الأسرة المسلمة في الثقافة العاشورائية: الهدف من تأسيس الأسرة الكربلائية يتم من أجل أهداف أعلى من الأهداف الفطرية
من أهم ما يميز مدرسة كربلاء وعاشوراء أننا نستطيع أن نستفيد منها دروسا في شتى مجالات الحياة، عكس ما يمكن أن يتصوره الإنسان بأن دروس عاشوراء منحصرة في جلنب من جوانب الحياة أو في الجانب الثوري، الجهادي أو ما شابه.
من خلال التأمل في النصوص التي وردت عن المتحدثين في كربلاء أثناء المسيرة، قبل المعركة، وبعدها، ومن خلال التأمل في السيرة للمشاركين في هذه المسيرة المقدسة استطعت أن أستفيد أفكارا حول الأسرة، وارتأيت أن أقدمها تحت عنوانين:
الأول: ميزات الأسرة المسلمة الكربلائية.
الثاني: القواعد التي يمكن أن نستفيدها للعمل التربوي داخل الأسرة. (تربية أبناء).
ميزات الأسرة المسلمة الكربلائية:
آثرت وضع الأسرة المسلمة الكربلائية، لأن هذه الميزات التي رأيتها من خلال مسيرة عاشوراء هل هي الحدّ المطلوب من جميع الأسر الإسلامية أم أنها شيء تميزت به أُسر الذين شاركوا في هذه المسيرة الكربلائية، ويبقى علينا أن نقترب قدر الإمكان، استطعت أن أتلمَّس أربع ميزات للأسرة الكربلائية:
الأولى: هي على صعيد الهدف من تأسيس الأسرة، فلاحظت أن الهدف من تأسيس الأسرة الكربلائية يتم من أجل أهداف أعلى من الأهداف الفطرية الغرائزية الاعتيادية، بشكل عام، أي شاب وأي فتاة لهم دافع نحو تأسيس الأسرة بدافع الحاجات الغرائزية المباشرة التي نقصد بها مثلا؛ الحاجات المتصلة بالغريزة الجنسية والتي تدفع كل شاب وكل فتاة للتفتيش عن الشريك والاقتران به من الجنس الآخر، أيضا حب البقاء وحب الامتداد والتي يمكن أن تختلط ببعض من جوانبها بحب التملك، وكلها حاجات فطرية أولية عند الغنسان يشترك حتى فيها في بعض جوانبها مع الحيوان، تدفع كل فرد وكل زوج لإنجاب الأبناء من أجل إكفاء هذه الحاجة.
لاحظت أن الأسرة الكربلائية تأسست من أجل أهداف هي أعلى من هذه الأهداف: مع أني لا أقصد أن الأهداف التي ذكرتها لا سمح الله هابطة أو لا تستحق أن تحترم. ولكن هناك أهداف من مستوى أعلى وهي أيضا أهداف فطرية تتعلق بالحاجة للتكامل وبالحاجة للخلافة الإلهية، حينما تتضارب هاتان الحاجتان تستطيع الأسرة أن تضحي بالأهداف الغرائزية المباشرة لصالح الأهداف الفطرية العالية، وهذا الشيء كان واضحا جدا في كربلاء.
ومثال لنا نأخذه أسرة حبيب بن مظاهر (ع) الذي كان مصمما على نصرة الإمام الحسين (ع) ولكنه لم يفصح في هذا الأمر لزوجته كما تروي لنا السيرة، والملفت بأن حبيبا لم يأت ولم يتحدث بهذا الأمر مع زوجته ولكن، هي التي بادأته الحديث فسألت: سمعت بأن الحسين نزل قريبا من الكوفة ومن الغريب أنك لم تجهزّ العدة لنصرة الحسين، ولكنه أجاب زوجته بأنه: إن أنا ذهبت يتيتم أولادي وتفتقدينني، فتجيبه: دعنا نمتص الحصى ونأكل التراب واذهب لنصرة ابن بنت رسول الله، هذه الإنسانة كان لها طموح لحاجات فطرية من نوع أعلى، كانت مستعدة أن تضحي بحاجتها الغرائزية الفطرية لوجود الشريك الآخر بجانبها ومن يعيل أولادها ويحفظهم، ضحت بذلك لصالح حاجات هي من مستوى أعلى.
