مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

صوت المرأة في التشريع الإسلامي

صوت المرأة في التشريع الإسلامي: بحث حلية أو حرمة سماع صوت المرأة الأجنبية عند الفقهاء

الحمد لله والحمد حقّه كما يستحقّه، والصلاة والسّلام على من اصطفاه بالرسالة، وزينّه بالعصمة والجلالة، سيّدنا ومولانا أبي القاسم محمّد(ص).
وعلى عترته البررة، السّادة الخيرة، الذين أكمل الله بهم الإيمان، وطهّرهم من دنس الشيطان، وجعلهم رواسي في الأرض أن تميد بنا.
وعلى من تابعهم، وشايعهم، واللعنة الدائمة على من نازعهم حقوقهم، واستخفّ بأمرهم، حتى قيام يوم الدين «وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ».
لقد منَّ الله تعالى على المرأة ورفع شأنها بالإسلام، وجعل الميزان في سعادة البشرية التقوى، ولم يجعله القوة والسيطرة، والاقتدار الجسماني، فمشى خطّ الرسالة المحمديّة بهذه المشية، بقيادة المثل الأعلى، ونور دياجر ظلم الدنيا محمّد(ص) والصفوة الطاهرة، والعترة المختارة أهل بيته، وأمناء سرّ الله، عليهم جميعاً آلاف التحية والسلام.
ولازالت هذه المشية متّبعة من قبل علمائنا العاملين، وقادتنا في أمور الدنيا والدين، وفيهم فتى زمانه، والثائر بالصوت الحسيني، الإمام الخميني(قده) مفجّر الثورة الإسلامية في إيران، والثمر الذي جني من شجرته الطيّبة، ولي أمر المسلمين، آية الله السيد علي الخامنئي ـأطال الله بقاءه-.
فدخلت المرأة ببركة هممهم وجهودهم ميادين لم تدخلها من قبل، وأعطيت حقوقها، فأُسِّست مراكز علمية لأجل رفع مستواها، فاستقبلتها بكل رحابة صدر مع المحافظة على وظائفها الشرعيّة والعقلائيّة، واُعدّت مؤتمرات وجلسات يبحث فيها عن شؤون المرأة ومشاكلها، بل وحتى أنها نالت حظاً في مجلس الشورى الإسلامي، وهذا مما يؤكّد اهتمام النظام الإسلامي بالمرأة وشؤونها.
ولا أحسب أحداً لم يسمع بما أمر به آية الله العظمى السيد الخامنئي قائد الثورة الإسلامية ـمدّ ظله- من إقامة مؤتمراً تبجيلاً لمقام السيدة نصرت أمين ـمجتهدة العصرـ وذلك في مرتين، الأولى في أصفهان، والأخرى في قم المقدسة.
ونحن بدورنا ـدفاعاً عن الشريعة وخصوصاً المذهب الحق-، وبياناً لاهتمام مدرسة أهل البيت(ع) بشؤون المرأة وددنا أن نقوم بجولة سريعة حول مسألة مهمة في حياة المرأة المؤمنة، مع ما لها من أثر في الحياة الفردية والاجتماعية، وهي قضية صوت المرأة ـلذلك شرعت بإذن الله وحوله وقوته في هذا المقال، وحاولتُ أن أتعرف على الأقوال الفقهيّة لدى علمائناـ القدامى والمتأخرين[...]، ثم أتبعت البحث بذكر بعض التطبيقات العملية المترتبة على تنقيح هذه المسألة، سائلة المولى القدير أن يتقبّل مني ذلك، وينظر إليه نظرة قبول.
واستجابة لطلب المشرفين على هذا الملتقى الثقافي، وأداءً لبعض حقوق الشهيدة بنت الهدى (طاب ثراها) ارتأيت المشاركة في هذا الملتقى عن طريق الكتابة، فاخترت أحد المواضيع التي تمسّ الحاجة إليها وهو (صوت المرأة في التشريع الإسلامي)، إذ كان من المسائل التي نالت اهتماماً كبيراً في ألسنة أدلة التشريع، وذلك للآثار المترتّبة عليه، فحاولت أن أتعرّف على الأقوال الفقهيّة في مسألة صوت المرأة عند المتقدمين والمتأخرين من فقهائنا، وبعض فقهاء العامة، ثم أتبع البحث بذكر بعض التطبيقات والآثار العملية المترتبة على تنقيح هذه المسألة، سائلة المولى القدير أن يوفق أخواتي المؤمنات كافة إلى المشاركة في مثل هذه المشاريع التربوية، والجلسات التثقيفيّة، وأن يغرس روح التفاعل لديهن مع القضايا العلميّة، لاسيما التي لها دخل في حياتنا العصرية، فلا نقضي أعمارنا بمشغلة النفس فإنّه قد ورد عن العترة الطاهرة(ع) ما نصّه: "نفسك التي بين جنبيك إن لم تشغلها شغلت".
