الذكاء العاطفي وأثره في السعادة الزوجية
يعتبر الذكاء العاطفي مفهوم عصري ولد في التسعينات من القرن الماضي وتبين أن له تأثير واضح ومهم في حياة كل شخص وفي طريقة تفكيره وعلاقاته وانفعالاته. فالتعاون قائم بين الشعور والفكر ولعل واحدة من أهم تطبيقاته تظهر في مجال الحياة الزوجية باعتبارها تحتاج لحكمة ورقة في التعامل وتدفق في العواطف بين الزوجين وهذا يمد الحياة الزوجية بروافد السكينة والمودة ويسبغ عليها أجواء تتسم بالتفاهم وعمق الود والمحبة المتبادلة.
فالفرد المتمتع بالذكاء العاطفي تكون لديه القدرة على فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته وعلى ضبط انفعالاته ولديه براعة في التعامل مع المشكلات والانتقادات والهفوات الصادرة من الطرفين بروية ويستطيع حل كافة المشكلات التي تعترضه باقتدار تحت مظلة مشاعر الحنان والرعاية. والقرآن الكريم عندما تحدَّث عن الحياة الزوجية، فإنه ذكر أمرين محددين وكلاهما يتعلقان بالحياة العاطفية والمشاعر: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» [سورة الروم: 21]. فدين الله أعطى المودة والرحمة مكانهما في الحياة الزوجية.
إثبات العلاقة بين ارتفاع نسب الذكاء العاطفي والزيجات الناجحة:
في دراسة علمية دقيقة، تم النظر إلى مستوى الذكاء العاطفي عند 1.119 زوج وزوجة وعلاقته برضاهم عن حياتهم الزوجية وُجد أن الراضون هم الأذكى عاطفياً.
مفهوم الذكاء العاطفي
هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين بما يحقق أكبر قدر من السعادة له وللآخرين الذين يعايشهم. فالذكاء العاطفي علمٌ حديث يغوص في مشاعر الإنسان؛ ليعيد النظرَ في مفاهيم ومعاني الذكاء المتداولة، وليحدِّدَ مدى ارتباط الذكاء بالمشاعر والعواطف، ومدى تأثير ذلك على تَعَاسة الإنسان وسعادته.
إذا كانت مكونات الذكاء العقلي هي القدرة على الاستقراء والتحليل والتركيب فإن مكونات الذكاء العاطفي هي:
1- القدرة على قراءة مشاعر الذات والتعامل الايجابي معها وتتضمن:
- التفاؤل.
- المرونة.
- المبادرة.
- التصميم.
- الإبداع.
- تحمل المسؤولية..
2- القدرة على قراءة مشاعر الآخرين والتعامل الايجابي معها وتتضمن:
- التعاطف.
- الخلاف البنّاء.
- القدرة على الثقة بالآخرين..
محاور السعادة والذكاء العاطفي:
الأوَّل: العلاقة والمشاعر العامة:
إن الزوج الناجح عاطفياً هو الزوج الذي يمتلك شعوراً عاماً بالرضا والارتياح عن حياته، ويستمتع بصحبة الغير، ويرى مباهج الحياة، ويُسَرّ الناس للمكوث معه. ويرى هذا الشخص جوانب الحياة الإيجابية والمشرقة، وهو يُحافظ على مواقفه الإيجابية عند مواجهة الحالات والظروف الصعبة.
الثاني: العلاقات الذاتية مع النفس:
يحترم الزوج الناجح عاطفياً نفسه وإمكاناته، ويعرف جيداً أهدافه في الحياة، وهو مُدرك لمشاعره في غالب الأوقات ويستطيع تفسيرها، ويُعينه ذلك على توجيه هذه المشاعر بما يحقّق أهدافه ويُشعره بالراحة.
الثالث: العلاقة الاجتماعية مع الغير:
ينشر الزوج الناجح عاطفياً مشاعر الودّ حوله، ما يُمكنَّه من إنشاء العلاقات الطيٍّبة والحفاظ عليها وتنميتها، وهو يتعاون مع الجميع ليحقِّق الأهداف المشتركة، ويُمكن الاعتماد عليه وتطويع قدراته.
الرابع: التكيُّف:
يستطيع الزوج الذكي عاطفياً تقدير الواقع بصورة حسنة والتعامل معه بهدوء لتنمية المكاسب وتقليل الأضرار قدر الإمكان، مع التعلٌّم المستمر من جميع التجارب.
التغيير من أجل زيادة الذكاء العاطفي:
إنه ليس من السهل أن يُغيِّر الزوج طبيعة سلوكه ليكون أمهر في محاور الذكاء العاطفي الأربعة، ولكن هذا ليس بالمستحيل، والأمر يحتاج لفهم وإدراك أولاً، ومن ثم إلى تدريب ومتابعة باستمرار. إن تنمية محاور الذكاء العاطفي يعني أن الزوج سيكون صاحب قدرة أكبر على استقبال العواطف بشكل سليم ودقيق، وعلى الفهم العاطفي لها وتفسيرها، مما سيُعطيه قدرة عالية على التعامل أو التكيُّف مع المواقف العاطفية اليومية في الحياة الزوجية، وتحويلها لرصيد إيجابي يجعل حياته أكثر ثراء ومتعة(1)
آثار غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين:
يخلق غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين نوعاً من التبلد في المشاعر والأحاسيس، والذي يتطور ليصل إلى البُعد الجسدي والعاطفي، وفي النهاية يكون الانفصال الصامت أو النهائي.
وأوضحت المستشارة الأسرية "أحلام النجار"، أن 50 في المئة من حالات الطلاق سببها غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين، الأمر الذي يخلق نوعاً من الخلافات الأسرية التي غالباً ما تنتهي بالطلاق.
وأكدت أن الذكاء العاطفي هو الحارس الأمين على الحياة الزوجية، والحصن المنيع ضدّ التقلبات التي تطرأ من وقت لآخر عليها، فهو الأداة التي تمكن الزوجين من اجتياز هذه المشاكل دون أن يترك ذلك شرخاً يؤدي إلى تصدع الحياة الأسرية.
وأفادت "النجار" أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الأزواج السعداء ، يتميزون بامتلاكهم لذكاء عاطفي متقدم عن الآخرين يجعلهم قادرين على بلورة علاقتهم وعدم السماح للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على علاقتهم، ما يمنحهم اللذة والحافز للبقاء معاً.
وعددت "المستشارة الأسرية" أسباب غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين، ومنها عدم القدرة على المواجهة، والبيئة ،والأمراض المزمنة، وضعف السيولة المادية وفارق السن والمستوى الثقافي والعلمي، مشيرة إلى أن القدرة على المواجهة تحتاج إلى جرأة، وهي غير متوافرة بسبب التنشئة الأسرية والتربية القاسية..
الشريك المناسب:
اختيار الشريك هي الخطوة الأولى في الارتباط، فالبعض يُحدّد مواصفات معينة (جسدية – عقلية - نفسية- ماليةــ اجتماعية..)، ومع أنهم قد يجدون شريكاً بهذه المواصفات ولكن لا يرتاحون للارتباط به، وقد يجدون شريكاً لا تكتمل فيه كل المواصفات ولكنهم يرتاحون إليه، وهنا من الخطأ الاعتماد على العقل فقط فللمشاعر دور مهم أيضاً.
تفسير علمي توضحه طريقة عمل الدماغ
لماذا نميل إلى أشخاص وننفر من أشخاص آخرين دون أن نعرف السبب؟.. هذا الميل أو النفور ليس مجرد مشاعر يجب عدم الالتفات إليها بل هو في كثير من الأحيان تعبير عن حاجة دفينة في العقل الباطن لا يستطيع العقل الواعي إدراكها, يوجد في الدماغ منطقة تدعى "الجهاز اللمبي" (limbic system) وهي تُخزّن كل الأحداث التي تمرُّ معنا مع مشاعرها إيجابية كانت أو سلبية، عندما نلتقي أشخاصاّ ننسجم معهم و تمتلئ نفوسنا بالمشاعر الايجابية يخزن "اللمبي" حركات هؤلاء الأشخاص و تعابير وجوههم وطريقتهم في الكلام والمشاعر المرافقة وهي مشاعر الفرح و السرور، والعكس في حال مشاعر الاستياء وعدم الارتياح.
