الأنوثة فی نظر الرجال والرجولة فی نظر النساء
یتفاوت تعریف الناس للأنوثة باختلاف سلائقهم وأذواقهم، فعند بعضهم الأنوثة هی الضعف أو رقة مع جمال، وعند البعض الآخر تزول أنوثة الـمـــرأة إن عــلا صوتها وأصبح فـظــاً، أو أدمنت العـبـــوس والانفـعــال، أو تعـامـلت «بعــضـــــلات» مفـتـولة، أو نطقت لفـظاً قـبـیحاً، أو تخـلّـت عــن العطف والرحـمة تجـاه مخلوق ضعـیف، أو أدمـنـت الکراهـیة والحقد وفـضلتهما عـلى الحـب والشعور الرقیق، أو آثرت الانتقام عـلى التسامح، أو عندما یطول لسانها، وتتلاشى أنوثة المرأة حیـن تهـمل الـرقة والطـیـبة، وحـیـن تـنسى حـق الاحـتـرام والإکـبار للـرجــل زوجــــاً وأباً وأخــاً .. ومعـلمـــاً، وحـیـن لا توقــر الکبـار أو ترحـم الصغـار، وعلیه یعتقد الکثیرون بأن جمال المرأة لیس فی قـوامها.. أو ملامحها ورشاقتها فحسب، بل الأنوثة شیئاً تـشعـره.. ولا تراه فی أغلب الأحيان.
یرید الرجـــل المرأة لطیفة معه قــویة مع الآخــــــــرین، هذه هی الأنثى المثالیة فی نظـــر الرجــل... والرجـل بمقدوره مساعــدة المرأة عـلى الاحـتـفاظ بهذه الأنوثة من خلال احترام لطف المرأة معه.. ولا یسـتغـله وأن یمنحها القـوة بعـطـفه وحـنانه واحـتـرامه.. وأن یعـلّمها الضعـف الجـمـیل ولـیـس ضعـف الانزواء وفـقـدان الثقة.
ولاشک أن الأنوثة فــن.. والرجل یستطیع بذکائه أن یعـلّم زوجـته هـذا الفـن الحسن.. فـبعـض الرجال یتقن هذا الفـن.. وبعـض الرجال یدفع المرأة إلى أن تتخـلى عـن أنوثـتها وعواطفها وتتمرد عـلى الرجل لأنه استغـل حـبها ومشاعرها، وحقرها بدلاً من أن یثنی عـلیها ویحترمها.. هنا یتبدل بعـض النساء إلى النقیض، فالرجل الواثق من نفسه بإمکانه أن یقود أقوى النساء ویحـیلها إلى کائن ودیع یحـتاج منه لمسة من حـنان، وعطف فیاض.
وقـد تعـشـق المرأة لحـظة ضعـف یمر بها زوجها فتراه طفلاً بحاجة لحـنانها، وهذا لیس عـیـباً، فبکاء الرجل یدفع زوجـته للمزید من العـطـف والاهـتمام والرعایة، لکن أکثر الرجال یرفـض أن تراه زوجـته فی أی لحـظة ضعـف، معـتقداً أن قـوته وحـدها هی ما تجعـلها تغـــرم به فحسب.
وکثیراً ما یکره المرء الأقـویاء، وخاصة فی المواقـف التی تسـتدعی الضعـف واللین والـرقة.
حیث إن للقـوة مواقـف لا یلیق فـیها الضعـف، کما إن للضعـف مواقـف لا تلیق فـیها القـوة.
فأحيانا ترى المرأة رجـولة الرجـل فی طـفـولته وبراءته وضعـفه ولو فی لحظات محـدودة وترى رجـولته أیضاً فی قدرته عـلى حـمایتها وحـمایة کرامـتها وکیانها، وفی کرمه معها ومع أهلها وفی تسامحه مع بعـض أخـطـائها.
إن للرجولة مفهوماً محدداً لدى المرأة، وکلاهما یتأرجح بین الضعـف والقـوة، إذا عــاد الإنسان یوماً طـفلاً بأفکاره ومشاعـره وبعـض تصرفاته، إذا بکى عـلناً کالأطفـال کان إنـساناً رحیماً، والمرأة تحـب هـذه اللقطة وتحب أیضاً فارسها قـویاً شجاعاً، والرجل یحـب فی المرأة طـفـولتها، ومشاعــرها البریئة الخالیة من الزیف والتزویق والتصنع، کل الرجال بحاجة للأطــفــال کی یتعــلمون منهم البراءة، هم قـد یتعـلمون منهم أضعاف ما یتعـلمون من الکبار.
والحق أن فی الأنوثة شیئاً من الطـفـولة، وفی الرجـولة شیء من الطفـولة، وفی الطـفـولة أجمل ملامح البراءة والصفاء، فهل یستطیع الرجل أن یعــود طـــفلاً.. أحــیاناً؟ نعم لا خجل من ذلک، فـفی هذا السلوک کل الصدق والعفویة.
المصدر: مجلة الطاهرة، العدد 213، محرم 1433، تشرين الثاني 2011م.
إعداد: هدی محمد.
اترك تعليق