دراسة مسحيّة لآراء الفقهاء والعلماء المعاصرين في الحقوق والواجبات السياسيّة للمرأة
دراسة مسحيّة لآراء الفقهاء والعلماء المعاصرين
في الحقوق والواجبات السياسيّة للمرأة
المقدمة:
في هذا الفصل سنستطلع آراء الفقهاء المعاصرين في تولّي المرأة للمنصب السياسيّة. وهؤلاء الفقهاء لهم تأثير كبير في ذهنية ومواقف المسلمين على اختلاف مدارسهم الفكرية الإسلامية السنيّة والشيعيّة. ومن المفيد القول إنّ الارتباط الفكريّ والعمليّ بينهم وبين غيرهم من المسلمين هو ارتباط جوهري يتّصف بدرجة كبيرة من الأهميّة، إذ يتوقّف تحديد المسلم الملتزم لموقفه الذهني والعملي من أيّ قضية في حياته سواء كانت شخصيّة أم عامة، على فتوى الفقيه الذي يؤمن بقدرته العلميّة الفائقة في استنباط الحكم الشرعي من الكتاب والسنة، وهذه القدرة على استنباط الحكم الشرعي لا تتوفّر لعامة الناس من المسلمين لأنها تحتاج إلى تأهيل علميّ في علوم الشريعة، وتخصّص علميّ وفنيّ في الاجتهاد الذي يعني القدرة الفعليّة على استنباط الحكم الشرعي من الكتاب والسنّة وفق قواعد الاستنباط العلميّة وإدراك مجريات الواقع.
فمواقف المسلمين من قضايا الحياة لا تنفكّ عن مواقف الفقهاء المجتهدين بل تأتي غالبا تبعا لها، ومن هنا يتبيّن أهمية استطلاع آراء الفقهاء المعاصرين في تولّي المرأة للأدوار السياسيّة. ونحن سنقيس هذه الآراء الفقهيّة من خلال أسئلة منظّمة في استبانة تُوزّع على مجموعة من الفقهاء، مع الإشارة إلى أنّ هذا النوع من الدراسة الاستطلاعيّة لم يتمّ إجراؤه سابقا على مستوى من الشمول والعمق الذي تنتهجه هذه الدراسة، إذ إنّها توجّه الأسئلة إلى فقهاء ينتمون إلى مدارس إسلاميّة متعددة، في حين أنّ الدراسات السابقة حول الحقوق السياسيّة للمرأة قد درجت في تناولها على أنّها قضيّة نسويّة تتعلّق بجزء من المجتمع وهو المرأة.
تتوجّه هذه الدراسة في تناول القضيّة على أنّها قضيّة مجتمع وليست قضيّة امرأة، وقضيّة مجتمع ليس من خلال ظواهره السطحية وإنما من خلال جذوره العقائدية السياسيّة ونظامه السياسيّ النابع منها.
ويُعتبر هذا الفصل شديد الأهميّة لما تحقّقه الأسئلة الاستطلاعيّة من استثارة لأذهان الفقهاء للنظر في أدوار المرأة السياسيّة كقضيّة مجتمع ونظام سياسيّ حيّ زاخر بالتغيّرات المستمرّة والتطوّرات الكبيرة والسريعة، ولما تتوقّع أن تخرج به الدراسة من آراء فقهيّة عميقة وجديدة تتحرّك في هذا الإطار الجديد لتجد الإجابات عن الأسئلة الآتية:
١- هل النظرة إلى الأدوار السياسيّة للمرأة من خلال النظام الإسلاميّ السياسيّ تفرز إجابات فقهيّة مختلفة عن تلك التي تنظر إليها كجزئيّة موضوعيّة خاصة بالمرأة وبعيدة عنه؟..
