الإسلام والتنفير من العزوبة والتحذير من عواقبها
بالإضافة إلى أُسلوب (الترغيب) الذي أشرنا إليه، فقد اتّبع الإسلام أُسلوب التنفير من العزوبة والتحذير من عواقبها، من أجل كسر أسوار العزلة، وقطع الطريق على الذين يَخلعون حزام العفة، ويُريدون التنصّل من المسؤوليّة الاجتماعيّة، فالمُلاحَظ أنّه يَشنّ على هؤلاء حملات شديدة، قال الرسول(ص): (شراركم عزّابكم، وأراذل موتاكم عزّابكم)(1).
فالامتناع عن الزواج بلا عُذرٍ صحيح مذموم ومكروه، ويجعل الفرد في زمرة المذنبين، ويقرّبه من دائرة الشيطان، إذ لا رهبانيّة في الإسلام كما هو معلوم، ومن الشواهد على ذلك أنّ الرسول(ص)
سأل رجلاً اسمه عكّاف:(ألك زوجة؟ قال: لا يا رسول الله، قال: ألك جارية؟ قال: لا يا رسول الله؟
قال : أفأنت مُوسِر ؟ قال: نعم. قال: تزوّج وإلاّ فأنت من المذنبين).
وفي رواية (تزوّج وإلاّ فأنت من إخوان الشياطين)(2).
ولقد بلغ الترهيب والتحذير لمثل هؤلاء المُمتنعين عن التزويج مخافة العِيلَة إلى أقصى حدوده، حين قال رسول الله(ص): (مَن تَرَكَ التزويج مَخافَةَ العِيلَة فليس منّا)(3).
أنـواع الـزواج:
ينقسم الزواج إلى قسمين: دائم ومُنقطع، وكلّ منهما يحتاج إلى عقد مُشتمل على إيجاب وقبول دالَّين على إنشاء المعنى المقصود، والرِّضا به (النكاح المنقطع سائغ في دين الإسلام؛ لتحقّق شرعيّته، وعدم ما يدلّ على رفعه)(4).
ورُوي عن جابر قال: تمتّعنا مع رسول الله(ص) وأبي بكر، وما زلنا نتمتّع حتّى نهى عنها عُمر(5).
وعن عبد الله بن مسعود، قال: كنّا نغزو مع رسول الله(ص) ليس معنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نَستَحصِن هنا بأجر؟ فأمَرَنا أنْ نَنكح المرأة بالثوب(6).
ويدل عليه قوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)(7).
يقول العلاّمة الطباطبائي في معرض تفسيره للآية المتقدمة: (والمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلا شك، فإنّ الآية مدنيّة نازلة في سورة النساء في النصف الأوّل من عهد النبي(ص)، بعد الهجرة على ما يشهد به معظم آياتها، وهذا النكاح ـ أعني المتعة ـ كان دائراً بينهم، معمولاً عندهم في هذه البرهة من الزمن من غير شك، وقد أطبقت الأخبار على تسلّم ذلك، وأصل وجوده بينهم بمرأى من النبي(ص) ومَسمَعٍ منه لاشكّ فيه، وكان اسمه هذا الاسم، ولا يُعبّر عنه إلاّ بهذا اللفظّ، من كون قوله تعالى: (فما استَمتَعتُم بهِ مِنُهنَّ)، محمولاً عليه مفهوماً منه هذا المعنى..
وجملة الأمر أنَّ المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة، وهو المنقول عن القدماء من مُفسّري الصحابة والتابعين، كابن عبّاس، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وقتادة، ومجاهد، والسدّي، وابن جُبير، والحسن وغيرهم ، وهو مذهب أئمّة أهل البيت(ع)(8).
