقليدية أو تشعباتها لاحقاً -وكيف تنظر إلى المرأة وإلى المجتمع وكيف عمق التيار الماركسي من أطروحاتها- أي أن مرجعيتها (أناس) يطلق عليهم تجاوزاً رواد حركة تحرير المرأة أو التمركز حول الأنثى..
ولنتخيل كيف تتحول هذه الآراء والأفكار والتنظيرات إلى (مرجعية اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو» وكيف تسهم منظمات الأمم المتحدة من خلال دعمها مؤتمرات عالمية لفرض توصياتها على النساء والمجتمعات واستخدامها (وسيلة ضغوط) لتحقيق مآرب سياسية وعسكرية واجتماعية.. ليس في مجموعها لخدمة النساء في العالم بنسبة كاملة ولكن وفي معظم بنودها لتمرير المرجعية الغربية والنموذج الغربي!!
ولمن يستعيد تاريخ هذه المؤتمرات فإنه مثلاً في عام 1957م عقد مؤتمر في المكسيك طالب بحرية الإجهاض للمرأة والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال، وتنظيم الأسرة لضبط عدد السكان في العالم الثالث -ولم ينجح هذا المؤتمر-.
ولكن ولأتباع سياسة النفس الطويل في إرغام المجتمعات على تنفيذ هذه الاتفاقية والمتابعة المستمرة وتجنيد جميع الجهات والمنظمات والجمعيات تحت مسميات متعددة!! نجد أن مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994م دعا إلى حرية الجنس للمرأة وتغيير وحدة المجتمع الأساسية أي (الأسرة) إضافة إلى المناداة بقانونية الإجهاض.. ولقد أثار هذا المؤتمر جدلاً واسعاً على المستوى الإسلامي والدولي نظراً لما يحتويه من وثائق وتوصيات ومن تصعيد الهجمة الشرسة على الأديان السماوية والقيم الإنسانية والأخلاقية.
.. هذه المقارنة البسيطة يمكن لأي متتبع للمؤتمرات وتوصياتها وتواريخ انعقادها وأخيراً مواقع انعقادها!! كما حدث في مؤتمر الأسرة الذي عقد في الدوحة منذ شهر وسبق أن كتبت عنه هنا، أن يرى كيف أن الإصرار على (فرض) المنهجية الغربية (الوضعية) يستمر وبعنف وبشدة .. لإحلاله مكان (المرجعية الإلهية) وهنا يكمن الخطر.. فهل لدينا مواجهة عملية لهذا الطوفان؟!
الرؤية الجندرية لإمامة المرأة!!
(كلنا يعرف أن المرأة تختلف عن الرجل، فالرجل له طبيعته الخاصة باعتباره ذكراً والتي تختلف عن طبيعة المرأة باعتبارها أنثى من الناحية الجسمانية والبيولوجية، وهذا الاختلاف لا يمكن تغييره لأنه ليس من صنع البشر، ولذلك فهو يسمى بالاختلاف الحيوي أو البيولوجي أو بمعنى آخر (الجنس)، فالجنس البشري مثل معظم الكائنات الحية يتكون من ذكر وأنثى، ولكن الاختلافات الجنسية بين الرجل والمرأة ليس هي الاختلافات الوحيدة، فهناك اختلافات أخرى صنعها البشر على مدى تاريخهم الطويل، وهذه الاختلافات لا تقوم على أساس الجنس ولكن على أساس الأدوار التي يقوم بها كلّ من النساء والرجال في المجتمع وهي ما يطلق عليها (الأدوار الاجتماعية) أو (النوع الاجتماعي) أي تلك الاختلافات المتعلقة بوضع المرأة أو الرجل الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي أو الديني وما يفرض عليها من قبل المجتمع).