٢- بماذا تتميّز الآراء الفقهيّة المعاصرة عن تلك القديمة في موقفها من الحقوق السياسيّة للمرأة؟
٣- هل لبيئة الفقيه أثر ودور في ذهنه وطريقة تفكيره وموقفه من القضيّة؟
٤- ما هو الرأي الفقهيّ الأقرب إلى روح وثوابت القرآن والسنّة؟
منهجيّة الفصل:
تنتظم مواد هذا الفصل في إجابات الفقهاء المعاصرين، وتحليل هذه الإجابات على أسئلة محدّدة في استبانة منظّمة هيكليا وهادفة، وتوجّه إلى فقهاء ينتمون إلى مختلف المدارس الإسلاميّة ذات التأثير الغالب في الساحة الإسلاميّة.
[...]
[أسئلة الدراسة:]
تحوي استبانة الدراسة ٢٥ سؤالا نُظّمت بحيث تحدّد موقف العالم والفقيه من أدوار المرأة السياسيّة في المجتمع الإسلاميّ من خلال مبادئ وثوابت النظام السياسيّ الإسلاميّ بالشكل التالي [ومنها]:
السؤال الأول:
مسؤوليّة الحكومة في الدولة الإسلاميّة مسؤوليّة "تنفيذية" للدستور الإلهي، إذ هذه تقوم الدولة على مبدأ "الحاكميّة لله وحده بلا شريك"، فليس لأيّ فرد أو جماعة أو سلطة نصيب من الحاكميّة، والمشرّع هو الله سبحانه، فلا يملك أيّ أحد أن يشرّع أو يغيّر مما شرّعه الله للبشريّة، والحاكميّة التي تمارسها الأمّة في المجتمع هي خلافة بمعنى النيابة عن الله سبحانه وتعالى إذ هو مصدر السلطات.
وحيث إن المرأة جزء من الامة: (التي لا تملك أيّ سلطة ولا حاكميّة ولا صلاحية للتشريع؛ إذ إنّها لله وحده)، وعلى المستوى التنفيذي هي كالرجل مستخلفة على رعاية الأمانة الإلهيّة في تطبيق شرع الله وفق حدوده التي قرّرها الشارع جل وعلا جملة وتفصيلا، في ضوء ذلك تطرح الأسئلة الآتية:
*هل يجوز للمرأة أن تتقلّد المناصب الآتية في الدولة الإسلامية؟
١)الرئاسة العليا للبلاد.
٢)رئاسة الوزراء.
٣)الوزارة بأنواعها: التفويضيّة، التنفيذيّة، والاستشارية.
٤)إمارة الاستكفاء.
٥)إمارة الاستيلاء.
٦)قيادة الجيوش بأنواعها:
٠الإمارة على الجهاد ضد المشركين.
٠قيادة حروب المصالح مثل: قتال أهل الردّة، وأهل البَغْي من المسلمين المخالفين، والمحاربين وقطاع الطرق.
٧)ولاية الشرطة.
٨)ولاية الاستخبارات "الشرطة السرية".
٩)القضاء بأقسامه: القضاء العام، قضاء المظالم، قضاء الرد، ولاية الحسبة، قضاء الأحداث، قضاء النساء.
١٠)رئاسة القضاء.
١١)الترشّح للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة.
١٢)الانتخاب للبرلمان وسائر المجالس النيابية.
١٣)السفارة عن البلاد في الخارج.
١٤)أن تكون شرطيّة.
١٥)أن تكون مخبرة.
السؤال الثاني:
هل تعتبر المناصب الخمسة الاخيرة: الترشّح والانتخاب للبرلمان، السفارة عن البلاد في الخارج، منصب الشرطية، ووظيفة المخبرة من الولاية العامة؟
[...]
