المشكلات الزوجية وبعض فوائدها
من فوائد المشكلات الزوجية:
1- تكفير الذنوب:
قال رسول الله(ص): "ما يُصيب المسلم من نَصَب، ولا وصَب(1)، ولا هم، ولا حَزَن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها إلّا كفّر الله بها من خطاياه". فالبلايا ممحاة للذنوب، وليست شراً كلها.
2- مضاعفة الأجور:
ذكر الله تعالى امرأة فرعون في القرآن الكريم، فقال: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»(سورة التحريم؛ الآية: 11). ذُكرت في القرآن الكريم؛ لإيمانها العظيم، وصبرها، وتحمّلها لمشكلات زوجها.
أقول: فرعون أسوأ زوج تُبتلى به زوجةٌ، هو أكفر الكفرة، وأظلم الظلمة، ولئن تجرأ على رب العالمين، فلا بدّ أنه كان يعتدي على أهل بيته، ويظلمهم ويسيء إليهم. لكن ارأته بإيمانها العظيم بالله تعالى، ثمّ بصبرها على زوجها صارت من سيدات نساء الجنة، وخلّد الله اسمها في القرآن الكريم، وجعلها مثلاً للذين آمنوا. قال رسول الله(ص): "سيدات نساء أهل الجنة: مريم بنت عمران، ثمّ فاطمة بنت محمد(ص)، ثمّ خديجة، ثمّ آسية امرأة فرعون".
فإن ابتليت امرأة بزوج سيء فلتذكر السيدة آسية. وإن ابتلي رجل بامرأة سيئة فليذكر سيدنا لوطاً(ع)، عندما كفرت امرأته به، وتحالفت مع أعدائه عليه.
ذُكر عن رجل اسمه أبو عبد الله القرشي أنه كان من الصالحين، وكانت امرأته ذات خلق سيء، فكان يصبر عليها، ويتحمّل أذاها، ويحاول تهذيبها، لكنّ المرأة بقيت على حالها السيء، لا تتغير ولا تتبدّل. وفي يوم من الأيام ضاق صدره، ففرّ من البيت هارباً؛ وخرج إلى الفلاة، وأوى إلى غار فيه عابدان، جلس معهما يتعبّد الله تعالى طيلة نهاره، ولما أمسَوا قام أحد العابدين ودعا الله تعالى أن يرسل لهم طعاماً ليأكلوا، فأرسل الله تعالى لهم رجلاً بوعاء فيه طعام يكفيهم، فشكروا الله وجلسوا يأكلون. وفي مساء اليوم الثاني قام العابد الآخر، ودعا الله تعالى أن يرسل لهم طعاماً ليأكلوا، فأرسل الله تعالى لهم رجلاً بوعاء فيه طعام يكفيهم، فأكلوا. ولما جاءت الليلة الثالثة قالوا لأبي عبد الله القرشي: قم فادعُ الله لنا أن يرزقنا الطعام، فقال لهم أبو عبد الله: إنّ حالي ليس كحالكم، ولا أستطيع أن أدعوَ كدعائكم، قالوا: لا بدّ أن تدعوَ لنأكل، وإلا فارحل عنا، فليس لك بيننا مقام، فألجؤوه للدعاء، وما إن أنزل يديه حتى أتى رجل يحمل وعاءين فيهما طعام كثير. ذُهل العابدان!! وقالا له: بماذا دعوت الله؟ فنحن نعبد الله منذ سنوات ولا يأتينا إلا وعاء واحد، وأنت لم تجلس معنا إلّا يومين فأتاك وعاءان من الطعام!! أخبرنا بماذا دعوت!؟ قال أبو عبد الله القرشي: لم أزد على أني قلت: يا رب، أنا جاهل، وهؤلاء أولياء وصالحون، وأنا لست مثلهم، فأسألك بالدعاء الذي يدعوانك به أن تأتينا بطعام! ثمّ قال لهما: أخبراني الآن بماذا تدعوان؟ فقالا له: نسمع أنّ في هذه القرية القريبة رجلاً اسمه أبو عبد الله القرشي، وهذا الرجل مبتلى بسوء خلُق زوجته، وهو صابر محتسب، وإنا لنقول: اللهم ببركة صبره عليها. فنظر أبو عبد الله القرشي إلى نفسه وقال: يا نفس، يسأل الصالحون الله تعالى بصبرك، وأنت تأبين الصبر؟! ثمّ عاد إلى بيته(2).
فالمشكلات الزوجية لها وجه إيجابي، لعلّ الله تعالى يرفع بها مقام الرجل بصبره، أو يرفع مقام المرأة بصبرها. قال رسول الله(ص): "أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثمّ الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتدّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقّة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة".
3- التذكير بحقيقة الحياة الدنيا:
فالدنيا دار تعب، وإنك لن تجد إنساناً حاز السعادة المطلقة في هذه الحياة؛ ترى رجلاً صحّته جيدة، ورزقه وافر، لكنّ امرأته سيئة. وترى آخر امرأته صالحة، ورزقه وافر، لكنه مريض. وترى ثالثاً صحته جيدة وامرأته جيدة، لكن رزقه ضيّق. وترى رابعاً صحته جيدة، وامرأته صالحة، ورزقه وافر، لكنه مبتلى بأولاده... وهكذا الحياة والأحياء.
الهوامش:
1- النَّصَب: التعب، والوَصَب: المرض والسقم.
2- هذه القصة لا أعلم إن كانت حقيقية، ولعلّها تربوية.
المصدر: الدورة التأهيلية للحياة الزوجية، الدكتور محمد خير الشعال. ط5، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1433هـ- 2012م.