هذه الفقرات السابقة هي (الرؤية الجندرية) التي اعتمدت عليها اتفاقية (القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي تختصر بكلمة (السيداو).. وهي المنظور الذي يعمم الآن في تقنين سياسات الشعوب دعاية لحماية المرأة من أي (تمييز) ضدها.. وكي تتضح الصورة لهذا المفهوم (الجندر) Gender.. يقولون: "إن البشر يولدون ذكوراً وإناثاً ولكن (التعليم) هو الذي يجعل منهم (صبية) و(بنات) ليصبحوا فيما بعد رجالاً ونساءً إذ يجري تلقينهم مبادئ السلوك، وتحدد لهم المواقف والأدوار والنشاطات، إضافة إلى الكيفية التي يتصلون فيها مع الآخرين هذا السلوك المكتسب بالتعليم هو الذي يشكل (الهوية الجندرية) ويحدد بالتالي (الأدوار الجندرية).. وبالطبع تتفاوت الأدوار الجندرية التي يقوم بها الرجال والنساء تفاوتاً كبيراً بين ثقافة وأخرى ومن جماعة اجتماعية إلى أخرى في نفس الثقافة..) ورغم ما في هذا من صحة إلا أن توظيف هذا المنظور للخروج عن الناموس الاجتماعي وعن الشرائع السماوية هو مصدر الخطورة في هذا.. فهو العصا التي يحملها مهندسو الاتفاقية والقائمون على تنفيذها طوعاً أو قسراً.. فيتنقلون من قطاع إلى آخر في مجالات الحياة الاجتماعية للشعوب ليس للقضاء على الفقر والمرض والجهل بشكل حقيقي ولكن للعبث في ثقافات الشعوب بل وفي عقائدها.. وما قضية (إعلان أمينة ودود أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة فيرجينيا كومنولث الأمريكية أن تؤم المصلين من النساء والرجال في صلاة الجمعة بمدينة نيويورك إلا نموذج لتفعيل هذا (المنظور الجندري) في نطاق الدين - باعتبار أن عدم إمامة النساء للرجال والنساء أسوة بالأئمة من الرجال يعتبر (إقصاء) للنساء وتمييزاً ضدهن وضد هويتهن الجندرية!!
فمن قرأ دليل أوكسفام للتدريب على الجندر سيجد أنهم أدرجوا الدين مع الثقافة وتفسيراتهما تعتبران مصدراً للاضطهاد وعدم المساواة في كثير من البلدان!! وأن الدين والتقاليد الدينية كما يقولون تحمل مضامين مختلفة بالنسبة للنساء.. ولكن الرجال يستخدمونها لتكريس تحكمهم بحياة النساء..).
ولست هنا.. أدافع عن أخطاء البشر نساء ورجالاً.. ولكن يهمني بصفتي مسلمة أن لا نخلط ما بين جوهر التشريع الرباني وبين إخفاقات البشر والأنظمة الإسلامية في تحقيق وتطبيق تشريعات هذا الدين السماوي.. وما يقع على المسلمين رجالاً ونساء من ظلم وغياب عدالة اجتماعية ليس بسبب عجز الشريعة الإسلامية ولكن لغيابها عن تسيير نظام حياة معظم المجتمعات الإسلامية.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى هذا التدخل السافر في عقائدنا وشريعتنا وأمور حياتنا الفقهية.. ويتم استخدام رغبات نسائية مثل (رغبة هذه الدكتورة) بأن تؤم الرجال والنساء وعدم التفريق بين صفوف الرجال والنساء في الصلاة!! أليس هذا تدخلاً في عقيدتنا وتطبيق السنة النبوية؟ وكما قال الدكتور عبدالرحمن علوش في صحيفة المدينة ملحق الرسالة يوم الجمعة 8/2/1426هـ عن أن من الآفات التي بليت بها هذه الأمة الداعين إلى العولمة المطلقة وإلى التجديد في كل شيء دون ضوابط أو قيود.. وأن هناك ثمة فرقاً بين الثابت والمتغير يحتاج إلى أن يفقهه دعاة التجديد والتغيير قبل أن يتجرأوا على دعوات تزل بهم الأقدام... ثم قال ينبغي أن لا تفارق المسلم لحظة أن يعلم يقيناً أن الخير والفضل فيما يختاره الله له.. فللنساء وظائف خصهن الإسلام بها ليست للرجال، والعكس بالعكس وليس ثمة احتقاراً أو انتقاصاً لأحد الجنسين على الآخر.)..
وكما قال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في تعليق له على هذا الموضوع في إحدى القنوات الفضائية إنه لماذا الآن تثار هذه القضايا؟ وهل هناك نساء اشتكين من عدم إمامتهن للرجال؟ ثم وضح الدليل الشرعي لعدم صحة إمامة النساء للرجال.. ووضح أن هناك حالات معينة أمّت فيها إحدى النساء زوجها وأبناءها..
ثم السؤال الذي ينبغي أن يسأل.. هو لماذا لا يكون هناك تطبيق للرؤية الجندرية على نساء (العقيدة الطاوية) حيث النساء فيها مهضومات الحقوق فعلاً وليس لهن الحق في ممارسة ما يقوم به الرجال من طقوس كهنوتية؟!
والمرأة في الشريعة النصرانية لا تتصدر للصلاة بالرجال وهي مهانة من قبل الرجل وليس لها الحق بالمطالبة بالطلاق لأن ما عقد في الأرض في نظرهم عقد في السماء.. أي (عقد الزواج)..
والمرأة في الديانة اليهودية لم تتصدر للفتوى أو الكهانة بل هذا حق من حقوق أبناء اليقين أحد أبناء يعقوب عليه السلام..!!
