مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

مقام النبي عمران(ع) في بلدة القليلة

مقام النبي عمران(ع) في بلدة القليلة

القليلة: موقعها وآثارها:
يعود أصل التسمية إلى الآرامية وتعني القلائل، كما يعتقد البعض أن أصلها هو صومعة الرباني أو خادم الله. مما يشهد على أهمية الموقع التي تقام عليه بلدة القليلة، تلك البقايا المعمارية الأثرية المتناثرة في العديد من المواقع ومنها أعمدة من الغرانيت ومن الرخام ذات تيجان كبيرة وأرضيات من الفسيسفساء وذات زخارف متناسقة.
وفي العام 1996 تم اكتشاف خزان مياه كبير بمساحة 20*10 متراً حفر معظمه في الصخر ويؤمن حاجة الموقع من المياه.

في القليلة مزار مهم أو مقام تعلوه قبة فوق الضريح المحاط بقفص من الحديد وينسب إلى مقام النبي عمران والد السيدة العذراء، ما يعني أن السيد المسيح(ع) باركه بمروره فيها.

تقع بلدة القليلة إلى الجنوب من مدينة صور على بعد نحو ثمانية كيلومترات، يحدها من الغرب البحر، ومن الجنوب بلدة الحنيه ومزرعة العزية وتلة البق والصالحاني، ومن الشرق بيادر زبقين وجبال البطم، ومن الشمال المعليّة.
وتتربّع بلدة القليلة على هضبة ترتفع عن سطح البحر نحو 45 متراً، وإن تكن أطرافها قد امتدت حالياً إلى وادي المعلية شمالاً، وإلى منطقة عمران شرقاً التي ترتفع عن سطح البحر 85 متراً، وإلى الصحارى وعزية الفوقا جنوباً وحتى الطريق الدولية غرباً.
تشـهد آثار كثـيرة على أهمية موقـع البلدة في القديم، فقـد كانت حتى وقـت قريب، مليئـة بالبقـايا الأثـرية المعـمارية المنتـشرة في غير مـكان: أعمـدة من الغرانيت والرخام، وتيجان ذات أحجام كبيرة، وأرضيات من الفسيفساء احتوت زخارف بنائية متناسقة، وأشكالاً تشبه الصليب البيزنطي، محاطـاً بأغـصان نبات الخشـخاش. كما عثر على مدفن مقبب يقوم على ركائز وسطية، ويتقدمه مدخل مدرّج.


كانت القليلة منذ القدم ممراً للأنبياء ومقراً للأولياء، ما أكسبها مكانة مرموقة في التاريخ؛ فقد أقام فيها عمران والد السيدة مريم العذراء، ولا يزال قبره موجوداً في المحلة التي تسمى عمران، والتي يرجح أن السيدة العذراء ولدت فيها.
ويقول الخبير الأثري المهندس جعفر فضل الله: تعرّضت بلدة القليلة للقصف أثناء عدوان نيسان سنة 1996، وأدت إحدى القذائف إلى الكشف عن معلم أثري هام بالقرب من مقام النبي عمران عاينته المديرية العامة للآثار، التي كشفت عن إنشاءات تعود إلى الحقبة البيزنطية، ومعالم أثرية أخرى عبارة عن فسيفساء وأعمدة رخامية ضخمة.


مقام النبي عمران(ع) في بلدة القليلة:
في بلدة القليلة مزرعة تعرف باسم مزرعة عمران. وفي الاتفاقية التي عقدت بين ملكة صور آرام اراريت أو أوغاريت، وبين حاكم مصر آنذاك ورد ذكر المنطقة باسم "دير عمران".
وليس ثمة من شك إطلاقاً في تسمية منطقة "عمران" نسبة إلى صاحب المقام الموجود فيها، فالتاريخ لم يذكر لنا إلا رجلين معروفين بهذا الاسم هما: عمران والد النبي موسى، وعمران والد السيدة العذراء كما ورد اسمه في القرآن، وقد خصه الله تعالى وخصّ آله بسورة في القرآن الكريم هي سورة آل عمران والتي فيها قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»


وقد أوحى الله تبارك وتعالى إلى عمران إنّي واهب لك ذكراً يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله فبشر عمران زوجته حنة بذلك فحملت فقالت «رَبّ إِنِّي نَذَرْت لَك مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّك أَنْتَ السَّمِيع الْعَلِيم»
وكانوا إذا نذروا نذراً محرراً جعلوا ولدهم للمحراب، يقول تعالى: فلما وضعتها قالت «رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» فلما وهب الله لمريم عيسى عليه السلام كان هو الذي بشر الله عمران ووعده إياه.


