المرأة والصحوة الاسلامية في الشرق الاوسط
مشاركة المرأة في ثورات تونس وليبيا واليمن أثارت انتباه المؤسسات الدولية المختلفة:
عكست مشاركة المرأة المسلمة في الاحتجاجات الجارية في بعض دول الشرق الأوسط بأنها تريد التحرر من قيود المادية الغربية وأن هذه الاحتجاجات جاءت من أجل الخلاص من الحكام الدكتاتوريين المرتبطين بالغرب. وكما تعلمون فإنّ شعوب بعض الدول في الشرق الأوسط يتظاهرون منذ مدة بهدف إجراء تغييرات أساسية في النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بلدانهم. وليس لهم أمل إلا في الله تعالى، ولا سلاح إلا المقاومة. وتعكس مشاركة المرأة الفعالة في هذه الاحتجاجات الصحوة الإسلامية لدى المرأة المسلمة.
ومن وجهة نظر الإسلام فإن المرأة تستطيع أن تكون مؤثرة أيضا في جميع التحولات الاجتماعية لأن من إحدى مسؤولياتها كما الرجل إصلاح المجتمع. ففي القرآن الكريم يخاطب الله تعالى المرأة والرجل على قدم المساواة في خصوص التقوى وتجنب الأعمال السيئة. وفي هذا الشأن يقول قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله السيد الخامنئي: "في المجالات الاجتماعية والسياسية والعلمية وغيرها يحق للمرأة المسلمة كما يحق للرجل القيام بمسؤولياتها في المجتمع تبعاً للظروف، فالمرأة لها الحق في أن تسجل لنفسها حضورا في المجتمع لتشعر بآلامه وتسعى في معالجتها". وكما يقول سماحته فإن المرأة المسلمة لا تستطيع التنصل من مسؤولية إصلاح المجتمع.
ومن أجل إعادة الموقع الرفيع للمرأة المسلمة كان رسول الله (ص) يعقد جلسة علمية مع النساء ليرى وجهات نظرهن بخصوص التحولات والشؤون السياسية والاجتماعية في المجتمع ويقيمها. فضلا عن ذلك كانت المرأة المسلمة تشارك في المعارك حتى أصبحت سمية أم عمار بن ياسر أول شهيدة في الإسلام حيث استشهدت تحت تعذيب كفار ومشركي مكة.
واليوم تستلهم المرأة المسلمة في المنطقة وخاصة في تونس، ومصر، واليمن، وليبيا، والبحرين الإرادة من سمية وتقاوم ضد العدو المتوحش الذي لا يعرف الله. وتذكرنا هذه المقاومة الشجاعة بالدور المصيري الذي لعبته المرأة المسلمة الإيرانية على طول الثورة الإسلامية الإيرانية قبل 33 عاما.
وقد أثبتت المرأة المصرية بمشاركتها إلى جانب الرجل في الاحتجاجات بأن ما يدعيه الغربيون حول عزلتها ليس إلا كذباً، حيث شهدت شوارع مصر خلال الاحتجاجات ضد حسني مبارك، الحضور الكبير للمرأة المسلمة المحجبة، وكانت تهتف بسقوط النظام المستبد في مصر. كما أثارت مشاركة المرأة في ثورات تونس واليمن والبحرين وليبيا انتباه المؤسسات العالمية .
وتعكس كل ذلك بأن المرأة تريد التحرر من قيود المادية الغربية، وأن هذه الاحتجاجات قامت بهدف الخلاص من الحكام المستبدين المرتبطين بالغرب. وتقول الناشطة -زعيمة النساء المشاركات في الاحتجاجات اليمنية توكل كرمان: "إن المرأة المسلمة العربية تعلب دورا تاريخيا ومؤثراً. فالهدف الأول لجميع الثورات هو الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية حيث تحقق المرأة في الوهلة الأولى النصر على جميع التقاليد القديمة والسلبيات دون أن تكون لذلك أرضية دينية لكنها فيما بعد تمارس دورها في الثورة السياسية".
وفي البحرين نزلت جموع غفيرة من النساء المحجبات إلى الشوارع وهتفن بسقوط نظام آل خليفة. وقد عكست الصحوة الإسلامية لدى المرأة البحرينية وعيها بدورها المصيري والمؤثر في إصلاح المجتمع. ومن النساء اللاتي برزن في الثورة البحرينية الشاعرة آيات القرمزي، وهي طالبة في العشرين من عمرها واشتهرت بقصيدتها التي ألقتها خلال الاحتجاج الذي نظم في 23 فبراير 2011، وانتقدت حكم آل خليفة حتى تمّ اعتقالها، من قبل عناصر النظام الحاكم. ونظراً للدور المؤثر جداً الذي تلعبه المرأة في الصحوة الإسلامية وكذلك في تكوين هذه الحركة، خاصة في البحرين، حاولت الأنظمة الدكتاتورية، ومن خلال تغيير أساليبها الفكرية والعملية وشن الحملة عليهن خنق صرخات التحرر. وفي البحرين حاول النظام الحاكم، ومن خلال إهانة النساء وتهديدهن، إرعاب الناس وحملهم على الكف عن الثورة ضده ومن ثم إفشال الصحوة الاسلامية فاعتقل الشاعرة آيات القرمزي بسبب إلقاء قصيدة ضد حكومة آل خليفة، ومورس ضدها في المعتقل أشد أنواع التعذيب.
وفي ليبيا؛ مارست قوات القذافي انتهاكات كثيرة ضد النساء المتظاهرات وهددتهن بالاغتصاب. ويقول طبيب نفسي يعمل في أحد مستشفيات بنغازي: "من خلال التحقيقات التي جرت في مدن أجدابيا، والبريقة، وسالوم، وبنغازي، تبين أن أكثر من 235 امرأة تعرضن للاعتداء والاغتصاب على يد قوات القذافي". وقد احتجّت المرأة الإيرانية المسلمة على انتهاك حقوق النساء في المنطقة، وخاصة في البحرين، وعلى سبيل المثال عقد في طهران في الثلاثين من نيسان مؤتمر تحت عنوان "الأديان، وحقوق الإنسان، والمرأة" شاركت فيه وفود من العراق، واليمن، وسوريا، والسودان، والبحرين، وتونس، ولبنان، واليابان. وطالبت النساء الايرانيات وغير الايرانيات في المؤتمر المنظمات الدولية توفير الأمن للنساء في المنطقة، والحيلولة دون ممارسة الظلم والجور بحقهن كما دعت النساء المشاركات في المؤتمر المؤسسات الدولية إلى مواجهة الذين ينتهكون حقوق الإنسان. وفي ختام المؤتمر وجهت المشاركات رسالة إلى أخواتهن وإخوانهن المظلومين في المنطقة وخاصة في البحرين وليبيا جاء فيها: "إن كل قطرة من دمائكم ستلتحق بنهر عظيم يهدم عن قريب قصور الظلم والجور في العالم وهذا وعد إلهي لا ريب فيه".
ترجمة - سناء الأنصاري
المصدر: موقع مكتب الشبكة العالمية للمرأة المسلمة نقلاً عن وكالة أنباء المرأة والأسرة الدولية.
اترك تعليق