مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

القاعدة الكلية العامة لجميع حالات فساد الحياة الزوجية من قبل الزوج

القاعدة الكلية العامة لجميع حالات فساد الحياة الزوجية من قبل الزوج

دليل الكتاب:
لقد ورد في الكتاب الكريم معيار واضح لطبيعة الحياة الزوجية ولعلاقة الزوج بزوجته.
١- فطبيعة الحياة الزوجية السويَّة مبنية بحسب التشريع على المعروف في العلاقات والتعامل، من كل واحد من الزوجين بالنسبة إلى الآخر.
وهذا يظهر من قوله تعالى: ‹وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ›(١) وقوله تعالى: ‹فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ›(٢).
هذا من حيث طبيعة العلاقة الزوجية.
٢- وعلاقة الزوج بزوجته من الناحية العملية، أعني معاملته لها، يجب أن تقوم على المعروف. وقد تقدم ذكر الآيات المباركة المتضمنة لهذه القاعدة التشريعية، وتقدم بيان المراد بالمعروف في مجال الحياة الزوجية.
إن المستفاد من مجموع هذه الآيات هو قاعدة كبرى كلية في نطاق حدود الله، وحالة شاذة منحرفة خارج نطاق حدود الله وتمثل تعديا لحدود الله.
أ- الحالة السويّة في نطاق حدود الله لها صورتان:
الأولى: الإمساك بالمعروف
والإمساك بالمعروف هو الالتزام الكامل بحقوق الزوجية ومسؤوليات الحياة الزوجية في جميع المجالات:
١- الاحترام، وتجنب الإيذاء المعنوي والجسدي.
٢- النفقة.
٣- المعاشرة الجنسية (المضاجعة- الوطء).
الثانية: المفارقة بالمعروف وإحسان
وهذه قد تكون مع قدوة الزوج المادية والجسدية على الوفاء بحقوق الزوجية المالية (النفقة) والجنسية، وقد تكون مع عجزه عن ذلك أو عن بعضه.
ويكون الداعي الى المفارقة هو عدم الألفة أو غير ذلك من الدواعي. ففي كلتا الحالتين تقتضي حدود الله من الزوج أن يطلق زوجته لتستعيد حريتها في شأن نفسها.
ب- الحالة الشاذة المنحرفة، حالة التعدي عن حدود الله: هي حالة الإمساك الضّراري العدواني؛ وهي ما نصّ الله عزّ وجلّ عليه بقوله: ‹وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا›(٣) بعد بيان الحدّين الإلهيين: الإمساك بمعروف - والتسريح بالمعروف.
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: ‹وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ›(٤). وفي معناها قوله تعالى: ‹فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا›(٥) بتقريب أن حرمة جعل الزوجة كالملعقة لا تختص بما إذا كان في البيت زوجة أخرى (مال إليها كل الميل) فجار على الثانية، بل يشمل ما إذا كانت عنده زوجة وحيدة، وعاملها بما أدّى إلى كونها كالمعلقة.
ويؤكد إرادة التحريم من النهي في الآية قوله تعالى في ذيلها: ‹فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا›(٦) إشارة إلى ما كان يمارسه الأزواج مع زوجاتهم قبل بيان حدود الله في الحياة الزوجية. حيث إنه عدم حرمة العمل لا مورد للمغفرة عن الميل؛ إذ المغفرة إنما تكون عن الذنب.
والظاهر في قوله تعالى: ‹وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا›(٧) هو عدم مشروعية الإمساك الضراري.