ولن أتحدث عن الدونية التي تعامل بها نساء الهندوس بعد وفاة أزواجهن من إهانات ويخضعن لعملية حرقهن مع أزواجهن بعد وفاتهم!!
كم هو مهم الوقوف بحزم وشراسة ضد هذه الاختراقات التي يتم فيها استخدام من ينتسبون للإسلام لضرب الإسلام.. وللأسف ربما سيجدون من سيمرر آراءهم بدعوى (عدم التمييز ضد المرأة)!!
الجندرية قناة لماذا؟؟
تعزيزاً لحركات تحرير المرأة وحركة التمركز حول الأنثى وسيادة مفهوم (الجندر) الذي تحدثت عنه في مقالتي السابقة [...] فإننا نجد أن هذه السيادة امتدت إلى الكتاب المقدس في أمريكا.. فكما جاء في تحليل حول هذا الموضوع نشر في صحيفة (الواشنطن بوست) كما يقول الأستاذ أحمد الشاهد أنّ جمعية الكتاب المقدس الدولية أعلنت أنها سوف تصدر ترجمة جديدة للكتاب المقدس تتسم (ألفاظها بالحيادية) في مخاطبة (الجندر) أي ما يترجم بالنوع الاجتماعي ويأتي ذلك على الرغم من الانتقادات السابقة لتلك الفكرة من قبل المحافظين والتعديلات اللغوية التي تجري على أكثر ترجمات الكتاب المقدس مبيعاً في الأسواق الأمريكية وهي (الترجمة الدولية الجديدة) والتعديل يشمل استبدال الألفاظ التي تخاطب الذكور بالألفاظ التي تخاطب الجنسين فمثلا في إنجيل (متى) في الإصحاح الخامس تغيرت كلمة (Sons) إلى كلمة (Children) حيث الكلمة الأولى تعني الأبناء الذكور فقط أما الثانية فتشمل الأبناء من الجنسين.. وفي موضع آخر من الكتاب تغيرت كلمة (man) التي تعني (الرجل) وتطلق على الذكور فقط إلى كلمة (Person) وهي بمعنى (شخص أو إنسان ومن ثم فهي تطلق على الجنسين.. ولقد صدر بيان عام جاء فيه أن تلك الترجمة ليست مجرد ضبط لألفاظ (الجندر) لأن 70% من التعديلات لا تتعلق بالجندر وإن التعديل قد شمل ألفاظاً تشير إلى الله سبحانه وتعالى وإلى عيسى عليه الصلاة والسلام..
ولدينا هنا في محيط الدول العربية تطبيق لفلسفة الجندر والهوية الجندرية الذي أصبح يرتبط بقضايا التنمية وبالصحة الإنجابية وبالتعليم وفرص العمل والحقوق السياسية للمرأة.. وفي كل مجال وقطاع ثقافي واجتماعي.. وفي ظل الضبابية التي تحيط به تمر العديد من بنود الأجندة الغربية بنموذجها الغربي الغارق في الماديات والذي يتناقض مع طبيعة المجتمعات المسلمة على وجه الخصوص.. بل وفي بعض تطبيقاته يصبح تعدياً جريئاً على الثوابت وعلى النصوص القرآنية، مثلما حدث منذ سنوات في المؤتمر الدولي "تحديات الدراسات النسوية في القرن الواحد والعشرين" الذي عقد في جامعة صنعاء التي نظمته، ودعمته هولندا تمويلاً رئيسياً.. وشاركت فيه العديد من الناشطات في المجال النسوي وأيضاً العديد من الباحثين. وسار المؤتمر في فعالياته وأوراق عمله نحو تكريس الأنثوية المتطرفة وفي التقرير الختامي الذي أعد قبل المؤتمر!! وكان التوجه العام هو إلغاء جميع الفوارق بين الأنثى والذكر بل هناك من تساءلت في ورقتها: (لماذا وجد المذكر والمؤنث في الطبيعة ولم يوجد جنس واحد فقط هو الأنثى بالطبع؟!).
أما السفيرة الأمريكية هناك فقد أسهمت بورقة عمل عن العنف ضد النساء في اليمن وأنه لا بد من الاعتراف به من أجل معالجته على مستوى المنظمات الدولية لحقوق المرأة!! وبرغم مناشدتها تلك إلا أنها في عرضها لورقتها أعطت انطباعاً واضحاً بعدم قدرة هذه المنظمات على فعل شيء إزاء جرائم العنف ضد النساء في أمريكا نفسها!!.
وفي رأي د. بلقيس الشرعي نائبة عميد كلية التربية وأستاذ مشارك في مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية (أن أوراق العمل التي قدمت كان فيها تباين واضح في الاتجاهات وفي الأفكار والنظريات والانتماءات الفكرية والأيديولوجية والفلسفية أيضاً).
