مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

إلى والدي الشهيد (الشهيد الحاج علي الزين)

إلى والدي الشهيد (الشهيد الحاج علي الزين)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق وأعز المرسلين نبينا محمد(ص) وعلى آله الطيبين الطاهرين.

أبي الشهيد، يا بسمة هادئة غمرت حياتنا إيمانا وعلما وجهادا، يا أميرا من أمراء قافلة الشهادة، أبي الحبيب، سأتكلم عنك ومعك...

ولكن يا أبي الشهيد، بأي كلمات أبدأ، والكلمات عاجزة عن وصفك، كما هي عاجزة عن وصف مدى اشتياقي لك فاعذرني أبي، إذا قصّرت الكلمات.

لعلكم تعرفون أبي، ولكنكم ما عرفتموه إلا مجاهدا بطلا، وشهيدا عزيزا، أما أنا فاسمح لي يا أبي أن أخبرهم عنك:

أبي معلمي الأول،

كم كنت حريصا على تربيتي وإخوتي تربية صالحة، علّمتنا الصلاة وأحكامها، وصلاة الغفيلة والوتيرة، أما صلاة الجماعة فكم كنت آنس بها، حين كنت تجمعنا خلفك وتؤمنا في صلاة تعرج بها إلى الله مناجيا متوسلا إحدى الحسنيين أو كلتاهما.

وكم تحلقنا حولك ترتل القرآن بصوتك الرباني، وخصوصا عند تلاوة سورة الواقعة، التي أوصيتني بالمواظبة عليها، كما علّمك الرسول الأعظم(ص).

أما أخلاقك فما كان ألطفها، القريب والبعيد يشهد لك بذلك، فلم تسئ يوما لأحد، ولم تغضب أمام أحد، اللهم إلا أعداء الله والرسول، وكم أوصيتنا بالرد على الإساءة بالحسنى، وبالصبر وكظم الغيظ، على درب أئمتنا الأطهار.

وكم أوصيتني بالمحافظة على حجابي، والثوب الشرعي الطويل الفضفاض.

وكم شجعتني على طلب العلم، والاجتهاد فيه فالمؤمن العالم خير من المؤمن الجاهل.

أما الحدائق التي صممتها يداك وغرستها أناملك الطرية، فيا للخالق ما أروعها، ولكن أروع منها وأبهى تلك الجنان التي أعددتها للآخرة، لتنعم بها اليوم، في جوار الأنبياء والصديقين ورفاقك الشهداء.

وأختم بكلماتك التي أوصيتني بها:

"وصيتي إلى ريحانة قلبي "ريحانة":

لا تقولي إن أباك قاسي القلب، ولكنّ درب الأمير يحتم علينا الرحيل في زمن الخضوع والخنوع والتكالب على الدنيا الدنية الفانية، لنُعلم العالم أجمع، أنا طلاب حرّية، ولا يمكن لأحد أن يأسرنا مهما غلت التضحيات.

مهما عانيت من آلام وعذابات، اعلمي أن السيدة الزهراء تحمّلت الكثير الكثير، وكانت قدوة لجميع نساء العالم، فاقتدي بها صلاة وصياما ودعاء وقياما لليل وتلاوة للقرآن.

ابنتي الحبيبة، لا تنسيني أبدا، وأنا أيضا لن أنساك، وعليك أن تزوريني وتسمعيني الدعاء وتلاوة القرآن من صوتك الجميل الذي أحبه. واعلمي أنني سأنتظرك واللقاء القريب عند رب رؤوف رحيم".
أرد على وصاياك يا أبي الشهيد فأقول: طبعا أنت لست قاسي القلب، بل أنت مثال الأب الحنون الطاهر المؤمن، واعلم يا أبي أنني فرحة من أجلك، ومسرورة بفوزك العظيم بجوار الرسول وأهل البيت، الذي بذلت في سبيل حمايتهم روحك الطاهرة.

أبي أعدك أن تكون قدوتي دائما السيدة فاطمة الزهراء وابنتها الحوراء زينب، أتمثلهما في كل شؤون حياتي، وألجا إليهما عند الشدائد والمصائب.

لن أنساك يا أبي مهما حصل، وكل يوم سأزورك وأقرأ لك الدعاء والقرآن الكريم، واعلم أنك قدوة للعالم أجمع يا أبي أيها الشهيد البطل.

أما وصيتك الأخيرة "أمي الحنون"، أطمئنك بأنها في القلب والعين، نقاسمها همّها ومسؤوليتها الكبيرة، ونخفف عنه عبء غيابك، ونسعى معا لنكون كما تحب أن نكون.

أبي الشهيد لقد سبقتنا إلى الجنة، فهنيئا لك الجنة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



المصدر: موقع المقاومة الإسلاميّة.
رسالة موجهتان من ابنة الشهيد الحاج علي الزين (ريحانة) إلى والدها رضوان الله عليه.

التعليقات (0)

اترك تعليق