فلنسرع إلى مجابهة نفوسنا، قبل أن تبادرنا، وتغلبنا، ولابد أن تكون خطانا ـسواء في الملتقى أم في غيره- قربة لوجه الله تعالى، لا لأغراض شخصيّة، و "نيّة المرء خير من عمله" ومن عمل صالحاً من ذكراً وأنثى فإنّ الله يبارك في عمله ويشكر مساعيه، وهو ولي التوفيق.
صوت المرأة عند المتقدمين:
لأهميّة هذه المسألة وحساسيّتها، شمّر علماؤنا القدامى عن ساعد الجّد، ونقّحوا هذه المطلب بدقّة، وكان ما انتهوا إليه أن صاروا على قولين:
الأول: حرمة سماع صوت المرأة الأجنبيّة مطلقاً، سواء مع الريبة أم بدونها.
الثاني: حرمة سماع صوت المرأة بقيد الريبة.
ونظراً إلى اعتبارية هذين القولين نستعرض بعض المتون المصنّفة في كتبهم الفقهيّة، ونتبعها بالأدلة التي استدلوا بها على ما اختاروه.

القول الأوّل: الحرمة مطلقاً:
ذهب إلى هذا القول:
1- المحققّ الحلّي في (شرائع الإسلام) بقوله: الأعمى لا يجوز له سماع صوت المرأة الأجنبيّة، لأنه عورة(1).
ومن الواضح أن المبصر أولى بالحرمة، كما أشار إليه الشيخ محمد حسن النجفي في (جواهر الكلام) شرحاً لهذه العبارة حيث قال: فضلاً عن المبصر(2).
واستظهر الشيخ النراقي من قول المحقّق هذا -أنّ إسماع صوتها الرجل الأجنبي محرّم أيضاً، لأنه يكون سبباً للوقوع في الحرام، فيدخل في باب الإعانة على الإثم(3).
2- العلاّمة الحلّي في بعض كتبه كالتحرير، والقواعد، والإرشاد.
قال في التحرير: لا يجوز للأعمى سماع صوت المرأة الأجنبيّة(4).
وقال في القواعد: ولا للأعمى سماع صوت الأجنبيّة(5).
وقال في الإرشاد: ولا للأعمى سماع صوت الأجنبيّة(6).
ونسب الشيخ البحراني في الحدائق هذا القول إلى الشهرة، وانتهى إلى القول بالجواز مع عدم الريبة(7).
ونقل في الجواهر نسبته إلى المشهور بنحو القيل، وأنّه مقتضى المستفيض في محكيّ الإجماع، وعلّق عليه قائلاً: ولعلّ مراده ما تقدّم في الصلاة من حرمة الجهر عليها من سماع الأجانب، فإنّ في ذلك في كشف اللثام وغيره الاتفاق على أنّ صوتها عورة، ولذا حرم عليها، بل وبطلت صلاتها، كما حرّرناه في محلّه(8).
أدلة القائلين بالحرمة مطلقاً:
ومما يعرف من أصحاب هذا القول اعتمادهم على بعض الروايات التي يظهر منها حرمة السماع بالنسبة للرجل، وحرمة الإسماع بالنسبة للمرأة، لأنّ صوتها "عيّ وعورة" فيجب ستره. ولا بدّ من الإشارة إلى أدلتهم بنحو موجز:
ما رواه الشيخ الصدوق، بسنده عن الحسين بن زيد، عن الإمام الصادق(ع)، عن آبائه 9(ع)، عن رسول الله(ص) في حديث المناهي قال، "ونهى أن تتكلم المرأة عند غير زوجها، وغير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات، مما لا بدّ لها منه"(9).
