نوم الطفل
نوم الطفل:
النوم على أربعة وجوه:
حدثنا الحسين بن علي عليهم السلام قال: كان علي بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن النوم على كم وجه هو؟ فقال: النوم على أربعة أوجه: الأنبياء عليهم السلام تنام على أقفيتهم، مستلقين، وأعينهم لا تنام متوقعة لوحي الله عز وجل، والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة، والملوك وأبناؤها تنام على شمائلها ليستمرئوا ما يأكلون وإبليس وإخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينام على وجهه منبطحا.
عن علي (ع) قال: قال رسول الله (ص): إن الله عز وجل كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة، ونهاكم عنها: كره لكم العبث في الصلاة، وكره المن في الصدقة، وكره الضحك بين القبور، وكره التطلع في الدور، وكره النظر إلى فروج النساء وقال: يورث العمى، وكره الكلام عند الجماع وقال: يورث الخرس يعني في الولد، وكره النوم قبل العشاء الآخرة، وكره الحديث بعد العشاء الآخرة، وكره الغسل تحت السماء بغير مئزر، وكره المجامعة تحت السماء، وكره دخول الأنهار إلا بمئزر وقال: في الأنهار عمار وسكان من الملائكة، وكره دخول الحمامات إلا بمئزر، وكره الكلام بين الأذان والإقامة في صلاة الغداة حتى تقضي الصلاة، و كره ركوب البحر في هيجانه، وكره النوم في سطح ليس بمحجر، وقال: من نام على سطح غير ذي محجر فقد برئت منه الذمة، وكره أن ينام الرجل في بيت وحده، وكره للرجل أن يغشى امرأته وهي حائض فإن غشيها فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلومن إلا نفسه، وكره أن يغشى الرجل امرأته وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فان فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه، وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبين المجذوم قدر ذراع، وقال: فر من المجذوم فرارك من الأسد، وكره البول على شط نهر جاري، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت يعني أثمرت، وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم، وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم إلا أن يكون بين يديه نار ، وكره النفخ في موضع الصلاة.
لا ينام المسلم وهو جنب، ولا ينام إلا على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد، فإن روح المؤمن ترفع إلى الله تبارك، وتعالى فيقبلها ويبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في كنوز رحمته، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع إمنائه من ملائكته فيردونها في جسدها. لا يتفل المؤمن في القبلة فإن فعل ذلك ناسيا فلتستغفر الله عز وجل منه، لا ينفخ الرجل في موضع سجوده، ولا ينفخ في طعامه، ولا في شرابه، ولا في تعويذه. لا ينام الرجل على المحجة ولا يبولن من سطح في الهواء ولا يبولن في ماء حار فإن فعل ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه، فإن للماء أهلا وللهواء أهلا. لا ينام الرجل على وجهه، ومن رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه ولا تدعوه، ولا يقومن أحدكم في الصلاة متكاسلا، ولا ناعسا، ولا يفكرن في نفسه فإنه بين يدي ربه عز وجل، وإنما للعبد من صلاته ما أقبل عليه منها بقلبه. كلوا ما يسقط من الخوان فإنه شفاء من كل داء بإذن الله عز وجل لمن أراد أن يستشفي به. إذا أكل أحدكم طعاما فمص أصابعه التي أكل بها قال الله عز وجل: بارك الله فيك. ألبسوا ثياب القطن فإنها لباس رسول الله صلى الله عليه وآله وهو لباسنا، ولم نكن نلبس الشعر والصوف إلا من علة، وقال: إن الله عز وجل جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
باب كيفية النوم وجملة من أحكامه:
محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق قال: دخلت على أبي محمد (ع) (إلى أن قال) فقلت يا سيدي روي لنا عن آبائك أن نوم الأنبياء على أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم ونوم المنافقين على شمائلهم ونوم الشياطين على وجوههم فقال (ع) كذلك هو فقلت يا سيدي إني أجهد أن أنام على يميني فما يمكنني ولا يأخذني النوم عليها فسكت ساعة ثم قال يا أحمد ادن مني فدنوت منه فقال أدخل يدك تحت ثيابك فأدخلتها فأخرج يده من تحت ثيابه وأدخلها تحت ثيابي فمسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرات قال أحمد فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل ذلك بي (ع) وما يأخذني نوم عليها أصلا
محمد بن علي بن الحسين قال قال الباقر (ع) النوم أول النهار خرق والقائلة نعمة والنوم بعد العصر حمق والنوم بين العشاءين يحرم الرزق.
وبإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه جميعا عن جعفر بن محمد عن أبيه في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي (ع) قال يا علي النوم أربعة نوم الأنبياء على أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم ونوم الكفار والمنافقين على يسارهم ونوم الشياطين على وجوههم ورواه أيضا مرسلا إلا أنه قال على أقفيتهم لمناجاة الوحي
قال وقال (ع) من رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه.
قال وقال (ع) ثلاث فيهن المقت من الله عز وجل نوم من غير سهر وضحك من غير عجب وأكل على الشبع.
وبإسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن آبائه في (حديث المناهي) قال نهى رسول الله (ص) أن يكذب الرجل في رؤياه متعمدا وقال يكلفه الله يوم القيامة أن يعقد شعيرة وما هو بعاقدها.
وفي (المجالس والخصال) عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (ص) قالت أم سليمان بن داود لسليمان إياك وكثرة النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تدع الرجل فقيرا يوم القيامة.
وفي (الخصال) عن عبد الله عن رسول الله (ص) قال لا سهر بعد العشاء الآخرة إلا لأحد رجلين مصل أو مسافر.
عن الرضا (ع) عن آبائه (في حديث) أن رجلا سأل عليا (ع) عن النوم على كم وجه هو؟ قال النوم على أربعة أوجه الأنبياء تنام على أقفيتهم مستلقين وأعينها لا تنام متوقعة لوحي الله عز وجل والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القبلة والملوك وأبناؤها ينام على شمائلهم ليستمرؤا ما يأكلون، وإبليس مع إخوانه وكل مجنون وذو عاهة ينام على وجهه منبطحا. ورواه في (عيون الأخبار) وفي (العلل) نحوه.
عن علي (ع) في (حديث الأربعمائة) قال لا ينام الرجل على وجهه ومن رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه إلى أن قال ليس في البدن أقل شكرا من العين فلا تعطوها سؤلها فتشغلكم عن ذكر الله عز وجل إذا نام أحدكم فليضع يده اليمنى تحت خده الأيمن فإنه لا يدري أينتبه من رقدته أم لا.
باب ما يستحب قراءته عند النوم من الإخلاص والجحد والتكاثر وغيرها واستحباب التهليل مائة والاستغفار مائة:
عن أبي عبد الله (ع) قال: اقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك وقل هو الله أحد نسبة الرب عز وجل ورواه الشيخ بإسناده عن عبد الله بن سنان مثله
وفي (ثواب الأعمال) عن أبي عبد الله (ع) قال من استغفر الله مائة مرة حين ينام بات وقد تحات عنه الذنوب كلها كما يتحات الورق من الشجر ويصبح وليس عليه ذنب
عن أبي أسامة قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر له ما قبل ذلك خمسين عاما قال يحيى فسألت سماعة عن ذلك فقال حدثني أبو بصير قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول ذلك وقال: يا أبا محمد أما إنك إن جربته وجدته سديدا.
عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله (ص) من قرأ ألهكم التكاثر عند النوم وقي فتنة القبر أقول وتقدم ما يدل على ذلك هنا وفي أحاديث القراءة.
