مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

هل المرأة ليست أهلاً للقيادة؟

هل المرأة ليست أهلاً للقيادة؟ لا مجال للجزم بهذا الاستنتاج، سواء كان نفي تولي المرأة ناشئاً عن دليل أم كان لعدم الدليل

لا مجال للجزم بهذا الاستنتاج، سواء كان نفي تولي المرأة ناشئاً عن دليل أم كان لعدم الدليل على ثبوت هذا الحق لها، وهذا واضح على التقدير الثاني.
وأمّا على التقدير الأول: فلأنّ مجرد أن الإسلام لا يرضى أن تتولى المرأة القضاء والولاية لا يعني أنها ليست أهلاً واقعاً لذلك المقام، إذ لا ملازمة أصلاً بين الأمرين، والتحليل يقول أنّ سلب هذا الأمر عن المرأة يكون لأحد سببين:
1- إمّا لأنها ليست أهلاً.
2- وإمّا لأن الله تعالى أراد منها دوراً ضمن نظرية شاملة عن الحياة والمجتمع لن تتحقّق أهداف هذه النظرية لو تغيّر دورها، حتى وإن كانت أهلاً.
ولا سبيل للجزم بأن السبب هو الأول، بل يمكن ترجيح الثاني، ولنا في ذلك شواهد:
فالقرآن أشار إلى حكمة ملكة سبأ، وأظهر أنّ لها حكمة في التعاطي مع أمور الحكم أكثر من مستشاريها الرجال.
كما لا ريب في أنّ سيدة نساء العالمين الزهراء (ع) كانت أهلاً للقيادة، وهي من النساء، ومع ذلك لم تعطى هذا الدور، ولم تتولى قيادة المجتمع. وكذلك الحال بالنسبة للسيدة زينب (ع). وليس ذلك إلاّ لتركيز فكرة أنّه ليس المطلوب من المرأة هذا الدور، وإن كانت قادرةً عليه، لما أشرنا إليه من النظرية المتكاملة عن الحياة والمجتمع. ولذلك لم تُكلّف بالجهاد مع قدرتها عليه إلاّ في موارد نادرة، كما لو انحصر الدفاع بمشاركة المرأة. وربما كان دورها الذي رسمه الإسلام أهمّ، في عين الله تعالى، من دور الرجل. [...] 
ونحن لم  نجد مجتمعاً استقرّ إذا انصرف الرجال والنساء لتولي نفس الدور ولو كان بهذه الأهمية، حتى أنّ المجتمعات الغربية التي قد نقيس أنفسنا بها، أحياناً، ظلماً لأنفسنا، نجدها قد بلغت حداً من الانحلال الاجتماعي والأسري، حدّاً نستطيع أن نقول عنده: الحمد لله الذي عافانا ممّا ابتلي به غيرنا ولو شاء لفعل.
إنّ التجربة شاهد على ما نقول، فرغم أنّ الغرب فتح الباب للمرأة على مصراعيه، على ما قيل، مع ذلك لم تصل إلى ما تنشده من دور بل ضاعت عليها الحياة الأسرية، وضاعت معها المجتمعات، كما ضاعت شخصية المرأة.
فالذي نعتقده أنّ المرأة عليها أن تقوم بالدور الذي تنجح فيه ولا ينجح فيه الرجل؛ وهو دور بناء الأسرة وبناء الأولاد، ودعم الزوج والأهل في ما يرضي الله تعالى.
وعلى الرجل أن يقوم بالدور الذي يمكن أن ينجح فيه وهو القيام بالنصف الآخر من الدور الاجتماعي، ودعم الزوجة في ما يرضي الله تعالى، ولولا تكامل هذين الدورين لما استقامت حياة اجتماعية بين المسلمين.
• ومن هنا نذكر لماذا لا يرجّح الإسلام للمرأة أن تعمل خارج بيتها إلاّ عند الضرورة، وذلك لأنّه يريد أن يخفّف من العوائق التي تعيق عملها التربوي والأسري.
ومن الواضح أن هذا الذي ذكرناه مجرّد تحليل، وليس بالضرورة هو السرّ الشرعي وراء عدم وجود نص يجيز للمرأة أن تتولى الشأن القيادي.
وربما نكون مخطئين، لكنّ الذي أردناه ابداء احتمال يمنع من الجزم بأنّ سبب فعلها من الولاية هو عدم أهليتها.



المصدر: جريدة العهد (الانتقاد).
الشيخ مالك وهبه.

التعليقات (0)

اترك تعليق