كيف أوطد علاقة أسرتي بالإمام المهدي(عج)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
روحي وأرواح العالمين لك الفداء من جوهرةٍ مخزونةٍ بالأسرار، طالما جهلناك وانشغلنا بغيرك عنك وابتعدنا بأفكارنا عنك وسنبقى بعيدين طالما لم تعطف علينا بنظرةٍ كما عطفت على غيرنا فعطّف الله قلبهم بحبكم أهل البيت فهل تكون قلوبنا كقلوبهم ونفوز منك بنظرةٍ تكون إكسيرا لقلوبنا.
نعم ربما نكون بعيدين كل البعد عن البقية المعصوم الحي بيننا(عج)، أو ربما نكون مقصرين في حقه علينا، بل ربما اعتبرنا أنفسنا من الثلة المنتظرة وما نحن بمنتظرين.
هنا يقف الموالي الحريص على دينه ليسأل نفسه أين تلك الثغرات التي أبعدتني عن إمام عصري(عج)؟
أين تلك الشوائب التي حالت بيني وبين نظرة من الإمام(عج) إلي؟
ومن أهم الأجوبة على هذه التساؤلات هو أن ينظر إلى أسس التربية التي نشأ عليها بكل ما يندرج تحتها من عناوين.
فلينظر هذا الموالي على ماذا نشأ، وما الذي أولاه اهتمامه منذ نعومة أظافره!!
سيجد أنه نتيجةً لخللٍ ما في التربية أو نتيجةً لتنشئةٍ أسرية سلطت الضوء وأعطت الأولويات لكثير من الأمور الأخرى المادية البحتة فغالباً ما يكون جل اهتمام الأهل ينصّب على مأكل ولدهم وملبسه وتعليمه الأكاديمي فعندها سينشأ هذا الطفل بعيداً -بالمعنى الروحي والعملي والعلمي- عن إمام زمانه(عج) وقد تعلق بالقشور وأعطاها جل اهتمامه، وبالتالي ستتولد أسرة ومجتمع بعيدين عن إمامهم(عج) وقد حرموا من أي ارتباط بالإمام الحجة(عج).
وحتى نربي جيلاً جديداً مرتبطاً بالإمام(عج) بدءاً من مملكتنا الأسرية، لا بد من العمل على هذا الطفل بشكل تدريجي، ويندرج السعي وراء هذا الهدف تحت ثلاثة عناوين:
1_تربية الطفل على الارتباط بالإمام الحجة(عج) من الناحية العملية:
وتبدأ هذه المرحلة منذ أيام الحمل فقد أكدت الدراسات العلمية أن الجنين يسمع ويحفظ ما تكرره أمه وقد كان هذا طريق الكثير من الأمهات اللاتي اهتممن في أيام حملهن بقراءة القرآن الكريم فكان أطفالهن من الحفظة النوابغ مثل الطفل النابغة محمد حسين الطباطبائي، فأي عمل أو قولٍ أو ذكر تواظب عليه الأم والجنين في أحشائها سيكسب جنينها هذه المعتقدات. وبعد الحمل تأتي فترة الرضاع وهنا الحال ذاته مع حال أيام الحمل، فهذا الطفل ما زال ملازما لامه ويرى تصرفاتها ويسمع كل سكناتها فسينطبع كل ذلك في عقله الباطني ويتركز عنده في اللاوعي.
في المرحلة التالية تكون قد بدأت تقوى ملاحظة الطفل فيبدأ بمراقبة تصرفات والديه ومن حوله، ويبدأ بالتأثر المباشر والتقليد لكل تصرفاتهم، فحين يسمع أهله دائمي الذكر للإمام(عج) وأهل البيت(ع) فمن الطبيعي أنه أول ما قد ينطق به هو هذه الأسماء المباركة، وحين يرى أن أبويه يواظبان على الأدعية المخصوصة بالإمام الحجة(عج) (بالطبع هو في هذه الفترة لا يعي ما يقولون) لكن هذا الروتين في قراءة الأدعية بشكل دوري ومنظم سيولد عنده عادات مكتسبة تنمو معه كلما كبر ونما.