ومثال آخر: أم عمر بن جنادة الخزرجي، كان لها ولد اسمه عمر لم يكن قد تجاوز الإحدى عشرة سنة، بعد استشهاد والده، هي التي نادته وطلبت منه أن يذهب ليقاتل بين يدي الإمام الحسين تخطت حاجة الاستئناس بالولد والامتداد بالولد في سبيل حاجة من من مستوى أعلى، وهو الذي ميّز الأسرة الكربلائية عن الأسرة الكوفية العادية، عندما كانت كل زوجة تذهب وتطالب زوجها بأن دعنا ما لنا والسلاطين، لا تثكلني ولا تيتم أولادي...
الميزة الثانية: التي ألاحظها من خلال السيرة العاشورائية وهي مرتبطة بالميزة الأولى، وتعتبر امتدادا طبيعيا لها، وهي على صعيد اختيار المؤسسين لهذه الأسرة، فقد تم اختيار مؤسسيها بعد تفكير ودراسة، لا عن طريق المزاجية والصدفة وما نسميه بالاستلطاف.
لكل شاب دافع فطري لاستلطاف فتاة ما لتكون شريكته، كذلك المرأة عندها هذا الاستعداد لكل من يختار؟
إذا كان الهدف من تأسيس الأسرة هو مجرد الأهداف الفطرية الغرائزية، الاختيار يتجه نحو من يعتقد الإنسان بأنه يشبع هذه الحاجة عنده بمستواه الأعلى، فإن كان هو يحب حياة مترفة يمكن أن يفكر بالمال، وإذا كان يحب الجمال يمكن أن يفكر بالجمال سو فيتج باتجاه المقاييس والاستلطاف يحصل نتيجة إحساسات سابقة موجودة في الرأس، عندما يلتقي بأول فتاة يعتقد بأنها تجسد فتاة أحلامه سوف يعتقد بأنه أحبها وسوف يتجه باتجاه بناء أسرة معها، وكذلك العكس، ولكن عندما تكون المسألة تتعلق بتكوين أسرة لتحقق أهدافا اعلى، على مستوى خلافة الله على مستوى الأرض، فالشاب أو الفتاة الموجود عندهم هذا الهدف سوف يدرسون خياراتهم بطريقة أدق بكثير وبعيدة عن المشاعر الأاولية، وعما يسمى بالحب وغيره.
وسوف آخذ شاهدًا حسينيًا كانتقاء السيدة خديجة (ع) لرسول الله (ص) كزوج وانتقاء الرسول لخديجة كزوجة، أو انتقاء أمير المؤمنين للزهراء (ع) أو انتقاء الزهراء لأمير المؤمنين (ع)، لم يتم على أساس النظرة الأولى أو الاستلطاف أو بمحض الصدفة، إنما كان بعد تفكير ودراسة، أما عن السيرة الكربلائية فيمكننا أن نستشهد بزواج أمير المؤمنين (ع) من أم البنين (ع)، عندما أوصى عمه وأرباءه بانتقاء له امرأة من قوم يتصفون بصفات معينة، قال: أريد أن أنجب منها ولدأ يكون ناصرا لولدي الحسين (ع) في كربلاء، كان الانتقاء مدروسا وبعد تأمل وتفكر.
الميزة الثالثة: التي أعتقد أنها تظهر من خلال المسيرة العاشورائية، هي على صعيد الأداء والتعامل داخل هذه الأسرة. وهذا الموضوع الذي أحب التوسع فيه.
أعتقد أن مؤسسي الأسرة الاشورائية ينظرون إلى الأسرة على أنها الساحة الأولى التي يمكنهم من خلالها بدء سيرهم التكاملي نحو الله سبحانه وتعالى، أو فلنقل: الساحة الأساسية التي يمكنهم أن يتدربوا فيها عمليا على التقوى.
التقوى كشعار يمكن التحدث عنها، ولكن كتطبيق لا يمكن أن يتم إلا من خلال امتحان وعلاقات. عندما يقول الله سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»(١) إشارة حقيقية على أنّ اختبار التقوى لا يتم إلا من خلال الحياة الإنسانية والتعامل الإنساني الذي يبدأ بالعائلة ويتدرج إلى المجتمع بأكمله، أيضا يقول الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»(٢).
إشارات واضحة إلى أن السير التكاملي باختبار التقوى لا يتم حقيقة إلاّ من خلال الحياة الأسرية، والشهيد مطهري يقول: إن الزواج هو ركن أساسي في السير التكاملي إلى الله سبحانه وتعالى. لذا يجب أن ينظر إليه بإيجابية مقابل الرهبنة، وهي ليست السير الحقيقي التكاملي باتجاه الله سبحانه وتعالى.