ويمكننا أنْ ننظر إلى هذا النوع من الزواج -الذي يُحاول البعض إثارة الجدل حوله- من زاوية العقل، فالملاحظ أنّ الناس ليس كلّهم بقادر على الزواج الدائم، سيّما في هذا العصر لأسباب اقتصاديّة، أو اجتماعيّة، أو نفسيّة أو غيرها، فيدور الأمر بين ثلاثة أمور : إمّا الكَبت الجنسي المُوجِب لأمراضٍ خطيرة، وأمّا الفساد والرذيلة الذي يُؤدّي إلى تفكّك بناء العائلة والمنظومة الاجتماعيّة، وامتهان الكرامة الإنسانيّة، وانعدام النسل السليم وانتشار الأمراض، وأمّا العمل وفق الشريعة الإلهيّة والسُنّة المحمّديّة القاضية بتحليل المتعة كأسلوب شرعي يعالج جذور المشكلة، ويمنع الفساد والعزوبة.
ومن أجل ذلك شُرّع زواج (المتعة) صوناً للشباب من الوقوع في شباك الشيطان، ومُمارسة الزنا واللواط وما إلى ذلك من مظاهر الشذوذ والفساد، وعليه لم يتجاوز الإمام عليّ(ع) الحقيقة عندما قال: (لولا ما سبقني به ابن الخطّاب ما زنا إلاّ شقي)(9).
وكيفما كان فإنّه لا فرق بين الزواج الدائم والمُنقطع في أنّ كلاًّ منهما لا يتم إلاّ بعقد ومهر، وفي نشر الحرمة من حيث المصاهرة، وفي وجوب التوارث بين أولاد المرأة المُتمتّع بها، وبين أولاد الزواج الدائم وأيضاً سائر الحقوق المادّيّة والأدبيّة، وتبقى فروق معدودة يُراجَع للوقوف عليها كُتب الفقه.
____________
1) كنز العمّال ١٦: ٢٧٧| ٤٤٤٤٩.
2) جامع الأخبار: ٢٧٢| ٧٤٣.
3) كنز العمّال ١٦: ٢٧٩| ٤٤٤٦٠.
4) شرائع الإسلام| المحقّق الحلي ٢: ٥٢٨ كتاب النكاح.
5) وسائل الشيعة| الحر العاملي ١٤: ٤٤١ كتاب النكاح ـ أبواب المتعة.
6) وسائل الشيعة ١٤: ٤٤٠.
7) سورة النساء: ٤| ٢٤.
8) تفسير الميزان ٤: ٢٧١ ـ ٢٧٢.
9) وسائل الشيعة| الحر العاملي ١٤: ٤٣٦ كتاب النكاح ـ أبواب المتعة.
فالامتناع عن الزواج بلا عُذرٍ صحيح مذموم ومكروه، ويجعل الفرد في زمرة المذنبين، ويقرّبه من دائرة الشيطان، إذ لا رهبانيّة في الإسلام كما هو معلوم، ومن الشواهد على ذلك أنّ الرسول(ص)
سأل رجلاً اسمه عكّاف:(ألك زوجة؟ قال: لا يا رسول الله، قال: ألك جارية؟ قال: لا يا رسول الله؟
قال : أفأنت مُوسِر ؟ قال: نعم. قال: تزوّج وإلاّ فأنت من المذنبين).
وفي رواية (تزوّج وإلاّ فأنت من إخوان الشياطين)(2).
ولقد بلغ الترهيب والتحذير لمثل هؤلاء المُمتنعين عن التزويج مخافة العِيلَة إلى أقصى حدوده، حين قال رسول الله(ص): (مَن تَرَكَ التزويج مَخافَةَ العِيلَة فليس منّا)(3).
أنـواع الـزواج:
ينقسم الزواج إلى قسمين: دائم ومُنقطع، وكلّ منهما يحتاج إلى عقد مُشتمل على إيجاب وقبول دالَّين على إنشاء المعنى المقصود، والرِّضا به (النكاح المنقطع سائغ في دين الإسلام؛ لتحقّق شرعيّته، وعدم ما يدلّ على رفعه)(4).
ورُوي عن جابر قال: تمتّعنا مع رسول الله(ص) وأبي بكر، وما زلنا نتمتّع حتّى نهى عنها عُمر(5).
وعن عبد الله بن مسعود، قال: كنّا نغزو مع رسول الله(ص) ليس معنا نساء، فقلنا: يا رسول الله، ألا نَستَحصِن هنا بأجر؟ فأمَرَنا أنْ نَنكح المرأة بالثوب(6).