نظريات تساعد على نجاح العلاقات الزوجية
1- نجاح الزواج يحتاج إلى توافق في طريقة التفكير:
إن أغلب الناس لديهم فروقات في النظر لموضوعات مختلفة و لا يسمحوا لها بالتأثير على علاقاتهم، وهذه الفوارق بديهية نظراً للأسباب الوراثية و النفسية والتربوية وعندما يدرك الزوجان هذه الفوارق سينظران إلى الاختلاف بأنه أمر طبيعي بل مصدر لإغناء الشخصية لا مصدر للصراع، الشخص المختلف يُغني تجربتنا في الحياة و يُرينا الأمور من زاوية تختلف عن زاوية رؤيتنا لها، أما الشخص المتوافق معنا يرينا الأمور وكأننا ننظر في المرآة وهذا شيء مملّ طبعاً.
الاختلاف لا يمكن تجاوزه دائما فتوجد مبادئ أساسية يجب الاتفاق عليها منذ البداية (الاتفاق في بعض طرائق التفكير ليس أمراً سلبياً).. الاختلاف في النظر لبعض الأمور ليس مشكلة بحد ذاته بل المشكلة هي في التعامل مع هذا الاختلاف. هنا يأتي دور الذكاء العاطفي.. من ليس لديه ذكاء عاطفي قد يصل بهذا الخلاف إلى الصراع ومن عنده ذكاء عاطفي سيجعل من هذا الاختلاف فرصة ليظهر حبه واحترامه للطرف الآخر ويؤكد له أن الحب أرفع من أن يمسه الخلاف.
2- العلاقة الزوجية الناجحة هي علاقة تملؤها الرومانسية والعواطف الجياشة:
طبيعي أن العلاقة تبدأ بالمشاعر الجيّاشة والعواطف التي يشعر بها الطرفان لأول مرة وتعلق في الذاكرة للأبد، لكن بعد فترة من الزواج يتحوّل هذا الحب الذي عُبّر عنه بتلك المشاعر إلى شعور بالتفاهم والمودة والرحمة مثل الشلال الهادر الذي يتحول إلى نهر يتدفق بقوة وثبات ويروي الحقول.
يجب أن يُفهم هذا الأمر على أنه طبيعي وليس إشارة إلى خلل في العلاقة، لأنه في حال سوء الفهم قد ينفصل أحد الشريكين عاطفياً ويبحث عن حبّ جديد يؤمِّن له هذه المشاعر الجيّاشة، وهكذا من علاقة إلى أخرى.
3- العلاقة الزوجية الناجحة هي العلاقة التي يحلُّ بها الزوجان كل المشاكل العالقة بينهما:
قد تظل هناك مشاكل عالقة بين الزوجين ومع ذلك ينجح الزواج لان الزوجين لا يسمحان لهذه المشاكل بأن تؤثر على العلاقة بينهما وتكون العبارة الأهم بينهما (أنت مخطئ ولكني أحبك).. إن الجهد الذي يبذله الزوجان لجعل العلاقة بينهما أقوى من الخلاف أكثر فائدة لهما بكثير من الجهد الذي سيبذلانه لجعل علاقتهما خالية من أي خلاف.
هذا لا يعني أن يتجنب الزوجان الحديث عن النقاط الاختلافية (لأنه ليس دليل عافية) فعندما يطمئن كل طرف إلى أن الطرف الآخر سينصت له ولو اختلف معه بالرأي سيشعر بالأمان، ويعبر عن مشاعره وأفكاره دون أن يقابل بالرفض، أما إذا شعر أن الطرف الآخر لن ينصت إليه ولن يحترم مشاعره في حال الخلاف سيتجنب الزوجان إثارة النقاط الخلافية و ستبدو الحياة هادئة في الظاهر لكن في الباطن مليئة بالتوتر.
4- الزواج الناجح يقضي أن تكون لدى الزوجين هوايات و اهتمامات مشتركة:
الزوج يحب الأدب والزوجة لا تحب ذلك، الزوجة تحب النباتات والرجل لا يرى أي متعه في ذلك.
إن اختلاف الهوايات ليست عائق أمام نجاح الحياة الزوجية، من المهم أن يحب الأزواج الأوقات التي يقضونها سويا ويحترموا هوايات بعضهم ويتذكروا أن الأمور التي تجمع بينهم أكثر من التي تفرقهم.
5- نجاح الحياة الزوجية يتوقف على الأخر:
عند حدوث مشكلة هناك طريقتان للحل:
الطريقة الخطأ: هي أن يلوم كل منا الآخر وينتظر التغير منه وفي هذه الحالة المشكلة في أحسن الأحوال ستظل قائمة.
الطريقة الصحيحة: هي أن يعتبر كل شخص نفسه مسؤولا عن المشكلة ويبادر إلى حلها (بتغير سلوكه أو طريقة نظره إلى الموضوع) (مها) تتضايق من زوجها (حسّان) لأنه سريع الغضب، أمامها خياران إما أن تلومه وبالتالي لا تغير شيء من طرفها – أو أن تسأل نفسها ما الذي يثير غضبه و تبتعد عن هذه المثيرات. كذلك حسّان إما أن يلومها ولا يغير شيئاً من طرفه (المشكلة ما زالت قائمة) أو يقول لنفسه علىّ أن اخبرها بالأمور التي تزعجني كي تتجنبها أو عليّ الهدوء والنظر إلى الأمور بطريقة أخرى تجعلني أقل توتراً وغضباً.
- عندما نلوم الآخرين ونتجاهل مسؤوليتنا عن المشكلة تصبح فرصتنا بالمساهمة في حل المشكلة معدومة. إذا نظرنا حولنا نجد أن أكثر الأزواج تفاهماً أقلّهُم لوماً لبعض والعكس صحيح.
- إن تحمل المسؤولية والتحلّي بروح المبادرة هي من أهم مكونات الذكاء العاطفي، فالإنسان الذي يتمتع بذكاء عاطفي مرتفع لا يقول لماذا لا يفهمني الناس وإنما يقول ماذا يجب أن افعل لكي يفهمني الناس. وإذا حاول مرة ولم ينجح سيبحث عن طريقة أخرى...
علامات تميّز الخلافات بين الأزواج
1- الهجوم الشخصي بدلاً من انتقاد الفعل:
لا أحد يحب أن يُهاجم حتى ولو كان على خطأ، فبذلك تتحرك المشاعر السلبية تجاه من هاجمه ولا يفكر إلا في الردّ بهجوم معاكس عندما يقول الزوج لزوجته: "أنت مهملة"، لأنها لم ترتب المنزل فلا يتوقع منها أن تسارع إلى ترتيب المنزل بل سترد عليه بهجوم معاكس وتقول له: "أنت أناني لا تفكر إلا في نفسك وتقدر الجهد الذي أبذله في أعمال المنزل".. أما إذا قال: "هناك أشياء كثيرة مبعثرة على الأرض"، فعندها ستصلها رسالة الزوج بأن عليها أن تبذل المزيد من الجهد في ترتيب المنزل دون أن تشعر بالاستفزاز والمهاجمة، وطبعاً لا تكفي الكلمات اللطيفة بل الأسلوب أيضا فهو يلعب دوراً أهم من دور الكلمات.
عندما يراعي الأزواج مشاعر الطرف الآخر في أثناء انتقاده ويتجنب الهجوم والإساءة فسيرد الطرف الآخر بالمثل أما إذا تعمّد التجريح والإساءة فستشتعل الحرب الضروس والنصر لمن يؤذي أكثر.