أما بالنسبة للجنين: فالجنين ينام في رحم أمه ليلاً ونهاراً حيث تؤمّن حاجاته أو أغلب حاجته من قبل أمه. وهذا الأمر ينطبق على الأطفال أيضاً إذا يجب أن يناموا كثيراً حتى قد يبلغ منام أحدهم 20 ساعة في اليوم والليلة لكي يستطيعوا أن يدّخروا طاقة تؤمن لهم فعالياتهم ونشاطاتهم المستقبلية فكلما نام الطفل أكثر كلما قويت خلايا بدنه وكلما أضحت خلايا بدنه قوية قلّ احتياجه للنوم أو خفّ.
ومن الأفضل أن يكون مهد الطفل بعيداً عنه منافذ الهواء "الشبابيك"، بعيداً عن المدافئ أو المصادر المبردة لأن ذلك يؤثّر على نموه سلباً وعليه يجب أن يكون مكانه دافئاً في وقت البرد وبارداً نسبياً في وقت الحرّ والأهم عدم وضع المزروعات والورود في حجرة الرضيع حتى ثلاثة أشهر على الأقل وأن يمنع الأبوان ورود الكلاب والقطط وما شابه وشاكل إلى حجرة الطفل بالمرة...
أسباب عدم نوم الأطفال:
إنّ أحد أسباب عدم نوم الأطفال سوء الهضم إذ قد يغذى الطفل بكثرة أو يغذى بأغذية غير طبيعية أو غير مناسبة له أو لسنه مما يبعث على فرار النوم من عينيه، والجدير بالذكر أنّ بعض العوائل ترغب أن يتعشّى أطفالها معها [أي مع الكبار] وهذا غير صحيح ومضر للأطفال باعتبار أنّ الصحيح والسليم هو أن يتناول الطفل عشاءه عند الغروب وفي ساعة معينة يرسله أهله إلى فراشه إذ من الممكن أن يضطرب الطفل ويعتاد على هذا الاضطراب فيتأخّر في نومه على مدى سنين عمره إذا ما حاول أهله تعويده على النوم في وقت متأخّر وحال هذا الأمر كحال البرامج السمعيّة والبصريّة المخيفة والمرعبة التي تُطيّر النوم من عيون الأطفال فلا يحظى الطفل إلّا على الخوف أولاً والسهر ثانياً والحالتان مضرتان صحيّاً بالنسبة له ولا ينسجمان مع سني العمر.
لذا ينبغي على الأبوين إدراك هذه المعاني إذ قد لا يكون الأمر مهماً بالنسبة لهما إلا أنه غير طبيعي بالنسبة للأطفال فالفيلم الذي يريك قتل أحد الممثلين لممثل آخر ويريك الحالة والوضعية التي يتألم فيها الممثل الثاني كل هذا قد لا يثير مشاعر أو أحاسيس الأبوين بشدّة إلّا أنه يثير الأطفال ويشعرهم بمسائل غير طبيعية وإذا ما نبّه الأبوان أطفالهما وقلا: "بأنّ الحادثة بشكل إجمالي مجرد تمثيل امتنع الأطفال عن تصديق ذلك باعتبار أنّ ذلك المشهد طُبع في ذاكرة وذهن الطفل الذي هو كالصفحة البيضاء الجاهزة للكتابة.
إنّ الأفلام المثيرة والبوليسية من قبيل التي تحتوي على حوادث السرقة، الاغتصاب، القتل، الضرب الموجع وما شابه وشاكل لها آثار مضرّة جدّاً بالنسبة للأطفال خصوصاً إذا كانت هذه الأفلام تسبق نوم الطفل بقليل أو كانت ذات إخراج مثير ومرعب إذ إنّ هذه الأفلام لا بُدّ وأن تُطيّر النوم من عيني الطفل عكس تلك الأفلام الجميلة الهادئة أو القصص التي يمكن أن ترويها الأم لأولادها الصغار لكي ينعم الطفل بالهدوء والراحة والأمان.
وكذا الأمر بالنسبة للجدل والنقاش العنيف الذي قد يحدث بين أفراد العائلة فهو الآخر عامل مهم من عوامل عدم نوم الأطفال ليلاً ولذا ينصح علماء النفس بضرورة الخصام أو الجدل العنيف في محضر الأولاد ناهيك عن عدم إكراه الطفل بعنوان عقوبة أو جزاء على عمل قام به لأنّ ذلك يثير روح العصيان عند بعض الأطفال مما يحدو بهم لترك النوم والتناوم بالمرة.
