مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

حكيمة عليها السلام السفيرة والواسطة

حكيمة عليها السلام السفيرة والواسطة

حكيمة(ع) السفيرة والواسطة:

كانت الظروف التي أحاطت بشهادة الإمام العسكري عليه السلام، بالغة التعقيد خصوصا مع تربص الحكومة العباسية بالإمام بعده، فكانت تنتظر خروجه على الناس سواء في تشييع أبيه أو الصلاة عليه، أو فيما بعد حين يتصدى لمباشرة أمور الإمامة، وكان الإمام العسكري عليه السلام قد أعد الأتباع مبدئيا للتعامل مع إمام غير ظاهر، عن طريق تأكيد دور الوكلاء والنواب(1)، وإرجاع المؤمنين إليهم. وربما أنتجت تلك الفترة حيرة لبعض الناس الذين لم يشأ لهم وضعهم الديني ووعيهم أن يكونوا في جو ما يحدث، وفي تفاصيله، كما نجد في عصرنا الحاضر أيضا أن قسما من الناس مع أنهم يعيشون في المجتمع إلا أنهم لا يعيشون في تفاصيل ما يحدث فيه من قضايا، وليس من الصالح إطلاعهم على تلك التفاصيل.. فإذا حدث الأمر الذي كانوا غائبين عن مقدماته حصل لهم نوع من التشويش والاضطراب.. وهذا ما حصل لقسم من الناس بعد شهادة العسكري، خصوصا مع تصدي أخيه جعفر لمقام الإمامة من غير حق، بدعم من السلطة العباسية واختفاء الإمام المهدي عجل الله فرجه.
وأما حكيمة فقد (كانت مخصوصة بالأئمة عليهم السلام، ومودعة أسرارهم، وكانت أم القائم عندها وكانت حاضرة عند ولادته وكانت تراه حينا بعد حين في حياة أبي محمد العسكري عليه السلام، وكانت من السفراء والأبواب بعد وفاته). كما يقول شيخنا المجلسي رضوان الله عليه. ولذلك ربما رجع إليها بعض المؤمنين لسؤالها عما يرتبط بأمور الإمامة، فقد حدث محمد بن عبد الله الطهوي قال: قصدت حكيمة بنت محمد عليه السلام بعد مضي أبو محمد عليه السلام أسألها عن الحجة وما قد اختلف فيه الناس من الحيرة التي هم فيها فقالت لي: اجلس فجلست ثم قالت: يا محمد إن الله تبارك وتعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة ولم يجعلها في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام تفضيلا للحسن والحسين وتنزيها لهما أن يكون في الأرض عديلهما إلا أن الله تبارك وتعالى خص ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن عليهما السلام كما خص ولد هارون على ولد موسى عليه السلام وإن كان موسى حجة على هارون والفضل لولده إلى يوم القيامة ولابد للأمة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقون كيلا يكون للخلق على الله حجة وإن الحيرة لابد واقعة بعد مضي أبي محمد الحسن عليه السلام فقلت: يا مولاتي هل كان للحسن عليه السلام ولد فتبسمت ثم قالت: إذا لم يكن للحسن عليه السلام عقب فمن الحجة من بعده؟ وقد أخبرتك أنه لا إمامة لأخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام فقلت: يا سيدتي حدثيني بولادة مولاي وغيبته عليه السلام...ثم ذكرت حديث الولادة بما سبق أن ذكرناه.. 
كذلك أحمد بن إبراهيم قال دخلت على حكيمة بنت محمد بن علي الرضا أخت أبي الحسن صاحب العسكر عليهم السلام في سنة اثنتين وستين ومائتين فكلمتها من وراء حجاب وسألتها عن دينها فسمت لي من تأتم بهم ثم قالت: والحجة ابن الحسن بن علي فسمته فقلت لها: جعلني الله فداك معاينة أو خبرا؟
فقالت: خبرا عن أبي محمد عليه السلام كتب به إلي! فقلت لها: فأين الولد فقالت: مستور! فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟
فقالت لي: إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلام فقلت لها: أقتدي بمن وصيته إلى امرأة؟
فقالت: اقتداء بالحسين بن علي عليهما السلام فإن الحسين بن علي عليهما السلام أوصى إلى اخته زينب بنت علي في الظاهر فكان ما يخرج عن على بن الحسين عليهما السلام من علم ينسب إلى زينب سترا على علي بن الحسين عليهما السلام ثم قالت: أنكم قوم أصحاب أخبار أما رويتم أن التاسع من ولد الحسين بن علي عليهما السلام يقسم ميراثه وهو في الحياة.
توفيت السيدة الجليلة حكيمة بعد مدة من غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه، وقد نقل عنها بعضهم أنه دخل عليها في المدينة في سنة ٢٦٢ للهجرة، وقد سألها مسائل.. وهذا آخر ما ذكر عنها في ثنايا كتب الروايات، وأما كتب التاريخ فلم تترك رواية الغنائيات، وأحوال العابثات والعابثين مجالا للمؤرخين لكي يتحدثوا عن هذه الأنوار الساطعة، والصفحات المضيئة.







الهامش:
1- يراجع كتاب نظام الادارة الدينية عند الشيعة الإمامية للمؤلف.



المصدر: كتاب نساء حول أهل البيت(ع)، فوزي آل سيف، ج2..


التعليقات (0)

اترك تعليق