2- اتخاذ الموقف الدفاعي:
زوجة تقول لزوجها: "منذ فترة طويلة لم نخرج سوياً"
فيرد الزوج: "ألا ترين كم أنا مشغول"
فيأتي الرد: "مشغول.. مشغول.. دائماً مشغول وكأنني غير موجودة في حياتك"..
هذا مثال عن موقف دفاعي.
كل شخص يستطيع أن يجد تبريراً لأي عمل يقوم به وقد يكون هذا منطقي ولكن العلاقة لا تقوم فقط على التبريرات المنطقية فقط بل على تفهّم واحترام المشاعر. فلو أجاب الزوج: "أقدر شعورك بالوحدة يا عزيزتي، بعد أيام ولمجرد انتهائي من المشروع سنخرج للعشاء معاً"، ربما بعد هذا الكلام تفهمت الزوجة سبب انشغاله وانتظرته،... لا يعني أن تبرير التصرفات هو أمر ممنوع لكن وحده لا يكفي...
3- مقابلة الطرف الآخر بالجمود واللامبالاة
يعاني (عدنان) من توتر دائم في علاقته الزوجية.. صحيح أنه لم يعد يتشاجر كثيراً مع زوجته لكن مشاعره تجاهها أصبحت أكثر سلبية مما كانت عليه عندما كانا يتشاجران فهو يأتي من عمله يأكل غذائه بسرعة ولا يتحدث مع زوجته إلا في الأمور الضرورية ثم يرتاح في غرفته وفي المساء يختفي خلف جرائده أو يقضي السهرة مسمّراً على التلفزيون.
قد يسود بعض البيوت هذا الهدوء الظاهر والمُبطَن بدرجة كبيرة من التوتر والمشاعر السلبية، يصل الزوجان إلى هذه المرحلة عندما يقتنع كل منهما بأن الطرف الآخر لا يفهمه، وهكذا يدخل الزوجان في حالة تعايش وكأنهما في فندق ويقتصر التفاعل بينهما على الأمور التي يحتاجان إليها لتسيير شؤون المنزل والأولاد، يتخلل هذا الهدوء المحتقن فترات من الشجار والانفجار العاطفي يُعبّر خلالها كلّ منهما عن مشاعره السلبية تجاه الآخر ثم تعود الهدنة المفتوحة بينهما، وقد ترسّخت قناعة عند كل منهما بأن لا جدوى من الحديث مع الطرف الآخر.
كي لا يصلا لهذه المرحلة يجب أن يظل التواصل قائماً فالانسحاب والانعزال لا يحل المشكلة بل يزيدها تفاقما، وأكثر ما يساعد على التواصل هو احترام مشاعر الطرف الآخر والحرص على عدم إيذاءها.
عندما يختلف الأذكياء كما قلنا سابقاً أن المشاكل ليست من الاختلاف، بل من كيفية الإدارة و التعامل مع هذا الاختلاف.
نصائح تساعد الأزواج على تجاوز خلافاتهم:
1- اشتكِ ولا تلم.. الشكوى هي أن تصف وضعاً مزعجاً ربما سبّبه لك الطرف الآخر، أما اللوم يعني وصف الطرف الآخر بصفات سلبية تؤذيه و تجرح مشاعره.
طلبت "سعاد" من زوجها أن لا يُحضر طائراً إلى المنزل لأنه يحتاج عناية و تنظيف فوعدها أن يعتني به وينظفه بنفسه فوافقت على هذا الأساس ولكن ماهر لم يفِ بوعده وبدأت رائحة الطائر المزعجة تنتشر في البيت.
الحلّ يكون بطريقتين:
إما أن تقول الزوجة: "لقد وعدت بأن تتولى العناية بالطائر ولم تفعل ذلك وأنت لا تفي بوعودك ولا يمكن الوثوق بك".. أما الطريقة الثانية، فتقول: "إن رائحة الطائر كريهة وهي تسبب لي الأذى والإزعاج"..
ليضع كلٌ منّا نفسه مكان الزوج ويرى مشاعره عندما يخاطب بالطريقة الأولى أو الثانية.. الطريقة الأولى ستولد توتر وصدام أما الثانية ستذكره بالوفاء بما وعد ومراعاة شعورها.
2- ابدأ عبارتك ب(أنا) وليس (أنت):
عندما تبدأ عبارتك بأنت يشعر الطرف الآخر بالهجوم فيبدأ بالتفكير في طريقة يدافع فيها عن نفسه بدلاً من الإنصات إلينا والاهتمام بما نقوله أو ما نشعر به، أما عندما نبدأ بكلمة أنا فإن الطرف الآخر سيبدي اهتماماً بما نقوله و ستصل إليه رسالتنا دون أن يشعر أنه مُهاجم أو مُتهم. فمثلاً بدلاً من أن يقول الزوج لزوجته: "أنت لا تنصتين إلي"، من الأفضل أن يقول لها: "أنا أحب أن تنصتي إليّ"، وبدلاً من أن تقول الزوجة: "أنت مبذر"، فلتقل: "أنا أريد أن تصبح أكثر توفيرا".. كذلك بدلاً من قولها: "أنت لا تهتم بي"، يصح أن تقول: "أنا أشعر أني بحاجة لاهتمامك"..
عندما تركز على مشاعرك تجاه شريكك بدلاً من اتهامه يزداد احتمال أن ينصت إليك و أن يأخذ مشاعرك بعين الاعتبار.
3- قدّر مشاعر الطرف الآخر:
كل تصرُّف سلبي وراءه مقصد إيجابي (مثلاً يدخن الإنسان لكي يخفف من شعوره بالتوتر).. عندما ندرك القصد الايجابي الكامن من وراء التصرُّف السلبي للشريك ونبوح به سيشعر أنك تفهمته وقدرت مشاعره واحتياجاته وهذا سيؤدي بالمقابل إلى أن يفهمك ويقدر مشاعرك.
مجد يقود السيارة بسرعة جنونية فقالت له زوجته: "أنت تقود بشكل جنوني"، فما كان منه إلا أن رد قائلا: "هل تريدين تعليمي القيادة".. ولم يغير من سرعته، أما هند التي مرّت بموقف مشابه قالت له: "أعرف أنك تشعر بالمتعة وأنت تقود السيارة بسرعة ولكن ذلك يسبب لي الهلع"، فما كان منه إلا أن خفّض سرعته.
4- كن في حديثك مباشراً ومحدّداً:
إن الابتعاد عن البوح المباشر والصريح دليل على ضعف التواصل بين الزوجين كما أن هذه الملاحظات قد لا تصل إلى الطرف الآخر وقد تزيد من توتر الطرف الذي أبداها.
مثلاً: سلمى تقوم بالتسوق اليومي وتشعر بالتعب وترغب أن يقوم زوجها بالتسوق عنها في بعض أيام الأسبوع.
تستطيع أن تُعبر بطريقتين:
طريقة غير مباشرة:
تذمر، شكوى، تعب، والإرهاق الذي يسببه لها التسوق..
وطريقة مباشرة:
بأن تطلب من زوجها أن يشاركها هذه المسؤولية.
إن التعبير المباشر والصريح عن الحاجات والرغبات والذي يتمّ في جوّ من اللطف و الهدوء ينمي عند الزوجين عادة الصدق والصراحة والوضوح.
مثال آخر: "إياد" يشعر بالانزعاج كلما جاء إلى المنزل ووجد غرفة الجلوس غير مرتبة فطلب من زوجته بهدوء ولطف أن تحرص على ترتيب هذه الغرفة قبل مجيئه من العمل، ماذا إذا لم يكن إياد محددا و تحدث بشكل عام عن الفوضى التي تملأ المنزل أو عن عدم شعوره بالارتياح، لا شك أن زوجته كانت ستستاء منه ولن تعرف بالضبط ما الذي يريده منها.
5- كن لطيفاً:
حين يتعامل الزوجان فيما بينهما بلطف وإنسانية ويشعر كل زوج بما يشعر به الطرف الآخر ويحب له ما يحب لنفسه وتكثر بينهما الإيماءات والكلمات التي تدل على احترام كل منهما للآخر والحرص على مشاعره سيتحول البيت إلى واحة توفر الدفء والراحة والطمأنينة، عندها لن يظلم أحدهما الآخر ولن ينتقص من إنسانيته لمجرد انه يختلف عنه في الصفات أو الطباع أو الميول أو الأفكار والتوجهات.
