مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

بنت الهدى تهزم الجموع

بنت الهدى تهزم الجموع

بنت الهدى تهزم الجموع:

خلال مسيرنا في الزقاق المؤدّي إلى شارع الإمام زين العابدينعليه السلام سبقتنا الشهيدة بنت الهدى؛ لتأخذ مكانها هناك استعداداً لإلقاء خطبتها التي هزمت فيها الجموع التي تحشّدت لاعتقال السيّد الشهيد.
وقفت كأنّها زينب لم تأبه بالمجرمين الذين تتقطّر وجوههم شرّاً وحقداً ووحشيّة، لم ترهبها رشّاشات الكلاشنكوف، وبدأت خطبتها التأريخيّة التي تعتبر وثيقةً مهمّةً من وثائق الثورة الإسلاميّة في العراق، قالت رضوان الله عليها:

انظروا... أخي وحده، بلا سلاح، بلا مدافع ورشّاشات، أمّا أنتم بالمئات... انظروا، وأشارت إلى الجموع هنا وهناك، فهل سألتم أنفسكم: لِمَ هذا العدد الكبير؟ ولِمَ كلّ هذه الأسلحة؟ لأنّكم تخافون... إي والله تخافون؛ لأنّكم تعلمون أنّ أخي ليس وحده، بل معه كلّ العراقيّين.
إنّكم تخافون، ووالله لولا ذلك لما جئتم لاعتقال أخي في هذه الساعة المبكِّرة من هذا الصباح... لماذا لا تجيئون إلاّ والناس نيام؟
لماذا تختارون هذا الوقت؟ هل سألتم أنفسكم؟ هل هذا إلاّ دليل على ما أقول؟

وما أن أتمّت الشهيدة خطبتها حتّى تفرّق الحشد الأثيم، واختفى في الأزقّة، وبقيت سيارات الأمن ومن فيها في سكون وثبات، لم يتحرّك أحد حين خطبت الشهيدة، وكأنّ على رؤوسهم الطير. ثُمَّ توجّهت بخطابها إلى شهيدنا العظيم، وقالت:

اذهب يا أخي، الله معك، فهذا هو طريقنا، وهذا هو طريق أجدادك الطاهرين.

استمرّ خطاب الشهيدة الخالدة أكثر من خمس عشرة دقيقة، فلم يجرؤ أحد من الجلاوزة على منعها، فقد كان صوتها الزينبيّ وكلماتها الثائرة أقوى من كلّ قوّة، لقد أربكت الجلاوزة وأرعبتهم، ولم تدع لهم من سبيل إلاّ الاختفاء في الأزقّة.
 



المصدر: من كتاب "الشهيد الصدر سموّ الذات وسموّ الموقف"، آية الله العلامة كاظم الحسينيّ الحائريّ.

التعليقات (0)

اترك تعليق