ما أعتقده أن التقوى تقتضي التفكير بالواجب اتجاه الآخر أكثر من التفكير بواجب الآخر اتجاهي، ومسألة التقوى تقتضي التفكير بالواجب قبل التفكير بالحق، "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله"، ما أريد قوله: إن هناك ثقافتين، الحديث الذي يقول: "قد يكتب الإنسان جبارا ولا يملك إلا أهله"، الجبابرة لم يكونوا ممدوحين في القرآن. النظرة إلى الأداء داخل الأسرة تختلف تماما إذا كانت الثقافة ثقافة العطاء أو ثقافة الأخذ، وثقافة أخذ الحق عبر المبادرة بإعطاء الحق وليست ثقافة التمنّع عن إعطاء الحق إلا بعد أخذه. من الطبيعي أن يحصل الإنسان على حقه ولكن كيف أحصل عليه؟ أن آخذ حقي عبر إعطاء حق الآخر شيء، وأن امتنع عن إعطاء حق الآخر قبل أن آخذ حقي شيء آخر.
الزوج الذي ينظر للقيومية على أنها فرصة لإدارة أسرة يُسعدها فرق عن إرادة أسرة تُسعده فرق كبير. العلاقة عندما تكون تنافسا بين من يُسعد الآخر أكثر، هذه هي الأرضية الوحيدة التي نستطيع أن نفهم من خلالها كيف تصبح الحياة الزوجية إحدى البراهين على وجود الله سبحانه «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»(٣).
أنا أجد أن الأسرة الكربلائية العاشورائية تجلت فيها هذه المسألة بأعلى صورها، هناك يكون عندما مستوى عال من العطاء والتفاني من أجل الأسرة بعضها البعض، هذا الشيء لم يصبح عادة وسجيو وسعادة إلا أن هذا الإنسان تربى في ظل قطبين، والدين جسدا هذا العطاء أمام الأولاد.
نحن نشتكي بأن أولادنا يقسون علينا، أنا أتصور أننا لم نعطهم الحب الكافي، لم يروا أمامهم أباُ يتفانى لإسعاد أم، وأمّاً تتفانى لإسعاد أب، ومشاعر التفاني والعطاء بحب لم تتولد وتُبنَ وتؤسس داخل هذا القلب عند الولد، والذي سيصبح مستقبلا أب المستقبل وأم المستقبل، والقلوب باتجاه القسوة التي ولّتها ثقافة السؤال عن الحق وليس الشؤال عن الواجب، يفترض أن يُعطى للزوجة حقها وللزوج حقه ليتولد التفاني والعطاء، عندنا اليوم جيل من البنات متمرد على سلوك أمه ويقول لها: أنت من جعلت أبي يفعل بك كذا وكذا. لأنهم يرون عطاءً ناتجًا من قهر واستغلال لم يروا عطاءً بحب، أعتقد بأن المرأة هي إنسان يجسد المظاهر الجمالية لله عز وجل، وهي مستعدة أن تعطي كثيرا إذا كان احترم هذا الجمال عندها وهذه الأحاسيس عندها، وبالقهر تتحول من مظهر لجمال الله إلى مظهر لجلاله، وهذا خلاف فطرتها وخلاف المطلوب، والمسؤول طبعا كلا الجنسين الرجل والمرأة، ولأن الرجل هو رأس الأسرة فالمبادرة يجب أن تأتي من عنده، فله القيومية لهذه الأسرة.
في عاشوراء، ذاك الحب الذي تتبادله زينب (ع) مع الحسين والعباس حب غير طبيعي، أن يصل العباس (ع) إلى المشرعة ويحمل الماء ثم يرميه ويقول: "يا نفس من بعد الحسين هوني" وليس تكليفا شرعيا، كنت لفترة طويلة أقول: إن هذا التصرف لم يكن صحيحا، لو أنه شرب لاستقوى على مقاومة الأعداء أكثر، ولكني لم أكن أفهم ذلك الحب الموجود داخله، هو لم يصطنع هذا العمل، فهو لا يستطيع الشرب وأخوه عطشان فهو مجبول على الحب.
