مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

مقابلة مع الحاجة أم عماد مغنيّة بمناسبة ولادة الزهراء(ع) ويوم المرأة المسلمة

مقابلة مع الحاجة أم عماد مغنيّة بمناسبة ولادة السيدة الزهراء(ع) ويوم المرأة المسلمة

بمناسبة ولادة السيدة الزهراء(ع) ويوم المرأة المسلمة أجرت محررة موقع ممهدات مقابلة مع الحاجة أم عماد مغنية، أم الشهداء الثلاثة.

بداية حاجة أم عماد... الإمام الخميني(قده) يقول: "إذا كان لا بدّ من يوم للمرأة فأيّ يوم أسمى وأكثر فخراً من يوم مولد فاطمة الزهراء(ع)" ماذا تقولين في هذه المناسبة؟

- بدايةً، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين؛ أيضاً، السلام على هذه المرأة التي هي قدوتنا وسيدتنا الزهراء(ع) سيّدة نساء العالمين. هذه المرأة والتي أعطاها الإمام الخميني(قده) هذه الصفة -[أي تعيين مولدها كيوم المرأة العالمي]- ولكن مهما وصفنا وتكلّمنا عن هذه المرأة لا نفي بحقها؛ لأنه عندما يكرّمها الله سبحانه وتعالى يقف الإنسان عاجزاً أمام هذا التكريم الإلهي، فهذه المرأة في كل المراحل التي نمرّ فيها؛ في حياتنا، في عملنا، حتى في الحياة البيتيّة، في الحياة الزوجيّة، في كل هذه الأمور نضع هذه المرأة أمامنا، نجعلها قدوة لنا، إذاً نستمد منها في كل الأمور الحياتيّة التي نتواجد فيها.

- كيف كانت الزهراء عليها السلام قدوة لكم وهل هناك مواقف معيّنة حصلت معكم؟

السيدة الزهراء(ع) طريق لتحسين حياة المرأة في المجتمع:

- طبعاً في كل المواقف، هي كانت القدوة في كل المواقف، قلت في الحياة الزوجية نستمد منها، في مجال تربيّة الأولاد، نستطيع أن نستمد منها، في العمل الخارجي الاجتماعي أيضاً، كذلك يمكننا أن نستمد منها في العمل السياسي للمرأة، وكذلك في الأمور الحياتية الأخرى.
تستطيعين أن تجدي عند هذه المرأة ممراً، وحياة تستمدّين منها وطرقاً كثيرة، فهذه المرأة هي الطريق لتحسين حياة المرأة في المجتمع، ألا يتحدثون اليوم عن حقوق المرأة؟!
نحن قد أخذنا حقوق المرأة منذ 1400 سنة، أي منذ أن ابتدأ الرسول(ص) بالدعوة إلى الإسلام، لم يقصي الإسلام المرأة عن القيام بأي دور فالمرأة كانت مشاركة في كل الأمور التي مرّ فيها الإسلام.. بداية العمل الإسلامي، بداية الإسلام، كانت المرأة حاضرة، موجودة، كانت المرأة هي التي تعطي اندفاعاً إن كان في الحروب، أو في الحياة الاجتماعيّة، أو مثلاً في التربيّة...

لو لم تكن المرأة موجودة على صعيد المقاومة لما وصلنا للانتصار:
من حين ابتداء المسيرة الإسلاميّة بدأت معها المرأة، ونجد في كل العصور، أي على امتداد كل المراحل دوراً للمرأة، مثلاً على صعيدنا نحن، صعيد المقاومة، تقريباً بنظري، باعتقادي، لو لم تكن المرأة موجودة في هذا العمل لما وصلنا لهذا الانتصار الذي نحنا فيه.
صحيح أنّ الرجل كان موجوداً، هذا صحيح ولكن من هو الداعم [للرجل]؟ من يحمي وحمى ظهر الرجل؟
المرأة. فإذاً المرأة عندها وعي، عندها فكر، من أين أخذت هذا الفكر؟ من الذي منحها هذا الفكر؟ بداية المرحلة الإسلاميّة، بداية التعاطي الديني الإسلامي، أي عندما بدأ الرسول(ص) بنشر الدعوة التي زوده الله سبحانه وتعالى بها، كانت المرأة من ضمن هذه المسيرة، من ضمن هذه الدعوة، لا تصح الأمور إذا كان الرجل لوحده والمرأة لوحدها، لا تصح.. مثلاً مَن الذي دعم الرسول(ص) في بداية الدعوة؟
- السيدة خديجة(ع).
- حسناً مَن الذي ربّى الرسول(ص)؟
أيضاً المرأة.

