دور المرأة الصالحة في دوام الأسرة وبقائها (أوصاف المرأة الصالحة) (الحياء)
دور المرأة الصالحة في دوام الأسرة وبقائها (أوصاف المرأة الصالحة) (الحياء).
كما قلنا سابقا إن الأسرة من أهم المواضع والمباني التي أحبها الله تعالى تأسيسها ودوامها وبقائها ومن أعظم أركان الأسرة والكيان العائلي الإنسان ومن أهم أفراد الإنسان الذي له دور واسع في إصلاحها وبقائها ودوامها هو المرأة بشرط أن تكون صالحة, قال النبي (ص): ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً من زوجة صالحة.
والمرأة الصالحة ذات أوصاف وخصال متعددة: منها الحياء.
إن الحياء من أهم الأسباب والعلل في النیل إلی السعادة والفلاح في الدنیا والآخره، ولأجل أهمیته قال رسول الله (ص): إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْحَیِیَّ الْحَلِیمَ الْعَفِیفَ الْمُتَعَفِّفَ.
وفي أهميته أيضا قال الإمام علي(ع): أحسن ملابس الدنيا الحياء.
ومعلوم أن للملابس فوائد كثيرة ومن أهمها التزين بأحسن الجمال والتحصن بأحسن الصيانة والحفظ.
وفي مقابلها فساد الأسرة وفساد أعضاء الأسرة نزع لباس الحیاء.
ويفی ذلك قال سلمان: إذا أراد اللّهُ عزّ وجل هلاكَ عبد نَزَعَ منهُ الحياء. الکافي: 2/291 ح 10.
وإن الحياء والعفة توصل الإنسان إلی المقامات الرفیعة في الدنیا والآخره، ومن أجل ذلك إنّ الکمل من النساء کن من أهل الحياء والسكينة والوقار, منها أم المؤمنین خدیجه (س) وکانت من أشد الناس عفة وحياء في حیاتها وحتی في الأیام الجاهلیة، وبذلك صارت معروفة بالطهارة والعفة والحياء حتی في الأیام الجاهلیة وکفاها شرفا من أجل ذلك فقط.
روي في سیر أعلام النبلاء بأنها کانت تُدعي في الجاهلّية بالطاهرة لشدّة عفافها وصيانتها. سير أعلام النبلاء، ج2، ص 111.
إن الحياء من أهم خصال الإنسان ويجلب خصالا أخرى بحيث لولا الحياء في الإنسان لما كان فيه أكثر الخصال الحميدة.
قال أبو عبدالله (ع) :« اُنْظُرْ یَا مُفَضَّلُ إِلَى مَا خُصَّ بِهِ الْإِنْسَانُ دُونَ جَمِیعِ الْحَیَوَانِ مِنْ هَذَا الْخَلْقِ الْجَلِیلُ قَدْرُهُ، الْعَظِیمُ غَنَاؤُهُ أَعْنِی الْحَیَاءَ، فَلَوْلَاهُ لَمْ یُقْرَ ضَیْفٌ وَلَمْ یُوَفَّ بِالْعِدَاتِ وَلَمْ تُقْضَ الْحَوَائِجُ وَلَمْ یُتَحَرَّ الْجَمِیلُ وَلَمْ یَتَنَکَّبِ الْقَبِیحُ فِي شَیْءٍ مِنَ الْأَشْیَاءِ حَتَّى إِنَّ کَثِیراً مِنَ الْأُمُورِ الْمُفْتَرَضَةِ أَیْضاً إِنَّمَا یُفْعَلُ لِلْحَیَاءِ فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَوْلَا الْحَیَاءُ لَمْ یَرْعَ حَقَّ وَالِدَیْهِ و لَمْ یَصِلْ ذَا رَحِمٍ وَلَمْ یُؤَدِّ أَمَانَةً وَلَمْ یَعْفُ عَنْ فَاحِشَة.
أما الحياء فليس مختصا بالنساء بل يشمل جميع من يطلق عليه الإنسان من الرجل والمرأة, ولكن لا ريب في أن المرأة وخصوصا المرأة الصالحة أحوج إلى التلبس بلباس الحياء, لأن المرأة إذا تلبست بالحياء فتكون أكثر دورا في إصلاح المجتمع والأسرة.
فلذلك الحياء في النساء أهم وجودا بالنسبة إلى الرجال.
