مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

صفات الزوجة المناسبة

صفات الزوجة المناسبة

تؤكّد روايات أهل العصمة والطهارة على أنّ المرأة الصالحة خير متاع الدنيّا، وأفضل ما يؤتيه الله من نعمةٍ لرجل.
قال رسول الله (ص): "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيراً له من زوجة صالحة"(1)، "خير متاع الدنيا المرأة الصالحة".
 وأمّا أهم صفات الزوجة المناسبة على ضوء تعاليم أهل البيت(ع):
1- الدين:
 وهو أهم المعايير وأساسها في اختيار الزوجة المناسبة لما له من دور وتأثير في صياغة شخصيّة الفرد وطيب باطنه وصفاء فطرته وفاعليته في سائر الجهات الأخرى سواء الأخلاقيّة أو السلوكيّة أو العقائديّة، أو الإقتصاديّة أو الإجتماعيّة وغيرها، ومن ظفر بذات الدين ظفر بكل شيء ورزقه الله المال والجمال.
عن رسول الله (ص): "لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهنّ أن يرديهنّ، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعس أموالهنّ أن تطغيهن ولكن تزوجهنّ على الدين".
2- حسن الأخلاق:
 والتي تشمل جملة من السجايا الباطنيّة والخصال الطيّبة التي منها:
أ‌- التودّد والمحبّة، والعفّة، والموافقة والطاعة وإظهار الزينة والخلابة والعشق وحسن التمكين:
عن جابر بن عبدالله قال: سمعته يقول كنّا عند النبي (ص) فقال: "إنّ خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرّجة مع زوجها، الحصان على غيره، التي تسمع قوله، وتُطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها".
ب‌-  الصبر في الضرّاء، والشكر عند النعماء، والمداراة، والأمانة، وحفظ السر:
عن النبي (ص): "خير النساء التي إذا أُعطيت شكرت وإذا حُرمت صبرت".
قال النبي (ص): "ما استفاد امرء مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها، وتُطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله"(2).
ج- التعاون في مواجهة المصائب والمشكلات، والتعاضد مع الزوج في أمور الدنيا والآخرة:
عن الإمام الرضا (ع): "تُعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ولا تُعين الدهر عليه".
د- قدرة إدارة الأسرة وحسن التدبير، وامتلاك المهارات اللازمة في ذلك، وخفّة المؤونة في الإقتصاد في المعيشة:
" من بركة المرأة خفة مؤونتها".
هـ- الستر والعفاف والإلتزام بالحجاب والتورع عن القبائح:
قالت فاطمة الزهراء (ع): "خير للنساء أن لا يرين الرجال ولا يراهنّ الرجال".
وقد أوصى الرسول الأكرم محمد (ص) بتقديم الزواج من البكر وذلك لوجود التواءم الفطري والنفسي والبدني والعاطفي بين الشاب والشابة في هذا المقطع من مراحل حياتهم، إذ إنّ أوج الميل الجنسي والعاطفي لدى الرجل يكون في عنفوان شبابه، وحينما يُقدم على الزواج فيحتاج معه إلى من تُشاطره هذا الإحساس والعاطفة وتكون في نفس المرحلة من عمره وهي الأخرى تعيش نفس الحاجة ونفس الميل إلى الإشباع الجنسي والعاطفي، ولهذا نقرأ في الرواية التي تحدّث فيها رسول الله (ص) مع الصحابي الجليل جابر حينما أقدم الأخير على الزواج، كيف يُشير عليه رسول الله (ص) باتخاذ جارية في عمره زوجة له، تُماثله في مشاعره وفي متعته ولهوه.
وفي حديث آخر عن رسول الله (ص) يقول فيه: "تزوجوا الأبكار فإنّهنّ أطيب شيئ أفواهاً". وفيه إشارة دقيقة إلى أنّ الأبكار من النساء يتمتّعن بصفات جسديّة وروحيّة مناسبة للزواج أكثر مما هو في الثيّب.
وإلى هذه الملاحظات أشار الإمام الغزالي في كتابه "إحياء علوم الدين":
في البكر ثلاث فوائد:
الأولى: أنّها تحب الزوج وتألفه فيؤثّر في معنى الود، والطباع مجبولة على الأنس بأول مألوف، وأمّا التي اختبرت الرجال ومارست الأحوال فربما لا ترضى ببعض الأوصاف التي تخالف ما ألفته فتقلي الزوج.
الثانية: إنّ ذلك أكمل في مودّته لها، فإنّ الطبع ينفر عن التي مسّها غير الزوج.
الثالثة: إنّ آكد الحب ما يقع مع الحبيب الأوّل غالباً.
ومع هذا التأكيد على الزواج من البكر، فلا يعني ذلك أنّ الإسلام يُضيّع الثيّب، بل نحن نجد في سيرة الرسول العمليّة اهتمامه بالثيّب من النساء، وإنّ أكثر نسائه منهن.
3- الأصل الطيّب والمنبت الطاهر:
