مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

دور المرأة في تنظيم ميزانية الأسرة

دور المرأة في تنظيم ميزانية الأسرة

إنّ من المشاكل الأساسية للمجتمع البشري هي مشكلة المال والدّخل الفردي والجماعي والموازنة بين الوارد والنّفقة، وينسحب ذلك على اقتصاد الأسرة وموازنتها المالية في النفقة والاستهلاك، فالإسراف والتبـذير بالطّعام والشّراب والزينة واللِّباس والسّـكن والكماليّات والخدمات هي من أخطر مشاكل الإنسان، فهناك البذخ والتبذير والإسراف والصّرف غير المتقن الذي يرهق اقتصاد الأسرة والأمّة والدّولة، ولا يتناسب في كثير من الأحيان مع دخل الأسرة وواردها، ولكي تنتظم موازنة المجتمع الاقتصادية، دعا الإسلام إلى الاعتدال في النفقة وحرّم الإسراف والتبذير كما حرّم التقتير والبخل والحرمان.
ومن المشاكل الأساسية في الإنفاق هي مشكلة إنفاق الأسرة، وميزانيّتها التي تتحمّل المرأة المسؤولية الكبرى في تنظيمها وتحديد طبيعتها.
لقد وضعت الشريعة الإسلامية الاُسس العامّة لترشيد الأنفاق بإطلاقه، كما حدّدت النظام الأساسي لأنفاق الأسرة وميزانيّتها بشكل محدّد، نذكر من ذلك وصف القرآن لعباد الرّحمن، المثل الأعلى في الانضباط والالتزام الذي وضّح فيه منهجهم القويم في الأنفاق الذي دعا الفرد والجماعة إلى الالتزام به، قال تعالى: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً» (الفرقان / 67).
وفي موضع آخر يحرِّم القرآن الاسراف ويشدِّد على ذلك بقوله: «وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ» (الأعراف / 31).
وبقوله: «وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا» (الإسراء / 26 ـ 27).
«وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا» (الإسراء/29).
«أسكنوهنّ من حيثُ سَكنتُم مِن وُجْدِكُم وَلا تَضارُوهُنَّ لِتُضَيِّقوا عَلَيهِنّ وَإن كُنّ أُوْلاتِ حَمْل فَأنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوف وَإنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَة مِن سَعَتِهِ وَمَن قَدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إلاّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْر يُسْراً» (الطّلاق/6ـ 7).
وهكذا تتحدّد الأسس العامّة لميزانيّة الأسرة والصّرف والنّفقة ضمن إطارين من التقنين والتربية والتوجيه الأخلاقي، وهما الإطار الاجتماعي والإطار الأسري. ويبرز دور المرأة في تدبير شؤون المنزل والاقتصاد المنزلي، في حرصها على ماليّة الأسرة ومراعاتها الاعتدال في الصّرف والكماليّات ووسائل الزينة والمباهات في الصّرف وحبّ الظهور.
فإنّ بإمكان الأم أن توفِّر قسطاً من وارد الأسرة وتخفِّف عن الرّجل تحمّل الديون بتقليل الصّرف، والتأثير على الأبناء بل والزّوج في رسم سياسة انفاق معتدلة للأُسرة توازن بين وارداتها ومقادير الاستهلاك والإنفاق. إنّ كثرة الاستهلاك والإسراف والتبذير في الأسرة ينعكس أثره ليس على الأسرة فحسب، بل وعلى الوضع الاقتصادي العام في المجتمع والدولة، إذ ترتفع القوّة الشرائية في السوق نتيجة الانفاق والاستهلاك المرتفع فتنخفض قيمة النقد وترتفع أسعار السّلع والخدمات، فيتصاعد حرمان الفقراء وتغرق الاُسر في الديون والمشاكل الاجتماعية، كما تواجه العملة حالة التضخّم النقديّ، وتنشأ المشاكل السياسية والأمنية والأخلاقية نتيجة لاضطراب الوضع الاقتصادي في المجتمع.
إنّ تثقيف المرأة وتخصيص حصص خاصّة في المنهج الدراسي للاقتصاد المنزلي الإسلامي وتثقيف المرأة على الاعتدال في النّفقة وتخطيط ميزانية الأُسرة يساهم في بناء الوضع الاقتصادي وإنقاذه من المشاكل، لا سيّما مشكلة الغلاء وحرمان الطبقات الفقيرة.
وبذا تساهم المرأة في بناء المجتمع عن طريق توجيه وتنظيم اقتصاد الاُسرة، والاعتدال في النّفقة جرياً على منهج القرآن ودعوته الحكيمة، ولتؤدِّي المرأة مسؤوليّتها كراعية لبيت زوجها، ومسؤولة عنه، كما جاء في البيان النبويّ الكريم.




المصدر: موقع بلاغ دوت كوم.

التعليقات (0)

اترك تعليق