6- لا تراكم في المشاعر السلبية:
إذا رأيت شيء مزعج من الشريك لا تكتم هذا الانزعاج لأنه سيتحول إلى عدسه تنظر إلى زوجك من خلالها وهذه العدسة لن تريك منه إلا ما تكره وستحجب عنك ما تحب ومع الأيام ستزداد سماكة هذه العدسة وبالتالي ستزداد قدرتها على تشويه الحقائق فحتى التصرفات التي تدفعها النوايا الحسنة ستصبح في نظرك تصرفات يقصد منها إزعاجك.
مثال: "عزيزي يجب أن نتحدث".. وكانت ترغب فعلاً في إصلاح العلاقة بينهما فرد عليها زوجها: "ها أنت تبحثين عن المشاكل من جديد"..
إن أفضل وسيلة للوقاية من الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة هي أن لا يكتم أحد الزوجين مشاعره السلبية بل يبوح بها مراعيا النقاط الماضية التي تساهم في تقوية العلاقة بدلا من الاحتقان و التوتر الذي يسببه كتمان هذه المشاعر.
الرجل والمرأة مختلفان لكنهما من كوكب واحد:
1- المرأة تحب الإنصات والرجل يبحث عن الحلول:
بدأت" لمى" تتحدث إلى زوجها عن الخلاف بينها وبين جارتها فما كان منه إلا أن قاطعها قائلاً: "ألم أقل لك أن تقطعي علاقتك بهذه الجارة"، غضبت لمى مع أنها توصلت في قرارة نفسها إلى النصيحة ذاتها.. فلماذا غضبت يا ترى؟.. لان المرأة حينما تتحدث إلى الرجل فإنها تطلب منه الإنصات والتفهم ومراعاة المشاعر أولاً ثم الحلول ثانياً، لذلك ستسعد المرأة كثيرا إذا أنصت إليها زوجها وتركها تُعبر عن كل ما بداخلها قبل أن يعطيها حلا، إن معرفة هذه الحقيقة العلمية يفيد كلاً من الزوج والزوجة.
2- مشاعر المرأة والرجل كأمواج البحر ينتابها المدُّ والجزر:
كل إنسان تمر به أوقات يشعر فيها بازدياد قدرته على التفاعل العاطفي مع الآخرين وأوقات أخرى يشعر فيها بالانسحاب والفتور, وعادة ما يكون هذا التفاوت في قدرة الإنسان على التفاعل العاطفي ضعيفاً، لكن الأزواج وبحكم العلاقة الحميمة بينهما يشعران بنوبات الفتور والانسحاب تلك، وقد يسيئان تفسيرها و يجهلان كيفية التعامل معها مما يؤثر سلباً على العلاقة بينهما.
تختلف دوافع الرجل عن دوافع المرأة في فترات الانسحاب تلك فالرجل يحب الاستقلال، وعندما يجد نفسه قد أوغل في الاعتماد العاطفي على زوجته يبتعد عنها قليلا ليؤكد استقلاله، فلا يصارحها بمشاعره كالسابق و قد يبدي تجاهها بعض البرود والجفاء، و لكن سرعان ما يعود.
إذا فهمت المرأة هذا الأمر لن تقلق من فترات الانسحاب التي يبديها زوجها، و لن تُلح عليه في طلب الاقتراب منها في أثناء هذه الفترات لأن إلحاحها لن يزيده إلا ابتعادا.
أما المرأة فتبتعد عن الرجل عندما تشعر أنها قد أعطت الكثير من الحب و الحنان، وقد جاء أوان الأخذ وتلقي الحب والرعاية منه، في هذه المرحلة تكثر المرأة الشكاوي والحديث عن مشاعرها السلبية، وتكون في نفس الوقت غير مستعدة للإنصات إلى شكاوي زوجها ومشاعره السلبية، وما أن تُشبع المرأة حاجتها إلى تلقي الحب والاهتمام حتى تعود إلى حالة العطاء والبذل.
إذا أدرك الرجل هذا الأمر سيتفهم زوجته وسيزداد إنصاته لها وعطفه عليها، وسيصبح أكثر تحملا لما تبديه من شكوى وتذمر في أثناء هذه المرحلة.
3- الرجل لا يُحبّ أن يعامَل وكأنه طفل لا يفهم..
إن كلاً من الرجل والمرأة لا يحب أن يعامل و كأنه طفل لا يفهم، لكن حساسية الرجل تجاه هذا الأمر أشدُ بكثير من حساسية المرأة، لأن حاجته إلى الاستقلال كما قلنا سابقاً أكثر من حاجة المرأة، لذلك هو لا يحب أن تتدخل زوجته في خصوصيته وتوجه إليه الملاحظات. تستطيع الزوجة أن تتجاوز هذه الحساسية بأن تبدي رأيها في تصرفات زوجها على انه مجرد رأي فقط، وأن تبُلغه انه هو صاحب القرار وأن لا تُلح عليه إذا عارضها.
مثال: أراد "سمير" أن يرتدي لباساً معيناً للذهاب إلى مناسبة اجتماعيه، ورأت زوجته أن هذا اللباس غير مناسب، أخبرته برأيها وبأنه أدرى منها بما يناسب وبما لا يناسب، وبأنها أرادت فقط أن تُعبّر عن رأيها، وعندما أصرّ على ارتداء اللباس تصرفت وكأن شيئاً لم يكن، في مناسبة تالية ارتدى سمير لباساً آخر وصارح زوجته بأنها كانت على حق.
أما "رُبى" وفي موقف مشابه قالت له: "ليس من المعقول أن تذهب بهذه الملابس إلى مناسبة رسمية".. وعندما خالفها الرأي أخذت تلح عليه وتناقشه، فازداد غضبه وتوتره وانتهى الأمر بخلاف كبير بينهما.
صحيح أن "رُبى كانت تريد أن يظهر زوجها بشكل لائق، لكن هذه الرسالة لم تصله، بل وصلته الرسالة التالية: "أنت لا تحسن تقدير الأمور وأنا التي أحسن تقديرها".. ولذلك ثارت ثائرته.
على الزوجة أن تحرص على عدم إيصال هذه الرسالة إلى زوجها عندما تنتقد فعلاً ما يقوم به زوجها، لأن هذه الرسالة إذا وصلت إلى الزوج فلن يستجيب لزوجته بل سيزداد تعنتاً و إصراراً على موقفه.
أخيرا وليس آخراً إن فشلنا في إقامة علاقات ناجحة مع أزواجنا وأولادنا يأتي بسبب جهلنا للقواعد الصحيحة التي يجب أن نبني عليها هذه العلاقات، ومعظم المشاكل التي تعصف في بيوتنا وأسرنا سببها الجهل، لأن الكثير من الآباء والأمهات يحملون ممارسات تربوية خاطئة تعلموها من آبائهم وأمهاتهم ويطبقونها في حياتهم دون مراجعتها.
من الغريب حقاً أن أحدنا لا يلجأ إلى قيادة السيارة قبل أن يتعلم القيادة، و يأخذ شهادة تدل على كفاءته وفي حين أن الكثير من الرجال والنساء يقدمون على عمل أخطر وأدق بكثير من قيادة السيارة، وهو الزواج وإنجاب الأولاد وتربيتهم دون أن يقرؤوا كتاباً واحداً أو يحضروا محاضرة واحدة لها علاقة بالتربية.
إننا نجد الزوجين في مجتمعنا يحرصان كلّ الحرص قبل الزواج على تأثيث غرفة النوم مثلاً ويفكران في شكل السرير وحجم الخزانة ولون الشراشف وما إلى ذلك، ولا يفكران في تأثيث "غرفة اليقظة" في بيتهما ويزودانها بمكتبة صغيرة وجهاز كومبيوتر وقنديل ومسبحة صلاة.. فتكون هذه الغرفة مكان يرتقيان فيه بروحهما وعقليهما ليستطيعا بناء أسرة سعيدة ترفرف فيها القلوب والأرواح.
