زنبقة الجنوب.. جميلة...
جميلة جواد قصفي زنبقة جنوبية، جذورها في السلطانية، وأريجها خط تواصل من السلطانية حتى معتقلات الاحتلال في فلسطين، حيث يحتجز والدها منذ ما قبل ولادتها بخمسة أشهر.
اجتمع فيها ألم المرض، ومعاناة فقد الوالد الحي، رغم حداثة سنها، وضعف بنيتها الجسدية التي أنهكها المرض، ولكنها الصابرة المجالدة المحبة للحياة، كيف لا وهي تحب كل الناس، وتشاركهم أفراحهم، فكان حبها سبيلها إلى أن تلعب دورها الايجابي في الحياة وإلى أن تصرّ على مواصلة التعليم والمشاركة في الأنشطة الكشفية والاجتماعية للأب الأسير.
استطاعت جميلة أن تدرك أنّ الاحتلال الصهيوني للبنان وأسر والدها ساهما بشكل مباشر في إصابتها بالمرض وتفاقمه، فكانت المقاومة بالنسبة إليها كما سائر اللبنانيين بارقة الأمل والدواء، وكان الانتصار الذي تحقق بدحر الاحتلال، فسحة الأمل في سماء هذه الطفلة.
لم يفت المرض من عضد جميلة التي اعتبرته اختباراً إلهياً، فتعايشت معه كما يفعل المؤمنون بالله وبقضائه وقدره، وكانت تصبّر قلب أمها، وتخفي ألمها ومعاناتها، ولم يمنعها المرض من مواصلة دراستها والتفوق فيها.
كان حلمها الكبير الحصول على الشهادة المتوسطة (البروفيه) لتقر بها عين والدها عندما يعود، لذلك ورغم مرضها تسجلت للعام الدراسي الحال، وأرسلت إلى إدارة مدرستها، تعلمهم أنها ستتابع دراسة الصف التاسع (البروفيه) من على سرير المرض، ولكن إرادة الله وحكمته شاءت.
كانت نقطة التحول الكبيرة في حياة جميلة لحظة أخبرتها أمها بأنّ والدها أرسل لها رسالة من المعتقل، يومها شعرت بالخجل الشديد، واكتسى وجهها بحمرة الخجل، وبدأت الاتصالات بين جميلة ووالدها عبر الرسائل التي كانت تكتبها له محملة بالأسئلة والأمنيات بالعودة السريعة، وكانت فرحتها لا توصف عند وصول أية رسالة من والدها، فكانت تحفظها كلمة كلمة، وتردد جملتها على مسامع أمها، وأما الهدايا، فكانت تأخذ مكانها سريعاً في زوايا غرف المنزل، وقرب سريرها.
اهتمت جميلة بقضية الأسرى في سجون الكيان الصهيوني من خلال تجمع كريمات الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، الذي زار العديد من الشخصيات الدولية، لطرح قضية المعتقلين.
المصدر: تاريخ لبنان المقاوم في مئة عام: عبد الله الحاج حسن. ط1، دار الولاء، بيروت، 2008م.
اترك تعليق