وفي دراسة عن الصورة النمطية للمرأة والجندر في كتب مناهج المرحلة الأساسية - تمت وفق ما يقال إنها مرجعية بيولوجية ومرجعية دينية ومرجعية اجتماعية ومثال لمرجعية التنميط الدينية في مسألة (تكريمها كأم وزوجة) وان هذا التكريم مرجعيته بيولوجية!!
وكان هناك اعتراض في دراسة بعض الباحثات للغة العربية واحتجاجهن على كثرة وجود اسم الإشارة المذكر عن المؤنث، وضمائر المخاطبة للمذكر أكثر من المؤنث فهذه جريمة في حق (النسوية) وإحدى الدارسات قالت (إنّ تبعية الأدب النسوي لسلطة الأدب الرجالي نابعة من مقولة: «الرجال قوامون على النساء»)!! وهذه آية قرآنية وليست (مقولة)!!
وكانت هناك ورقة بعنوان: «نحو قوانين جديدة للاجتهاد ونحو اجتهاد نسائي»!! وألقيت الورقة باللغة الفرنسية! ومنع توزيعها على الصحفيين ووزعت فقط على بعض المشاركين!!
ويقول في بعض منها كما جاء في تقرير صباح عبده هادي الخيشني عن مشروع الجندر في وثائق الأمم المتحدة.. يقول صاحب الورقة: «لماذا لا أجتهد مع النص؟ لماذا هذا النظام المحور؟ لماذا لا نضع الاجتهاد في خدمة الأنثوية والتي نعرفها بالنضال الجماعي للجنسين.. علينا الانطلاق لاختراق الحدود التقليدية والتقليديين الذين يعملون في مجال الاجتهاد» وفي فقرة أخرى يرى أن القرآن الكريم لا يوائم روح العصر في مسألة الميراث فالقرآن في قبوله الأدبي يحتوي على التجديد في عهد نزوله فما ورد في القرآن حول الميراث لا يساوي بين الجنسين وفي ذلك العهد كان يعتبر ثورة على التقاليد الجاهلية ولكن تطور وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية لم يعد يصلح معه هذا الأمر!!
هذا الباحث في ورقته، يرى أن تفسير الآية القرآنية «لا إكراه في الدين» نص قرآني يسمح بقيام إسلام علماني، [و] العمل به في القرن الواحد والعشرين على أساس حرية الأديان!!
ثم يقوم بتقديم ورقة في الجلسة الختامية يقرأ فيها أمام الجميع قائلاً: «كنت في الثالثة والعشرين من عمري حين قرأت كتاب الثورة الجنسية لرايشين فتشبعت في إحساسي ووجداني بما طرحه من نقد للزواج والأسرة كمؤسسة برجوازية تسجن المرأة وكان تأثير الكتاب قوياً إلى درجة اقترحت على زوجتي أن نفترق وافترقنا احتراماً لنظرية رايشين!! وسافرت إلى فرنسا وقضيت سنوات ألاحظ وأمارس الحرية الجنسية»!!
إذا كان مثل هؤلاء يتصدرون المؤتمرات ويجدون دعماً مالياً ودولياً.. فمن سيدافع عن (الجندر) وعن أنه لخدمة قضايا المرأة؟! بل من سيصدق هذه الادعاءات؟؟
المصدر: موقع العرب نيوز.
بقلم : د. نورة السعد
كما تؤكد على ضرورة توليد هذه المعرفة لسببين هما: سبب طارد أو سلبي، ويكمن في صميم المعرفة النسوية الغربية المهيمنة ويرجع ذلك إلى المسارات التي انتهت إليها وهي مسارات تثير في النهاية شعوراً بالرفض والاغترار وعدم الرضا لدى قطاع كبير من النساء غير الغربيات، إما لتناقضها مع رؤيتهن الخاصة للعالم ولذواتهن وللأهداف المرجوة لحركة النساء أو لتناقضها مع أطرهن المرجعية الأصلية.
أيضاً من بين تلك العوامل تفاقم نزعة التطرف وغلبة الاتجاهات النسوية الراديكالية على مجمل الحركة النسوية، الأمر الذي يتجلى في تخلي عديد من النسويات الغربيات عن النزعات الإصلاحية الرامية لإصلاح البنى القائمة نحو هدمها تماماً يستوي في ذلك بنى المجتمع وعلى رأسها الأسرة الطبيعية، أو بين المعرفة والعلوم المختلفة، كما يظهر في تجاوز غاية إقامة أو تحقيق العدل..