تفصيل في أغراض أسئلة الاستبانة
السؤال الأول:
من أبرز الأدلة التي يقدمها المانعون (المرأة من الأدوار السياسيّة في نطاق الحكومة الإسلاميّة)، أنّ المرأة لكونها امرأة لا يجوز أن تتقلّد أيّا من المناصب السياسيّة الخمسة عشر المذكورة في السؤال الأول، والسؤال يهدف إلى استثارة الذهن العلميّ الفقهيّ ليحدّد صحة هذا المنع أو عدم صحته بالانطلاق من ركيزة مبدئية أساسيّة في النظام السياسيّ الإسلاميّ، وهي كما تبيّن في الفصل الثاني من البحث أنّ الرجل كالمرأة في طبيعة الحكومة الإسلاميّة لا يملك أيّ سلطه ولا حاكميّة ولا صلاحيّة للتشريع، ومسؤوليّته فيها فقط مسؤوليّة "تنفيذيّة" للدستور الإلهيّ، وهي مسؤوليّة متعيّنة على المرأة بمقتضى مبدأ الاستخلاف الإلهيّ لكلّ منهما في تطبيق شرع الله وفق الحدود التي قرّرها. فما الذي يجيز للرجل هذه الادوار من دون المرأة؟ وما الذي يمنعها عن المرأة؟
السؤال الثاني:
يختلف الفقهاء في تحديد طبيعة المناصب الخمسة الأخيرة: الترشّح والانتخاب للبرلمان، السفارة عن البلاد في الخارج، منصب الشرطيّة، ووظيفة المخبرة. فبعض يعتبرها من الولاية العامّة، وبعض ثان لا يعتبرها كذلك، وبعض يعتبرها من الولاية العامّة التي لا تجوز للمرأة أن تمارسها في المجتمع، وبعض آخر لا يجوّزها لها. هذا السؤال يطلب من الفقيه أن يحدد رأيه من بين هذه الآراء.
عرض وتحليل أجوبة الفقهاء والعلماء عن أسئلة الإستبانة:
السؤال الأول:
شرع الفقهاء في الإجابة عن السؤال الأول باعتباره الركيزة المبدئيّة التي يتأسّس عليها النظام السياسيّ الإسلاميّ، وهي أنّ الرجل كالمرأة في طبيعة الحكومية الإسلاميّة لا يملك أيّ سلطة ولا حاكميّة ولا صلاحيّة للتشريع فهي لله وحده، ومسؤوليته فيها فقط مسؤوليّة "تنفيذيّة" للدستور الإلهيّ.
وأنّ مبدأ الاستخلاف الإلهيّ يصحّ لكلّ من الرجل والمرأة على حد سواء في أمانة تطبيق شرع الله وفق الحدود التي قرّرها، ومع ذلك اختلفت إجاباتهم في سعة وضيق الجواز للمرأة في أن تتقلّد المناصب السياسيّة المذكورة في السؤال، من سعة شملت كلّ المناصب إلى أضيق الجواز حيث اقتصر على منصب واحد لم يشمله المنع، ثم تنوعت ما بين ذلك مستويات المنع والجواز في الإجابات مع تقديم مبرّراتها الشرعيّة والذهنيّة.
* اتفق فقهاء مدرسة أهل البيت على مبدئيّة عقائديّة أبرزوها في الإجابة عن هذا السؤال وهي:
أنّ السلطة الحاكمة في الحكومة الشرعيّة معيّنة من قبل الله وحده لا شريك له، إما بالتنصيص بالاسم والشخص، كما في زمن حضور المعصوم (من الأئمة الإثني عشر)، أو بالصفات كما في زمن الغيبة (غيبة الإمام الثاني عشر). فالأصل عندهم إذن في موضوع الولاية أنه ليس لأحد غير المعصوم أيّ سلطة شرعيّة على أحد، فلا رجل ولا امرأة يملك الولاية العامّة على العباد، ولا يجب شرعا على أحد بعنوان ولاية عامة أن يطيع أحد. إذن كيف عالجوا موضوع الحكومة الإسلاميّة وقضيّة مشاركة المرأة فيها؟
لقد تصدوا لها بالشكل التالي:
أ- قسم من فقهاء الشيعة يقول: بعدم مشروعيّة العمل لتشكيل الدولة، فلا معنى هنا للكلام في رئاسة الدولة لا بالنسبة إلى الرجل ولا إلى المرأة. وقد جاءت إجابة الشيخ لطف الله الصافي الكلبيكاني في هذا الإطار، ولم يجوّز للمرأة سوى أن تكون مخبرة إذا أمكنها أن تحافظ على كلّ ما يجب عليها من الستر والاجتناب عن المحرّمات.
