مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

طول مدّة الدراسة: العقبة الکؤود أمام الزواج

طول مدّة الدراسة: العقبة الکؤود أمام الزواج

طول مدّة الدراسة: العقبة الکؤود أمام الزواج

قد لا تکون هناك ضرورة للتذکیر بأنّ أغلب الأفراد الذین یهربون من قضیة الزواج الحیویة إنّما یتذرعون بالانهماك بالدراسة، في حین نرى الکثیر منهم لم یدخل العش الذهبي حتى بعد إکماله للدراسة، أو یبقى کذلك وقد هجر الدراسة، مع ذلك لا یمکن إنکار هذا الأمر وهو أنّ طول مدة الدراسة إنّما یشکل عقبة کبرى في طریق الزواج بالنسبة إلى قطاعات واسعة من شریحة الشباب، جدید بالذکر إنّ مدّة الدراسة لأغلب الفروع والتخصصات ربّما تمتد إلى 18 سنة أو أقل من ذلك بقلیل، فالشاب إنما یبلغ سن الخامسة والعشرین من عمره لیکون قد أنهى دراسته وتفرّغ لحیاته الاجتماعیة، فهو یفتّش عن عمل في هذه المرحلة من شبابه (إن صحّ التعبیر بنعته شاباً بالمعنى الواقعي للکلمة، ففي الواقع قد ولّى عنفوان شبابه ولم تبق منه إلاّ حشاشة)، والذي یبدو أنّ هذه السن ربّما تمتد إلى الخامسة والثلاثین في عالم الغد؛ عالم العلم والاختصاص، وهنا یبرز هذا السؤال الذي یطرح نفسه وهو: هل یجب أن یتوقّف الزواج حقاً على انتهاء المدّة الدراسیة مهما کان أمدها طویلا؟ أم یجب العمل على إزالة هذه العلاقة التي یعتقد البعض بأنّها تأبى الإنقطاع، وتطییب خاطر الشباب من هذا الشرط المثقل للکاهل، ولکن من جانب آخر أنّى لهذا الفتى التلميذ المُستهلك لا المنتج أن ینبس ببنت شفة عن الزواج بهذا الثقل الوبي الذی یکسر الظهر؟ وکیف یمکن التنکّر لربط الزواج بقضیة إنهاء الدراسة؟

نعتقد بأنّنا إذا فکّرنا بحریة أکثر واجتنبنا الآثار الخاطئة فإنّ حل هذه القضیة لا یبدو معقّداً؛ ولدینا مشروع واضح بهذا الشأن.
ما المانع من أن یختار الشباب إبان دراستهم -حین یبلغون السن القانونیة للزواج- شریکات حیاتهم بعد استشارة آبائهم وأُمهاتهم والمخلصین من زملائهم، ففي بادئ الأمر تتم بینهما الخطبة (إجراء عقد الزواج والقیام بالإجراءات الدینیة والقانونیة دون إقامة مراسم الزفاف) التی لا تتطلب أیة تکالیف ونفقات، ولیعلم کلّ من الفتى والفتاة بأنّ کلا منهما مكمّل للآخر وسیعیشان معاً مستقبلا حیاة مشترکة، وما أن تتوفّر الإمکانات حتى یستأنفان سائر المراسم بکلّ تواضع وبساطة، أمّا فائدة هذا المشروع، فهو أولا یبعث الهدوء الروحي في نفوس الشباب، ویضیئ حیاتهم بنور الأمل ویبعد عنهم شبح المستقبل الغامض الذي یقضّ مضاجع أغلب العزّاب.
وثانیاً إنه یمدّهم بأسباب الصمود والاستقرار تجاه الإنحرافات الأخلاقیة، کما ینقذهم من قضیة إهدار الوقت الذي یصرفونه في البحث عن شریکة الحیاة، وأخیراً یجعلهم یعیشون الحیاة الطبیعیة الوادعة.
لا شك أنّ أغلب الشباب یمکنهم اعتماد هذا المشروع، إذا ما تعاون معهم الآباء والاُمهات فيهذا الخصوص، وفکر الشباب بصورة منطقیة صحیحة، ونرى أنّ أغلب المشاکل المرتبطة بهذه القضیة ستحل في ظل هذا المشروع.
والخلاصة فإن إجراء العقد الشرعي وحالة التعلّق والمودّة التي یعیشها الفتى والفتاة في هذه المدّة، من شأنها أن تلبّي الکثیر من حاجاتهم الجنسیة، وذلک لأنّ فترة الخطوبة إنّما هي فترة تضم بین ثنایاها کثیراً من خصائص الحیاة الزوجیة التي تتیح فرصة أکبر للجنسین للتخفیف من وطأة الحرمان الجنسي، وبهذا الاُسلوب سنهیب بشبابنا بعیداً عن التلوّث بالفاحشة والإنحراف الجنسي دون أن تفرض بعض التکالیف على أُسرة الولد أو البنت، أو عملیة الانجاب التي من شأنها عرقلة مسیرة الدراسة.
أمّا الحل الثاني فهو القیام بجمیع مراحل الزواج حتى الزفاف، شریطة أن یلجأ الطرفان إلى إحدى الطرق الخاصة -والتی یفتي الشرع بجوازها- التی تحول دون الحمل، لأنّ المشکلة العویصة التي تهدد الزواج إنما تتمثّل بالحمل والولادة، والتي یرى بعض الشباب أنّ أعبائها إنّما تعیقه عن مواصلة الدراسة، والذي تجدر الإشارة إلیه هنا هو أنّ هذه المشاریع إنّما تؤتي أُکلها إذا تمّ الزواج فیها بصورة بسیطة متواضعة بعیداً عن القیود الاجتماعیة الزائفة والتکالیف الباهضة، التي تفتقر إلى العقل والمنطق، نعم هذا هو السبیل القویم الذي یتکفّل بسعادة الشباب إن کانوا یسعون حقاً إلى نیلها، أمّا الجلوس في زاویة من البیت والتریّث والتأنّي حتى تنتهي مدّة الدراسات العُلیا ومن ثمّ الحصول على وظیفة مناسبة وبدخل کبیر وتجهیز البیت وشراء السیارة وإنفاق المبالغ الطائلة في مراسم الزواج، فإنّ النتیجة لن تکون سوى الإقدام على الزواج بعد ما یرحل الشباب ویحل المشیب حین یقارب الخامسة والثلاثین أو الأربعین من عمره، بعد أن یعیش آلاف الانحرافات الجنسیة، وناهیك عن کلّ ما تقدّم فإنّ مثل هذا الزواج سیکون فاقداً لکلّ عناصر الحیاة الزوجیة ومقوماتها، وذلك لأنّه لا ینسجم وغرائز الإنسان الطبیعیة المؤهلة للاشباع في أوقات معینة.



المصدر: من كتاب المشاکل الجنسیة للشباب.

 



التعليقات (0)

اترك تعليق