ركّز الإسلام على طهارة المنبت في اختيار الزوجة الصالحة، لما لهذا الأمر من تأثير كبير في سلامة العلاقة الزوجيّة من جانب، وطهارة وطيب النسل الحاصل منها من جانب آخر، إذ إنّ انتقال العوامل الوراثيّة من ذوي الزوج أو الزوجة إلى الأبناء وخاصة ذوي الزوجة، أمر أكّدت عليه أحاديث أهل البيت (ع) وأثبتته الدراسات العلميّة في هذا المجال أيضاً، ومنها قول رسول الله (ص) حيث يؤكّد هذه الحقيقة: "تخيّروا لنطفكم فإنّ النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن".
وقال أيضاً: "تزوجوا في الحجز الصالح فإنّ العرق دسّاس".
ورُوي عنه أيضاً: "اختاروا لنطفكم فإنّ الخال أحد الضجيعين".
وأيضاً حذّر سيد النبيين من اختيار المرأة لحسنها وجمالها والتغافل عن سوء المنبت الذي نشأت فيه في قوله صلوات الله عليه: "إيّاكم وخضراء الدّمن. قيل يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال المرأة الحسناء في منبت السوء"(3).
وسر تحذير رسول الله (ص) من اختيار مثل هذه المرأة في الزواج، هو للأمر المتقدم الذي ذكرناه أولاً من انتقال الصفات الوراثيّة من الأم وذويها إلى الأطفال، وثانياً سوء الحجر الذي سيتربّى فيه الأطفال فيما بعد والمرضع الذي سيتغذون منه، إذ إنّ المرأة التي لم تتأهل بالتربيّة الصالحة وبتزكية النفس وبنائها لا تستطيع أن تكون مربيّة جيدة للنشئ الجديد؛ لأنّ فاقد الشيء لا يعطيه، من هنا فإنّ أسرة الزوجة لها تأثير كبير في صياغة شخصية الأبناء من جانبين، الوراثة والتربية.
4- الولود:
قدرة الإنجاب عند المرأة من ضروريّات الزواج وأحد أركانه المهمّة، فلذا إن كانت جميع الصفات المناسبة للزوجة الصالحة قد توفرت في امراة ما، ولكنها تفتقد لقدرة الإنجاب وتشكو من العقم فالتعاليم الدينيّة تنهى من الزواج بها حتى وإن كانت ذات دين وتُقى وحسن وجمال وحسب ونسب، وذلك لأن من أهداف الزواج الرئيسية هو إنجاب الأطفال وإثراء المجتمع بطاقات بنّاعة جديدة تُثقل الأرض بالعبوديّة لله والتسبيح، وكما يقول رسول الإنسانيّة وهاديها: "تزوجوا بكراً ولوداً، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقراً، فإنّي أُباهي بكم يوم القيامة".
ويروي أيضاً أنّ رجلاً جاء إلى رسول الله (ص) فقال: يا نبي الله إنّ لي ابنة عم قد رضيت جمالها وحسنها ودينها ولكنّها عاقر، فقال: لا تزوجها، إنّ يوسف بن يعقوب لقي أخاه فقال: يا أخي كيف استطعت أن تزوج النساء بعدي؟ فقال: إنّ أبي أمرني فقال: إن استطعت أن تكون لك ذريّة تثقل الأرض بالتسبيح فافعل.
5- حسن الظاهر والسلامة الجسدية:
مع أنّ تعاليم الشريعة السمحاء، وتوجيهات النبي الأكرم (ص) وأولياء الدين، قد قدمت الدين والعفة وحسن الأخلاق على الجمال، ولكنها بنفس الوقت ندبت إليه، باعتباره أمر مساعد في إسعاد الحياة الزوجيّة واستمرارها، [...] كما قال رسول الله (ص): "الدنيا كلها متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة". فلا مانع إذا ما توافر عامل الدين وطيب الخصال من طلب الجمال والتوفر عليه في الزوجة الصالحة.
6- الأدب والذكاء:
الإلتقاء في المستوى الفكري بين الزوجين، كثيراً ما يؤدي إلى خلق حالة من الإنسجام والإئتلاف في وحدة الرؤى والأفكار والسلائق والطباع وطريقة الإستنتاج، وهذا بدوره يفرض جواً من الإستقرار والتواد في أرجاء الأسرة وبين أفرادها، وعلى العكس إذا كان هناك تفاوتاً فكرياً واختلافاً في الذهن والاستعداد العقلي بين الزوجين، فإنّ حالة من التباعد والافتراق الفكري يحدث بينهما وما يتبعه من التباعد القلبي والعاطفي.
 هذا فضلاً عن أنّ توفر الذكاء والعقل عند الزوجة، أحد عوامل توفر الاستعداد العقلي والذهني عند الأولاد في المستقبل، لهذا جاءت الروايات عن رسول الله (ص) تُحذّر من زواج الحمقاء في بُعدين، البعد الأول وهو أنّ معاشرتها والتعامل معها ضياع للعمر وللفرص الثمينة لعدم قدرتها على استيعاب الأمور والتوصل إلى المطلوب، والبعد الثاني فيما يترتب من انتقال الصفات الوراثيّة منها ومن رضاعها إلى الأولاد.


الهوامش:
(1)- وسائل الشيعة للحر العاملي.
(2)- ميزان الحكمة لمحمد الري شهري.
(3)- إحياء علوم الدين لمحمد الغزالي.


المصدر: مجلة الطاهرة، أيار/حزيران2011.
 

التعليقات (0)

اترك تعليق