ما هو دور الظن في دوام الأسرة وبقائها؟
قد رغب الإسلام بحسن الظن وترک سوء الظن فی جمیع الأمور خصوصا في الأمور الأسرية.
وقال أبو الحسن الهاديعليه السلام: إذا كان زمانٌ، العدل فيه أغلب من الجور، فحرام أن تظنّ بأحد سوءاً حتّى تعلم ذلك منه.
وإذا كان زمان، الجور فيه أغلب من العدل، فليس لأحد أن يظنّ بأحد خيراً حتّى يبدو ذلك منه(1).
لأن حسن الظن یوجب بروز حالة المحبة والوثوق والاعتماد والطمأنينة والسکینة بین أعضاء الأسرة، ولأن النظرة الحسنة وحسن الظن دلالة قوية على صفاء القلب الإنساني، فمن تنزه عن الرذيلة، وجاهد نفسه على هذا الطريق كان دائماً مطمئن النفس والخاطر.
وأما سوء الظن یوجب بروز حالة النزاع الزوجي في الأسرة من خلال بعض العلل والأسباب، فمرة يظهر سوء الظن في الجانب الاقتصادي، حيث يشعر أحد الطرفين بأن الآخر يخفي هذا الجانب دونه، ومرة يظهر الشك في جانب آخر يرتبط بالعفة وطهارة الثوب، في حين ليس هناك سوى الشك فقط الذي ينجم عادة عن الغيرة.
ومرة يبرز سوء الظن عن الإحساس بالتآمر حيث يشكّك أحد الطرفين ويظن بأن الآخر يتآمر عليه.
ولقد وصف القرآن المجيد الرابط بين الرجل وامرأته بعبارة جميلة ودقيقة جداً، فقال:
(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) سورة البقرة، الآية: 187.
لأن ماهية اللباس ستر للعورة والعیوب، وینموا الإنسان بشکل جمیل ومن نظر إليهما لا یری منهما إلا الحسن والجمال، فأراد الله تعالی أن تکون المرأة والرجل في حیاتهما الأسرية بهذا الشکل.
والإمام علي(ع) أيضا قد وصف حسن الظن بعبارة جمیلة وقال: أفضل الورع حسن الظن.
ولکن دائمًا يقعُ بين الناس في عصرنا الحاضر في العالم الإسلامي أمرٌ سيِّئ، وطبيعة غير حبیبة ينتج عنها آثارٌ كبيرة غير حميدة في التعامُل بين الناس؛ من العداوة والحروب، وشدة البُغض، حتى بين أفراد الأسرة الواحدة، إلاَّ أنَّه سوءُ الظن، وما أدراكَ ما سوء الظنِّ؟!
ولأجل ذلک قد نهینا في کتاب الله عز وجل عن سوء الظن بإخواننا المسلمين والوقوع فيهم فضلا عن أعضاء الأسرة.
قال تعالی: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا) الحجرات: 12.
ومن یجتنب عن سوء الظن بأعضاء الأسرة فقد اجتنب عن الإثم والمعصية، لأن بعض الظنون إثم واضح والعاقل لا یقرب من المعصية والذنوب.
1- نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 142، ح 28. أعلام الدين: 312، س 1.
اترك تعليق