لكن من أين أتى هذا الحب؟ من مشاهد أروع رآها وتعلّم منها، كذلك عندما نرى أنّ عبد الله بن الحسن وهو لم يبلغ الحادية عشرة من عمره، وتروي الرواية أنه آخر من استشهد من أولاد الإمام الحسين (ع)، أنه هذا الفتى كان مع النساء ولم يأخذ الإذن بالبراز ولم يكن واردا أن يُعطى الإذن بالبراز؛ لكنه عندما رأى عمه الحسين يتعرض للقتل لم يتحمل ذلك، فخرج ليصدّ عنه بحركة تلقائية ناتجة عن حب حقيقي مبني على العطاء، الأسرة العاشورائية أعضاؤها يتصرفون من خلال إسعاد الآخر. الإمام زين العابدين (ع) يقول: عندما كنت أجلس بحضور والدتي لم أكن أتجرأ أن أمدّ يدي لآكل شيئا من أمامها، لعلها كانت تنوي أن تمد يدها إلى الشيء نفسه. هل تختلف هذه التربية عما عندنا في الأحاديث (أحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟) إذا طبق كل واحد في الأسرة الزوج والزوجة هذه المسألة حُلَّت المشكلة، وبالتالي الأولاد أيضا سيتحلون بهذه المسألة.
النقطة الأخيرة من ميزات الأسرة الكربلائية؛ بأن عناصرها يتقنون إدراك فن العملية التربوية، العملية التربوية تحتاج إلى آليات ومبادىء وإعداد، من لا يملك الصبر لا يحتاج إلى أن يربّيه، وقد تجلى هذا الشيء بالنماذج التي وجدت في كربلاء لأنها لم تكن فقط تتحلى بالحب والشجاعة، النماذج التي وجدت في كربلاء كانت بذروة العلم الموجود في عصرهم، كانت تمتلك خبرات في شتى خبرات الحياة التي كانت موجودة في حياتهم، خبرات القتال والسفر والتعاون في الحياة الاجتماعية الشاقة وفيها بعد عن الأوطان. أصحاب الحسين (ع) كانوا معروفين بأنهم أصحاب القرآن والعلوم، لم يكن أحد فيهم غوغائيا وجاهلا وغير مدرك بما يفعل، على العكس. بينما كان في معسكر بن سعد الذين كانوا يجيبون الإمام الحسين (ع) بأنه لا نفقه ما تقول. لقد كان مؤسسو الأسرة الكربلائية يدركون أسرارا وقواعد العملية التربوية. أعتقد أن هذا هو ما يميز الأسرة الكربلائية.
أتمنى من الأخوات المهتمات بالعملية التربوية وأتمنى منهن أن يُفدنني بأفكارهنّ ونقاشاتهنّ، ويمكن الاستفادة من الأسرة العاشورائية وسأكتفي فقط بتعداد القواعد. النص عنيت به قول الإمام الحسين (ع): "ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
لقد حددّ أن التربية انطلقت من حجور طابت وأنوف حمية ونفوس أبية، ومن خلال ما لاحظته من السيرة العملية لأبطال كربلاء أستطيع أن أستنتج ست قواعد سوف أذكرها دون أي استشهاد حولها:
١- لا بدّ من الالتفات لإعداد يسبق الاقتران والإنجاب، ويُكمل العمل بعد الإنجاب الذي هو "طبيب الأعراق".
٢- طهارة النسب والنشأة.
٣- التربية الإيمانية منذ الصغر.
٤- المبالغة في التعليم والتأديب والتدريب.
٥- إظهار الحب والتقدير.
٦- التأديب مع الاحتفاظ والكرامة أوالتعامل باحترام.
طيب الأعراق، قاعدة عندنا، طهارة النسب والنشأة، هناك طهارة مادية وهناك طهارة معنوية، وكلاهما مطلوب، التربية الإيمانية منذ الصغر وهي مسألة في محل خلاف بين التربية الإسلامية والتربية الغربية، ونستطيع أن نستدل عليها بأمور كثيرة جدا.
المبالغة في التعليم والتأديب. المبالغة بشكل مكثّف من قبل الوالدين، إما هم يتولون مباشرة وإما من قبل الواسطة والتعليم والتدريب، ولا يعتبر التعليم تعليما والعلم علما إلا إذا تحوّل لسلوك ولكن بشكل عام يفهم الناس من التعليم أنه فقط اكتساب المفاهيم.
إظهار الحب والتقدير للولد، والتأديب مع الكرامة، نحن بهذه العملية بحاجة لإعداد، وحياة اليوم أعقد من حياة الأمس، لها آليات أذكى من الآليات السابقة، ومن أرادوا اليوم أن يؤسسوا أسرة لا بدّ لهم أن يتلقوا دورات للتربية، قبل أن يقدموا على هذا العمل حتى لا تكون هذه الأسرة مدعاة لتراجعهم التكاملي وتراجع أولادهم.
____________________
(١)سورة الحجرات، الآية:١٣.
(٢)سورة النساء، الآية:١.
(٣)سور الروم، الآية:٢١.
