المرأة الفلسطينية الأسيرة شوكة تنغص معيشة المحتلين: الحركة الفلسطينية النسوية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي
تكتسب تجربة الحركة النسوية الأسيرة صفة مميزة وإن تشابكت في تجربتها مع مجمل التجربة الجماعية للأسرى، فهي أكثر ألماً ومعاناة، وتحمل في خصوصيتها مدى النضج الوطني في المجتمع الفلسطيني، حيث تشارك المرأة بدورها النضالي إلى جانب الرجل في مقاومة الاحتلال.
وتعرضت الأسيرات للكثير من حملات التنكيل والتعذيب أثناء الاعتقال، وتفيد شهادات عديدة للأسيرات أنهن تعرضن للضرب، والضغط النفسي، والتهديد بالاغتصاب. وشكلت أعوام 67-71 سنوات قاسية جداً في تاريخ الحركة النسائية الأسيرة، وخاصة في بداية التجربة الاعتقالية وبدء النضال والكفاح للدفاع عن ذواتهن داخل السجون، من مخططات تدمير وتحطيم النفسية والإرادة الوطنية لدى الأسيرات، وقد خاضت الأسيرات منذ بداية تجربة الاعتقال العديد من النضالات، والخطوات الاحتجاجية، والإضراب المفتوح عن الطعام، في سبيل تحسين شروط حياتهم المعيشية، والتصدي لسياسات القمع والبطش التي تعرضن لها، فقد شاركت الأسيرات بالإضراب المفتوح عن الطعام عام 1984 والذي استمر 18 يوماً، وفي إضراب عام 1992 والذي استمر 15 يوماً، وفي إضراب عام 1996 والذي استمر 19 يوماً، وكذلك في إضراب عام 1998 والذي استمر 10 أيام، إضافة إلى مشاركتهن في سلسلة خطوات احتجاجية جزئية، حيث كانت أبرز المطالب الحياتية للأسيرات تتمثل بالمطالبة بفصلهن عن الأسيرات الجنائيات، وتحسين شروط الحياة الإنسانية داخل السجن، كتحسين الطعام كماً ونوعاً، والعلاج الصحي، والسماح باقتناء الكتب، والراديو، والصحف، والرسائل، وإدخال الملابس والأغراض عبر الزيارات، ووقف سياسة القمع والتفتيشات الاستفزازية من قبل السجّانات.
واستطاعت الأسيرات بفعل نضالاتهن وصمودهن تحقيق العديد من المنجزات، وبناء المؤسسة الاعتقالية باستقلالية داخل السجن.
إن معاناة المرأة الأسيرة تتعدى الوصف، فهي الأم التي أنجبت أطفالها داخل السجن ليتربى الطفل مدة عامين بين القضبان وفي ظلام الغرف الموصدة، وهي المرأة التي تعاني المرض في ظل الإهمال الصحي، الذي تتميز به سياسة إدارة السجون، وهي المرأة التي صبرت سنوات طويلة، حيث قضت بعض الأسيرات مدداً تزيد عن العشر سنوات.
وفي سجل تاريخ الحركة النسوية الأسيرة مواقفاً أسطورية عجز الرجال عنها، كما حصل عام 1996 عندما رفضن الأسيرات الإفراج المجزوء عنهن على إثر اتفاق طابا، وطالبن بالإفراج الجماعي، ودون ذلك فضلن البقاء في السجن، واستطعن أن يفرضن موقفهن في النهاية، ليتم الإفراج عن جميع الأسيرات في بداية عام 1997.
وقد خاضت الأسيرات معركة الحرية بعد اتفاق أوسلو تحت شعار "لا سلام دون إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات"، وشاركن في الخطوات النضالية إلى جانب بقية الأسرى في كافة السجون في سبيل تحقيق أهدافهن بالحرية والإفراج.
ويبلغ عدد الأسيرات المعتقلات 54 أسيرة، ويتواجدن في سجن النساء في الرملة وفي مراكز التوقيف في ظروف صعبة، حيث تم وضعهن في قسم السجينات الجنائيات ويتعرضن لاستفزازات يومية، وتقليص في ساعات النزهة المحددة لهن، إضافة إلى حرمانهن من إدخال الأغراض اللازمة عبر الزيارات، وازدادت معاناتهن أسوة ببقية الأسرى خلال انتفاضة الأقصى، حيث استغلت إدارة السجون عددهن القليل وقامت بالاستفراد بهن، وزجهن في زنازين انفرادية، وحرمانهن من أبسط متطلبات الحياة الإنسانية.
