مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

لا تجعل شريك حياتك بمثابة جراب ملاكمة

لا تجعل شريك حياتك بمثابة جراب ملاكمة

إنها حقيقة لا خلاف حولها أن معظمنا يحب أن ينفس عما بداخله على الأأقل مرة كل حين، وكم يشعر المرء براحة عندما يتخلص من بعض الأشياء التي تجثم على صدره. وعلى الرغم من أننا لا نقدم على القيام بعملية التنفيس كأسلوب علاجي وكطريقة للاسترخاء ولكننا نعترف صراحة بأننا أحيانا ما نفعل هذا مثلنا مثل الآخرين، وعندما يشعر المرء بإحباط أيًا كان سببه يبدو مناسبًا أن يشارك من يحب في إحباطه، وحتى إذا لم يكن هذا مناسبًا إلا أنه أحيانا ً ما لا يجد بدا ً من هذا.
وهناك فارق كبير بين القيام من وقت لآخر بجلسة تنفيس تفرغ فيها ما يجيش بداخلك وبين أن يكون هذا التنفيس جزءا ً لا يتجزء من عملية التواصل الدائم مع الأآخرين. وقد لاحظنا أنه في العلاقات التي يقوم فيها أحد الطرفين بالتنفيس عما بداخله بشكل دوري فإن الطرف الآخر غالبا ً ما يشكو بأنه يشعر كما لو كان جراب ملاكمة!
وأحد المشاكل المرتبطة بالتنفيس أن هناك دائما ً أشياء لا تنتهي بحاجة إلى تنفيس. وبعبارة أخرى يمكن القول إنه إذا كان تركيزك في اتجاه التنفيس فستجد دائما ً من المنغصات ما يحتاج منك إلى تنفيس، ولذلك عندما تربط شعورك بالتحسن بالتنفيس عما بداخلك أثناء حوارك مع شريكك فإن هذا سيتحول إلى إدمان. ومن السهل أيضا ً أن يتحول إلى عادة أنك ستفترض أنه كلما نفست أكثر شعرت بتحسن أكبر.
وبهذا يكون من السهل معرفة الأاسباب التي تجعل الشريك الذي يستمع إلى تنفيس الشريك الآخر يشعر بمرور الوقت كما لو أنه جراب ملاكمة.
تخيل لدقيقة أنك متعب بعض الشيء في نهاية اليوم، وأنت الآن لا تشعر نسبيا ً ببعض الطمأنينة كما لو أن الحياة تبتسم لك، وبمجرد التقاطك  كتاب لتستعد للقراءة لبعض الدقائق قبل تناول العشاء، إذا بشريكك يدخل عليك حجرتك ويشكوك لومه.
وبالطبع فأنت تحب شريكك وتريد أن تكون عونا ً له، ولذلك تضع كتابك وتبدأ في الاستماع له. وخلال العشر دقائق الأولى من الاستماع يحدث تغير كبير في حالتك المزاجية بسبب ما أخبرك به شريكك من فظائع وما ذكر به من مساوئ في هذا العالم ومدى ما يمكن أن تكون عليه الحياة من صعوبة وما يكتنفها من ظلم، وقد تكون وجهة نظره مقنعة بحيث تبدأ في الاقتناع بها، ولا يتوقف شريكك عند هذا الحد بل يبدأ مرة أخرى حيث يخبرك ببعض الإشاعات السلبية والعديد من أمثلة الجشع بين الناس. وعند هذا الحد يبدو وكأن شريكك يكره حياته؛ حيث أخبرك بالاثنى عشر شخصا ً الذين أساءوا إليه والأربعة الآخرين الذين أثاروا غضبه.
وفي هذا المثال نجد أن "المُنفِّس" قد يكون حقا ً في حالة من الاكتئاب والروح المعنوية المنخفضة وأنه يأسف لنفسه. وفي أغلب الاحتمالات فإن كل هذه المشاعر ستتغير تماما ً بقدوم فجر جديد. وبالتأكيد فإن الشريك المستمع إذا كان يعرف هذا بناءً على معرفة سابقة بشريكه فسيدعوه هذا إلى عدم القلق على شريكه، ولذلك يكون بمقدوره أن يستمع فقط دون تأثر بما يقال وأن يحاول دعم شريكه بأقصى ما يستطيع.
ومن ناحية أخرى فإنه من الصعوبة بمكان أن تحتفظ دائمًا بالرزانة والحكمة التي تساعدك على عدم التأثر بتنفيس شريكك وخاصة عندما يتكرر هذا التنفيس كثيراً.
ولهذا فإنه بالرغم من أنه أحيانا ً ما لا يكون هناك بد من التنفيس، فإنه ليس هناك تنفيس يخلو ولو بقدر ضئيل من الأنانية. وبعبارة أخرى فإننا عندما ننفس عما بداخلنا فإن هناك شخصا ً آخر سيدفع ثمن هذا، ولذلك فقد يكون أفضل ما تفعله هو أن تكون على وعي بما هو قدر التنفيس المناسب وما هو القدر الذي يُعتبر تجاوزا ً للحد الصحي.
وأعود وأقول، أنا هنا لا أعني أن التنفيس فكرة مرفوضة تمامًا وخاصة عندما يحدث بمقادير قليلة. ومع هذا فمن المفيد أن تتحكم في هذا التنفيس فإذا فعلت هذ فستحمي شريكك من الشعور كما لو أنه جراب ملاكمة.


المصدر: لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية: د.ريتشارد كارلسون وكريستين كارلسون، مكتبة جرير.

التعليقات (0)

اترك تعليق