المصدر: عاشورائيات، مجموعة من الباحثين؛ الأسرة المسلمة في الثقافة العاشورائية، د. أميرة برغل، معهد المعارف الحكمية. ط١، ١٤٢٦ﻫ-٢٠٠٦م، بيروت لبنان
من خلال التأمل في النصوص التي وردت عن المتحدثين في كربلاء أثناء المسيرة، قبل المعركة، وبعدها، ومن خلال التأمل في السيرة للمشاركين في هذه المسيرة المقدسة استطعت أن أستفيد أفكارا حول الأسرة، وارتأيت أن أقدمها تحت عنوانين:
الأول: ميزات الأسرة المسلمة الكربلائية.
الثاني: القواعد التي يمكن أن نستفيدها للعمل التربوي داخل الأسرة. (تربية أبناء).
ميزات الأسرة المسلمة الكربلائية:
آثرت وضع الأسرة المسلمة الكربلائية، لأن هذه الميزات التي رأيتها من خلال مسيرة عاشوراء هل هي الحدّ المطلوب من جميع الأسر الإسلامية أم أنها شيء تميزت به أُسر الذين شاركوا في هذه المسيرة الكربلائية، ويبقى علينا أن نقترب قدر الإمكان، استطعت أن أتلمَّس أربع ميزات للأسرة الكربلائية:
الأولى: هي على صعيد الهدف من تأسيس الأسرة، فلاحظت أن الهدف من تأسيس الأسرة الكربلائية يتم من أجل أهداف أعلى من الأهداف الفطرية الغرائزية الاعتيادية، بشكل عام، أي شاب وأي فتاة لهم دافع نحو تأسيس الأسرة بدافع الحاجات الغرائزية المباشرة التي نقصد بها مثلا؛ الحاجات المتصلة بالغريزة الجنسية والتي تدفع كل شاب وكل فتاة للتفتيش عن الشريك والاقتران به من الجنس الآخر، أيضا حب البقاء وحب الامتداد والتي يمكن أن تختلط ببعض من جوانبها بحب التملك، وكلها حاجات فطرية أولية عند الغنسان يشترك حتى فيها في بعض جوانبها مع الحيوان، تدفع كل فرد وكل زوج لإنجاب الأبناء من أجل إكفاء هذه الحاجة.
لاحظت أن الأسرة الكربلائية تأسست من أجل أهداف هي أعلى من هذه الأهداف: مع أني لا أقصد أن الأهداف التي ذكرتها لا سمح الله هابطة أو لا تستحق أن تحترم. ولكن هناك أهداف من مستوى أعلى وهي أيضا أهداف فطرية تتعلق بالحاجة للتكامل وبالحاجة للخلافة الإلهية، حينما تتضارب هاتان الحاجتان تستطيع الأسرة أن تضحي بالأهداف الغرائزية المباشرة لصالح الأهداف الفطرية العالية، وهذا الشيء كان واضحا جدا في كربلاء.
ومثال لنا نأخذه أسرة حبيب بن مظاهر (ع) الذي كان مصمما على نصرة الإمام الحسين (ع) ولكنه لم يفصح في هذا الأمر لزوجته كما تروي لنا السيرة، والملفت بأن حبيبا لم يأت ولم يتحدث بهذا الأمر مع زوجته ولكن، هي التي بادأته الحديث فسألت: سمعت بأن الحسين نزل قريبا من الكوفة ومن الغريب أنك لم تجهزّ العدة لنصرة الحسين، ولكنه أجاب زوجته بأنه: إن أنا ذهبت يتيتم أولادي وتفتقدينني، فتجيبه: دعنا نمتص الحصى ونأكل التراب واذهب لنصرة ابن بنت رسول الله، هذه الإنسانة كان لها طموح لحاجات فطرية من نوع أعلى، كانت مستعدة أن تضحي بحاجتها الغرائزية الفطرية لوجود الشريك الآخر بجانبها ومن يعيل أولادها ويحفظهم، ضحت بذلك لصالح حاجات هي من مستوى أعلى.
ومثال آخر: أم عمر بن جنادة الخزرجي، كان لها ولد اسمه عمر لم يكن قد تجاوز الإحدى عشرة سنة، بعد استشهاد والده، هي التي نادته وطلبت منه أن يذهب ليقاتل بين يدي الإمام الحسين تخطت حاجة الاستئناس بالولد والامتداد بالولد في سبيل حاجة من من مستوى أعلى، وهو الذي ميّز الأسرة الكربلائية عن الأسرة الكوفية العادية، عندما كانت كل زوجة تذهب وتطالب زوجها بأن دعنا ما لنا والسلاطين، لا تثكلني ولا تيتم أولادي...