إنها تجربة المرأة الفلسطينية المناضلة: الأم والأخت والزوجة والطفلة.. القائدة في الميدان، وفي البيت، ومربية الأجيال والثوار، مربية القادة والمناضلين.
ولقد تعرضت المرأة الفلسطينية لأساليب قمع وحشية أثناء الاعتقال وفي مرحلة التحقيق على يد رجال الشاباك الإسرائيلي، وقد استخدمت شتى أنواع الضغط النفسي، والتهديد، والاعتداءات على المعتقلة الفلسطينية من أجل إركاعها، واستسلامها، وتحويلها إلى إنسانة مفرغة، وضعيفة، ومحطمة. وكان الاعتقاد السائد لدى المحققين أن المرأة الفلسطينية لا تستطع الصمود والمواجهة، بل أنها أداة ضعيفة يمكن الاستفادة منها للحصول على معلومات وأسرار الثورة، إلا أن هذا الاعتقاد سرعان ما تحطم وثبت فشله أمام التحدي الكبير الذي وقفته المرأة الفلسطينية المعتقلة في مواجهة المحققين وأساليبهم التعسفية واللا إنسانية، وقد تجلت معاني بطولية أسطورية لدى المرأة المعتقلة وهي تقف عنيدة متكبرة ومتمردة على التهديد والتعذيب الذي تعرضت له، ولم تهتز قناعاتها الوطنية، وإيمانها وانتمائها بقضيتها، فتحملت الكثير من التضحيات والآلام لحماية كرامتها، وشرفها، والدفاع عن وجودها الإنساني بشكل مشرف، وسجلت تجربة المرأة الفلسطينية أروع وأنبل الشهادات التاريخية المليئة بالتضحية، والإيثار، والصمود في معركة التحقيق التي مرت بها وفي أصعب الظروف وأشدها.
وقد سقطت كل النظريات الأمنية، والطرائق الإرهابية التي استخدمها الجلادين أمام جبروت وكبرياء المرأة الفلسطينية، التي رفضت أن تركع، وكانت شجاعة في تحديها، وعظيمة في دفاعها عن شرفها وكرامتها. ويبقى شلال التضحيات والعذابات التي تعرضت لها المرأة الفلسطينية الأسيرة خير شهادة على إبراز وجه الاحتلال، هذا الوجه العدواني وكشف زيف ادعاءاته، وتنصّله من أي بعد إنساني، واحترام للمبادئ والمواثيق الدولية. إن صرخة المرأة الأسيرة، هي تعبير عن جريمة المحتلين، تبقى مدوية ومقلقة تهز أركان هذا الكيان المسخ.
لقد أكدت تجربة الأسيرات المناضلات، عمق وكثافة هذه التجربة التي خاضتها المرأة الفلسطينية بكل مكوناتها النفسية لتحافظ على كرامتها، ومبادئها، ووجودها من الانسحاق والتحطيم أمام قسوة الأوضاع ووحشيتها. لقد حولت الأسيرة الفلسطينية السجن إلى مدرسة، ووقفت بإرادة صلبة أمام كل أساليب التفريغ، والتطويع، والاضطهاد، لتبني داخل السجن مؤسسة ثقافية، وتنظيمية، وفكرية، وتخلق حالة إنسانية عالية من التحدي رغم الحصار والقيود.
وتبقى هذه التجربة المستمرة جزء من الصراع الدائم والمرير مع الاحتلال، لعبت المرأة الفلسطينية فيه دور القائد، والمقاتل، وحملت الهم الوطني مثلها مثل الرجل، لم تردعها التقاليد الاجتماعية، ولم تثنها أساليب الجلادين اللا إنسانية والقمعية، بل انطلقت بكرامتها وشرفها وصلابة عزيمتها تشق دورها الريادي؛ لأجل مستقبل أجمل وخال من الظلم والاستعباد.