ب- والقسم الآخر وإن كان لا يرى الولاية العامّة شرعا لأحد غير المعصوم في زمن الغيبة إلّا أنّه يقرّ بأن ضرورة الحياة الاجتماعية تقضي بلزومها حفظا لنظام المجتمع، وأن الشريعة الإلهية قد أدّتها وأمضتها إجمالا.
وفي هذا القسم من الفقهاء أجاب كلّ من الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي والسيد محمد حسين فضل الله بجواز أن تتقلد المرأة جميع المناصب السياسيّة المذكورة في الأول.
أما الشيخ محمد إسحاق الفياض فقد جوّز للمرأة تقلّد جميع المناصب السياسيّة المذكورة في السؤال ما عدا الرئاسة العليا والقضاء، كان ذلك في تاريخ الإجابة عن الإستبانة (١٣/٩/٢٠٠٣م)، وبعدها توفّر في زيارة له للكويت لقاء مباشر تمّ فيه النقاش معه شفاهة في تفاصيل إجابته عن أسئلة الاستبانة، وكان ذلك في تاريخ (١٣/١٠/٢٠٠٤م). ثم في تاريخ (٢٧/١١/٢٠٠٤م) تسلّمنا منه رسالة بالبريد الالكتروني كتب لنا فيها جديد رأيه في أنه جوّز للمرأة منصب الرئاسة العليا للدولة الإسلامية.
كلا الشيخين حسين المنتظري ومحمد مهدي الآصفي لم يجوّزا للمرأة الرئاسة العليا والقضاء وذكرا أنه لا بأس بتصدّيها لغيرهما من المناصب التنفيذيّة المشار إليها في السؤال الأول، تلك التي لا استقلال لها من دونهما، وبهذا الطرح أوضح الشيخ الآصفي النتيجة التي خلص إليها في المنع أنّها تخص الرئاسة العامّة والولايات التنفيذيّة العامّة وهي (رئاسة الجمهورية، رئاسة الوزراء، رئاسة البرلمان، إمارة الاستكفاء، إمارة الاستيلاء، قيادة الجيوش بأنواعها، رئاسة القضاة، ولاية الشرطة وولاية الاستخبارات).
* لقد اتفق فقهاء السنّة على اختلاف مدارسهم الفقهيّة على تحريم المناصب الآتية على المرأة في إجاباتهم عن سؤال الاستبانة الأول: الرئاسة العليا للبلاد، رئاسة الوزراء، الوزارة التفويضيّة، إمارة الاستكفاء، قيادة الجيوش بأنواعها، القضاء العام، قضاء المظالم ورئاسة القضاء. أمّا بقيّة المناصب، فقد اختلفوا في تحريمها بالشكل الآتي:
الشيخ الدكتور عجيل جاسم النشمي لم يجوّز للمرأة سوى الانتخاب للبرلمان وسائر المجالس النيابية لأنه من باب الوكالة والتزكية لمن ترشّحه. ولم يجوّز المناصب الآتية: قضاء الرد، ولاية الحسبة، قضاء الأأحداث وقضاء النساء لأنه يراها ولاية عامة، ثم لم يجوّز قسم آخر من المناصب: ولاية الشرطة وولاية الاستخبارات؛ لأنها ولاية عامة ولأنها أيضا لا تناسب المرأة. والقسم الأخير من المناصب لم يجوّزه من باب سدّ الذريعة لما تستلزمه من ارتباطات لا تناسب المرأة: الوزارة بأنواعها: التفويضيّة، والتنفيذيّة والاستشاريّة، ولترشّح للبرلمان وسائر المجالس النيابية، والسفارة عن البلاد في الخارج(سدا لذريعة الفساد)، وأن تكون شرطيّة، وأن تكون مخبرة (سدا لذريعة ما قد تتعرّض له من مشكلات)، ويلاحظ في مبرّرات التحريم الأخيرة أنّها تلك التي تلتزم بها مدرسة الأخوان المسلمين.
الشيخ الدكتور محمد عبد الغفار الشريف حرّم على المرأة قضاء الرد وقضاء الأحداث، وجوّز لها بقيّة المناصب بالمبرّرات التالية:
ولاية الاستيلاء التي هي استيلاء ذو الشوكة على الولاية قهرا؛ لأنه جوّزها كثير من الفقهاء دفعا للمفسدة.