الميزة الثانية: التي ألاحظها من خلال السيرة العاشورائية وهي مرتبطة بالميزة الأولى، وتعتبر امتدادا طبيعيا لها، وهي على صعيد اختيار المؤسسين لهذه الأسرة، فقد تم اختيار مؤسسيها بعد تفكير ودراسة، لا عن طريق المزاجية والصدفة وما نسميه بالاستلطاف.
لكل شاب دافع فطري لاستلطاف فتاة ما لتكون شريكته، كذلك المرأة عندها هذا الاستعداد لكل من يختار؟
إذا كان الهدف من تأسيس الأسرة هو مجرد الأهداف الفطرية الغرائزية، الاختيار يتجه نحو من يعتقد الإنسان بأنه يشبع هذه الحاجة عنده بمستواه الأعلى، فإن كان هو يحب حياة مترفة يمكن أن يفكر بالمال، وإذا كان يحب الجمال يمكن أن يفكر بالجمال سو فيتج باتجاه المقاييس والاستلطاف يحصل نتيجة إحساسات سابقة موجودة في الرأس، عندما يلتقي بأول فتاة يعتقد بأنها تجسد فتاة أحلامه سوف يعتقد بأنه أحبها وسوف يتجه باتجاه بناء أسرة معها، وكذلك العكس، ولكن عندما تكون المسألة تتعلق بتكوين أسرة لتحقق أهدافا اعلى، على مستوى خلافة الله على مستوى الأرض، فالشاب أو الفتاة الموجود عندهم هذا الهدف سوف يدرسون خياراتهم بطريقة أدق بكثير وبعيدة عن المشاعر الأاولية، وعما يسمى بالحب وغيره.
وسوف آخذ شاهدًا حسينيًا كانتقاء السيدة خديجة (ع) لرسول الله (ص) كزوج وانتقاء الرسول لخديجة كزوجة، أو انتقاء أمير المؤمنين للزهراء (ع) أو انتقاء الزهراء لأمير المؤمنين (ع)، لم يتم على أساس النظرة الأولى أو الاستلطاف أو بمحض الصدفة، إنما كان بعد تفكير ودراسة، أما عن السيرة الكربلائية فيمكننا أن نستشهد بزواج أمير المؤمنين (ع) من أم البنين (ع)، عندما أوصى عمه وأرباءه بانتقاء له امرأة من قوم يتصفون بصفات معينة، قال: أريد أن أنجب منها ولدأ يكون ناصرا لولدي الحسين (ع) في كربلاء، كان الانتقاء مدروسا وبعد تأمل وتفكر.
الميزة الثالثة: التي أعتقد أنها تظهر من خلال المسيرة العاشورائية، هي على صعيد الأداء والتعامل داخل هذه الأسرة. وهذا الموضوع الذي أحب التوسع فيه.
أعتقد أن مؤسسي الأسرة الاشورائية ينظرون إلى الأسرة على أنها الساحة الأولى التي يمكنهم من خلالها بدء سيرهم التكاملي نحو الله سبحانه وتعالى، أو فلنقل: الساحة الأساسية التي يمكنهم أن يتدربوا فيها عمليا على التقوى.
التقوى كشعار يمكن التحدث عنها، ولكن كتطبيق لا يمكن أن يتم إلا من خلال امتحان وعلاقات. عندما يقول الله سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ»(١) إشارة حقيقية على أنّ اختبار التقوى لا يتم إلا من خلال الحياة الإنسانية والتعامل الإنساني الذي يبدأ بالعائلة ويتدرج إلى المجتمع بأكمله، أيضا يقول الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»(٢).
إشارات واضحة إلى أن السير التكاملي باختبار التقوى لا يتم حقيقة إلاّ من خلال الحياة الأسرية، والشهيد مطهري يقول: إن الزواج هو ركن أساسي في السير التكاملي إلى الله سبحانه وتعالى. لذا يجب أن ينظر إليه بإيجابية مقابل الرهبنة، وهي ليست السير الحقيقي التكاملي باتجاه الله سبحانه وتعالى.