3- ما رواه الشيخ ثقة الإسلام الكليني من موثّقة مسعدة بن صدقة، عن الإمام الصادق(ع) أنّه قال: "قال أمير المؤمنين(ع)، لا تبدأوا النساء بالسلام، ولا تدعوهن إلى الطعام، فإنّ ـالنبيّ(ص)ـ قال: النساء عيّ وعورة، فاستروا عيّهن بالسكوت، واستروا عوراتهن بالبيوت"(10).
4- موثّقة غياث بن إبراهيم المرويّة في الكافي عن الإمام الصادق(ع) قال: "لا تسلّم على المرأة"(11).
5- ما رواه الشيخ الصدوق في الخصال، في باب الأربعة، بسنده عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه(ع) قال: "قال رسول الله(ص): أربعة يمتن القلب: الذنب على الذنب، وكثرة مناقشة النساء، ـيعني محادثتهن- ومماراة الأحمق، يقول وتقول، ولا يؤول إلى خير أبداً، ومجالسة الموتى، قيل وما الموتى؟ قال: كل غني مترف"(12).
وقد نوقشت جميع هذه الأدلة بأنّها لا تقوى دلالة على تحريم سماع صوت الأجنبيّة مطلقاً، وحمل بعضها على اختصاص الحرمة في حالتي الجهر بالصلاة والتلبيه، وحمل البعض الآخر على الكراهة، كرواية مسعدة(13) مضافاً إلى أنها جميعاً معارضة بالأخبار المجوّزة مع عدم الريبةـ (14)هذا مع غضّ النظر عن الكلام في سند بعضها.
وسيأتي استعراض بعض الروايات المجوّزة، إن شاء الله تعالى فيما بعد.

القول الثاني: الحرمة مع الريبة:
وهو ما ذهب إليه أكثر فقهائنا القدامى، والمشهور لدى المتأخرين منهم، والقائلين به:
1- العلاّمة الحلّي في التذكرة بقوله: صوت المرأة عورة، يحرم استماعه، مع خوف الفتنة،لا بدونه(15).
2- الشهيد الثاني في المسالك حيث يقول: وقيل أنّ تحريم سماع صوتها مشروط بالتلذذ، أو خوف الفتنة لا مطلقاً، وهو أجود(16).
3- المحقّق الثاني في جامع المقاصد، في قوله: صوت المرأة عورة، يحرم استماعه، مع خوف الفتنة لا بدونه(17).
4- الفاضل الهندي، في كشف اللثام بقوله: ولا للأعمى، فضلاً عن المبصر، سماع صوت الأجنبيّة بتلذذ أو خوف فتنة(18).
5- السيّد علي الطباطبائي في الرياض حيث يقول: وليس للرجل مطلقاً حتى الأعمى سماع صوت الأجنبيّة، بتلذذ، أو خوف فتنة إجماعاً، مضافاً إلى لزوم ـالمنع منه- العسر والحرج، المنفيين عقلاً، ونقلاً، وكتاباً، وسنّة، فالجواز أقوى(19).
6- الشيخ النراقي في المستند، حيث يقول: بل إذا كان مهيّجاً للشهوة، داعياً إلى الفساد، فكلمّا كان كذلك يحرم، وإلاّ فلا، نعم يكره قطعاً(20).
7- الشيخ الأنصاري في كتاب النكاح بقوله: وفي الجميع ـأي جميع أدلة الحرمة المطلقة- نظر، أما الموثقات ـفلمكان دلالتهما على تحريم مطلق الكلام- معارضتان بما هو أقوى منهما، من تسليم النبي(ص) والوصي(ع) على النساء، وردّهن عليهما، وتكلّم فاطمة(ع) مع كثير من الصحابة، وذهابها إلى المسجد، وقراءتها الخطبة المذكورة في الاحتجاج، واحتجاجها على الأول والثاني في قضية فدك(21).
8- الشيخ محمّد حسن النجفي في الجواهر حيث يقول: نعم ينبغي للمتديّنة منهن، اجتناب إسماع الصوت الذي فيه تهييج السامع، وتحسينه، وترقيقه.
وقال في موضع آخر من الجواهر: بل بملاحظة ذلك ـأي أدلة الجواز- يحصل للفقيه القطع بالجواز(22).
9- البحراني في الحدائق بقوله: نعم لا بأس بتخصيص الحكم بما إذا أوجب التلذذ والفتنة(23).