المصدر: وكالة أخبار المرأة.
فالفرد المتمتع بالذكاء العاطفي تكون لديه القدرة على فهم مشاعره ومشاعر شريك حياته وعلى ضبط انفعالاته ولديه براعة في التعامل مع المشكلات والانتقادات والهفوات الصادرة من الطرفين بروية ويستطيع حل كافة المشكلات التي تعترضه باقتدار تحت مظلة مشاعر الحنان والرعاية. والقرآن الكريم عندما تحدَّث عن الحياة الزوجية، فإنه ذكر أمرين محددين وكلاهما يتعلقان بالحياة العاطفية والمشاعر: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» [سورة الروم: 21]. فدين الله أعطى المودة والرحمة مكانهما في الحياة الزوجية.
إثبات العلاقة بين ارتفاع نسب الذكاء العاطفي والزيجات الناجحة:
في دراسة علمية دقيقة، تم النظر إلى مستوى الذكاء العاطفي عند 1.119 زوج وزوجة وعلاقته برضاهم عن حياتهم الزوجية وُجد أن الراضون هم الأذكى عاطفياً.
مفهوم الذكاء العاطفي
هو قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين بما يحقق أكبر قدر من السعادة له وللآخرين الذين يعايشهم. فالذكاء العاطفي علمٌ حديث يغوص في مشاعر الإنسان؛ ليعيد النظرَ في مفاهيم ومعاني الذكاء المتداولة، وليحدِّدَ مدى ارتباط الذكاء بالمشاعر والعواطف، ومدى تأثير ذلك على تَعَاسة الإنسان وسعادته.
إذا كانت مكونات الذكاء العقلي هي القدرة على الاستقراء والتحليل والتركيب فإن مكونات الذكاء العاطفي هي:
1- القدرة على قراءة مشاعر الذات والتعامل الايجابي معها وتتضمن:
- التفاؤل.
- المرونة.
- المبادرة.
- التصميم.
- الإبداع.
- تحمل المسؤولية..
2- القدرة على قراءة مشاعر الآخرين والتعامل الايجابي معها وتتضمن:
- التعاطف.
- الخلاف البنّاء.
- القدرة على الثقة بالآخرين..
محاور السعادة والذكاء العاطفي:
الأوَّل: العلاقة والمشاعر العامة:
إن الزوج الناجح عاطفياً هو الزوج الذي يمتلك شعوراً عاماً بالرضا والارتياح عن حياته، ويستمتع بصحبة الغير، ويرى مباهج الحياة، ويُسَرّ الناس للمكوث معه. ويرى هذا الشخص جوانب الحياة الإيجابية والمشرقة، وهو يُحافظ على مواقفه الإيجابية عند مواجهة الحالات والظروف الصعبة.
الثاني: العلاقات الذاتية مع النفس:
يحترم الزوج الناجح عاطفياً نفسه وإمكاناته، ويعرف جيداً أهدافه في الحياة، وهو مُدرك لمشاعره في غالب الأوقات ويستطيع تفسيرها، ويُعينه ذلك على توجيه هذه المشاعر بما يحقّق أهدافه ويُشعره بالراحة.
الثالث: العلاقة الاجتماعية مع الغير:
ينشر الزوج الناجح عاطفياً مشاعر الودّ حوله، ما يُمكنَّه من إنشاء العلاقات الطيٍّبة والحفاظ عليها وتنميتها، وهو يتعاون مع الجميع ليحقِّق الأهداف المشتركة، ويُمكن الاعتماد عليه وتطويع قدراته.
الرابع: التكيُّف:
يستطيع الزوج الذكي عاطفياً تقدير الواقع بصورة حسنة والتعامل معه بهدوء لتنمية المكاسب وتقليل الأضرار قدر الإمكان، مع التعلٌّم المستمر من جميع التجارب.
التغيير من أجل زيادة الذكاء العاطفي:
إنه ليس من السهل أن يُغيِّر الزوج طبيعة سلوكه ليكون أمهر في محاور الذكاء العاطفي الأربعة، ولكن هذا ليس بالمستحيل، والأمر يحتاج لفهم وإدراك أولاً، ومن ثم إلى تدريب ومتابعة باستمرار. إن تنمية محاور الذكاء العاطفي يعني أن الزوج سيكون صاحب قدرة أكبر على استقبال العواطف بشكل سليم ودقيق، وعلى الفهم العاطفي لها وتفسيرها، مما سيُعطيه قدرة عالية على التعامل أو التكيُّف مع المواقف العاطفية اليومية في الحياة الزوجية، وتحويلها لرصيد إيجابي يجعل حياته أكثر ثراء ومتعة(1)
آثار غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين:
يخلق غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين نوعاً من التبلد في المشاعر والأحاسيس، والذي يتطور ليصل إلى البُعد الجسدي والعاطفي، وفي النهاية يكون الانفصال الصامت أو النهائي.
وأوضحت المستشارة الأسرية "أحلام النجار"، أن 50 في المئة من حالات الطلاق سببها غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين، الأمر الذي يخلق نوعاً من الخلافات الأسرية التي غالباً ما تنتهي بالطلاق.
وأكدت أن الذكاء العاطفي هو الحارس الأمين على الحياة الزوجية، والحصن المنيع ضدّ التقلبات التي تطرأ من وقت لآخر عليها، فهو الأداة التي تمكن الزوجين من اجتياز هذه المشاكل دون أن يترك ذلك شرخاً يؤدي إلى تصدع الحياة الأسرية.
وأفادت "النجار" أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الأزواج السعداء ، يتميزون بامتلاكهم لذكاء عاطفي متقدم عن الآخرين يجعلهم قادرين على بلورة علاقتهم وعدم السماح للمشاعر السلبية بأن تطغى أو تسيطر على علاقتهم، ما يمنحهم اللذة والحافز للبقاء معاً.
وعددت "المستشارة الأسرية" أسباب غياب الذكاء العاطفي بين الزوجين، ومنها عدم القدرة على المواجهة، والبيئة ،والأمراض المزمنة، وضعف السيولة المادية وفارق السن والمستوى الثقافي والعلمي، مشيرة إلى أن القدرة على المواجهة تحتاج إلى جرأة، وهي غير متوافرة بسبب التنشئة الأسرية والتربية القاسية..
الشريك المناسب:
اختيار الشريك هي الخطوة الأولى في الارتباط، فالبعض يُحدّد مواصفات معينة (جسدية – عقلية - نفسية- ماليةــ اجتماعية..)، ومع أنهم قد يجدون شريكاً بهذه المواصفات ولكن لا يرتاحون للارتباط به، وقد يجدون شريكاً لا تكتمل فيه كل المواصفات ولكنهم يرتاحون إليه، وهنا من الخطأ الاعتماد على العقل فقط فللمشاعر دور مهم أيضاً.
تفسير علمي توضحه طريقة عمل الدماغ
لماذا نميل إلى أشخاص وننفر من أشخاص آخرين دون أن نعرف السبب؟.. هذا الميل أو النفور ليس مجرد مشاعر يجب عدم الالتفات إليها بل هو في كثير من الأحيان تعبير عن حاجة دفينة في العقل الباطن لا يستطيع العقل الواعي إدراكها, يوجد في الدماغ منطقة تدعى "الجهاز اللمبي" (limbic system) وهي تُخزّن كل الأحداث التي تمرُّ معنا مع مشاعرها إيجابية كانت أو سلبية، عندما نلتقي أشخاصاّ ننسجم معهم و تمتلئ نفوسنا بالمشاعر الايجابية يخزن "اللمبي" حركات هؤلاء الأشخاص و تعابير وجوههم وطريقتهم في الكلام والمشاعر المرافقة وهي مشاعر الفرح و السرور، والعكس في حال مشاعر الاستياء وعدم الارتياح.