والضّرار في الآية مطلق يشمل جميع حالات عدم استقامة الحياة الزوجية على قواعد المعروف والإحسان، من غير فرق بين أن يكون عدم الاستقامة ناشئا من أسباب اختيارية للزوج (كأن يكون قادرا على الإنفاق ولا ينفق، وقادرا على الممارسة الجنسية ولا يمارس) أو كأن يقوم بكل ذلك، لكنه يسيء المعاملة بالإهانة والإيذاء المعنوي والمادي، كالشتم والضرب والمشاكسة، وسوء الخلق؛ أو يكون ناشئا من أسباب غير اختيارية كالعجز عن النفقة بسبب الفقر، أو العجز عن العمل بسبب المرض أو السجن، أو العجز عن الممارسة الجنسية بسبب العنَن الأصيل أو الطارئ، أو بسبب غير العنن من الأمراض الجنسية، أو كانت الممارسة الجنسية تسبب عدوى الزوجة ببعض الأمراض المهلكة من قبيل السيدا (الإيدز) ونحو ذلك.
فإن الإمساك ورفض الطلاق في جميع هذه الحالات إمساك ضِراري، لأن الضِّرار في الآية الكريمة ورد مطلقا ولم يقيد بشيء.
 إشكال ودفع:
الإشكال:
قد يقال: إن إطلاق الضرار في الآية مقيّد بكونه عدوانيا، المستفاد من قوله تعالى: ‹لِتَعْتَدُوا›(٨)، وهذا يناسب ما إذا كان الإمساك مع القدرة المالية والجسدية، فيكون الإمساك في هذه الحالة عدوانيا.
وأمّا إذا كان الزوج عاجزا ماليا وجسديا، فإن عدم القيام بالحقوق الزوجية لا يكون عدوانيا بل عجزا، فلا تكون حالة العجز مشمولة للآية المباركة.
وهذا ما ذهب إليه صاحب "الجواهر" رحمه الله، حيث ردّ على من ذهب إلى ولاية الحاكم الشرعي على فسخ عقد الزواج إذا تجدد عجز الزوج عن النفقة، واستدل عليه بقوله تعالى: ‹فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ›(٩).
فأجاب على هذا الاستدلال بأن الإمساك مع عدم التمكن من النفقة ليس إمساكا بغير المعروف.
والجواب:
إن الإمساك مع العجز إمساك ضِراري. فإن الضرر أمر موضوعي لا يختلف حاله بين عجز الضّار وقدرته، وبين حسن نيته وسوئها.
ففي مقامنا: عدم الإنفاق على الزوجة وعدم تلبية حاجتها الجنسية ضرر عليها. فإذا أمسكها الزوج العاجز على خلاف رضاها ورغبتها، فإنه يكون متعدّيا ويكون إمساكه عدوانا عليها، لأنه لا يؤدّي إليها حقها ولا يمكّنها من حريتها.
ومن هذا القبيل، الرد على من ذهب إلى أن المراد من النهي هو الكفّ، وليس صرف عدم الفعل، بدعوى أن عدم الفعل عدم أزلي لا فعل للمكلف.
فقد أجابوا بأن المكلف، بامتثاله للنهي، يبقى العدم ساريا جاريا فيه لا ينقطع، مع قدرته على عدم قطع العدم بمعصية النهي وفعل المنهي عنه.
وفي مقامنا: صدق العدوان والضّرار يحصل من إصرار الزوج على إبقاء الزوجة في الحالة التي لا تتوفّر فيها حقوق الزوجية، وإن كان عدم توفيرها ناشئًا من عجزه.
إذا تبيّن هذا يجري البحث عن حكم الشارع في شأن علقة الزوجية في الحالة الشاذة المنحرفة (التعدّي عن حدود الله)، فنقول:
 الولاية على الطلاق وعدمه:
لا ريب في ولاية الزوج على الطلاق وعدمه في الجملة. والقدر المتيقن من ذلك ما إذا كانت علاقته بزوجته سويّة مستقيمة في نطاق حدود الله تعالى.