ومن المناصب التي لا تعبّر عن تفويض بصلاحيّات الإمام العام ولا تأخذ حكم الإمامة العامّة: الوزارة التنفيذيّة والاستشاريّة، وقضاء الأحوال الشخصيّة، وقضاء النساء، والقضاء في الأموال، وولاية الحسبة، والسفارة عن البلاد في الخارج، وتمثيل بلدها في المحافل الدوليّة، وولاية الاستخبارات وولاية الشرطة في ما لا يتنافى وطبيعتها، ولا يعرّضها للإهانة ومخالطة المجرمين والسفلة، وأن تكون شرطيّة، وأن تكون مخبرة والترشّح للبرلمان ولسائر المجالس النيابية.
لقد توسّع الدكتور محمد عبد الغفار الشريف في تجويز المناصب السياسيّة بأكثر من سابقه، حيث يرى أن المرأة ليست ممنوعة من كلّ أنواع الولايات العامّة؛ أي ليست ممنوعة من مطلق الولاية، ولكن ممنوعة من الولاية المطلقة. وهو اتجاه سعة بدأت تسير إليه مدرسة الإخوان المسلمين ومن يسير قريبا من مرتكزات مدرستها نحو التخفّف من قيود (سدّ الذرائع).
الشيخ الدكتور فالح بن محمد فالح الصغير جوزّ فقط للمرأة الترشّح والانتخاب للبرلمان وسائر المجالس النيابية ولم يجز لها بقيّة المناصب السياسيّة لأسباب عدّدها:
١- النصّ الشرعيّ: من أصرحها حديث أبي بكرة قال: "لما بلغ رسول الله(ص) أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة".
٢- معارضة ذلك لطبيعة المرأة وخلقها وتكوينها من الحيض والحمل والرضاع، فهذه تتعارض مع متطلبات تلك الأعمال.
٣- هذه الأعمال تتطلّب القوة والجلد ولا توجد في المرأة، فهي تعارض تكوينها.
وهي إجابة تسجل توسّعاً ملموساً في المدرسة السلفيّة نحو منح المرأة ممارسة بعض الأدوار السياسيّة؛ إذ كانت وما زالت بكثير من رموزها العلمائيّة ودعاتها تحرّم جميع المناصب السياسيّة على المرأة بلا أيّ استثناء وترفع شعار: (ليس للمرأة حقوق سياسيّة).
الشيخ الدكتور عوض بن محمد القرني حرّم على المرأة إمارة الاستيلاء، وولاية الاستخبارات، وقضاء الرد وولاية الحسبة باعتبارها ولايات عامة، والسفارة عن البلاد في الخارج ولكن من دون أن يعتبرها من الولاية العامة. وجوّز المناصب الآتيّة: الوزارة التنفيذيّة بقيود، والوزارة الاستشاريّة، وولاية الشرطة المعنيّة بشؤون النساء، وقضاء الأحداث، وقضاء النساء، والترشّح للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، والانتخاب للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، وأن تكون شرطيّة بقيود وأن تكون مخبرة بقيود، وهو توسّع أكثر من سابقه في المدرسة السلفيّة في اتجاه منح المرأة حق ممارسة الأدوار السياسيّة.
الأستاذ الدكتور أحمد الحجي الكردي لم يُجز للمرأة بقيّة المناصب وهي: الوزارة التنفيذيّة، وقضاء الرد، وولاية الحسبة، وقضاء الأحداث، وقضاء النساء، وولاية الشرطة، وولاية الاستخبارات، والترشّح للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، والسفارة عن البلاد في الخارج، وأن تكون مخبرة، وجوّز لها: وزارة الاستشارة، والانتخاب للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، وأن تكون شرطيّة في أمور النساء فقط.