وفي موقع آخر من دراستها توضح أن الخلاف الجوهري مع مرتكزات المعرفة النسوية الغربية التي تعتمد العقل البشري والخبرة المادية والإنسانية مصدراً وحيداً للمعرفة سواء في ذلك علاقات الإنتاج أو الخبرة المادية الجسدية للمرأة.. الخ. وفي المقابل فإن المنظور الإسلامي ينبثق من الاعتراف بالأبعاد الغيبية (ما وراء الطبيعة) ممثلة في الخالق المعبود جل شأنه وهو مصدر أساسي للمعرفة والحكمة من خلال الرسالة والدين والشريعة، فهذه المعرفة الميتافيزيقية ليست في المنظور الإسلامي معرفة هلامية غير محددة الأبعاد بل هي منظومة متكاملة للحياة وأصل الكون وغاية الوجود الإنساني وعلاقته الطبيعية وما وراءها، ثم مصير الإنسان. كما أنها بالنسبة للإنسان المسلم محددة في نص مقدس «لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ»(سورة فصلت، الآية: 42) يتضمن نسق العقائد والأحكام.
وبالإضافة إلى هذه المعرفة ومن منطوق النص المقدس ذاته تأتي المعرفة المادية والتاريخية مصدراً أساسياً بدوره: للعلم والتذكر والتدبر والتأمل والتفكر والفهم واستنباط الدروس. وقد دعانا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه إلى النظر في الآفاق وفي أنفسنا، وإلى النظر في الكون والمخلوقات وسير السابقين واستنباط الحكمة من ذلك.
.. ما استعرضت جزءاً منه سابقاً هو ورقة قيِّمة وتحليل عميق للفروق بين هذه المعرفة النسوية الغربية التي يعرف الجميع مصدرها وجذورها سواء في جذورها التقليدية أو تشعباتها لاحقاً -وكيف تنظر إلى المرأة وإلى المجتمع وكيف عمق التيار الماركسي من أطروحاتها- أي أن مرجعيتها (أناس) يطلق عليهم تجاوزاً رواد حركة تحرير المرأة أو التمركز حول الأنثى..
ولنتخيل كيف تتحول هذه الآراء والأفكار والتنظيرات إلى (مرجعية اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة «السيداو» وكيف تسهم منظمات الأمم المتحدة من خلال دعمها مؤتمرات عالمية لفرض توصياتها على النساء والمجتمعات واستخدامها (وسيلة ضغوط) لتحقيق مآرب سياسية وعسكرية واجتماعية.. ليس في مجموعها لخدمة النساء في العالم بنسبة كاملة ولكن وفي معظم بنودها لتمرير المرجعية الغربية والنموذج الغربي!!
ولمن يستعيد تاريخ هذه المؤتمرات فإنه مثلاً في عام 1957م عقد مؤتمر في المكسيك طالب بحرية الإجهاض للمرأة والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال، وتنظيم الأسرة لضبط عدد السكان في العالم الثالث -ولم ينجح هذا المؤتمر-.
ولكن ولأتباع سياسة النفس الطويل في إرغام المجتمعات على تنفيذ هذه الاتفاقية والمتابعة المستمرة وتجنيد جميع الجهات والمنظمات والجمعيات تحت مسميات متعددة!! نجد أن مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994م دعا إلى حرية الجنس للمرأة وتغيير وحدة المجتمع الأساسية أي (الأسرة) إضافة إلى المناداة بقانونية الإجهاض.. ولقد أثار هذا المؤتمر جدلاً واسعاً على المستوى الإسلامي والدولي نظراً لما يحتويه من وثائق وتوصيات ومن تصعيد الهجمة الشرسة على الأديان السماوية والقيم الإنسانية والأخلاقية.
.. هذه المقارنة البسيطة يمكن لأي متتبع للمؤتمرات وتوصياتها وتواريخ انعقادها وأخيراً مواقع انعقادها!! كما حدث في مؤتمر الأسرة الذي عقد في الدوحة منذ شهر وسبق أن كتبت عنه هنا، أن يرى كيف أن الإصرار على (فرض) المنهجية الغربية (الوضعية) يستمر وبعنف وبشدة .. لإحلاله مكان (المرجعية الإلهية) وهنا يكمن الخطر.. فهل لدينا مواجهة عملية لهذا الطوفان؟!
الرؤية الجندرية لإمامة المرأة!!
(كلنا يعرف أن المرأة تختلف عن الرجل، فالرجل له طبيعته الخاصة باعتباره ذكراً والتي تختلف عن طبيعة المرأة باعتبارها أنثى من الناحية الجسمانية والبيولوجية، وهذا الاختلاف لا يمكن تغييره لأنه ليس من صنع البشر، ولذلك فهو يسمى بالاختلاف الحيوي أو البيولوجي أو بمعنى آخر (الجنس)، فالجنس البشري مثل معظم الكائنات الحية يتكون من ذكر وأنثى، ولكن الاختلافات الجنسية بين الرجل والمرأة ليس هي الاختلافات الوحيدة، فهناك اختلافات أخرى صنعها البشر على مدى تاريخهم الطويل، وهذه الاختلافات لا تقوم على أساس الجنس ولكن على أساس الأدوار التي يقوم بها كلّ من النساء والرجال في المجتمع وهي ما يطلق عليها (الأدوار الاجتماعية) أو (النوع الاجتماعي) أي تلك الاختلافات المتعلقة بوضع المرأة أو الرجل الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي أو الديني وما يفرض عليها من قبل المجتمع).