وأما مراجع الدين المتأخرين، والمعاصرين، فقد ذهبوا جميعاً إلى هذا القول، ومنهم
1-  آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الخوئي (قده) في منهاج الصالحين، بقوله: يجوز سماع صوت الأجنبيّة مع عدم التلذذ(24).
2- آية الله العظمى السيّد الإمام الخميني(قده) في تحرير الوسيلة، حيث يقول: الأقوى جواز سماع صوت الأجنبية، ما لم يكن تلذذ وريبة، وكذا يجوز لها إسماع صوتها للأجانب، إذا لم يكن خوف فتنة، وإن كان الأحوط الترك في غير مقام الضرورة، خصوصاً في الشابّة.
وذهب جماعة إلى حرمة السماع، والإسماع وهو ضعيف، نعم يحرم عليها المكالمة مع الرجال بكيفيّةٍ مهيّجة، بترقيق القول، وتليين الكلام، وتحسين الصوت، فيطمع الذي في قلبه مرض(25).
أدلة القائلين بالحرمة المقيّدة:
1- قوله تعالى «فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ»(26).
قال الشيخ الطوسي في البيان عند تفسيره هذه الآية: أي لا تليّنّ كلامكنّ للرجال، بل يكون جزلاً قويّاً، لئلا يطمع من في قلبه مرض.
قال قتادة: ومعناه من في قلبه نفاق.
وقال عكرمة: من في قلبه شهوة للزنا.
ثم قال لهن «وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا»(27)، مستقيماً جميلاً، بريئاً من الرقّة، بعيداً من الريبة، موافقاً للدين والإسلام(28).
2- ما رواه الشيخ الكليني، بسنده عن أبي بصير قال: كنت جالساً عند أبي عبد الله(ع) إذ دخلت عليه أم خالد، التي قطعها يوسف بن عمر، تستأذن عليه، فقال أبو عبد الله(ع): "أيسّرك أن تسمع كلامها؟" فقلت: نعم، قال: فأذن لها وأجلسني على الطنفسة(29)، ثم دخلت فتكلّمت، فإذا هي امرأة بليغة(30).
3- ما رواه الشيخ الكليني، بسنده عن ربعي بن عبد الله، عن الإمام الصادق(ع) قال: "كان رسول الله(ص) يسلّم على النساء، ويرددن عليه، وكان أمير المؤمنين(ع) يسلّم على النساء، وكان يكره أن يسلّم على الشابّة منهنّ ويقول: أتخوّف أن يعجبني صوتها، فيدخل علي أكثر مما طلبتُ من الأجر"(31).
4- كلام النبيّ(ص) ـمع النساءـ وسؤالهن منه ومن غيره من المعصومين(ع) الأحكام ـواستشارتهم-(ع) في بعض الأمور.
5- كلام الزهراء(ع) مع سلمان ـ وأبي ذر، والمقداد، وإتيانها بالخطبة الطويلة، المرويّة في الاحتجاج(32) وغيره، في محضر خلق كثير، مع أنّها معصومة بنص ثابت لا ريب فيه.
6- كلام بنات الحسين(ع) وأخواته بعد استشهاده، مع الأعادي في حضور الإمام علي بن الحسين(ع) في الكوفة والشام(33).
إلى غير ذلك مما دلّ على جواز سماع صوت المرأة، وإسماعها الرجل من دون ريبة، من سيرة أهل البيت(ع) والطريق الذي عليه العلماء -تبعاً لأهل البيت،(ع)ـ مما يقطع من خلاله الجواز، بشرط أن لا يشتمل الكلام على فتنه وفساد أو إفساد.[...]
بعض التطبيقات والآثار العملية المرتّبة على معرفة حكم صوت المرأة:
وهذه الفقرة الأخيرة، هي الثمرة من هذه الجولة السريعة، في متون النصوص المرويّة عن أهل البيت(ع) والأقوال المستفادة منها لدى علمائنا، فلولا هذه الجهود التي بذلها علماء المذهب لبقيت المرأة رهينة قيود وأغلال تمنعها من مواصلة مسيرتها، والمساهمة في بناء مجتمع كامل.
ومن التطبيقات المرتبة على هذا البحث:
1- قراءة المرأة القرآن بحيث يسمعها الأجانب، فقد اتّضح أنّه لا إشكال في ذلك ما لم يترتب عليه فساد وأثر محرّم.