كما لا كلام في ولايته على الطلاق وعدمه فيما إذا كانت علاقته بزوجته شاذة منحرفة (حالة التعدي عن حدود الله تعالى)، ورضيت الزوجة بالحال الذي هي عليه، من هدر حقوقها وإساءة معاملتها، ولم تطالب بالطلاق (في غير موارد تجاوز التعدّي عن حدود الله حقوق الزوجة الخاصة، إلى ارتكاب المحرمات العامة، وذلك بإجبار الزوجة على ارتكاب المحرمات). إنما الكلام في مورد تعدي الزوج عن حدود الله في معاملته لزوجته، بحرمانها من حقوقها في المعاملة والنفقة والحياة الجنسية، اختيارا أو اضطرارا أو عجزا منه، ومطالبتها بالطلاق من الحاكم الشرعي أو وكيله، ورفض الطلاق من قبل الزوج، وإصراره على إمساكها عنده.
فهل تبقى للزوج -في هذه الحالات- ولاية على الطلاق وعدمه؟ أو أن ولايته على النحو التالي:
١- إذا كان الإخلال بحقوق الزوجية مع قدرة الزوج الجسدية والمالية، فإن الحاكم الشرعي يأمره بالوفاء بحقوق الزوجية. فإذا التزم بذلك بقيت ولايته على الطلاق وعدمه، وإذا رفض أجبره الحاكم -إن أمكن إجباره- وإلّا أمره بالطلاق. فإن وافق على الطلاق وأوقعه أو وكّل فيه، بقيت ولايته على الطلاق. وإذا رفض أو ماطل مماطلة يُعرف منها أنه يحتال ليتخلص من طلاق الحاكم الشرعي، أجبره الحاكم على الطلاق -إن أمكن إجباره- وإلا فإن ولايته على عدم الطلاق تسقط في هذه الحالة، وتنتقل الولاية على الطلاق وعدمه إلى الحاكم الشرعي الذي له أن يطلّق الزوجة المذكورة.
٢- إذا كان الإخلال بحقوق الزوجية ناشئا من عجز الزوج الجسدي أو المالي، فإن الحاكم الشرعي يأمر الزوج بالطلاق. فإذا قبل الزوج وأوقع الطلاق أو وكَّل فيه، بقيت ولايته على الطلاق. وإذا امتنع من الطلاق، أو رفض وماطل مماطلة عُرف منها احتياله ورفضه للطلاق، فإن ولايته على عدم الطلاق تسقط وتنتقل هذه الولاية إلى الحاكم الشرعي، فيطلِّق الزوجة المشار إليها.
 وجه استفادة ولاية الحاكم الشرعي:
إن الشارع المقدس قد قرَّر قاعدة عامة كلية في شان العلاقة الزوجية في عدة آيات، هي القاعدة التي يقوم عليها إمساك الزوجة (الاستمرار في الحياة الزوجية) وتسريح الزوجة وفراقها (إنهاء الحياة الزوجية بالطلاق).
وقد وردت هذه القاعدة في ثلاث آيات هي:
١- ‹الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ›(١٠).
٢- ‹وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا›(١١).
٣- ‹...فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ›(١٢).
وصريح الصيغة الواردة في الآيات الثلاث، في التعبير عن هذه القاعدة الكلية، هو أن الزوج مخيَّر -من الناحية الوضعية- بين الحالتين الواردتين في صيغة القاعدة. أي أن الشارع المقدس لا يعطي المشروعية الوضعية لتصرف الزوج بالنسبة إلى العلقة الزوجية إلا لواحدة من الحالتين، ولا يقبل إلاّ واحدة منهما، وهما:
١- الإمساك بالمعروف.
٢- التسريح (الفراق) بمعروف (بإحسان).
أمّا الحالة الثالثة المتصورة -وهي الإمساك على غير المعروف- وهو الإمساك الضّراري العدواني، وهو الإمساك الذي فيه تعدٍّ لحدود الله، فهي حالة غير مشروعة ولا يقبلها الشارع، ولايقرُّ للزوج بولاية على العلقة الزوجية في هذه الحالة، لأن ولاية الزوج -بحسب دلالة الآيات- محصورة بالحالتين الواردتين فيها.
وسقوطُ ولاية الزوج في هذه الحالة لا يجعل العلقة الزوجية من غير ولاية وليّ عليها، بل تنتقل الولاية على الطلاق إلى الولي الذي هو الحاكم الشرعي.