هذه الفقرات السابقة هي (الرؤية الجندرية) التي اعتمدت عليها اتفاقية (القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) التي تختصر بكلمة (السيداو).. وهي المنظور الذي يعمم الآن في تقنين سياسات الشعوب دعاية لحماية المرأة من أي (تمييز) ضدها.. وكي تتضح الصورة لهذا المفهوم (الجندر) Gender.. يقولون: "إن البشر يولدون ذكوراً وإناثاً ولكن (التعليم) هو الذي يجعل منهم (صبية) و(بنات) ليصبحوا فيما بعد رجالاً ونساءً إذ يجري تلقينهم مبادئ السلوك، وتحدد لهم المواقف والأدوار والنشاطات، إضافة إلى الكيفية التي يتصلون فيها مع الآخرين هذا السلوك المكتسب بالتعليم هو الذي يشكل (الهوية الجندرية) ويحدد بالتالي (الأدوار الجندرية).. وبالطبع تتفاوت الأدوار الجندرية التي يقوم بها الرجال والنساء تفاوتاً كبيراً بين ثقافة وأخرى ومن جماعة اجتماعية إلى أخرى في نفس الثقافة..) ورغم ما في هذا من صحة إلا أن توظيف هذا المنظور للخروج عن الناموس الاجتماعي وعن الشرائع السماوية هو مصدر الخطورة في هذا.. فهو العصا التي يحملها مهندسو الاتفاقية والقائمون على تنفيذها طوعاً أو قسراً.. فيتنقلون من قطاع إلى آخر في مجالات الحياة الاجتماعية للشعوب ليس للقضاء على الفقر والمرض والجهل بشكل حقيقي ولكن للعبث في ثقافات الشعوب بل وفي عقائدها.. وما قضية (إعلان أمينة ودود أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة فيرجينيا كومنولث الأمريكية أن تؤم المصلين من النساء والرجال في صلاة الجمعة بمدينة نيويورك إلا نموذج لتفعيل هذا (المنظور الجندري) في نطاق الدين - باعتبار أن عدم إمامة النساء للرجال والنساء أسوة بالأئمة من الرجال يعتبر (إقصاء) للنساء وتمييزاً ضدهن وضد هويتهن الجندرية!!
فمن قرأ دليل أوكسفام للتدريب على الجندر سيجد أنهم أدرجوا الدين مع الثقافة وتفسيراتهما تعتبران مصدراً للاضطهاد وعدم المساواة في كثير من البلدان!! وأن الدين والتقاليد الدينية كما يقولون تحمل مضامين مختلفة بالنسبة للنساء.. ولكن الرجال يستخدمونها لتكريس تحكمهم بحياة النساء..).
ولست هنا.. أدافع عن أخطاء البشر نساء ورجالاً.. ولكن يهمني بصفتي مسلمة أن لا نخلط ما بين جوهر التشريع الرباني وبين إخفاقات البشر والأنظمة الإسلامية في تحقيق وتطبيق تشريعات هذا الدين السماوي.. وما يقع على المسلمين رجالاً ونساء من ظلم وغياب عدالة اجتماعية ليس بسبب عجز الشريعة الإسلامية ولكن لغيابها عن تسيير نظام حياة معظم المجتمعات الإسلامية.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى هذا التدخل السافر في عقائدنا وشريعتنا وأمور حياتنا الفقهية.. ويتم استخدام رغبات نسائية مثل (رغبة هذه الدكتورة) بأن تؤم الرجال والنساء وعدم التفريق بين صفوف الرجال والنساء في الصلاة!! أليس هذا تدخلاً في عقيدتنا وتطبيق السنة النبوية؟ وكما قال الدكتور عبدالرحمن علوش في صحيفة المدينة ملحق الرسالة يوم الجمعة 8/2/1426هـ عن أن من الآفات التي بليت بها هذه الأمة الداعين إلى العولمة المطلقة وإلى التجديد في كل شيء دون ضوابط أو قيود.. وأن هناك ثمة فرقاً بين الثابت والمتغير يحتاج إلى أن يفقهه دعاة التجديد والتغيير قبل أن يتجرأوا على دعوات تزل بهم الأقدام... ثم قال ينبغي أن لا تفارق المسلم لحظة أن يعلم يقيناً أن الخير والفضل فيما يختاره الله له.. فللنساء وظائف خصهن الإسلام بها ليست للرجال، والعكس بالعكس وليس ثمة احتقاراً أو انتقاصاً لأحد الجنسين على الآخر.)..