المرأة المسلمة ليست كأي امرأة.. عليها تحمل مسؤولية أكبر

إذاً المرأة لها دور كبير جداً وخاصة المرأة المسلمة، المرأة المسلمة عليها تحمّل مسؤوليّة كبيرة، مسؤولية أكبر لماذا؟ لأنّ المرأة المسلمة ليست كأيّ امرأة...
هي التي عليها أن تربّي الإنسان، هي التي عليها أن تّخرج هذا الولد صالحاً إلى المجتمع؛ لأنها إذا أصلحت هذا الولد، أي ربّته تربية صالحة أصلحت بالتالي المجتمع.
من أجل ذلك إذا وجدنا خلل ما في مجتمع تكون المرأة  لديها خلل، أي أنها لم تقم بالتربية الصحيحة، فنحن إذاً نأخذ الزهراء(ع) قدوتنا في التربية، في العمل الاجتماعي، في كل مجالات الحياة، نجد عند هذه المرأة التي هي الزهراء(ع)، كل ما نطلبه في الحياة، كل ما نحتاج له، كل ما يلزمنا في هذه الحياة.

- حاجة أم عماد كونك أم لثلاثة شهداء ما هو إحساسك في هذا اليوم، يوم المرأة المسلمة؟
- إحساسي الآن هو بأمهات الشهداء، هؤلاء الأمهات اللواتي أزورهم وأراهم، اللواتي لديهنّ قمة الوعي، عندهنّ تفهّم عالٍ جداً للمجتمع؛ لماذا استشهد أولادهنّ، لماذا هنّ أمهات شهداء؟
وبالفعل هذه المرحلة التي نحن الآن نتواجد فيها، بالفعل نجد أمهات ربّين جيلاً ليكونوا شهداء، نحن اليوم في هذه المرحلة، هؤلاء الأمهات هنّ تربية المقاومة، وهنّ يقدّمن هذه التربية الصالحة، هذه الأم التي تقول: "أنا أقدّم ابني فداء لأهل البيت(ع)، أنا ربّيت إبني ليكون مع الإمام الحسين(ع)، ليكون عند الزهراء(ع)، ليكون عند السيدة زينب(ع)، ليكون فداءً لأهل البيت(ع)"، هذا يعني أنها تعرف طريقها، تعرف أين موقعها، تعرف إلى أين هي ذاهبة، تعرف ابنها أين هو، هذه هي نتيجة الوعي الكامل الذي كانت تحمله السيدة الزهراء(ع)، والتي –أي هذه النتيجة- أثرت فينا اليوم وكذلك يمكن أن يكون هذا التأثير حدث سابقاً.
- في الثمانينات [من القرن العشرين]؟
- كان يوجد معرفة بأهل البيت(ع)، معرفة بالزهراء(ع)، كان هناك معرفة، ولكنها لم تكن موجودة عند كل الناس.
اليوم أصبحت حالة عامة، لا تستطيعين أن تميّزي، حتى الأميين أصبح لديهم هذا العلم، هذه المعرفة، عندهم هذا الوعي، هذه الثقافة... الثقافة لا تحصّل في الجامعات، في المدارس، الثقافة تحصّل عبر الوعي، كم يستوعب الإنسان المرحلة التي يتواجد فيها، نحن اليوم نجد وعياً عالٍ جداً عند هؤلاء الأمهات، لا أستطيع أن أقدّر حجمه، حتى عند الأمهات اللواتي لم يستشهد أولادهن تشعرين أنّ لديهم وعياً غريباً، فتطمئنّين.
- ممكن لأنه مرّت فترة على عمل المقاومة؟
- طبعاً، هذا من تأسيس المقاومة، بداية المقاومة، نحن اليوم جيل المقاومة، أليس كذلك؟ جيل اليوم هو جيل المقاومة، هذا الجيل يعرف نفسه أين هو –[أي موقعه]-، نحن اليوم في مرحلة وجود، إما تكونين أو لا، مرحلة شبيهة بـ "مرحلة الإمام الصادق(ع)"، علينا أن نستغل هذه المرحلة، من أجل تحقيق ذلك فإنّ هذا الأمر يتطلب درجة وعي عالية.

نحن نقوم بدورنا ويبقى التسديد على الله سبحانه وتعالى..