قال الإمام الصادق(ع) نقلا عن رسول الله(ص): الحیاء عشرةُ أجزاءٍ تسعةٌ فِي النساءِ وواحدٌ في الرّجالِ. بحار الأنوار، ج 100، ص 244.
وليس معنى هذا الحديث بأنه إذا لم يكن الحياء في الرجال فلا يوجد مشكلة بل معناه أن النساء أكثر احتياجا للحياء نسبة إلى الرجال وذلك أن للمرأة دور أوسع بالنسبة إلى الرجال.
والحياء في الإسلام ينقسم إلى قسمين:
حياء من الله تعالى. وحياء من الخلق.
الحياء من الله تعالى يتصور في أمور مختلفة وشاملة لحياة الإنسان في التجنب عن المعاصي والذنوب, لأن الإنسان إذا كان متصفا بالحياء يستحي أن يكون عاصيا في حضرة الرب تعالى فيترك المعصية جميعا.
قال رسول الله(ص): استحیوا من الله حق الحیاء. قلنا: إنا نستحي من الله یا رسول الله والحمد لله.
قال(ص): لیس ذلك.
الاستحیاء من الله حق الحیاء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زینة الحیاة، وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل استحیا من الله حق الحیاء.
قال رسول الله (ص): «أمّا الحَیاءُ فَیَتَشَعَّبُ مِنهُ اللِّینُ والرَّأفَةُ وَالمُراقِبَةُ لِلهِ في السِّرِّ وَالعَلانِیَةِ وَالسَّلامَةُ وَاجتِنابُ الشَّرِّ وَالبَشاشَةُ وَالسَّماحَةُ وَالظَفَرُ وَحُسنُ الثَناءِ عَلَى المَرءِ في النّاسِ، فَهذا ما أصابَ العاقِلَ بِالحَیاءِ فَطوبى لِمَن قَبِلَ نَصیحَةَ اللهِ وَخافَ فَضیحَتَهُ.
وأما الحياء من الخلق معناه حالة وخصلة بشأنها تمنع المرء من فعل أي شيء لا يتفق مع الأخلاق الكريمة والسلوك الحميد.
أنَّ الحیاء هو أحد الوسائل الإیجابیّة للسیطرة علی الإحساسات والرغائب الداخلیّة في ذات الإنسان وتجعل الإنسان یسعی أن لا یقوم بأعمال قبیحة أمام الآخرین. قال الإمام أمير المؤمنین(ع): اَلحَیَاءُ یَصُدُّ عَن فِعلِ القَبیِحِ.
فلذلك الإمام الصادق(ع) فيما كتب إلى أصحابه، أمرهم بمدارسه الحياء قال: وعليكم بالحياء، والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم. میزان الحکمة.
ولكن قد توهم بعض ولا يفرقون بین مفهومي الحیاء والخجل, ویظنون أنه یشبه مفهوم الحیاء.
في حين أن بينهما فرق واضح, لأن في الأغلب یكون الخجل سببه نقص في شخصیة الإنسان, إذ یشعر بأنه أضعف من الآخرین ویكون غیر قادر على مواجهتهم والتعبیر عن رأیه بكل جرأة, حتى وإن كان على حق وصواب.
وأما الحياء فهو شعور نابع من الإحساس برفعة وقوة وعظمة النفس, وهذا یختلف تماما عن الخجل فكلما رأیت نفسي رفیعة ًوعالیةَ, فاستحییت أن أدنو بنفسي للخطایا والآثام.
فالشخص المتصف بالحیاء لا یقدر أن یزني أو یكذب أو يغتب أو يفشي سر الناس, حتى لو كان لا أحد یراه، فهو بذلك یستحي من الله الذي یعلم ما في السر والعلن, ولكن الخجول إذا أتيحت له الفرصة أن یفعل ذلك دون أن یراه أحد لفعل دون مخافة من الله الذي یراه, فبالحیاء تطمئن النفس وترتقي وتزهو للأعلى والأفضل .
فلذلك قال الإمام موسی بن جعفر:ع): اَلْحَیَاءُ مِنَ الْإِیمَانِ وَالْإِیمَانُ فِي الْجَنَّةِ.
نسأل الله تبارك و تعالی ان یمنحنا و عوائلنا الحیاء و العفه و الطهاره.
اترك تعليق