الدكتور محمد الزحيلي حرّم على المرأة المناصب السياسيّة الآتيّة باعتبارها ولاية عامة: إمارة الاستيلاء، وولاية الشرطة، وولاية الاستخبارات والقضاء الجنائي، والمناصب التي لم يجوّزها من باب سدّ الذريعة وتجنّب الاختلاط بالمشين: فقط السفارة عن البلاد في الخارج، وأجاز لها ما يلي: الوزارة التنفيذيّة والاستشاريّة، وقضاء الرد، وولاية الحسبة، وقضاء الأحداث، وقضاء النساء، والترشّح للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، والانتخاب للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، وأن تكون شرطيّة وأن تكون مخبرة.
*لقد أجاب فقهاء عيّنة الاستبانة بأجمعهم ما عدا الشيخ لطف الله الصافي، بجواز أن تمارس المرأة الترشّح للبرلمان وسائر المجالس النيابيّة، وباستثناء كلّ من الشيخ محمد إسحاق الفياض والشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي والسيد محمد حسين فضل الله حرّم بقية الفقهاء منصب القيادة العليا على المرأة، وكما يبدو من إجابات هؤلاء الفقهاء المعاصرين نشوء توجّه فقهيّ في مختلف المدارس الفقهيّة الإسلاميّة السنيّة والشيعيّة ينحو باتجاه إعطاء المرأة أدواراً ومناصب سياسيّة بخطوات تختلف سرعتها وجدّيتها من مدرسة إلى أخرى، ومن فقيه إلى آخر.
السؤال الثاني:
في تشخيص موضوع المناصب السياسيّة الخمسة في السؤال الثاني: (الترشّح والانتخاب للبرلمان، والسفارة عن البلاد في الخارج، ومنصب الشرطيّة، ووظيفة المخبرة)، هل كلّ منها في طبيعتها السياسيّة تمثّل ولاية عامة أم لا، انقسمت مواقف الفقهاء إلى عدة أقسام:
١- مَن اعتبرها ولاية عامة: وهؤلاء اختلفوا في تحديد الموقف منها ما بين الجواز والتحريم كما يلي:
أ. الشيخ لطف الله الصافي حرّمها كلّها ما عدا الوظيفة المخبريّة على أساس أن تكون المرأة عيناً للوليّ.
ب. قسم من الفقهاء قد حرّموا بعضعا وأجازوا الآخر: الدكتور فالح الصغير: حرّم السفارة عن البلاد في الخارج، ومنصب الشرطيّة ووظيفة المخبرة، وجوّز الترشّح والانتخاب للبرلمان بالضوابط الشرعيّة.
ج. وقسم لم يحرّم منها شيئاً: الدكتور محمد الشريف.
٢- مَن اعتبر بعضها ولاية عامة من دون البعض الآخر:
أ. الدكتور أحمد الكردي: كلّها من الولاية العامة سوى انتخاب أعضاء البرلمان، فإنه ليس من الولاية العامة.
ب. الدكتور عجيل النشمي: كلّها ليست من الولاية العامّة ما عدا الترشّح للبرلمان.
٣- من لم يعتبرها ولاية عامة:
أ. وقد أجازها كل من: الشيخ محمد إسحاق، والشيخ حسين المنتظري، والشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي، والسيد محمد حسين فضل الله والدكتور عوض القرني.
ب. وأجازها بشروط كلّ من:
الشيخ محمد مهدي الآصفي: حيث ذكر أنها جائزة بشرط الحفاظ على الضوابط الشرعية وعدم التعارض مع وظيفة المرأة الأولى ألا وهي الأسرة.
الدكتور محمد الزحيلي: تُمنع من السفارة في الخارج سدّا للذرائع.
*يتضح من إجابات الفقهاء عن السؤال الثاني اختلافهم في البيّن في التشخيص الموضوعي لطبيعة هذه المناصب السياسيّة الميدانيّة وظروفها الاجتماعيّة، وهو اختلاف فنيّ عمليّ طبيعيّ لا يتوقّف على اختلاف مناهجهم ومباينهم العلميّة، وإن أدّى بالنتيجة إلى اختلافهم في الفتوى.
المصدر: موقع المرأة في النظام السياسي الاسلامي، د. خديجة عبد الهادي الحميّد، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ط١، ٢٠١١م، بيروت-لبنان.
اترك تعليق