فسجون النساء أعطت المجتمع الفلسطيني المبدعات فنياً وثقافياً والقائدات في مجالات العمل المختلفة. وظلت المرأة الفلسطينية الأسيرة شوكة تنغص معيشة المحتلين.
المصدر: مركز المعلومات الوطني الفلسطيني- وفا.
وتعرضت الأسيرات للكثير من حملات التنكيل والتعذيب أثناء الاعتقال، وتفيد شهادات عديدة للأسيرات أنهن تعرضن للضرب، والضغط النفسي، والتهديد بالاغتصاب. وشكلت أعوام 67-71 سنوات قاسية جداً في تاريخ الحركة النسائية الأسيرة، وخاصة في بداية التجربة الاعتقالية وبدء النضال والكفاح للدفاع عن ذواتهن داخل السجون، من مخططات تدمير وتحطيم النفسية والإرادة الوطنية لدى الأسيرات، وقد خاضت الأسيرات منذ بداية تجربة الاعتقال العديد من النضالات، والخطوات الاحتجاجية، والإضراب المفتوح عن الطعام، في سبيل تحسين شروط حياتهم المعيشية، والتصدي لسياسات القمع والبطش التي تعرضن لها، فقد شاركت الأسيرات بالإضراب المفتوح عن الطعام عام 1984 والذي استمر 18 يوماً، وفي إضراب عام 1992 والذي استمر 15 يوماً، وفي إضراب عام 1996 والذي استمر 19 يوماً، وكذلك في إضراب عام 1998 والذي استمر 10 أيام، إضافة إلى مشاركتهن في سلسلة خطوات احتجاجية جزئية، حيث كانت أبرز المطالب الحياتية للأسيرات تتمثل بالمطالبة بفصلهن عن الأسيرات الجنائيات، وتحسين شروط الحياة الإنسانية داخل السجن، كتحسين الطعام كماً ونوعاً، والعلاج الصحي، والسماح باقتناء الكتب، والراديو، والصحف، والرسائل، وإدخال الملابس والأغراض عبر الزيارات، ووقف سياسة القمع والتفتيشات الاستفزازية من قبل السجّانات.
واستطاعت الأسيرات بفعل نضالاتهن وصمودهن تحقيق العديد من المنجزات، وبناء المؤسسة الاعتقالية باستقلالية داخل السجن.
إن معاناة المرأة الأسيرة تتعدى الوصف، فهي الأم التي أنجبت أطفالها داخل السجن ليتربى الطفل مدة عامين بين القضبان وفي ظلام الغرف الموصدة، وهي المرأة التي تعاني المرض في ظل الإهمال الصحي، الذي تتميز به سياسة إدارة السجون، وهي المرأة التي صبرت سنوات طويلة، حيث قضت بعض الأسيرات مدداً تزيد عن العشر سنوات.
وفي سجل تاريخ الحركة النسوية الأسيرة مواقفاً أسطورية عجز الرجال عنها، كما حصل عام 1996 عندما رفضن الأسيرات الإفراج المجزوء عنهن على إثر اتفاق طابا، وطالبن بالإفراج الجماعي، ودون ذلك فضلن البقاء في السجن، واستطعن أن يفرضن موقفهن في النهاية، ليتم الإفراج عن جميع الأسيرات في بداية عام 1997.
وقد خاضت الأسيرات معركة الحرية بعد اتفاق أوسلو تحت شعار "لا سلام دون إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات"، وشاركن في الخطوات النضالية إلى جانب بقية الأسرى في كافة السجون في سبيل تحقيق أهدافهن بالحرية والإفراج.
ويبلغ عدد الأسيرات المعتقلات 54 أسيرة، ويتواجدن في سجن النساء في الرملة وفي مراكز التوقيف في ظروف صعبة، حيث تم وضعهن في قسم السجينات الجنائيات ويتعرضن لاستفزازات يومية، وتقليص في ساعات النزهة المحددة لهن، إضافة إلى حرمانهن من إدخال الأغراض اللازمة عبر الزيارات، وازدادت معاناتهن أسوة ببقية الأسرى خلال انتفاضة الأقصى، حيث استغلت إدارة السجون عددهن القليل وقامت بالاستفراد بهن، وزجهن في زنازين انفرادية، وحرمانهن من أبسط متطلبات الحياة الإنسانية.