ويدل عليه قوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)(7).
يقول العلاّمة الطباطبائي في معرض تفسيره للآية المتقدمة: (والمراد بالاستمتاع المذكور في الآية نكاح المتعة بلا شك، فإنّ الآية مدنيّة نازلة في سورة النساء في النصف الأوّل من عهد النبي(ص)، بعد الهجرة على ما يشهد به معظم آياتها، وهذا النكاح ـ أعني المتعة ـ كان دائراً بينهم، معمولاً عندهم في هذه البرهة من الزمن من غير شك، وقد أطبقت الأخبار على تسلّم ذلك، وأصل وجوده بينهم بمرأى من النبي(ص) ومَسمَعٍ منه لاشكّ فيه، وكان اسمه هذا الاسم، ولا يُعبّر عنه إلاّ بهذا اللفظّ، من كون قوله تعالى: (فما استَمتَعتُم بهِ مِنُهنَّ)، محمولاً عليه مفهوماً منه هذا المعنى..
وجملة الأمر أنَّ المفهوم من الآية حكم نكاح المتعة، وهو المنقول عن القدماء من مُفسّري الصحابة والتابعين، كابن عبّاس، وابن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وقتادة، ومجاهد، والسدّي، وابن جُبير، والحسن وغيرهم ، وهو مذهب أئمّة أهل البيت(ع)(8).
ويمكننا أنْ ننظر إلى هذا النوع من الزواج -الذي يُحاول البعض إثارة الجدل حوله- من زاوية العقل، فالملاحظ أنّ الناس ليس كلّهم بقادر على الزواج الدائم، سيّما في هذا العصر لأسباب اقتصاديّة، أو اجتماعيّة، أو نفسيّة أو غيرها، فيدور الأمر بين ثلاثة أمور : إمّا الكَبت الجنسي المُوجِب لأمراضٍ خطيرة، وأمّا الفساد والرذيلة الذي يُؤدّي إلى تفكّك بناء العائلة والمنظومة الاجتماعيّة، وامتهان الكرامة الإنسانيّة، وانعدام النسل السليم وانتشار الأمراض، وأمّا العمل وفق الشريعة الإلهيّة والسُنّة المحمّديّة القاضية بتحليل المتعة كأسلوب شرعي يعالج جذور المشكلة، ويمنع الفساد والعزوبة.
ومن أجل ذلك شُرّع زواج (المتعة) صوناً للشباب من الوقوع في شباك الشيطان، ومُمارسة الزنا واللواط وما إلى ذلك من مظاهر الشذوذ والفساد، وعليه لم يتجاوز الإمام عليّ(ع) الحقيقة عندما قال: (لولا ما سبقني به ابن الخطّاب ما زنا إلاّ شقي)(9).
وكيفما كان فإنّه لا فرق بين الزواج الدائم والمُنقطع في أنّ كلاًّ منهما لا يتم إلاّ بعقد ومهر، وفي نشر الحرمة من حيث المصاهرة، وفي وجوب التوارث بين أولاد المرأة المُتمتّع بها، وبين أولاد الزواج الدائم وأيضاً سائر الحقوق المادّيّة والأدبيّة، وتبقى فروق معدودة يُراجَع للوقوف عليها كُتب الفقه.
____________
1) كنز العمّال ١٦: ٢٧٧| ٤٤٤٤٩.
2) جامع الأخبار: ٢٧٢| ٧٤٣.
3) كنز العمّال ١٦: ٢٧٩| ٤٤٤٦٠.
4) شرائع الإسلام| المحقّق الحلي ٢: ٥٢٨ كتاب النكاح.
5) وسائل الشيعة| الحر العاملي ١٤: ٤٤١ كتاب النكاح ـ أبواب المتعة.
6) وسائل الشيعة ١٤: ٤٤٠.
7) سورة النساء: ٤| ٢٤.
8) تفسير الميزان ٤: ٢٧١ ـ ٢٧٢.
9) وسائل الشيعة| الحر العاملي ١٤: ٤٣٦ كتاب النكاح ـ أبواب المتعة.
اترك تعليق