مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

خطبة السيدة فاطمة بنت الإمام الحسين(ع) في الكوفة وحضورها واقعة الطف

خطبة السيدة فاطمة بنت الإمام الحسين(ع) في الكوفة وحضورها واقعة الطف

حضورها في واقعة الطف:
حضرت(رض) واقعة الطف يوم عاشوراء، وجرى عليها ما جرى على آل الرسول(ص) في ذلك اليوم من مصائب ومحن، حيث رأت مصرع أبيها الإمام الحسين(ع)، وقتل أخيها علي الأكبر، وبقية شهداء آل البيت(ع) والأصحاب الكرام.
كما شاهدت عمّها العليل مكبّلاً بالأغلال، فصبرت واحتسبت ذلك في سبيل الله تعالى.
وكانت ضمن السبايا اللواتي ساقهن ابن سعد إلى الكوفة، وفيها وقفت بقلب كلّه عزم وإيمان وثبات ويقين، وضمير صالح صادق، تخطب بأهل الكوفة وتكشف فضائح الأمويين.
خطبتها في الكوفة:
خطبت(رض) في الكوفة خطبة قالت فيها: «يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، فإنّا أهل بيت، ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا، فجعل بلائنا حسناً، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته، وحجّته على الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضّلنا بنبيّه محمّد(ص) على كثير ممّن خلق تفضيلاً بيّناً فكذّبتمونا وكفّرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نهباً كأنّنا أولاد ترك وكابل، كما قتلتم جدّنا بالأمس وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت؛ لحقد متقدّم قرّت لذلك عيونكم، وفرحت قلوبكم على افتراء الله، ومكراً مكرتم والله خير الماكرين، فلا تدعونّكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا، ونالت أيديكم من أموالنا، فإنّ ما أصابنا من المصائب من الجليلة والرزايا العظمية في كتاب من قبل أن نبرئها، إنّ ذلك على الله يسير لا يحبّ كلّ مختال فخور، تباً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب.
فكان قد حلّ بكم وتواترت من السماء نقمان فيسحتكم بعذاب، ويذيق بعضكم بأس بعض، ثمّ تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله على الظالمين، ويلكم أتدرون أيّة يد طاعنتنا منكم؟ وأيّة نفس نزعت إلى قتالنا؟ أم بأيّة رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا؟ والله قست قلوبكم، وغلظت أكبادكم، وطبع على أفئدتكم، وختم على سمعكم وبصركم، وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم، وجعل على بصركم عشاوة فأنتم لا تهتدون، فتبّاً لكم...»(1).
قصتها في الشام:
«قالت فاطمة بنت الحسين(ع): فلمّا جلسنا بين يدي يزيد رقّ لنا، فقام إليه رجل من أهل الشام أحمر فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية -يعنيني- وكنت جارية وضيئة فأرعدت وظننت أنّ ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب عمّتي زينب، وكانت تعلم أن ذلك لا يكون.
فقالت عمّتي للشامي: كذبت والله ولؤمت، والله ما ذلك لك ولا له، فغضب يزيد وقال: كذبت، إنّ ذلك لي، ولو شئت أن أفعل لفعلت.
قالت: كلّا والله، ما جعل الله لك ذلك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغيرها، فاستطار يزيد غضباً وقال: إيّاي تستقبلين بهذا؟! إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.
قالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدّك وأبوك إن كنت مسلماً.
قال: كذبت يا عدوّة الله.
قالت له: أنت أمير، تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك، فكأنّه استحيا وسكت، فعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية، فقال له يزيد: اغرب، وهب الله لك حتفاً قاضياً»(2).


الهوامش:
1. اللهوف في قتلى الطفوف: 89.
2. الإرشاد 2/121.


المصدر: http://al-shia.org

التعليقات (0)

اترك تعليق