نظريات تساعد على نجاح العلاقات الزوجية
1- نجاح الزواج يحتاج إلى توافق في طريقة التفكير:
إن أغلب الناس لديهم فروقات في النظر لموضوعات مختلفة و لا يسمحوا لها بالتأثير على علاقاتهم، وهذه الفوارق بديهية نظراً للأسباب الوراثية و النفسية والتربوية وعندما يدرك الزوجان هذه الفوارق سينظران إلى الاختلاف بأنه أمر طبيعي بل مصدر لإغناء الشخصية لا مصدر للصراع، الشخص المختلف يُغني تجربتنا في الحياة و يُرينا الأمور من زاوية تختلف عن زاوية رؤيتنا لها، أما الشخص المتوافق معنا يرينا الأمور وكأننا ننظر في المرآة وهذا شيء مملّ طبعاً.
الاختلاف لا يمكن تجاوزه دائما فتوجد مبادئ أساسية يجب الاتفاق عليها منذ البداية (الاتفاق في بعض طرائق التفكير ليس أمراً سلبياً).. الاختلاف في النظر لبعض الأمور ليس مشكلة بحد ذاته بل المشكلة هي في التعامل مع هذا الاختلاف. هنا يأتي دور الذكاء العاطفي.. من ليس لديه ذكاء عاطفي قد يصل بهذا الخلاف إلى الصراع ومن عنده ذكاء عاطفي سيجعل من هذا الاختلاف فرصة ليظهر حبه واحترامه للطرف الآخر ويؤكد له أن الحب أرفع من أن يمسه الخلاف.
2- العلاقة الزوجية الناجحة هي علاقة تملؤها الرومانسية والعواطف الجياشة:
طبيعي أن العلاقة تبدأ بالمشاعر الجيّاشة والعواطف التي يشعر بها الطرفان لأول مرة وتعلق في الذاكرة للأبد، لكن بعد فترة من الزواج يتحوّل هذا الحب الذي عُبّر عنه بتلك المشاعر إلى شعور بالتفاهم والمودة والرحمة مثل الشلال الهادر الذي يتحول إلى نهر يتدفق بقوة وثبات ويروي الحقول.
يجب أن يُفهم هذا الأمر على أنه طبيعي وليس إشارة إلى خلل في العلاقة، لأنه في حال سوء الفهم قد ينفصل أحد الشريكين عاطفياً ويبحث عن حبّ جديد يؤمِّن له هذه المشاعر الجيّاشة، وهكذا من علاقة إلى أخرى.
3- العلاقة الزوجية الناجحة هي العلاقة التي يحلُّ بها الزوجان كل المشاكل العالقة بينهما:
قد تظل هناك مشاكل عالقة بين الزوجين ومع ذلك ينجح الزواج لان الزوجين لا يسمحان لهذه المشاكل بأن تؤثر على العلاقة بينهما وتكون العبارة الأهم بينهما (أنت مخطئ ولكني أحبك).. إن الجهد الذي يبذله الزوجان لجعل العلاقة بينهما أقوى من الخلاف أكثر فائدة لهما بكثير من الجهد الذي سيبذلانه لجعل علاقتهما خالية من أي خلاف.
هذا لا يعني أن يتجنب الزوجان الحديث عن النقاط الاختلافية (لأنه ليس دليل عافية) فعندما يطمئن كل طرف إلى أن الطرف الآخر سينصت له ولو اختلف معه بالرأي سيشعر بالأمان، ويعبر عن مشاعره وأفكاره دون أن يقابل بالرفض، أما إذا شعر أن الطرف الآخر لن ينصت إليه ولن يحترم مشاعره في حال الخلاف سيتجنب الزوجان إثارة النقاط الخلافية و ستبدو الحياة هادئة في الظاهر لكن في الباطن مليئة بالتوتر.
4- الزواج الناجح يقضي أن تكون لدى الزوجين هوايات و اهتمامات مشتركة:
الزوج يحب الأدب والزوجة لا تحب ذلك، الزوجة تحب النباتات والرجل لا يرى أي متعه في ذلك.
إن اختلاف الهوايات ليست عائق أمام نجاح الحياة الزوجية، من المهم أن يحب الأزواج الأوقات التي يقضونها سويا ويحترموا هوايات بعضهم ويتذكروا أن الأمور التي تجمع بينهم أكثر من التي تفرقهم.
5- نجاح الحياة الزوجية يتوقف على الأخر:
عند حدوث مشكلة هناك طريقتان للحل:
الطريقة الخطأ: هي أن يلوم كل منا الآخر وينتظر التغير منه وفي هذه الحالة المشكلة في أحسن الأحوال ستظل قائمة.
الطريقة الصحيحة: هي أن يعتبر كل شخص نفسه مسؤولا عن المشكلة ويبادر إلى حلها (بتغير سلوكه أو طريقة نظره إلى الموضوع) (مها) تتضايق من زوجها (حسّان) لأنه سريع الغضب، أمامها خياران إما أن تلومه وبالتالي لا تغير شيء من طرفها – أو أن تسأل نفسها ما الذي يثير غضبه و تبتعد عن هذه المثيرات. كذلك حسّان إما أن يلومها ولا يغير شيئاً من طرفه (المشكلة ما زالت قائمة) أو يقول لنفسه علىّ أن اخبرها بالأمور التي تزعجني كي تتجنبها أو عليّ الهدوء والنظر إلى الأمور بطريقة أخرى تجعلني أقل توتراً وغضباً.
- عندما نلوم الآخرين ونتجاهل مسؤوليتنا عن المشكلة تصبح فرصتنا بالمساهمة في حل المشكلة معدومة. إذا نظرنا حولنا نجد أن أكثر الأزواج تفاهماً أقلّهُم لوماً لبعض والعكس صحيح.
- إن تحمل المسؤولية والتحلّي بروح المبادرة هي من أهم مكونات الذكاء العاطفي، فالإنسان الذي يتمتع بذكاء عاطفي مرتفع لا يقول لماذا لا يفهمني الناس وإنما يقول ماذا يجب أن افعل لكي يفهمني الناس. وإذا حاول مرة ولم ينجح سيبحث عن طريقة أخرى...
علامات تميّز الخلافات بين الأزواج
1- الهجوم الشخصي بدلاً من انتقاد الفعل:
لا أحد يحب أن يُهاجم حتى ولو كان على خطأ، فبذلك تتحرك المشاعر السلبية تجاه من هاجمه ولا يفكر إلا في الردّ بهجوم معاكس عندما يقول الزوج لزوجته: "أنت مهملة"، لأنها لم ترتب المنزل فلا يتوقع منها أن تسارع إلى ترتيب المنزل بل سترد عليه بهجوم معاكس وتقول له: "أنت أناني لا تفكر إلا في نفسك وتقدر الجهد الذي أبذله في أعمال المنزل".. أما إذا قال: "هناك أشياء كثيرة مبعثرة على الأرض"، فعندها ستصلها رسالة الزوج بأن عليها أن تبذل المزيد من الجهد في ترتيب المنزل دون أن تشعر بالاستفزاز والمهاجمة، وطبعاً لا تكفي الكلمات اللطيفة بل الأسلوب أيضا فهو يلعب دوراً أهم من دور الكلمات.
عندما يراعي الأزواج مشاعر الطرف الآخر في أثناء انتقاده ويتجنب الهجوم والإساءة فسيرد الطرف الآخر بالمثل أما إذا تعمّد التجريح والإساءة فستشتعل الحرب الضروس والنصر لمن يؤذي أكثر.
2- اتخاذ الموقف الدفاعي:
زوجة تقول لزوجها: "منذ فترة طويلة لم نخرج سوياً"
فيرد الزوج: "ألا ترين كم أنا مشغول"
فيأتي الرد: "مشغول.. مشغول.. دائماً مشغول وكأنني غير موجودة في حياتك"..
هذا مثال عن موقف دفاعي.