2- قراءة المرأة التعزية بكيّفية يصل من خلالها الصوت إلى سماع الرجال -غير المحارم- وهو ممّا كثر فيه الكلام فزعم كثير.
ممّن لا علم له الاجتهاد في هذه المسأله ـمع كونه مقلّداًـ وقام بإذاعة الحرمة، ولا يخفى أنّ "من أفتى بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"، كما ورد عن المعصومين الأطهار ـصلوات الله عليهم أجمعين-.
تدريس الرجل المرأة ـمع حفظ الوظائف الشرعية- وتدريس المرأة الرجل، كما هو حاصل في الدراسات الأكاديمّية الجامعيّة.
3- عمل المرأة خارج المنزل ـضمن مراكز إداريّة، وما يتعلّق بتنمية اقتصاد البلد.
ولكن مع هذا كلّه، لا بدّ للمرأة أن لا تضع قدمها على حافة الشريعة، ودائرتها الضيّقة، بحيث تميل في الهاوية بأدنى عاصفة تعصفها، فيجب عليها ـبل وعلى كلّ إنسان- يطمح في الكمال والقرب الإلهي أن يلتزم بالشريعة من خلال دائرتها الواسعة، ويمسك نفسه عن الأعمال التي تحتوي على مبغوضيّي مولويّة ـوإن لم تصل إلى حد الإلزام- فلو ترك المكروه لا تأمره نفسه بالمحرم لأنها قد تروّضت على إمساك اللجام، كما ترتاض الجوارح على الحركات العنيفة، وهذا مما يتّضح جلياً في سيرة أولياء الله تعالى كالسيد المرتضى، الذي جعل أفعاله المباحة وسيلة تعبّد للحق سبحانه وتعالى حيث رافقها نيّة القربة، فضلاً عن ترك المكروهات.
وممّا يحصّن المرأة المؤمنة، ويقوّي ارتباطها بذات العزّة والجلال، قلّة محادثة الرجال ـوخصوصاً إن كانت المرأة شابّة- والاقتصار على موارد الضرورة ـوتجنّب الإطالة في السّلام على الرجل- وهو المتداول في مجتمعنا ـحتى لا يطمع الذي في قلبه مرض ولا يغلب الشيطان على أمرها، فَيُستر لها من حيث لا تشعر. ألم تكن هي سهماً من سهام إبليس، فعليها الآن أن تكون سهماً بيد جنود الرحمن وسبباً في الانتصار على جنود الشيطان، «وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ» والله يحب المحسنين، وهو يتولى الصالحين.
والحمد الله على هداه، والشكر له على توفيقاته، والصلاة والسّلام على نجوم أهل الأرض، وولاة سكان السماء، محمّد(ص) وآله أجمعين -واللعنة على أعدائهم أجمعين- إلى قيام يوم الدين.




الهوامش:
1- شرائع الإسلام 2: 269.
2- جواهر الكلام 29: 97.
3- مستند الشيعة، باب النكاح، المسألة الثالث.
4- تحرير الأحكام 2: 3.
5- قواعد الأحكام 2: 3.
6- إرشاد الأذهان 2: 5.
7- الحدائق الناظرة: 23 : 66.
8- جواهر الكلام 29: 97.
9- الفقيه 4: 3|1، وسائل الشيعة 20: 197|2، باب 106.
10- الكافي 5: 534|1، وسائل الشيعة 20: 234|1 باب 131.
11- الكافي 5: 534|2، وسائل الشيعة 20: 234|2 باب 131.
12- الخصال: 228|65، وسائل الشيعة 20: 197 ـ 198|3 باب 106.
13- جواهر الكلام 29: 97.
14- مستند الشيعة: باب النكاح، المسألة الثالثة.
15- التذكرة 2: 573.
16- مسالك الأفهام 1: 438.
17- جامع المقاصد 12: 43.
18- كشف اللثام 1: 4.
19- رياض المسائل 2: 75.
20- مستند الشيعة: باب النكاح، المسألة الثالثة.
21- كتاب النكاح: 67.
22- جواهر الكلام 29: 97.
23- الحدائق الناظرة 23: 66.
24- منهاج الصالحين، المعاملات: 260 المسألة (1234).
25- تحرير الوسيلة 2: 245، المسألة (29).
26- الأحزاب: 32.
27- الأحزاب: 32.
28- التبيّان 8: 338.