بعد هذه الفترة الزمنية تتطور قدرات الطفل الإدراكية، فيصبح بإمكانه أن يعي ويفهم بعض ما يقال، وتتطور هذه الإدراكات كلما كبر بشكل تدريجي ،فيعطى هنا الأهل هامشاً أوسع لتوطيد علاقة طفلهم بالإمام الحجة(عج) فيصبح بإمكانهم تفهيم الطفل طبيعة هذه العلاقة، كما وبإمكانهم تدريبه على استحضار الإمام(عج) بكل تفاصيل الحياة من خلال مراقبة الطفل تصرفاته وتحسينها من أجل نيل رضا الإمام(عج) وبالتالي نيل رضا الله عز وجلّ. كما أنه لإحياء المناسبات الدينية المتعلقة بالإمام(عج) أهمية كبرى وقد ترقى إلى مرتبة الواجب في زمان نشاهد فيه تأثراً شديداً بمناسبات الآخرين وصولاً إلى قيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، ما يعني استلاب شخصيات أطفالنا إن لم نقدم بديلاً، على أن البديل موجود وهو ليس مجرد بديل بل هو الأصل فهو على سبيل المثال ذكرى ولادة المعد لإماتة الجور وإحياء العدل. فإذا لا بد من إعطاء هذه المناسبة المكانة اللائقة بها، فندعو أطفالنا للمشاركة معنا في إظهار الزينة في المنزل وعلى الشرفات، وبالطبع ستكون هذه فقرة ممتعة جداً، ومن ثم إحياء هذه المناسبة مع أطفالنا في المساجد والمراكز الدينية. وكفكرة تشعر الطفل بجو العيد والاحتفال يمكننا إيقاظه صباح يوم الخامس عشر من شعبان وتقديم الهدايا له على حب الإمام الحجة(عج)، وقراءة دعاء الحجة(عج) بشكل جماعي، فإذا ما قمنا بكل هذه الخطوات أو أي أفكار أخرى جديدة يمكن أن يبتكرها الأهل نكون قد رسّخنا في ذهن طفلنا هذا التاريخ الذي لن ينساه مهما كبر بل أصبح ينتظر هذه المناسبة في كل عام ويتوق إليها.
وحتى تأخذ المرحلة التربوية التي تطرقنا لها حقها لا بد أن تترافق مع العنوان الثاني وهو:
2_تربية الطفل على الارتباط بالإمام الحجة(عج) من الناحية العلمية:
فقد أصبح طفلك قادراً على الاستيعاب بشكلٍ كبير بعد خوض المرحلة السابقة، ويبدأ دور الأهل في تعريف طفلهم على هذا النموذج القدوة(عج) معرفةً دقيقة .ويصبح بمقدورهم الإجابة عن تساؤلات الطفل المتعلقة بهذا الموضوع ،ولتدعيم الناحية المعرفية عنده لا بد من إخبار الطفل _الذي يمكن أن نعتبره قد بلغ مرحلة التمييز _ لا بد من إخباره بسيرة الإمام كاملة وبشكل ممتع من خلال القصص المصورة أو ربما الأفلام ومن خلال ترديد الأناشيد المتعلقة بالإمام(عج) وإسماعها له، ودعوة الطفل للمشاركة بالأدعية المخصوصة بالإمام(عج) وكلما زاد إدراكه وتعمقت عقيدته كلما أصبح في وسعنا الخوض أكثر وأكثر في هذه المعارف حتى نصل إلى مرحلة قراءة الروايات والأحاديث عن الإمام وشرحها، وبهذه الخطوات كافة نكون قد عمقنا العلاقة بين طفلنا والإمام المهدي(عج) من الناحية العملية والعلمية التي ينتج عنها بداهةً العنوان الثالث وهو:
3_تربية الطفل على الارتباط بالإمام الحجة(عج) من الناحية الروحية:
فكما ذكرنا بأن العنوانين السابقين يصبان في تدعيم هذا العنوان الثالث، فلا يمكن بلوغ العلاقة الروحية دون المرور بالمعرفة والعمل. وحين يصل الطفل الذي شارف على بلوغ سن التكليف إلى هذه المرحلة يمكننا حينها أن نعتبر أنفسنا قد هيأنا نموذجاً اجتماعياً تعلقت روحه وكل كيانه بالإمام المنتظر(عج) فبات من المنتظرين المخلصين الذين يفدون الإمام بالمهج وهذا واجب كل أب وأم يحرصون على تأمين قاعدة سليمة تنصر الإمام حين ظهوره الشريف حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملأت ظلما وجورا.
بقلم بتول بدوي
اترك تعليق