كل شخص يستطيع أن يجد تبريراً لأي عمل يقوم به وقد يكون هذا منطقي ولكن العلاقة لا تقوم فقط على التبريرات المنطقية فقط بل على تفهّم واحترام المشاعر. فلو أجاب الزوج: "أقدر شعورك بالوحدة يا عزيزتي، بعد أيام ولمجرد انتهائي من المشروع سنخرج للعشاء معاً"، ربما بعد هذا الكلام تفهمت الزوجة سبب انشغاله وانتظرته،... لا يعني أن تبرير التصرفات هو أمر ممنوع لكن وحده لا يكفي...
3- مقابلة الطرف الآخر بالجمود واللامبالاة
يعاني (عدنان) من توتر دائم في علاقته الزوجية.. صحيح أنه لم يعد يتشاجر كثيراً مع زوجته لكن مشاعره تجاهها أصبحت أكثر سلبية مما كانت عليه عندما كانا يتشاجران فهو يأتي من عمله يأكل غذائه بسرعة ولا يتحدث مع زوجته إلا في الأمور الضرورية ثم يرتاح في غرفته وفي المساء يختفي خلف جرائده أو يقضي السهرة مسمّراً على التلفزيون.
قد يسود بعض البيوت هذا الهدوء الظاهر والمُبطَن بدرجة كبيرة من التوتر والمشاعر السلبية، يصل الزوجان إلى هذه المرحلة عندما يقتنع كل منهما بأن الطرف الآخر لا يفهمه، وهكذا يدخل الزوجان في حالة تعايش وكأنهما في فندق ويقتصر التفاعل بينهما على الأمور التي يحتاجان إليها لتسيير شؤون المنزل والأولاد، يتخلل هذا الهدوء المحتقن فترات من الشجار والانفجار العاطفي يُعبّر خلالها كلّ منهما عن مشاعره السلبية تجاه الآخر ثم تعود الهدنة المفتوحة بينهما، وقد ترسّخت قناعة عند كل منهما بأن لا جدوى من الحديث مع الطرف الآخر.
كي لا يصلا لهذه المرحلة يجب أن يظل التواصل قائماً فالانسحاب والانعزال لا يحل المشكلة بل يزيدها تفاقما، وأكثر ما يساعد على التواصل هو احترام مشاعر الطرف الآخر والحرص على عدم إيذاءها.
عندما يختلف الأذكياء كما قلنا سابقاً أن المشاكل ليست من الاختلاف، بل من كيفية الإدارة و التعامل مع هذا الاختلاف.
نصائح تساعد الأزواج على تجاوز خلافاتهم:
1- اشتكِ ولا تلم.. الشكوى هي أن تصف وضعاً مزعجاً ربما سبّبه لك الطرف الآخر، أما اللوم يعني وصف الطرف الآخر بصفات سلبية تؤذيه و تجرح مشاعره.
طلبت "سعاد" من زوجها أن لا يُحضر طائراً إلى المنزل لأنه يحتاج عناية و تنظيف فوعدها أن يعتني به وينظفه بنفسه فوافقت على هذا الأساس ولكن ماهر لم يفِ بوعده وبدأت رائحة الطائر المزعجة تنتشر في البيت.
الحلّ يكون بطريقتين:
إما أن تقول الزوجة: "لقد وعدت بأن تتولى العناية بالطائر ولم تفعل ذلك وأنت لا تفي بوعودك ولا يمكن الوثوق بك".. أما الطريقة الثانية، فتقول: "إن رائحة الطائر كريهة وهي تسبب لي الأذى والإزعاج"..
ليضع كلٌ منّا نفسه مكان الزوج ويرى مشاعره عندما يخاطب بالطريقة الأولى أو الثانية.. الطريقة الأولى ستولد توتر وصدام أما الثانية ستذكره بالوفاء بما وعد ومراعاة شعورها.
2- ابدأ عبارتك ب(أنا) وليس (أنت):
عندما تبدأ عبارتك بأنت يشعر الطرف الآخر بالهجوم فيبدأ بالتفكير في طريقة يدافع فيها عن نفسه بدلاً من الإنصات إلينا والاهتمام بما نقوله أو ما نشعر به، أما عندما نبدأ بكلمة أنا فإن الطرف الآخر سيبدي اهتماماً بما نقوله و ستصل إليه رسالتنا دون أن يشعر أنه مُهاجم أو مُتهم. فمثلاً بدلاً من أن يقول الزوج لزوجته: "أنت لا تنصتين إلي"، من الأفضل أن يقول لها: "أنا أحب أن تنصتي إليّ"، وبدلاً من أن تقول الزوجة: "أنت مبذر"، فلتقل: "أنا أريد أن تصبح أكثر توفيرا".. كذلك بدلاً من قولها: "أنت لا تهتم بي"، يصح أن تقول: "أنا أشعر أني بحاجة لاهتمامك"..
عندما تركز على مشاعرك تجاه شريكك بدلاً من اتهامه يزداد احتمال أن ينصت إليك و أن يأخذ مشاعرك بعين الاعتبار.
3- قدّر مشاعر الطرف الآخر:
كل تصرُّف سلبي وراءه مقصد إيجابي (مثلاً يدخن الإنسان لكي يخفف من شعوره بالتوتر).. عندما ندرك القصد الايجابي الكامن من وراء التصرُّف السلبي للشريك ونبوح به سيشعر أنك تفهمته وقدرت مشاعره واحتياجاته وهذا سيؤدي بالمقابل إلى أن يفهمك ويقدر مشاعرك.
مجد يقود السيارة بسرعة جنونية فقالت له زوجته: "أنت تقود بشكل جنوني"، فما كان منه إلا أن رد قائلا: "هل تريدين تعليمي القيادة".. ولم يغير من سرعته، أما هند التي مرّت بموقف مشابه قالت له: "أعرف أنك تشعر بالمتعة وأنت تقود السيارة بسرعة ولكن ذلك يسبب لي الهلع"، فما كان منه إلا أن خفّض سرعته.
4- كن في حديثك مباشراً ومحدّداً:
إن الابتعاد عن البوح المباشر والصريح دليل على ضعف التواصل بين الزوجين كما أن هذه الملاحظات قد لا تصل إلى الطرف الآخر وقد تزيد من توتر الطرف الذي أبداها.
مثلاً: سلمى تقوم بالتسوق اليومي وتشعر بالتعب وترغب أن يقوم زوجها بالتسوق عنها في بعض أيام الأسبوع.
تستطيع أن تُعبر بطريقتين:
طريقة غير مباشرة:
تذمر، شكوى، تعب، والإرهاق الذي يسببه لها التسوق..
وطريقة مباشرة:
بأن تطلب من زوجها أن يشاركها هذه المسؤولية.
إن التعبير المباشر والصريح عن الحاجات والرغبات والذي يتمّ في جوّ من اللطف و الهدوء ينمي عند الزوجين عادة الصدق والصراحة والوضوح.
مثال آخر: "إياد" يشعر بالانزعاج كلما جاء إلى المنزل ووجد غرفة الجلوس غير مرتبة فطلب من زوجته بهدوء ولطف أن تحرص على ترتيب هذه الغرفة قبل مجيئه من العمل، ماذا إذا لم يكن إياد محددا و تحدث بشكل عام عن الفوضى التي تملأ المنزل أو عن عدم شعوره بالارتياح، لا شك أن زوجته كانت ستستاء منه ولن تعرف بالضبط ما الذي يريده منها.
5- كن لطيفاً:
حين يتعامل الزوجان فيما بينهما بلطف وإنسانية ويشعر كل زوج بما يشعر به الطرف الآخر ويحب له ما يحب لنفسه وتكثر بينهما الإيماءات والكلمات التي تدل على احترام كل منهما للآخر والحرص على مشاعره سيتحول البيت إلى واحة توفر الدفء والراحة والطمأنينة، عندها لن يظلم أحدهما الآخر ولن ينتقص من إنسانيته لمجرد انه يختلف عنه في الصفات أو الطباع أو الميول أو الأفكار والتوجهات.
