مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

زوجة وهب بن حبّاب الكلبي

زوجة وهب بن حبّاب الكلبي

زوجة وهب بن حبّاب الكلبي

مجاهدة، حضرت واقعة الطف مع زوجها، ونزلت إلى ساحة المعركة حاملة عموداً بيدها، تدافع عن دينها وعقيدتها، فأرجعها الإمام الحسين عليه السلام، ودعا لها.
فحينما عزم وهب على القتال ونُصرة سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسين عليه السلام، منعته زوجته وقالت له: بالله عليك لا تفجعني بنفسك. إلاّ أنّها سرعان ما رجعت عن قولها هذا وتغيّر رأيها، فحينما رأت وحدة الحسين عليه السلام وغربته، واجتماع أهل الكوفة على قتاله، أخذت عموداً وبرزت لتقاتل بين يدي الحسين عليه السلام.
قال السيّد ابن طاووس في مقتل الحسين (اللهوف في قتلى الطفوف): وخرج وهب بن حبّاب الكلبي فأحسن في الجلاد وبالغ في الجهاد، وكان معه امرأته ووالدته، فرجع اليهما وقال: يا اُماه أرضيتِ أم لا؟
فقالت الاُم: ما رضيتُ حتى تُقتل بين يدي الحسين عليه السلام.
وقالت امرأته: بالله عليك لا تفجعني بنفسك.
فقالت له اُمه: يا بني أعزب عن قولها، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيّك تَنل شفاعة جدّه يوم القيامة.
فرجع، فلم يزل يقاتل حتى قُطعت يداه، فأخذت امرأته عموداً فأقبلت نحوه وهي تقول: فداكَ أبي واُمي قاتل دون الطيّبين حَرم رسول الله(ص)، فأقبل كي يردّها إلى النساء، فأخذت بجانب ثوبه وقالت: لن أعود دون أن أموت معكَ، فقال الحسين عليه السلام: «جُزيتم من أهل بيتٍ خيراً، إرجعي إلى النساء رحمك الله»، فانصرفت إليهنّ، ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قُتل رضوان الله عليه.
وفي مقتل الحسين عليه السلام للمقرّم: ولم يزل يقاتل حتى قطعت يمينه، فلم يبالِ وجعل يقاتل حتى قطعت شماله، ثم قتل. فجاءت إليه اُمه تمسح الدم عن وجهه، فأبصرها شمر بن ذي الجوشن فأمر غلاماً فضربها بالعمود على شدقها وقتلها، فهي أوّل امرأة قُتلت في حرب الحسين عليه السلام.
وذكر مجد الأئمة السرخسكي عن أبي عبد الله الحدّاد: إنّ وهب هذا كان نصرانيّاً فأسلم هو واُمه على يد الحسين عليه السلام، وانّه قَتلَ في المبارزة أربعة وعشرين راجلاً واثني عشر فارساً، فاُخذ أسيراً واُتي به إلى عمر بن سعد فقال له: ما أشد صولتك! ثم أمر فضرب عنقه ورمي برأسه إلى عسكر الحسين، فأخذت اُمه الرأس فقبّلته ثم شدّت بعمود الفسطاط فقتلت به رجلين، فقال لها الحسين: «ارجعي اُم وهب، فإن الجهاد مرفوع عن النساء»، فرجعت وهي تقول: إلهي لا تقطع رجائي.
فقال لها الحسين: «لا يقطع الله رجاءك يا اُم وهب، أنت وولدك مع رسول الله وذريته في الجنة»(1).
فيالها من بشارة عظيمة يبشّر بها سيّد شباب أهل الجنّة، ووعد كريم يعدها، نعم يبشّرها بالجنة، ولم لا وقد قدّمت فلذة كبدها في سبيل نُصرة الحسين عليه السلام والذبّ عن عياله.
ولا يخفى عليكَ عزيزي القاريء أنّ هناك امرأة اُخرى تكنّى باُم وهب حضرت يوم عاشوراء أيضاً، وهي اُم وهب بنت عبد زوجة عبد الله بن عمير من بني عُليم، وقد اشتبه البعض فعدّهما واحدة.


الهامش:
1- اللهوف في قتلى الطفوف: 44.

المصدر: الحسون، محمد؛ أم علي مشكور: أعلام النساء المؤمنات. ط1، انتشارات أسوة، 1411 هـ.ق.


 

التعليقات (0)

اترك تعليق