الحمد لله، نجد هذه الدرجة من الوعي عند الأمهات، هذا الفكر الذي تحمله الزهراء والسيدة زينب عليهما السلام مثلاً.
طبعاً قد قاموا [أي أهل البيت] بجهد كبير حتى استطاعوا أن يوصلونا إلى هذه الحالة من الوعي والفكر، فنحن من خلال تبني فكرهم وصلنا إلى الحالة التي نحن عليها اليوم. فهذا الفكر –فكر أهل البيت(ع)- وصل إلينا في مرحلة ما ونجح بالرغم من التعتيم الذي كان موجوداً عليه، وإن شاء الله سينتشر أكثر فأكثر وأعتقد أن لا تراجع بعد اليوم.
اليوم نجد أنّ الناس أصبحوا يمتلكون فكراً مقاوماً، وعياً، إقبالاً، وهذا حصل بعد تميّز الحق عن الباطل، الطيب من الخبيث، مَن يدافع عن كرامة الإنسان ويعمل لرفع الظلم. وهذا كله حصل بالوعي والصبر، وبعد النجاح في مختلف المجالات؛ في العمل الاجتماعي، في العمل المقاوم.. نحن نقوم بدورنا ويبقى التسديد على الله سبحانه وتعالى.

- يقول الإمام الخميني(قده) المرأة كالقرآن كلاهما أوكل إليه مهمة صنع الرجال"، "ومن أحضان الأمهات يصعد الرجال إلى العلى". هل من الممكن أن تحدثيننا عن المرأة كأم بالتربية الإيمانيّة الجهاديّة، أي ما هي الأسس التي ربيتي عليها أولادك حتى وصلوا إلى هذه المرحلة، مرحلة الشهادة؟

- تربيّة الأولاد ليست بهذه السهولة، لا يوجد أولاد تربّوا لوحدهم أليس كذلك؟
أولاً: قبل الحمل يجب أن تضع مخططاً، برنامجاً.
ثانياً: عندما تحمل المرأة بطفلها يجب أن تمنحه كلّ إحساسها: من هنا تبدأ مرحلة التربية، مرحلة الجهاد مع هذا الولد، كم هي فترة الحمل؟ تسعة أشهر، كم تعاني الأم من خلال هذا الحمل؟ ولماذا جعل الله سبحانه وتعالى مدة الحمل تسعة أشهر، ألم يكن قادراً أن يجعلها أقل من ذلك؟

التلاحم العاطفي بين الأم وجنينها:

بلى، هو قادر، لكن فقط لتبقى هذه المعاناة، لتطول هذه المعاناة، حتى يتحقق التلاحم العاطفي بين هذه الأم وبين هذا الجنين، من هنا تبدأ العاطفة، من هنا يبدأ الإحساس، أثناء معاناة هذه الأم تفكر كيف ستستقبل هذا المولود، كيف ستلتقي بهذا الطفل، كيف ستتعامل معه، هل ستحبه أم لا. الله سبحانه وتعالى أطال هذه الفترة -فترة الحمل- لتبدأ بالتعاطف مع هذا الولد إلى أن تصل لمرحلة الولادة. كم تعاني أيضاً خلال الولادة؟
هذا كله جعله الله سبحانه وتعالى لها، لهذه المرأة، كي تزداد عاطفتها على هذا المولود، للتتآلف معه أكثر، لتحبه أكثر. العاطفة والحب يولّدان خوفاً على هذا الولد.

خوفي يختلف عن باقي الناس:

خوفي يختلف عن خوف باقي الناس، الناس يخافون أن يموت هذا الطفل أو أن يمرض، أو "أن يذهب هيدا الولد من إيدها"، أنا لم يكن تفكيري هكذا، كان تفكيري كيف سيكون هذا الولد، كيف سيكون في المستقبل، كيف وإلى أين سيصل، ماذا سيكون موقعه بين الناس في المجتمع، ماذا سيقدم للمجتمع، كيف يسفيد المجتمع، هذا ما كنت أفكّر به..


- نعرف أنّ الأم كأم هي التي تضحي وتعطي، هي التي تقدم كثيراً لأولادها حتى أنك مثلاً كنت تكرسين كل وقتك كي تربي أولادك، ما هو السر الذي يجعل الأم تضحي بأولادها؟ تتركهم يستشهدون؟

سميت الأم أماً لأنها أمة:
- لا، ليس كل أم، لا تستطيعين أن تشملي كل الأمهات، فليس كل أم، اليوم، هي التي تتولّى تربية أبنائها، فمنهن مَن أوكلن تربية أولادهن للمربّيات الأجنبيات، وبرأيي هذا لا يخرج إنساناً شهيداً، رأيت ماذا قال الإمام الخميني(قده): "حضن الأمهات هو الأساس"، يعني الأم هي الأساس.
الأم خلقت وسمّيت أماً لماذا؟ لأنها أمّة، لأنها أمّة بكل ما للكلمة من معنى، يجب أن تكون ملمّة بكل هذا الولد إلى أن تزوجه، عندها يأتي دور الزوجة.
فالأم هي التي مَن ينبغي أن يمنح العاطفة للولد، فبمقدار ما تشبعه من العاطفة يتحقق الترابط بينهما، وهذا الترابط ينقطع عندما يذهب إلى غيرها...