وكما قال الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في تعليق له على هذا الموضوع في إحدى القنوات الفضائية إنه لماذا الآن تثار هذه القضايا؟ وهل هناك نساء اشتكين من عدم إمامتهن للرجال؟ ثم وضح الدليل الشرعي لعدم صحة إمامة النساء للرجال.. ووضح أن هناك حالات معينة أمّت فيها إحدى النساء زوجها وأبناءها..
ثم السؤال الذي ينبغي أن يسأل.. هو لماذا لا يكون هناك تطبيق للرؤية الجندرية على نساء (العقيدة الطاوية) حيث النساء فيها مهضومات الحقوق فعلاً وليس لهن الحق في ممارسة ما يقوم به الرجال من طقوس كهنوتية؟!
والمرأة في الشريعة النصرانية لا تتصدر للصلاة بالرجال وهي مهانة من قبل الرجل وليس لها الحق بالمطالبة بالطلاق لأن ما عقد في الأرض في نظرهم عقد في السماء.. أي (عقد الزواج)..
والمرأة في الديانة اليهودية لم تتصدر للفتوى أو الكهانة بل هذا حق من حقوق أبناء اليقين أحد أبناء يعقوب عليه السلام..!!
ولن أتحدث عن الدونية التي تعامل بها نساء الهندوس بعد وفاة أزواجهن من إهانات ويخضعن لعملية حرقهن مع أزواجهن بعد وفاتهم!!
كم هو مهم الوقوف بحزم وشراسة ضد هذه الاختراقات التي يتم فيها استخدام من ينتسبون للإسلام لضرب الإسلام.. وللأسف ربما سيجدون من سيمرر آراءهم بدعوى (عدم التمييز ضد المرأة)!!
الجندرية قناة لماذا؟؟
تعزيزاً لحركات تحرير المرأة وحركة التمركز حول الأنثى وسيادة مفهوم (الجندر) الذي تحدثت عنه في مقالتي السابقة [...] فإننا نجد أن هذه السيادة امتدت إلى الكتاب المقدس في أمريكا.. فكما جاء في تحليل حول هذا الموضوع نشر في صحيفة (الواشنطن بوست) كما يقول الأستاذ أحمد الشاهد أنّ جمعية الكتاب المقدس الدولية أعلنت أنها سوف تصدر ترجمة جديدة للكتاب المقدس تتسم (ألفاظها بالحيادية) في مخاطبة (الجندر) أي ما يترجم بالنوع الاجتماعي ويأتي ذلك على الرغم من الانتقادات السابقة لتلك الفكرة من قبل المحافظين والتعديلات اللغوية التي تجري على أكثر ترجمات الكتاب المقدس مبيعاً في الأسواق الأمريكية وهي (الترجمة الدولية الجديدة) والتعديل يشمل استبدال الألفاظ التي تخاطب الذكور بالألفاظ التي تخاطب الجنسين فمثلا في إنجيل (متى) في الإصحاح الخامس تغيرت كلمة (Sons) إلى كلمة (Children) حيث الكلمة الأولى تعني الأبناء الذكور فقط أما الثانية فتشمل الأبناء من الجنسين.. وفي موضع آخر من الكتاب تغيرت كلمة (man) التي تعني (الرجل) وتطلق على الذكور فقط إلى كلمة (Person) وهي بمعنى (شخص أو إنسان ومن ثم فهي تطلق على الجنسين.. ولقد صدر بيان عام جاء فيه أن تلك الترجمة ليست مجرد ضبط لألفاظ (الجندر) لأن 70% من التعديلات لا تتعلق بالجندر وإن التعديل قد شمل ألفاظاً تشير إلى الله سبحانه وتعالى وإلى عيسى عليه الصلاة والسلام..
ولدينا هنا في محيط الدول العربية تطبيق لفلسفة الجندر والهوية الجندرية الذي أصبح يرتبط بقضايا التنمية وبالصحة الإنجابية وبالتعليم وفرص العمل والحقوق السياسية للمرأة.. وفي كل مجال وقطاع ثقافي واجتماعي.. وفي ظل الضبابية التي تحيط به تمر العديد من بنود الأجندة الغربية بنموذجها الغربي الغارق في الماديات والذي يتناقض مع طبيعة المجتمعات المسلمة على وجه الخصوص.. بل وفي بعض تطبيقاته يصبح تعدياً جريئاً على الثوابت وعلى النصوص القرآنية، مثلما حدث منذ سنوات في المؤتمر الدولي "تحديات الدراسات النسوية في القرن الواحد والعشرين" الذي عقد في جامعة صنعاء التي نظمته، ودعمته هولندا تمويلاً رئيسياً.. وشاركت فيه العديد من الناشطات في المجال النسوي وأيضاً العديد من الباحثين. وسار المؤتمر في فعالياته وأوراق عمله نحو تكريس الأنثوية المتطرفة وفي التقرير الختامي الذي أعد قبل المؤتمر!! وكان التوجه العام هو إلغاء جميع الفوارق بين الأنثى والذكر بل هناك من تساءلت في ورقتها: (لماذا وجد المذكر والمؤنث في الطبيعة ولم يوجد جنس واحد فقط هو الأنثى بالطبع؟!).