ولهذا نظائر مسلَّمة في الشرع: منها ما تسالموا عليه من أن المالك إذا امتنع عن الإنفاق على الحيوان، مع قدرته -أو عجز عن الإنفاق عليه- يجبر على بيعه، ولا تعود له سلطة عليه؛ حيث إن السلطة مقيَّدة بعدم الإضرار بالمسلَّط عليه من إنسان أو حيوان، لأن إمساك الحيوان في هذه الحالة يكون إمساكًا عدوانيًا.
 مقتضى التعدّي لحدود الله:
عبّر الله تعالى عن حقوق الزوجية بأنها حدود الله.
وقد ورد في هذا التعبير ستّ مرات في سورة البقرة (الآيات:٢٢٩، ٢٣٠، ٢٣١) في بيان الحالة التي يجب أن يستقر عليها الزوجان: إمّا الإمساك والمعاشرة بالمعروف أو الطلاق والتسريح بإحسان.
وورد في سورة المجادلة (الآية:٤) في حالة الظهار.
وقد تقدم البحث في المراد من حدود الله، وفي آثار تعدّي هذه الحدود وما يترتب على ذلك من الآثار الوضعية، وهو في مقامنا سقوط ولاية الزوج على الزوجة وعلى العلقة الزوجية.
وقد بيَّن الله تعالى في آيات ورة البقرة:
١- أن الخوف من عدم إقامة حدود الله يبيح للزوج أن يأخذ من مال الزوجة عوض خلعها.
ونفهم من خوف عدم إقامة حدود الله: عدم الالتزام بحقوق الزوجية في المعاشرة، وخوف الوقوع -أو الوقوع فعلا- في الأقوال والأفعال المحرمة(١٣).
٢- النهي عن تعدّي حدود الله. ووصف من يتعدى حدود الله بالظلم.
٣- علّق مشروعية الرجعة إلى المطلقة بأن يعتقد الزوجان أنهما يلتزمان بحدود الله (حقوق الزوجية).
وهذا يقتضي أنه مع معرفة الزوج بعدم الالتزام بالحقوق الزوجية -لأنه هو المسلّط على الرجعة- فلا يجوز له الرجوع. وعدم الجواز هنا يساوي عدم الصحة، فلا تقع الرجعة في هذه الحالة. (فتأمل).
فإن الظاهر من الآيات التي ورد فيها هذا المعيار أن مراعاة هذه الحدود من قبل الزوج هي التي تحكم الحياة الزوجية وعلاقات الزوجين. ومراعاة هذه الحدود هي الالتزام بالمعروف والإحسان في الإمساك والتسريح. وإن الإخلال بهذه الحدود من قبل الزوج يتحقق بعدم الالتزام بالمعروف والإحسان في الإمساك والتسريح.
ولا يقتصر أثر الإخلال بهذه الحدود على الأثر التكليفي -هو الوقوع في فعل الحرام- بل يترتب على الإخلال أثر وضعي وهو سقوط ولاية الزوج على العلقة الزوجية.
وهذا الأثر الوضعي من الآثار الشائعة في الشريعة في موارد الحقوق المتبادلة والمتقابلة بين الناس. فإن الإخلال بالحقوق لا يقتصر أثره على الحرمة التكليفية، بل يتعداها إلى تدارك الضرر النازل بتعويضه عن طريق فرض الضمان على المعتدي، ورفعه عن طريق إسقاط الولاية ونزع السلطة التي مكَّنت الإنسان (الولي المتسلط) الضّار من إيقاع الضرر بالمعتدي عليه، كما نلاحظ ذلك في الإحتكار، وخيانة ولي الوقف، وولي اليتيم وسائر القاصرين، ومالك الدَّابة والعبد، وغير ذلك من الموارد.
وحيث إن مجرد سقوط ولاية الزوج على الطلاق وعدمه هنا لا يرفع الضرر عن الزوجة، حيث إنها ما دامت في علقة الزوجية فإنها تكون عرضة للضرر، قلا بدّ من انتقال الولاية إلى مركز آخر وهو هنا الحاكم الشرعي الذي ثبت في الشرع أنه ولي الممتنع.