وفي نظرة إلى المقام الموجود حالياً والى مجموع الدلائل الموجودة والتي اكتشفت حديثاً وتظهر فيها آثار مسيحية، لا يرقى إلى الشك أن هذا المقام هو مقام والد السيدة مريم العذراء.
وتأكيداً لذلك جاء على لسان الأب مخايل عبّود: "إن مريم بنت عمران (العذراء) هي من بلدة القليلة الواقعة جنوب صور، وما يزال قبر والدها عمران قائماً حتى ، وهو يسمى "مزار النبي عمران" وجميع أهالي المنطقة يعرفونه".
ويعود المقام الموجود حالياً إلى الحقبة العثمانية، ويتضمن بقايا معمارية تعود إلى فترات أخرى، وهو مكوّن من غرفتين، وقسم تمّ بناؤه حديثاً ويضم غرفتين للصلاة وحمامات ومشارب وأمكنة للوضوء؛ أما القسم القديم فعبارة عن غرفتين، الأولى تضم قبر النبي عمران، طولها ثمانية أمتار وعرضها سبعة، ويتكون سقفها من أربعة عقود.
في الجهة الغربية للغرفة يوجد رف عريض توضع عليه الفوانيس والسبحات والشموع، وفي الجهة الجنوبية منها محراب للصلاة. وعلى العقود الأربعة بنيت قبة بارتفاع ثلاثة أمتار. وللغرفة شباك صغير من الجهة الغربية، ولها باب واحد من الجهة الشمالية، هو مدخلها الوحيد، وارتفاعها زهاء متر ونصف المتر.

أما الضريح الذي يقع من الجهة الجنوبية خلف المحراب فعبارة عن هيكل خشبي في داخله قبر من الرخام ويحوطها سور من الحديد المشبك.

الغرفة الثانية المجاورة صغيرة الحجم وفي حائطها الجنوبي محراب صغير وتسمى غرفة أم النبي والتي لا تزال رفاتها موجودة في مدفن حائط الغرفة.

يعلو مدخل المقام تاجات رخاميات مستطيلات لا وجود لمثيلهما إلا على مداخل الكنائس تحتهما حجر مستطيل كانت فيه لوحة تبين تاريخ المقام وقد سرقت هذه اللوحة أيام الانتداب الفرنسي.

وأهمية الموقع لا تقتصران على الطابع الديني ووجود ضريح النبي عمران بل إنه يكتب أهمية أثرية عبر العهود التاريخية وبحسب مدير الموقع الأثرية في قضاء صور علي بدوي " يعود بناء المقام إلى الفترة ما قبل الصليبية فهناك وثيقة يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر تذكر هذا المكان، ففي الاتفاقية على تقاسم الأراضي بين سلطان المماليك قلاوون ومارغريتا حاكمة صور في العهد الصليبي ذكر المقام الذي يعرف حينها بدير عمران مما يعطي المكان بعداً تاريخياً على الصعيد المهني والتقاليد الدينية التي تعود إلى ما قبل الحروب الصليبية".

وكانت المديرية العامة للآثار قد أجرت سنة 1996 أعمال تنقيب في العقار المجاور للمقام أظهرت في طبقات مختلفة لآثار معبد روماني مكرس على اسم سابيتا زوجة الإمبراطور الروماني أدريانوس، كما وجدت أثار لكنيستين الأولى بنيت في العهد البيزنطي والثانية في العهد الصليبي، ولأهمية المكتشفات استعملت المديرية العقار المجاور وغطت المكتشفات بانتظار توفير تمويل لتأهيل الموقع وتكريسه موقعاً سياحياً ودينياً.

فسلام على نبي الله عمران وسلام على آله وبوركت الأرض التي احتضنته.

المصادر:
1- مجلة الجيش، العدد 212.
2- سي دي جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.
3- وكالة النشرة.
4- موقع القليلة.
5- موقع يا صور.

التعليقات (0)

اترك تعليق