ما أعتقده أن التقوى تقتضي التفكير بالواجب اتجاه الآخر أكثر من التفكير بواجب الآخر اتجاهي، ومسألة التقوى تقتضي التفكير بالواجب قبل التفكير بالحق، "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله"، ما أريد قوله: إن هناك ثقافتين، الحديث الذي يقول: "قد يكتب الإنسان جبارا ولا يملك إلا أهله"، الجبابرة لم يكونوا ممدوحين في القرآن. النظرة إلى الأداء داخل الأسرة تختلف تماما إذا كانت الثقافة ثقافة العطاء أو ثقافة الأخذ، وثقافة أخذ الحق عبر المبادرة بإعطاء الحق وليست ثقافة التمنّع عن إعطاء الحق إلا بعد أخذه. من الطبيعي أن يحصل الإنسان على حقه ولكن كيف أحصل عليه؟ أن آخذ حقي عبر إعطاء حق الآخر شيء، وأن امتنع عن إعطاء حق الآخر قبل أن آخذ حقي شيء آخر.
الزوج الذي ينظر للقيومية على أنها فرصة لإدارة أسرة يُسعدها فرق عن إرادة أسرة تُسعده فرق كبير. العلاقة عندما تكون تنافسا بين من يُسعد الآخر أكثر، هذه هي الأرضية الوحيدة التي نستطيع أن نفهم من خلالها كيف تصبح الحياة الزوجية إحدى البراهين على وجود الله سبحانه «وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»(٣).
أنا أجد أن الأسرة الكربلائية العاشورائية تجلت فيها هذه المسألة بأعلى صورها، هناك يكون عندما مستوى عال من العطاء والتفاني من أجل الأسرة بعضها البعض، هذا الشيء لم يصبح عادة وسجيو وسعادة إلا أن هذا الإنسان تربى في ظل قطبين، والدين جسدا هذا العطاء أمام الأولاد.
نحن نشتكي بأن أولادنا يقسون علينا، أنا أتصور أننا لم نعطهم الحب الكافي، لم يروا أمامهم أباُ يتفانى لإسعاد أم، وأمّاً تتفانى لإسعاد أب، ومشاعر التفاني والعطاء بحب لم تتولد وتُبنَ وتؤسس داخل هذا القلب عند الولد، والذي سيصبح مستقبلا أب المستقبل وأم المستقبل، والقلوب باتجاه القسوة التي ولّتها ثقافة السؤال عن الحق وليس الشؤال عن الواجب، يفترض أن يُعطى للزوجة حقها وللزوج حقه ليتولد التفاني والعطاء، عندنا اليوم جيل من البنات متمرد على سلوك أمه ويقول لها: أنت من جعلت أبي يفعل بك كذا وكذا. لأنهم يرون عطاءً ناتجًا من قهر واستغلال لم يروا عطاءً بحب، أعتقد بأن المرأة هي إنسان يجسد المظاهر الجمالية لله عز وجل، وهي مستعدة أن تعطي كثيرا إذا كان احترم هذا الجمال عندها وهذه الأحاسيس عندها، وبالقهر تتحول من مظهر لجمال الله إلى مظهر لجلاله، وهذا خلاف فطرتها وخلاف المطلوب، والمسؤول طبعا كلا الجنسين الرجل والمرأة، ولأن الرجل هو رأس الأسرة فالمبادرة يجب أن تأتي من عنده، فله القيومية لهذه الأسرة.
في عاشوراء، ذاك الحب الذي تتبادله زينب (ع) مع الحسين والعباس حب غير طبيعي، أن يصل العباس (ع) إلى المشرعة ويحمل الماء ثم يرميه ويقول: "يا نفس من بعد الحسين هوني" وليس تكليفا شرعيا، كنت لفترة طويلة أقول: إن هذا التصرف لم يكن صحيحا، لو أنه شرب لاستقوى على مقاومة الأعداء أكثر، ولكني لم أكن أفهم ذلك الحب الموجود داخله، هو لم يصطنع هذا العمل، فهو لا يستطيع الشرب وأخوه عطشان فهو مجبول على الحب.
لكن من أين أتى هذا الحب؟ من مشاهد أروع رآها وتعلّم منها، كذلك عندما نرى أنّ عبد الله بن الحسن وهو لم يبلغ الحادية عشرة من عمره، وتروي الرواية أنه آخر من استشهد من أولاد الإمام الحسين (ع)، أنه هذا الفتى كان مع النساء ولم يأخذ الإذن بالبراز ولم يكن واردا أن يُعطى الإذن بالبراز؛ لكنه عندما رأى عمه الحسين يتعرض للقتل لم يتحمل ذلك، فخرج ليصدّ عنه بحركة تلقائية ناتجة عن حب حقيقي مبني على العطاء، الأسرة العاشورائية أعضاؤها يتصرفون من خلال إسعاد الآخر. الإمام زين العابدين (ع) يقول: عندما كنت أجلس بحضور والدتي لم أكن أتجرأ أن أمدّ يدي لآكل شيئا من أمامها، لعلها كانت تنوي أن تمد يدها إلى الشيء نفسه. هل تختلف هذه التربية عما عندنا في الأحاديث (أحب لأخيك ما تحبه لنفسك؟) إذا طبق كل واحد في الأسرة الزوج والزوجة هذه المسألة حُلَّت المشكلة، وبالتالي الأولاد أيضا سيتحلون بهذه المسألة.
