حين يتأخر الزواج.. لا تحزني فالخير فيما اختاره الله لكِ
يحكى أن "فتاة" تخرجت في الجامعة والتحقت بعمل جدير، وبدأ الخطاب يتقدمون لها، لكنها لم تجد في أحدهم ما يدفعها إلى الارتباط به، ثم جرفها العمل والانشغال به عن كل شيء آخر حتى بلغت سن الرابعة والثلاثين، وبدأت تعاني تأخر سن الزواج.
مرت عليها أيام عصيبة قررت بعدها أن تذهب إلى عمرة؛ لتغسل حزنها وهمها في بيت الله الحرام، فذهبت إلى البيت العتيق، وجلست تبكي، وتدعو الله أن يهيئ لها من أمرها رشدًا، وبعد أن انتهت من الصلاة، وإذ امرأة تقف بجوارها تقرأ القرآن بصوت جميل، سمعتها تردد الآية الكريمة: "وكان فضل الله عليك عظيمًا"، فغرغرت عيناها بالدموع رغمًا عنها.
وانتهت مراسيم العمرة وقررت الفتاة الرجوع إلى الوطـن، ولم يمض وقت قليل حتى رزقها الله بشاب يحمل جميل المواصفات والأخلاق، وتزوجت به وأغدق عليها حياة سعيدة.
حامل بتوائم
غير أن الشهور مضت ولم تظهر على الفتاة أية علامات للحمل، وشعرت بالقلق خاصة أنها تجاوزت السادسة والثلاثين، وذهبت إلى طبيبة مشهورة لأمراض النساء، فطلبت منها إجراء بعض التحاليل، وجاء موعد تسلم نتيجة أول تحليل لها، قالت الطبيبة: "لا داعي لإجراء بقيتها، مبارك أنتِ حامل".
ومضت بقية شهور الحمل بسلام، ثم جاءت اللحظة المنتظرة للولادة، وبعد أن أفاقت الأم دخلت عليها الطبيبة، وسألتها مبتسمة عن نوع المولود الذي تتمناه فأجابتها: "تمنيت على الله أن يرزقني مولودًا فقط، ولا يهمني نوعه"، فقالت الطبيبة: "إذن ما رأيك في أن يكون لديك الحسن والحسين وفاطمة؟".
وكأن الله (سبحانه وتعالى) قد أراد لها أن تنجب خلفة العمر كلها دفعة واحدة؛ رحمة منه بها لكبر سنها، والطبيبة كانت تعلم بذلك، وخشيت أن تبلغ الأم؛ حتى لا تتوتر أعصابها خلال شهور الحمل ويزداد خوفها، دموعها انهمرت ثانية، وعرفت معنى قوله (تعالى): "ولسوف يعطيك ربك فترضى".
ابتلاء وشقاء
عضو رابطة علماء فلسطين د. يونس الأسطل يعلق على هذه القصة قائلاً: "إن الدنيا دار ابتلاء وشقاء، ولا تساوي في الآخرة أكثر من عَشِيَّةٍ أو ضحاها، بل ساعة من نهار، ثم يعقبها الجنة أو النار، وإن أشقى أهل الأرض حين يُغْمَسُ غمسةً في الجنة إذا كان من أهلها يُقْسِمُ أنه ما رأى في حياته شقاءً قط، وإن أنعم أهل الأرض من أهل النار حين يُغمس غمسةً فيها يقسم أنه ما رأى في حياته نعيماً قط، فلا خيرَ في خير بعده النار، ولا شرَّ في شرٍّ بعده الجنة".
ويضيف: "إذا كانت الحسنة على كثير من الأعمال بعشر أمثالها؛ فإنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب، ولهذا إن ثواب الفتيات الصابرات على تأخر زواجهن لا يعلمه إلا الله؛ إذا كان مع الرضا وتفويض الأمر إلى الله".
ويؤكد أن الابتلاء بالحرمان هو الامتحان الأسهل، ويفوز فيه الأكثرون، أما الاختبار بالنعمة كالزواج والعيش الكريم فهو الامتحان الأصعب؛ فإن الإنسان ليطغى أنْ رآه استغنى، والمترفون في الأمم هم سبب انتشار الفسوق المؤدي إلى هلاك القرى وهي ظالمة، وما كان ربُّنا ليهلك القرى وأهلها مصلحون.
الأولاد فتنة
ويشير إلى أن بعض الأزواج والأولاد فتنةٌ في الدين، فكم من فتاةٍ ملتزمةٍ تزوجت برجلٍ منحرفٍ، فأفسد دينها!، وكم من ولدٍ كان أبواه مُؤْمنَيْنِ، فأرهقهما طغياناً وكفراً!، ولعل الله (تبارك وتعالى) لم يُرِدْ للعوانس أن يكن عرضة لتلك الفتن.
ويلفت الانتباه إلى أن نسبةً كبيرةً من المتزوجات كان زواجهن سبباً في تعاستهن، إذا ابْتُلِيَتْ بزوج سَيئ الخلق، أو بحماةٍ حسودة، تريد لزوجات الأبناء أن يَكُنَّ كالخادمات المملوكات، أو كان الزوج فقيراً يعيش على الكفاف، وقد يكون مصير الزوجين الطلاق والفراق مع قرب العهد بالزواج، فتصبح الفتاة محرومة من الزوج المناسب، أو الأولاد، وقد تضطر أن تتزوج بمن في سِنِّ أبيها بعد ذلك.
ويضيف: "وربما تكون بعض الفتيات هُنَّ السبب فيما ابْتُلِينَ به من الحرمان، حين تشترط في الخاطب شروطاً عسيرة، وترفض قبول الخاطبين بذريعة أنها لم تجد فيهم المناسب، حتى تجد نفسها قد اقتحمت السنَّ التي يزهد فيها الشباب في أمثالها، فيفوتها قطار الزواج".
ويشدد على أن أهم صفتين في الرجال الخُلُق والدين، ثم الكفاءة في المستوى الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، وتقارب السن، حتى تتشابه الصفات والاهتمامات، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائْتَلَف، وما تناكر منها اخْتَلَف، فلا داعيَ للتشدد في شروط شريك الحياة، ولا ينبغي التذرع بالدراسة أو انتظار الوظيفة، وما شاكل ذلك من الأسباب الفارغة.
المصدر: وكالة فلسطين أون لاين.
اترك تعليق