أما السفيرة الأمريكية هناك فقد أسهمت بورقة عمل عن العنف ضد النساء في اليمن وأنه لا بد من الاعتراف به من أجل معالجته على مستوى المنظمات الدولية لحقوق المرأة!! وبرغم مناشدتها تلك إلا أنها في عرضها لورقتها أعطت انطباعاً واضحاً بعدم قدرة هذه المنظمات على فعل شيء إزاء جرائم العنف ضد النساء في أمريكا نفسها!!.
وفي رأي د. بلقيس الشرعي نائبة عميد كلية التربية وأستاذ مشارك في مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية (أن أوراق العمل التي قدمت كان فيها تباين واضح في الاتجاهات وفي الأفكار والنظريات والانتماءات الفكرية والأيديولوجية والفلسفية أيضاً).
وفي دراسة عن الصورة النمطية للمرأة والجندر في كتب مناهج المرحلة الأساسية - تمت وفق ما يقال إنها مرجعية بيولوجية ومرجعية دينية ومرجعية اجتماعية ومثال لمرجعية التنميط الدينية في مسألة (تكريمها كأم وزوجة) وان هذا التكريم مرجعيته بيولوجية!!
وكان هناك اعتراض في دراسة بعض الباحثات للغة العربية واحتجاجهن على كثرة وجود اسم الإشارة المذكر عن المؤنث، وضمائر المخاطبة للمذكر أكثر من المؤنث فهذه جريمة في حق (النسوية) وإحدى الدارسات قالت (إنّ تبعية الأدب النسوي لسلطة الأدب الرجالي نابعة من مقولة: «الرجال قوامون على النساء»)!! وهذه آية قرآنية وليست (مقولة)!!
وكانت هناك ورقة بعنوان: «نحو قوانين جديدة للاجتهاد ونحو اجتهاد نسائي»!! وألقيت الورقة باللغة الفرنسية! ومنع توزيعها على الصحفيين ووزعت فقط على بعض المشاركين!!
ويقول في بعض منها كما جاء في تقرير صباح عبده هادي الخيشني عن مشروع الجندر في وثائق الأمم المتحدة.. يقول صاحب الورقة: «لماذا لا أجتهد مع النص؟ لماذا هذا النظام المحور؟ لماذا لا نضع الاجتهاد في خدمة الأنثوية والتي نعرفها بالنضال الجماعي للجنسين.. علينا الانطلاق لاختراق الحدود التقليدية والتقليديين الذين يعملون في مجال الاجتهاد» وفي فقرة أخرى يرى أن القرآن الكريم لا يوائم روح العصر في مسألة الميراث فالقرآن في قبوله الأدبي يحتوي على التجديد في عهد نزوله فما ورد في القرآن حول الميراث لا يساوي بين الجنسين وفي ذلك العهد كان يعتبر ثورة على التقاليد الجاهلية ولكن تطور وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية لم يعد يصلح معه هذا الأمر!!
هذا الباحث في ورقته، يرى أن تفسير الآية القرآنية «لا إكراه في الدين» نص قرآني يسمح بقيام إسلام علماني، [و] العمل به في القرن الواحد والعشرين على أساس حرية الأديان!!
ثم يقوم بتقديم ورقة في الجلسة الختامية يقرأ فيها أمام الجميع قائلاً: «كنت في الثالثة والعشرين من عمري حين قرأت كتاب الثورة الجنسية لرايشين فتشبعت في إحساسي ووجداني بما طرحه من نقد للزواج والأسرة كمؤسسة برجوازية تسجن المرأة وكان تأثير الكتاب قوياً إلى درجة اقترحت على زوجتي أن نفترق وافترقنا احتراماً لنظرية رايشين!! وسافرت إلى فرنسا وقضيت سنوات ألاحظ وأمارس الحرية الجنسية»!!
إذا كان مثل هؤلاء يتصدرون المؤتمرات ويجدون دعماً مالياً ودولياً.. فمن سيدافع عن (الجندر) وعن أنه لخدمة قضايا المرأة؟! بل من سيصدق هذه الادعاءات؟؟
المصدر: موقع العرب نيوز.
بقلم : د. نورة السعد
اترك تعليق