إنّ هزّ المهد وقراءة بعض الأشعار أو ما إلى ذلك يمكن أن يفيد في إنامة الطفل باعتباره يُنيم الطفل بسرعة. إلّا أنّ ذلك لا يخلو من خلل لأنّ الطفل سوف يعتاد على عدم النوم إلّا من خلال الهزّ [هزّ المهد] أو سماع الشعر و...
وهذا ما يشبه ذلك الطفل الذي يعتاد على إنامة لعبته معه وبغيرها لا يستطيع النوم إذا قد ترافقه هذه العادة حتى سن متأخرة.
إنّ بعض الأمهات يسعين بجدّ لتهيئة أجواء هادئة وبعيدة عن الصخب لإنامة أطفالهن وهذا حسن إلى حدّ ما إلّا أنّ ذلك الهدوء إذا ما تبدّل بصخب وضجيج امتعض الطفل وطار النوم من عينيه وعليه ينبغي للأم تعويد طفلها على حالة وسط بين الحالتين تميل أكثر إلى الحالة الثانية منها إلى الأولى كي يتمكن الطفل من النَعم بنوم طبيعي ودائم هذا خصوصاً إذا كانت العائلة أو الأسرة لها أولاد وأطفال كثيرون مثيرون للصخب والضوضاء في المحيط المنزلي أو الأسري.
وبناء على ذلك ينبغي أن يعتاد الطفل الرضيع على الأصوات ومثال على ذلك دور الحضانة القريبة من الشارع العام والحاوية على العشرات من الأطفال حيث نرى أنّ جميع الأطفال ينامون فيها بهدوء وبكل راحة، بالرغم من أنهم كانوا في البداية على ما يبدو لا ينامون من أصوات السيارات والحافلات التي تستعمل منبهات الصوت وما إلى ذلك إلّا أنهم اعتادوا رويداً رويداً على تلك الأصوات فنعموا بنوم طبيعي.
إنّ الضوء هو الآخر له دور فاعل في نوم وصحوة الطفل وهذا ما نلاحظه جلياً في بعض الحالات حيث أنّ قسماً من الأطفال الكبار نسبياً لا ينامون أو لا يستطيعون النوم إلّا في غرف مظلمة وهذا العمل مرتبط بالاعتياد فلو اتفق أن اعتادوا على النوم أثناء النهار في الضياء لتمكنوا من النوم براحة في الليل حتى مع وجود مصباح مضيء. وخلاصة القول يجب تعويد الطفل منذ اليوم الأول لولادته كي يداوم على هذه الأمور في مجمل حياته والجدير بالذكر أنّ عدم النوم هو أحد عوارض زمن الطفولة إذ يمكن أن يكون عدم اشتهاء الطعام من علائم هذه العارضة ناهيك عن ظهور حالة خاصة من الغضب والحدة أو البكاء بسرعة عند الأطفال إذا ما شعروا بمظلوميتهم أو كأنّما يشعرون بالغربة وسط عوائلهم وأهليهم وهذا كله ناتج عن التعب والنصب الذي يسببه النوم القليل أو عدمه أو عدم تنظيمه وقد يجر هذا النوم القليل إلى الوهن في الجسم وإلى عدم تأثيره بالتدابير الصحيّة أو المهدئات العصبية وعندها سيضحي عدم النوم الحجر الأساس لظهور أمراض مختلفة ومتنوعة لذلك ينبغي للطفل وبأيّ شكل من الأشكال أن يهجع للنوم بقدر كاف وبشكل طبيعي.
المصادر:
1- الخصال - الشيخ الصدوق - ص 262 – 263
2- المحاسن - أحمد بن محمد بن خالد البرقي - ج 2 - ص 469
3- وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 6 - ص 450 – 453
اترك تعليق