نريد أماً "عن حق وحقيق":

الأم هي التي يجب أن تطعمهم، هي التي يجب أن تغسلهم، فهي عندما تقوم بتغسيله تخاف أن تصب عليه الماء الساخن فيحترق، لذلك ترينها تقوم بالتأكد من سخونة وبرودة الماء بوضع يدها قبل أن تقوم بغسله. نحن نريد أماً "عن حق وحقيق" [حقيقية] حتى تخرّج ولداً حقيقياً، ولداً شهيداً. فهل سلمت السيدة الزهراء(ع) أولادها لأحد كي يهتم بتربيتهم؟ أليست هي التي ربّت أولادها، فنحن أيضاً يجب أن تكون الزهراء(ع) قدوة لنا، قدوة لأولادنا، ليقتدوا بنا، فأول ما يراه الولد هي أمه، حين يبدأ بالكلام لأول مرة  يتكلم مع أمه، حين يبدأ بالضحك يضحك لأمه، هي التي تكون أمامه، يجب أن تظلّ صورة الأمومة، صورة العاطفة أمامه ومعه.
هذه العاطفة تخلق معه مباشرة، تكون رواسبها قبل أن يولد، هي تنتظره وهو ينتظرها، عندما يفتح عينيه يجد أمه، عندما ترضعه "يكون على قلبها مثل السمن والعسل"، فإذاً هذه العاطفة التي وضعها الله بين الولد والأم ليست موجودة في مكان آخر.


- سؤال أخير حاجة أم عماد ما هي الكلمة التي تحبين أن توجهينها للمرأة في هذا اليوم، يوم المرأة؟

عندما أعطى الله سبحانه الحق لم يعطه لامرأة دون أخرى:
- أحب المرأة، أحب أن أوجّه للمرأة كلمة؛ إذا كانت تريد أن تحصل على حقوقها بحقٍ، أن تطّلع على حقها الذي أعطاها إياه الله بالإسلام، ماذا أعطاها الله سبحانه وتعالى، عندما أعطى الله سبحانه وتعالى هذا الحق لم يعطه لامرأة دون أخرى، أعطى للمرأة، المرأة في العالم، في كل العالم، المرأة الإنسان، أعطاها حقوقها، قال لها لك حق كذا وكذا، لك حق أن تعيشي، لك حق أن تعيشي محترمة، لك حق أن تعطي رأيك، لك حق أن تتثقفي، لك حق أن تتعلمي، لك حق أن تعيشي في الحياة حرة وليست حرة بشكل مطلق، الحرية لها حدود، ضمن حدودك.

يجب أن تخرجي أجيالاً تعرف كيف تعيش وتعطي هذا المجتمع:
أنت يجب أن تكوني أماً، مربية، يجب أن تخرّجي أجيالاً للمجتمع، أجيالاً صالحة، أجيالاً تعرف كيف تعيش في هذا المجتمع وتعطي هذا المجتمع، أنت المربية، أنت الأساس، أنت الدعم، أنت كل شيء في هذه الحياة إن كنت أمّاً حقيقة، وإن كنت امرأة بكل معنى الكلمة التي يريدها الله.
والله! عندما تكون هذه المرأة متكلة على الله، وتعمل ما يريده الله منها، يوفقها الله في الحياة لا محالة. الله هو الذي يعطي الحق لكل هؤلاء الناس، الله هو الذي يعطيها حقها، وليس هذا التنظيم أو هذه الجمعية أو.. إلخ.  يجب أن تعرف ربها وما هو دورها، أين يريدها أن تكون، في أي مجتمع، في أي إنسان، في أي بيئة.
أتمنى لكل نسائنا أن يكنّ أمهات بكل معنى الكلمة، وأن تكون العاطفة التي وضعها الله سبحانه وتعالى هي الرابط بينهن وبين الولد، فبمقدار ما يكون الولد متعلقاً بأمه يكون محباً لأمه، ولكن تبقى مرضاة الله سبحانه وتعالى قبل أمه وقبل كل العالم.
الحمدلله، إن شاء الله نكون قد أرضينا الله ونكون قدمنا هؤلاء الشهداء لاحترام الإنسان، لأجل أن يصير الإنسان يحترم أخاه الإنسان.

التعليقات (0)

اترك تعليق