إنها تجربة المرأة الفلسطينية المناضلة: الأم والأخت والزوجة والطفلة.. القائدة في الميدان، وفي البيت، ومربية الأجيال والثوار، مربية القادة والمناضلين.
ولقد تعرضت المرأة الفلسطينية لأساليب قمع وحشية أثناء الاعتقال وفي مرحلة التحقيق على يد رجال الشاباك الإسرائيلي، وقد استخدمت شتى أنواع الضغط النفسي، والتهديد، والاعتداءات على المعتقلة الفلسطينية من أجل إركاعها، واستسلامها، وتحويلها إلى إنسانة مفرغة، وضعيفة، ومحطمة. وكان الاعتقاد السائد لدى المحققين أن المرأة الفلسطينية لا تستطع الصمود والمواجهة، بل أنها أداة ضعيفة يمكن الاستفادة منها للحصول على معلومات وأسرار الثورة، إلا أن هذا الاعتقاد سرعان ما تحطم وثبت فشله أمام التحدي الكبير الذي وقفته المرأة الفلسطينية المعتقلة في مواجهة المحققين وأساليبهم التعسفية واللا إنسانية، وقد تجلت معاني بطولية أسطورية لدى المرأة المعتقلة وهي تقف عنيدة متكبرة ومتمردة على التهديد والتعذيب الذي تعرضت له، ولم تهتز قناعاتها الوطنية، وإيمانها وانتمائها بقضيتها، فتحملت الكثير من التضحيات والآلام لحماية كرامتها، وشرفها، والدفاع عن وجودها الإنساني بشكل مشرف، وسجلت تجربة المرأة الفلسطينية أروع وأنبل الشهادات التاريخية المليئة بالتضحية، والإيثار، والصمود في معركة التحقيق التي مرت بها وفي أصعب الظروف وأشدها.
وقد سقطت كل النظريات الأمنية، والطرائق الإرهابية التي استخدمها الجلادين أمام جبروت وكبرياء المرأة الفلسطينية، التي رفضت أن تركع، وكانت شجاعة في تحديها، وعظيمة في دفاعها عن شرفها وكرامتها. ويبقى شلال التضحيات والعذابات التي تعرضت لها المرأة الفلسطينية الأسيرة خير شهادة على إبراز وجه الاحتلال، هذا الوجه العدواني وكشف زيف ادعاءاته، وتنصّله من أي بعد إنساني، واحترام للمبادئ والمواثيق الدولية. إن صرخة المرأة الأسيرة، هي تعبير عن جريمة المحتلين، تبقى مدوية ومقلقة تهز أركان هذا الكيان المسخ.
لقد أكدت تجربة الأسيرات المناضلات، عمق وكثافة هذه التجربة التي خاضتها المرأة الفلسطينية بكل مكوناتها النفسية لتحافظ على كرامتها، ومبادئها، ووجودها من الانسحاق والتحطيم أمام قسوة الأوضاع ووحشيتها. لقد حولت الأسيرة الفلسطينية السجن إلى مدرسة، ووقفت بإرادة صلبة أمام كل أساليب التفريغ، والتطويع، والاضطهاد، لتبني داخل السجن مؤسسة ثقافية، وتنظيمية، وفكرية، وتخلق حالة إنسانية عالية من التحدي رغم الحصار والقيود.
وتبقى هذه التجربة المستمرة جزء من الصراع الدائم والمرير مع الاحتلال، لعبت المرأة الفلسطينية فيه دور القائد، والمقاتل، وحملت الهم الوطني مثلها مثل الرجل، لم تردعها التقاليد الاجتماعية، ولم تثنها أساليب الجلادين اللا إنسانية والقمعية، بل انطلقت بكرامتها وشرفها وصلابة عزيمتها تشق دورها الريادي؛ لأجل مستقبل أجمل وخال من الظلم والاستعباد.
فسجون النساء أعطت المجتمع الفلسطيني المبدعات فنياً وثقافياً والقائدات في مجالات العمل المختلفة. وظلت المرأة الفلسطينية الأسيرة شوكة تنغص معيشة المحتلين.
المصدر: مركز المعلومات الوطني الفلسطيني- وفا.
اترك تعليق