النقطة الأخيرة من ميزات الأسرة الكربلائية؛ بأن عناصرها يتقنون إدراك فن العملية التربوية، العملية التربوية تحتاج إلى آليات ومبادىء وإعداد، من لا يملك الصبر لا يحتاج إلى أن يربّيه، وقد تجلى هذا الشيء بالنماذج التي وجدت في كربلاء لأنها لم تكن فقط تتحلى بالحب والشجاعة، النماذج التي وجدت في كربلاء كانت بذروة العلم الموجود في عصرهم، كانت تمتلك خبرات في شتى خبرات الحياة التي كانت موجودة في حياتهم، خبرات القتال والسفر والتعاون في الحياة الاجتماعية الشاقة وفيها بعد عن الأوطان. أصحاب الحسين (ع) كانوا معروفين بأنهم أصحاب القرآن والعلوم، لم يكن أحد فيهم غوغائيا وجاهلا وغير مدرك بما يفعل، على العكس. بينما كان في معسكر بن سعد الذين كانوا يجيبون الإمام الحسين (ع) بأنه لا نفقه ما تقول. لقد كان مؤسسو الأسرة الكربلائية يدركون أسرارا وقواعد العملية التربوية. أعتقد أن هذا هو ما يميز الأسرة الكربلائية.
أتمنى من الأخوات المهتمات بالعملية التربوية وأتمنى منهن أن يُفدنني بأفكارهنّ ونقاشاتهنّ، ويمكن الاستفادة من الأسرة العاشورائية وسأكتفي فقط بتعداد القواعد. النص عنيت به قول الإمام الحسين (ع): "ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام".
لقد حددّ أن التربية انطلقت من حجور طابت وأنوف حمية ونفوس أبية، ومن خلال ما لاحظته من السيرة العملية لأبطال كربلاء أستطيع أن أستنتج ست قواعد سوف أذكرها دون أي استشهاد حولها:
١- لا بدّ من الالتفات لإعداد يسبق الاقتران والإنجاب، ويُكمل العمل بعد الإنجاب الذي هو "طبيب الأعراق".
٢- طهارة النسب والنشأة.
٣- التربية الإيمانية منذ الصغر.
٤- المبالغة في التعليم والتأديب والتدريب.
٥- إظهار الحب والتقدير.
٦- التأديب مع الاحتفاظ والكرامة أوالتعامل باحترام.
طيب الأعراق، قاعدة عندنا، طهارة النسب والنشأة، هناك طهارة مادية وهناك طهارة معنوية، وكلاهما مطلوب، التربية الإيمانية منذ الصغر وهي مسألة في محل خلاف بين التربية الإسلامية والتربية الغربية، ونستطيع أن نستدل عليها بأمور كثيرة جدا.
المبالغة في التعليم والتأديب. المبالغة بشكل مكثّف من قبل الوالدين، إما هم يتولون مباشرة وإما من قبل الواسطة والتعليم والتدريب، ولا يعتبر التعليم تعليما والعلم علما إلا إذا تحوّل لسلوك ولكن بشكل عام يفهم الناس من التعليم أنه فقط اكتساب المفاهيم.
إظهار الحب والتقدير للولد، والتأديب مع الكرامة، نحن بهذه العملية بحاجة لإعداد، وحياة اليوم أعقد من حياة الأمس، لها آليات أذكى من الآليات السابقة، ومن أرادوا اليوم أن يؤسسوا أسرة لا بدّ لهم أن يتلقوا دورات للتربية، قبل أن يقدموا على هذا العمل حتى لا تكون هذه الأسرة مدعاة لتراجعهم التكاملي وتراجع أولادهم.
____________________
(١)سورة الحجرات، الآية:١٣.
(٢)سورة النساء، الآية:١.
(٣)سور الروم، الآية:٢١.
المصدر: عاشورائيات، مجموعة من الباحثين؛ الأسرة المسلمة في الثقافة العاشورائية، د. أميرة برغل، معهد المعارف الحكمية. ط١، ١٤٢٦ﻫ-٢٠٠٦م، بيروت لبنان
اترك تعليق