فإن كل إنسان ثبت عليه حق لإنسان آخر أو لجماعة أو لمصلحة من المصالح العامة للجماعة، من حقوق الولايات (من قبيل الحضانة ورعاية الأيتام والولاية على الأوقاف والديون المالية) وامتنع عن أداء الحق الذي عليه، فإن الحاكم الشرعي يجبره على الأداء، وإذا امتنع أعمل الحاكم الشرعي ولايته في أداء الحق إلى أهله باعتباره ولي الممتنع.
ومما دل على مشروعية الإجبار على الطلاق في مورد تعرض الزوجة للضرر بسبب استمرار علقة الزوجية، رواية محمد بن الحسن الأشعري عن الامام محمد الباقر (ع)، قال: "كتب بعض موالينا إلى أبي جعفر(ع) معي: إن امرأة عارفة أحدث زوجها فهرب من البلاد، فتبع الزوج بعض أهل المرأة، فقال: إما طلقت وإما رددتك! فطلقها ومضى الرجل على وجهه فما ترى للمرأة؟ فكتب بخطه(ع): تزوجي يرحمك الله تعالى"(١٤).
فإن مورد الرواية هو الزوج الهارب من السلطة الذي أحدث، أي ارتكب جريمة جعلته مطاردا قد تطول غيبته أعواما كثيرة، ولا تتاح له فرصة الاتصال بزوجته أثناء ذلك؛ وفي ذلك ضرر على الزوجة، وهو أعمُّ من وجود النفقة أو من أن ينفق وعدمه. والظاهر من الرواية أن ولاية الزوج على عدم الطلاق قد سقطت، بحيث جاز إكراهه على الطلاق، وتهديده في حالة عدم الطلاق بتسليمه إلى السلطة. وقد حكم الامام(ع) بصحة الطلاق بقرينة إباحته لها أن تتزوج، وهذا من موارد الإكراه بالحق.
___________________
(١)(٧)(٨)سورة البقرة، الآية:٢٢٨.
(٢)سورة الطلاق، الآية:٦.
(٣)سورة البقرة، الآية:٢٣١.
(٤)سورة الطلاق، الآية:٦.
(٥)(٦)سورة النساء، الآية:١٢٩.
(٩)سورة البقرة، الآية:٢٢٩.
(١٠)سورة البقرة، الآية:٢٢٩.
(١١)سورة البقرة، الآية:٢٣١.
(١٢)سورة الطلاق، الآية:٢.
(١٣)قال أبو بكر أحمد بن علي الجصاص في كتابه "أحكام القرآن": ‹....إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ....›قال طاووس: يعني فيما افترض على كل واحد منهما في العشرة والصحبة.... وقال أهل اللغة: إلا أن يخافا، معناه إلا أن يظنا.... وهذا الخوف من ترك إقامة حدود الله على وجهين:
إما أن يكون أحدهما سيء الخلق، أو جميعًا، فيفضي بهما ذلك إلى ترك إقامة حدود الله فيما التزم كل واحد منهما من حقوق النكاح في قوله تعالى: ‹وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ›.
وإما أن يكون أحدهمت مبغضًا للآخر فيصعب عليه حسن العشرة والمجاملة، فيؤويه ذلك إلى مخالفة أمر الله في تقصيره في الحقوق التي تلزمه ٢٢٠٠٠، أحكام القرآن: ١/٤٧٣-٤٧٤.
(١٤)الوسائل ج٢٢ باب ٢٦ مقدمات الطلاق ح٤/٥٧ باب جواز طلاق زوجة الغائب.


المصدر: فساد العلاقة الزوجية- ولاية الحاكم الشرعي على الطلاق: الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين. ط١، المؤسسة الدولية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، ١٤٢٥ﻫ-٢٠٠٥م.

التعليقات (0)

اترك تعليق