مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

اجعلي الصداقة هي الطابع الغالب على العلاقة

اجعلي الصداقة هي الطابع الغالب على العلاقة

إذا كان عليّ أن أختار خاصية واحدة تجعل من علاقتنا علاقة خاصة وتضفي عليها المتعة والحيوية على مر السنين، فلن تكون سوى أن يعامل كل منّا الآخر معاملة الصديق الحميم. إن هذه ليست هي الخاصية الوحيدة في علاقتنا بل هناك خصائص أخرى كثيرة. فكلانا يرتبط بالآخر وتخلص له. كما نشترك في حبنا الطاغي لأولادنا، وفي قيمنا وأهدافنا، وفي العديد من الأصدقاء، كما نشترك أيضا في احترام كل منا للآخر وانجذابه له. كما أنعم الله علينا بنفس القيم والمعتقدات الروحية، ولكن بالرغم من أن هذه الصفات صفات رائعة ومهمة فإنها تعجز عن ضمان استمرار حبنا قويًا ومتقدًا.
وعلى أية حال، فما أكثر أن نجد زوجين مخلصين لبعضهما ومع هذا تراهما وقد احتدم النقاش بينهما وهما يستقلان السيارة متجهين إلى العمل. وكثيرًا ما نجد أزواجًا رائعين ومتفانين ويشتركون في نفس القيم ومع هذا يسيطر التوتر على علاقتهما. وما أكثر الأزواج الذين يشتركون في نفس الأصدقاء والهوايات والاهتمامات ويشعر كل منهما بانجذاب نحو الآخر، ومع كل هذا تراهما يتشاجران كالمجانين ويغار كل منهما من الآخر ولن يدوما على وفاق طويلًا.
أما عندما نكون أصدقاء في المقام الأول، فالأمور تسير طبيعية من تلقاء نفسها، فالصداقة تحتم على كل صديق أن يدعم صديقه وأن يحتمله ويعطف عليه ويلتمس له العذر، كما أن الصداقة تسهل عملية التواصل، والصداقة تمهد الطريق للضحك والمرح كما أنها أيضًا تعني التزام الجدية إذا تطلب الأمر ذلك، والصديق على اتصال دائم بصديقه يجده وقت الرخاء ولا يفتقده وقت الشدائد.
وأفضل طريقة للإبقاء على علاقة صداقة بينكما (أو إحيائها من جديد إن كانت قد فترت) هي أن تعرف فائدة الصداقة لك وللعلاقة نفسها. وبمجرد أن تقتنع أن الصداقة هي أفضل طريقة للحفاظ على علاقتكما يكون كل شيء بعد ذلك سهلًا، ولذلك عليك أن تذكِّر نفسك بأن هدفك هو أن تعامل زوجك بعطف وتقدير واحترام تماما كما تعامل أقرب أصدقائك على الإطلاق. وعندما لا تعرف ماذا تفعل اسأل نفسك قليلًا: "إذا كان هذا الشخص صديقي فكيف سيكون سلوكي معه ورد فعلي تجاهه؟".
وكم نسمع من يقول: "زوجي هو أفضل أصدقائي" ولكن أفكارهم ومشاعرهم وتصرفاتهم تناقض هذا، فتراهم على عكس ما يقولون يغارون منن أزواجهم وينتظرون منهم ويطالبونهم بما لا يطالبون به صديقًا، وإلى جانب هذا تراهم لا يقدرونهم حق التقدير ولا يحترمونهم كما يجب ولا يلتزمون الحساسية في التعامل معهم. والكثير من الناس يعاملون شركاءهم في الحياة كما لو كانوا يملكونهم وتراهم يركزون على صورة الشريك التي يريدونها وليس على صورته الواقعية.
وعندما يقول لك صديق: "إنني أحلم بتغيير وظيفتي وذلك على الرغم من أن هذا يعني انخفاض دخلي ولكنه سيجعلني أسعد" أو قال لك: "إنني أحلم أن أعيش بالقرب من المحيط"، فإذا قال لك صديق هذا فغالبا ما ستشجع ما يقوله وتدعمه. أما إذا قال شريكك في الحياة نفس الشيء، فكيف سيكون رد فعلك؟ أو هل ستتجاهل هذا أو ستسخف به قائلا لنفسك لا ينبغي عليك ألا تفعل هذا إذ إنه ليس أمرًا عمليًا وليس هذا هو ما أريده؟
وأهم ما في الموضوع هنا هو ما تحمله إجابتك من دلالات، فأحيانا ما يكون ما يريده الشريك أمرًا غير ممكن أو غير عملي أو مرغوب فيه.
إذ ليس بإمكانك دائما أن تنتقل من شركتك أو تغير من وظيفتك ولسنا نعني هنا أن من الواجب عليك دائما أن تريد ما يريده شريكك أو أن من مسؤوليتك أن تحقق لشريكك ما يريده، وإنما نعني أنه من الأهمية بمكان أن تتذكر كيف يتعامل الأصدقاء مع بعضهم البعض ثم تحاول تطبيق هذا في علاقتك مع شريكك. والأهم أن يعرف شريكك أنك حقًا تساند أحلامه سواء كان بإمكانه أن يحققها أم لا.
ونستطيع أن نؤكد لك تجربة أن مصادقة شريك حياتك هي نعمة وهدف يستحق منك أن تسعى لتحقيقه. فعندما تكون صديقًا حميمًا لشريكك في الحياة فسيسهل عليكم أن تتقابلا في وسط الطريق وأن يشارك كل منكما الآخر دون أن يشعر أحدكما بأنه يضحي بشيء ما، وقد يحتاج تنفيذ هذه الاستراتيجية إلى تفكير شديد ورغبة في تغيير بعض العادات القليلة ولكن الأمر جدير حقًا بهذا.

المصدر: لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية: د.ريتشارد كارلسون وكريستين كارلسون، مكتبة جرير.

التعليقات (0)

اترك تعليق