مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الزواج التجاري والطبيعة الإنسانية..

الزواج التجاري والطبيعة الإنسانية..

الزواج التجاري:

إنّ من ممیزات الزواج التجاري هو المهر الغالي والکثیر، والجهاز الضخم، الثروة والعقار والبیت والأثاث و...!
تقع المبادلة في الزواج التجاري على نوعین من الثروة المالیة:
1- الثروة المرئیة
2- الثروة غیر المرئیة

المقصود من الثروة المرئیة هو مقارنة ثروة الرجل مع ثروة المرأة بصورة دقیقة، فضلاً عن ثروة الأشخاص القریبین منهما مثل الأب والأُم والأخ، أو بالأحرى حساب ثروة کل الأشخاص الذین تصل ثرواتهم أو قسم منها إلیهما بعد موتهم!
تحسب کلّ هذه الثروات بدقّة وتخضع لمقارنة تامّة فإذا تمّت هذه «الصفقة» نجد أنّ الرجل والمرأة یکمن کل منهما على حد سواء لاقتناص أموال أقرباء قرینه بعد موتهم، ویبقى یعدّ الأیام واللیالي لوصول الیوم المحتوم لهم.
أمّا الثروة غیر المرئیة فهي المستوى والمقام الاجتماعي لأقرباء الطرفین، حتى یستطیع کل منهما ارتقاء سلّم التقدم بواسطة أقرباء الآخر.
إنّ الثروة غیر المرئیة ربّما فضلت على الثروة المرئیة کثیراً حیث تکون أحیاناً بصورة تفویض وإعطاء بعض المناصب والوظائف للأقرباء والأصدقاء، ولهذا نجد أن الرجل والمرأة بعد إتمام الزواج یشرعون بالإبتهال إلى الله لیل نهار بأن یحفظ أقرباءهم من مکاره الدهر کي یستطیعوا بواسطتهم أن یصلوا إلى کلّ أمانیهم ویصعدوا سلم الإرتقاء حتى آخره.
من الطبیعي أن الصفات الإنسانیة في مثل هذا الزواج لا تؤخذ بنظر الإعتبار، بل الأساس فیه والمحور الذی یدور علیه هو ثروة الطرفین وخاصة (ثروة الزوجة).
إنّ شخصیة المرأة في الزواج التجاري تعتبر بضاعة أو سلعة -لیس غیر- تجري علیها المعاملات. ومن المؤسف أن نرى مثل هذا الزواج أصبح متداولاً کثیراً في مجتمعنا المعاصر وأن کثیراً من الآباء والاُمّهات والشباب لا یرغبون بالزواج إلاّ إذا کان من هذا النوع.
عیوب هذا الزواج کثیرة جداً بل إنّه بذاته عیب إذ أنّ عامل دوامه وبقائه هو عامل حدوثه لیس إلاّ، فإذا ما وجد أحد الطرفین نفسه بأنّه لا یحتاج إلى الآخر من الناحیة المادیة فالفراق واقع بینهما لا محالة.
من المسلّم أنّ مثل النساء بالنسبة للرجال -في هذا النوع من الزواج- مثل الفاکهة یمتصون عصارتها ویرمون قشورها.
لا یوجد بین الطرفین أي مفهوم لعلاقة الزواج المقدّسة التي تضمن بقاءه واستمراره، بل ینظر کلّ منهما لصاحبه کما ینظر إلى سیارة ثمینة أو عمارة جمیلة.
أمّا النساء اللاتي یتزوجن بهذه الطریقة فهن یحملن أحلاماً صعبة المنال للغایة؛ الأمر الذی یشکّل أکبر خطر من شأنه أن یفصم عُرى الزواج.
إنّ شیوع هذا النوع من الزواج جعل الشباب یتظاهرون أمام الفتیات أو أهلهن بأنّهم أصحاب أموال طائلة وأصحاب أملاک وعقار، ولکن بعد إتمام الزواج، تنکشف الحقیقة للبنت وأهلها، وحینئذ تبدأ المشاجرات بین الزوجین التي قد تؤدي إلى الإنتحار أو إلى أُمور اُخرى غیر مرضیة.
إنّ القوانین الإسلامیة قد أعطت هذه المسألة أهمیة خاصة عندما منعت المسلمین عن هذه الأنواع من الزواج غیر الصحیح، وقد ذم أئمتنا بشدّة الأشخاص الذین یتزوجون من أجل أموال الطرف المقابل.
کما ذمّوا(علیهم السلام) المهور الغالیة، معتبرین ذلک من شؤم الزواج، کما کانت سیرتهم العملیة تتصف بتزویج بناتهم بمهور قلیلة من الأفراد المعروفین بغناهم المعنوي وفقرهم المادّي لتحتذي الأُمّة بأفعالهم وطریقتهم(1).
وقد ورد في الحدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال:
«من تزوج إمرأة لجمالها لم یدرک ما طلب، ومن تزوجها لمالها وکله اللّه إلى نفسه، فاضطر بذات الدین تربت یداک»
 
 
________________________________________
1. وسائل الشیعة: ج 3/ ص 6.




المصدر: من كتاب المشاكل الجنسيّة للشباب.

التعليقات (0)

اترك تعليق