مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

المرأة التي رافقت الإمام في منفاه: امرأة الثورة الحديدية

المرأة التي رافقت الإمام في منفاه: امرأة الثورة الحديدية .. المرأة الأشهر في إيران التي شاركت في الثورة حاملة ا

يعرفها الإيرانيون بهذا الاسم فهي المرأة الأشهر في إيران التي شاركت في الثورة حاملة السلاح في أحياء طهران والمناطق، ودربت النساء عسكرياً، وهي المرأة التي يعرفها المجاهدون فقد حملت معهم الأسلحة والصواريخ في مرتفعات كردستان القاسية والقارسة، وهي المرأة التي تركت أولادها الثمانية في طهران مضطهدين من قبل السافاك كي تقوم بتكليفها وترافق الإمام إلى فرنسا وتتولى أمنه الخاص، وهي المرأة التي دربت المجاهدين، وهي التي حملت رسالة الإمام التاريخية إلى غورباتشوف مع إصرار الإمام على كتابة وصيتها قبل الانطلاق لما لهذا السفر من أخطار محتملة. 
إنها السيدة "مرضية حداد تشي دباغ"، ودباغ هي عائلة زوجها التي انتقلت معه من همدان إلى طهران بعد أن تزوجا فكانت الفرصة المؤاتية لها لمتابعة الدراسة والعلوم الدينية، فهي كانت قد أخرجت من الكتّاب لأنها كما قالت عنها مدرستها طموحة جداً وتؤثّر على رفيقاتها في الصف. فتركت مرضية الصف لكنها لم تترك القراءة فوالدها كان صحافا (لديه دكان لتجليد الكتب) فوجدت بمجيئها إلى طهران الفرصة التي كانت تنتظرها لتحقيق ما عجزت عنه في همدان البلدة المتواضعة في تلك الفترة. 
أكثر الذكريات الأليمة التي تتذكرها هي مجازر السلطات في شوارع طهران، وعن ذلك تقول أنها كانت المرة الأولى التي تشهد فيها قتل إنسان لآخر بسهولة كشرب الماء، وعندها فقط أحست أن الباطل والحق واضحان جداً وقد وقفا للمواجهة. 
ومن الذكريات التي لا تنساها كانت أيام توزيع بيانات الإمام الخميني، وتشهد السيدة دباغ لنساء إيران بجرأتهن في القيام بهذا العمل، ففي ساعات معدودة كانت توزعن آلاف البيانات، فتقول: "كنا ندخل إلى بائع الخضار فنشتري منه وفي اللحظة التي يدير ظهره كي يضع المال في الجارور كنا نضع البيانات في الميزان ونخرج فلا يعلم أحد من وضعها، أو كنا نركب سيارة الأجرة أو الحافلة وحين ننزل نترك وراءنا البيانات، وهكذا كانت تصل إلى أكبر عدد من الشعب الإيراني". 
حكايتها مع الإمام الخميني بدأت مع رؤيا شاهدتها في إحدى الليالي من العام 1965 تقول دباغ أنها سمعت أنين سيد جاء لزيارتهم، وهي لم تكن تعرف الإمام حينها، فقررت البحث عنه لأنها أحست أن وراء هذه الرؤيا رسالة وعليها مساعدة هذا السيد، وبعد أن بدأت البحث في قم وطهران، وبعد أن التقت الإمام الخميني بعد أشهر من البحث لم يكن سوى هذا السيد الذي شاهدته في منامها وهو يشكو من الظلم, ومنذ تلك اللحظة بدأت جهادها عام 1967، فتعرضت لملاحقة السافاك وسجنت لمدة سنتين عام 1973 وبعد خروجها تركت إيران بمساعدة الشهيد محمد منتظري فبدأت جهادها في سوريا وفي لبنان مع الشهيد شمران، كما كانت قد رافقت السيد محتشمي إلى النجف عام 1975 حيث أقامت في بيت الإمام كمسؤولة عن أمن البيت، ثم رافقت الإمام إلى فرنسا بعد أن أكد لها الإمام أن الثورة ستنتصر وستعود إلى أولادها الثمانية في إيران. كانت أيام مرافقتها للإمام في باريس من أهم الأيام التي استطاعت فيها السيدة دباغ التعرف الى شخصية الإمام عن قرب، فذهلت بشجاعته ورؤيته البعيدة والثاقبة، ووضوح الأمور له، وتعلمت من التنظيم الذي كان يعيش فيه الإمام، وهو الذي يؤكد أن الإنسان إذا ما نظم وقته وحياته يصبح كل وجوده منظما. وتنقل دباغ عن الإمام تأكيده على أهمية مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية "فالإمام يعتقد أن لا فرق بين المرأة والرجل في أداء التكليف، وكان يصر أن يرسلها هي إلى المناطق المختلفة في فرنسا لتلقي الكلمات مع امتناعها أحيانا، ولكنها إطاعةً للإمام كانت تذهب وكانت تدرك عندها تأثير وجودها كامرأة على الغربيين الذين يعتقدون أن الإسلام يحرم المرأة من المشاركات الثقافية والاجتماعية. الغربيون الذين تفاجأوا حين كانت رسالة الإمام بيد امرأة ترتدي الشادور الأسود إلى الاتحاد السوفياتي السابق عام 1988، ولم يخف غورباتشوف تعجبه من وجودها مع الوفد. 
لا تنسى دباغ استنكار غورباتشوف لعدة نقاط في الرسالة: حين دعاه الإمام الخميني لاعتناق الإسلام فأجاب وهل يقبل الإمام أن ندعوه لاعتناق اعتقاداتنا، وكذلك انزعج وتفاجأ غورباتشوف حين قال الإمام إن الشيوعية يجب وضعها في متاحف التاريخ. وتضيف السيدة مرضية دباغ الذي قال بعد عدة سنوات لو أن إدراكي لكلام الإمام عندما أرسل لي الرسالة كما الآن لكانت بلادنا تحولت إلى جنة. 
السيدة دباغ التي ناهزت الخامسة والستين عاماً والتي كانت قد ترأست الحرس في منطقة همدان وتولت مسؤولية التعبئة النسائية في كل إيران، كما وكانت لدورتين نائبا في البرلمان، وهي تتولى مسؤولية جمعية "نساء إيران" ما زالت هذه المرأة -الحديدية- تبكي كلما ذكر الإمام الخميني، وتردد إن الأمانة ثقيلة جداً جداً... 


المصدر: جريدة الانتقاد، أميمة عليق. 

التعليقات (0)

اترك تعليق