29- الطنفسة: البساط الذي فيه خمل دقيق: الصحاح 4: 82.
30- الكافي 8: 101|71، وسائل الشيعة 20: 197|1 باب 106.
31- الكافي 2: 473|1 و 5: 535|3، وسائل الشيعة 20: 234 ـ 235|3 باب 131.
32- الاحتجاج 1: 146.
33- الإرشاد: 246، تاريخ الطبري 6: 526، سير أعلام النبلاء 3: 204، اللهوف: 180. الاحتجاج 2: 27.

مصادر البحث:
1- القرآن الكريم.
2- الاحتجاج: لأحمد بن علي ابن أبي طالب الطبرسي، نشر مؤسسة الأعلمي، بيروت 1403 هـ.
3- الإرشاد: للشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد، ت 413 هـ، أفسيت مكتبة بصيرتي ـ قم المقدسة.
4- إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان: للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن المطهّر، ت 726 هـ، تحقيق الشيخ فارس الحسون، نشر مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدّرسين بقم المقدسة.
5- تاريخ الطبري: لمحمد بن جرير الطبري، ت 310 هـ، دار سويدان، بيروت.
6- التبيان: لشيخ الطائفة، أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت 460 هـ، منشورات مكتبة الأمين، النجف الأشرف.
7- تجريد الأحكام: للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف ، بن المطهّر ، ت 726 هـ، نشر مؤسسة آل البيت(ع) قم المقدسة.
8- تحرير الوسيلة: للإمام الخميني(قده)، المكتبة الإسلامية، قم المقدسة.
9- تذكرة الفقهاء: للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن المطهّر ـ ت 726 هـ، المكتبة المرتضوية، قم المقدسة.
10- جامع المقاصد في شرح القواعد: للمحقق الكركي، علي بن الحسين بن عبد العالي، ت ـ 940 هـ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت(ع) قم المقدسة.
11- جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام: للشيخ محمد حسن النجفي، ت 1266 هـ، دار الكتب الإسلامية طهران.
12- الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة: للشيخ يوسف البحراني، ت 1186 هـ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، بقم المقدسة.
13- الخصال: للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، بقم المقدسّة.
14- رياض المسائل في بيان الأحكام بالدلائل: للسيد على الطباطبائي، ت 1213 هـ، نشر مؤسسة آل البيت (ع) قم المقدسة.
15- سير أعلام النبلاء: لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، ت 748، دار الفكر، بيروت.
16- تحرير الأحكام للمحقّق الحلّي، أبي القاسم، نجم الدين، جعفر بن الحسن، ت 672 هـ، دار الأضواء بيروت.
17- الصحاح لإسماعيل بن حمّاد الجوهري، ت 393، دار العلم للملايين، بيروت.
18- قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام: للعلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف بن المطهّر، ت 726 هـ، منشورات الرضيّ، قم المقدسة.
19- الكافي: لثقة الإسلام، أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، ت 329 هـ، دار الكتب الإسلاميّة.
20- كتاب النكاح للشيخ الأعظم، مرتضى الأنصاري، ت 1281 هـ، نشر مؤتمر الشيخ الأنصاري، قم المقدسة.
21- كشف اللثام لبهاء الدين، محمد بن الحسن بن محمد الأصفهاني، المعروف بالفاضل الهندي، ت 1137 هـ، نشر المكتبة المرعشيّة، قم المقدسة.
22- للسيد علي بن موسى بن جعفر بن طاووس، ت 664 هـ، المكتبة الإسلامية، قم المقدسة.
23- مستند الشيعة في أحكام الشريعة: للمولى أحمد بن محمّد مهدي النراقي، ت 1244 هـ، نشر المكتبة المرعشيّة، قم المقدسة.
24- مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام: للشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي، ت 965 هـ، دار الهدى قم.
25- من لا يحضره الفقيه: للشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت 381 هـ، دار الكتاب الإسلامية، قم المقدسة.
26- منهاج الصالحين: للسيد الخوئي، نشر مدينة العلم، قم المقدسة.
27- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: للشيخ محمد بن الحسن، الحّر العاملي، ت 1104 هـ، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت(ع) قم المقدسة.

المصدر: موقع دار الزهراء
أم علي مشكور.


التعليقات (0)

اترك تعليق