1- تكفير الذنوب:
قال رسول الله(ص): "ما يُصيب المسلم من نَصَب، ولا وصَب(1)، ولا هم، ولا حَزَن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها إلّا كفّر الله بها من خطاياه". فالبلايا ممحاة للذنوب، وليست شراً كلها.
2- مضاعفة الأجور:
ذكر الله تعالى امرأة فرعون في القرآن الكريم، فقال: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»(سورة التحريم؛ الآية: 11). ذُكرت في القرآن الكريم؛ لإيمانها العظيم، وصبرها، وتحمّلها لمشكلات زوجها.
أقول: فرعون أسوأ زوج تُبتلى به زوجةٌ، هو أكفر الكفرة، وأظلم الظلمة، ولئن تجرأ على رب العالمين، فلا بدّ أنه كان يعتدي على أهل بيته، ويظلمهم ويسيء إليهم. لكن ارأته بإيمانها العظيم بالله تعالى، ثمّ بصبرها على زوجها صارت من سيدات نساء الجنة، وخلّد الله اسمها في القرآن الكريم، وجعلها مثلاً للذين آمنوا. قال رسول الله(ص): "سيدات نساء أهل الجنة: مريم بنت عمران، ثمّ فاطمة بنت محمد(ص)، ثمّ خديجة، ثمّ آسية امرأة فرعون".
فإن ابتليت امرأة بزوج سيء فلتذكر السيدة آسية. وإن ابتلي رجل بامرأة سيئة فليذكر سيدنا لوطاً(ع)، عندما كفرت امرأته به، وتحالفت مع أعدائه عليه.
ذُكر عن رجل اسمه أبو عبد الله القرشي أنه كان من الصالحين، وكانت امرأته ذات خلق سيء، فكان يصبر عليها، ويتحمّل أذاها، ويحاول تهذيبها، لكنّ المرأة بقيت على حالها السيء، لا تتغير ولا تتبدّل. وفي يوم من الأيام ضاق صدره، ففرّ من البيت هارباً؛ وخرج إلى الفلاة، وأوى إلى غار فيه عابدان، جلس معهما يتعبّد الله تعالى طيلة نهاره، ولما أمسَوا قام أحد العابدين ودعا الله تعالى أن يرسل لهم طعاماً ليأكلوا، فأرسل الله تعالى لهم رجلاً بوعاء فيه طعام يكفيهم، فشكروا الله وجلسوا يأكلون. وفي مساء اليوم الثاني قام العابد الآخر، ودعا الله تعالى أن يرسل لهم طعاماً ليأكلوا، فأرسل الله تعالى لهم رجلاً بوعاء فيه طعام يكفيهم، فأكلوا. ولما جاءت الليلة الثالثة قالوا لأبي عبد الله القرشي: قم فادعُ الله لنا أن يرزقنا الطعام، فقال لهم أبو عبد الله: إنّ حالي ليس كحالكم، ولا أستطيع أن أدعوَ كدعائكم، قالوا: لا بدّ أن تدعوَ لنأكل، وإلا فارحل عنا، فليس لك بيننا مقام، فألجؤوه للدعاء، وما إن أنزل يديه حتى أتى رجل يحمل وعاءين فيهما طعام كثير. ذُهل العابدان!! وقالا له: بماذا دعوت الله؟ فنحن نعبد الله منذ سنوات ولا يأتينا إلا وعاء واحد، وأنت لم تجلس معنا إلّا يومين فأتاك وعاءان من الطعام!! أخبرنا بماذا دعوت!؟ قال أبو عبد الله القرشي: لم أزد على أني قلت: يا رب، أنا جاهل، وهؤلاء أولياء وصالحون، وأنا لست مثلهم، فأسألك بالدعاء الذي يدعوانك به أن تأتينا بطعام! ثمّ قال لهما: أخبراني الآن بماذا تدعوان؟ فقالا له: نسمع أنّ في هذه القرية القريبة رجلاً اسمه أبو عبد الله القرشي، وهذا الرجل مبتلى بسوء خلُق زوجته، وهو صابر محتسب، وإنا لنقول: اللهم ببركة صبره عليها. فنظر أبو عبد الله القرشي إلى نفسه وقال: يا نفس، يسأل الصالحون الله تعالى بصبرك، وأنت تأبين الصبر؟! ثمّ عاد إلى بيته(2).
فالمشكلات الزوجية لها وجه إيجابي، لعلّ الله تعالى يرفع بها مقام الرجل بصبره، أو يرفع مقام المرأة بصبرها. قال رسول الله(ص): "أشدّ الناس بلاءً الأنبياء، ثمّ الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتدّ بلاؤه، وإن كان في دينه رقّة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة".
3- التذكير بحقيقة الحياة الدنيا:
فالدنيا دار تعب، وإنك لن تجد إنساناً حاز السعادة المطلقة في هذه الحياة؛ ترى رجلاً صحّته جيدة، ورزقه وافر، لكنّ امرأته سيئة. وترى آخر امرأته صالحة، ورزقه وافر، لكنه مريض. وترى ثالثاً صحته جيدة وامرأته جيدة، لكن رزقه ضيّق. وترى رابعاً صحته جيدة، وامرأته صالحة، ورزقه وافر، لكنه مبتلى بأولاده... وهكذا الحياة والأحياء.
طُبعت على كدرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلّف الأيام ضدّ طباعها متطلّبٌ في الماء جذوة نار
ومكلّف الأيام ضدّ طباعها متطلّبٌ في الماء جذوة نار
الهوامش:
1- النَّصَب: التعب، والوَصَب: المرض والسقم.
2- هذه القصة لا أعلم إن كانت حقيقية، ولعلّها تربوية.
المصدر: الدورة التأهيلية للحياة الزوجية، الدكتور محمد خير الشعال. ط5، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1433هـ- 2012م.
اترك تعليق