مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أختي الحبيبة وصديقتي المصطفاة الست عزّة ...لا عدمتك بل فديتك..

رسالة من آمنة الصدر إلى عزة: أختي الحبيبة وصديقتي المصطفاة الست عزّة ...لا عدمتك بل فديتك..

باسمه تعالى

 

أختي الحبيبة وصديقتي المصطفاة الست عزّة... لا عدمتك بل فديتك..

أرجو أن تكوني ومَن معك في أتم صحة وعافية وأن تبقي دائماً وأبداً في سعادة تامة وهناء مُقيم..
وبعد يا أختي ها أنا ذى أكتب إليك بعد أن مرّت شهور عشرة لم ألاقيك بها بل وحتى لم أسعد بمراسلتك أيضاً، نعم، شهور عشرة لم تتمكن بأيامها ولياليها بآمالها وأمانيها وبما ضمته من دموع وضحكات ومآسي ونكبات، لم تتمكن أن تبعد ولو لساعة واحدة خيالك العزيز عن ناظري أو أن تخلي فكري ولو لساعة واحدة أيضاً منك أو أن تنأى بقلبي عنك أنتِ الحبيبة المصطفاة والأخت العزيزة المثال فأنا يا عزيزتي وإن قعدت بي الظروف وأحكامها عن مراسلتك وأنا وإن منعتك أنت أيضاً الظروف وأحكامها عن مراسلتي سوف أبقى ما دمتُ حيّة وفيّة لذكراكِ، تائقة إلى ساعة لقياك، فخورة بك، معجبة بقلبك وصفائه وسريرتك ونقائها، واثقة وشديدة الثقة من عواطفك نحوي وإخلاصك إليّ فما زلتُ أنا هنا في النجف الأشرف كما أنا مخلصة وفية مشتاقة، يلزم أن تكوني وأنتِ في بيروت كما أنت وكما كنتِ من قبل فأنا أعتقد جازمة أن بين القلوب المتآخية رسول لا يخطأ ولا يُخادع، قد يُحاول الإنسان أن يخدع قلبه و لكن القلب لا يحاول مطلقاً أن يخادع صاحبه، قد يضن (يظن) الإنسان أنه يتمكن أن يتناسى أليفه وحبيبه أو يحاول ذلك ولكن القلب لا يقرّ منطق التناسي فيفرض إرادته ويعلن عن واقعه.

عزيزتي بعثتُ لك رسالة بُعيد رجوعي من لبنان في العام الماضي وكانت مفصّلة وكأني حاولت فيها أن أغوص بطولها عن قصر مدّة اللقاء وحدثّتك فيها عن أمور كثيرة، وشرحتُ لك فيها ما أحسّه من خيبة أمل مريرة لما بخل به عليّ لبنان من لقائك إلا لدقائق في الوقت الذي كنت قد سعيت فيه إلى لبنان على أمل لقائك الحبيب ولكن لم أتلقى منك جواباً وعسى أن تكون الرسالة لم تصل أو عسى أن تكون قد وصلت وأهملت في دكان عطوي (حفظه الله) فإن هذه الفروض هي التي تُسليني عن عدم تلقي الجواب فليس من الممكن أن تصلك رسالتي وتبقى مهملة لديك تنتظر الجواب لحد اليوم ولو كانت الظروف مواتية ولو كانت حوادث الدهر مساعدة لثنيت وثلثت ولكن ومع كل الأسف لم أتمكّن من ذلك ولكن الآن  وبعد أن رجعنا من الكاظمية بغداد قضينا هناك أنا وأمي شهور ثلاثة في مساعدة أم الحنان في تمريض أختها وبعد أن فشلت جميع المحاولات لإنقاذها من براثين الموت وبعد أن عجز الطب عن إسداء أي معونة وبعد أن كان ما لا بد أن يكون و بعد أن قضينا الفاتحة والأربعين رجعنا إلى النجف مُخّلفين ورائنا أم الحنان في حالة حزن مرير شعرتُ بحاجة ملحّة إلى الكتابة لكِ وشعرت أيضاً بحاجة ملحّة إلى قربك فقد كدتُ أسأم هذه الصور الملونة التي أراها تلوح لي على وجوه البشر وتقت إلى وجه واقعي تكشف تعابيره عن الحقيقة والواقع ويحكي بصراحة عن القلب والفكر وهذا الوجه هو وجهك يا أختاه فما أشوقني إليك لتمسحي بيدك الحنون على قلبي التائق إلى الحنان الصادق ولتشفي سمعي بكلماتك العذبة المحببة بعد أن تعبت من الاستماع إلى الكلمات الفارغة التي لا تدل على الحقيقة ولا تشير إلى الواقع عسى أن يجمعنا الشتاء القادم ويمنّ علينا بلقاء سعيد ننهل فيه مرة ثانية من معين العواطف الصادقة ومن نمير الحب الخالص.

عزيزتي لعلّ رسالتي هذه سوف تصلك وأنت في الجبل ولعلّها سوف لن تصلك أيضاً فكأن الدهر الذي حرمني من قربك يحاول أن يحرمني حتى من لذّة مراسلتك فإذا وصلتك هذه الرسالة فاقريها يا عزيزتي واذكريني واذكري أياما قضت (تقضت) وعهود مضت إلاّ من ذكري وإذا شأتِ أن تجيبين عنها فاذكري لي شرح أحوالك وهل يا ترى جدّ جديد في وضعك الخاص.

وختاماً وإن عز عليّ أن أختم أعود فأبعث لك بتحياتي وأشواقي..

السيدة الوالدة وأم المرام يسلمان ويشتاقان جميع الأهل والأصدقاء يسلّمون ويشتاقون ودمت للمخلصة لك إلى الأبد.

 

آمنة الصدر


 

التعليقات (0)

اترك تعليق