6- لا تراكم في المشاعر السلبية:
إذا رأيت شيء مزعج من الشريك لا تكتم هذا الانزعاج لأنه سيتحول إلى عدسه تنظر إلى زوجك من خلالها وهذه العدسة لن تريك منه إلا ما تكره وستحجب عنك ما تحب ومع الأيام ستزداد سماكة هذه العدسة وبالتالي ستزداد قدرتها على تشويه الحقائق فحتى التصرفات التي تدفعها النوايا الحسنة ستصبح في نظرك تصرفات يقصد منها إزعاجك.
مثال: "عزيزي يجب أن نتحدث".. وكانت ترغب فعلاً في إصلاح العلاقة بينهما فرد عليها زوجها: "ها أنت تبحثين عن المشاكل من جديد"..
إن أفضل وسيلة للوقاية من الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة هي أن لا يكتم أحد الزوجين مشاعره السلبية بل يبوح بها مراعيا النقاط الماضية التي تساهم في تقوية العلاقة بدلا من الاحتقان و التوتر الذي يسببه كتمان هذه المشاعر.
الرجل والمرأة مختلفان لكنهما من كوكب واحد:
1- المرأة تحب الإنصات والرجل يبحث عن الحلول:
بدأت" لمى" تتحدث إلى زوجها عن الخلاف بينها وبين جارتها فما كان منه إلا أن قاطعها قائلاً: "ألم أقل لك أن تقطعي علاقتك بهذه الجارة"، غضبت لمى مع أنها توصلت في قرارة نفسها إلى النصيحة ذاتها.. فلماذا غضبت يا ترى؟.. لان المرأة حينما تتحدث إلى الرجل فإنها تطلب منه الإنصات والتفهم ومراعاة المشاعر أولاً ثم الحلول ثانياً، لذلك ستسعد المرأة كثيرا إذا أنصت إليها زوجها وتركها تُعبر عن كل ما بداخلها قبل أن يعطيها حلا، إن معرفة هذه الحقيقة العلمية يفيد كلاً من الزوج والزوجة.
2- مشاعر المرأة والرجل كأمواج البحر ينتابها المدُّ والجزر:
كل إنسان تمر به أوقات يشعر فيها بازدياد قدرته على التفاعل العاطفي مع الآخرين وأوقات أخرى يشعر فيها بالانسحاب والفتور, وعادة ما يكون هذا التفاوت في قدرة الإنسان على التفاعل العاطفي ضعيفاً، لكن الأزواج وبحكم العلاقة الحميمة بينهما يشعران بنوبات الفتور والانسحاب تلك، وقد يسيئان تفسيرها و يجهلان كيفية التعامل معها مما يؤثر سلباً على العلاقة بينهما.
تختلف دوافع الرجل عن دوافع المرأة في فترات الانسحاب تلك فالرجل يحب الاستقلال، وعندما يجد نفسه قد أوغل في الاعتماد العاطفي على زوجته يبتعد عنها قليلا ليؤكد استقلاله، فلا يصارحها بمشاعره كالسابق و قد يبدي تجاهها بعض البرود والجفاء، و لكن سرعان ما يعود.
إذا فهمت المرأة هذا الأمر لن تقلق من فترات الانسحاب التي يبديها زوجها، و لن تُلح عليه في طلب الاقتراب منها في أثناء هذه الفترات لأن إلحاحها لن يزيده إلا ابتعادا.
أما المرأة فتبتعد عن الرجل عندما تشعر أنها قد أعطت الكثير من الحب و الحنان، وقد جاء أوان الأخذ وتلقي الحب والرعاية منه، في هذه المرحلة تكثر المرأة الشكاوي والحديث عن مشاعرها السلبية، وتكون في نفس الوقت غير مستعدة للإنصات إلى شكاوي زوجها ومشاعره السلبية، وما أن تُشبع المرأة حاجتها إلى تلقي الحب والاهتمام حتى تعود إلى حالة العطاء والبذل.
إذا أدرك الرجل هذا الأمر سيتفهم زوجته وسيزداد إنصاته لها وعطفه عليها، وسيصبح أكثر تحملا لما تبديه من شكوى وتذمر في أثناء هذه المرحلة.
3- الرجل لا يُحبّ أن يعامَل وكأنه طفل لا يفهم..
إن كلاً من الرجل والمرأة لا يحب أن يعامل و كأنه طفل لا يفهم، لكن حساسية الرجل تجاه هذا الأمر أشدُ بكثير من حساسية المرأة، لأن حاجته إلى الاستقلال كما قلنا سابقاً أكثر من حاجة المرأة، لذلك هو لا يحب أن تتدخل زوجته في خصوصيته وتوجه إليه الملاحظات. تستطيع الزوجة أن تتجاوز هذه الحساسية بأن تبدي رأيها في تصرفات زوجها على انه مجرد رأي فقط، وأن تبُلغه انه هو صاحب القرار وأن لا تُلح عليه إذا عارضها.
مثال: أراد "سمير" أن يرتدي لباساً معيناً للذهاب إلى مناسبة اجتماعيه، ورأت زوجته أن هذا اللباس غير مناسب، أخبرته برأيها وبأنه أدرى منها بما يناسب وبما لا يناسب، وبأنها أرادت فقط أن تُعبّر عن رأيها، وعندما أصرّ على ارتداء اللباس تصرفت وكأن شيئاً لم يكن، في مناسبة تالية ارتدى سمير لباساً آخر وصارح زوجته بأنها كانت على حق.
أما "رُبى" وفي موقف مشابه قالت له: "ليس من المعقول أن تذهب بهذه الملابس إلى مناسبة رسمية".. وعندما خالفها الرأي أخذت تلح عليه وتناقشه، فازداد غضبه وتوتره وانتهى الأمر بخلاف كبير بينهما.
صحيح أن "رُبى كانت تريد أن يظهر زوجها بشكل لائق، لكن هذه الرسالة لم تصله، بل وصلته الرسالة التالية: "أنت لا تحسن تقدير الأمور وأنا التي أحسن تقديرها".. ولذلك ثارت ثائرته.
على الزوجة أن تحرص على عدم إيصال هذه الرسالة إلى زوجها عندما تنتقد فعلاً ما يقوم به زوجها، لأن هذه الرسالة إذا وصلت إلى الزوج فلن يستجيب لزوجته بل سيزداد تعنتاً و إصراراً على موقفه.
أخيرا وليس آخراً إن فشلنا في إقامة علاقات ناجحة مع أزواجنا وأولادنا يأتي بسبب جهلنا للقواعد الصحيحة التي يجب أن نبني عليها هذه العلاقات، ومعظم المشاكل التي تعصف في بيوتنا وأسرنا سببها الجهل، لأن الكثير من الآباء والأمهات يحملون ممارسات تربوية خاطئة تعلموها من آبائهم وأمهاتهم ويطبقونها في حياتهم دون مراجعتها.
من الغريب حقاً أن أحدنا لا يلجأ إلى قيادة السيارة قبل أن يتعلم القيادة، و يأخذ شهادة تدل على كفاءته وفي حين أن الكثير من الرجال والنساء يقدمون على عمل أخطر وأدق بكثير من قيادة السيارة، وهو الزواج وإنجاب الأولاد وتربيتهم دون أن يقرؤوا كتاباً واحداً أو يحضروا محاضرة واحدة لها علاقة بالتربية.
إننا نجد الزوجين في مجتمعنا يحرصان كلّ الحرص قبل الزواج على تأثيث غرفة النوم مثلاً ويفكران في شكل السرير وحجم الخزانة ولون الشراشف وما إلى ذلك، ولا يفكران في تأثيث "غرفة اليقظة" في بيتهما ويزودانها بمكتبة صغيرة وجهاز كومبيوتر وقنديل ومسبحة صلاة.. فتكون هذه الغرفة مكان يرتقيان فيه بروحهما وعقليهما ليستطيعا بناء أسرة سعيدة ترفرف فيها القلوب والأرواح.
المصدر: وكالة أخبار المرأة.
اترك تعليق