مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

المرأة و دورها في المقاومة

المرأة و دورها في المقاومة: إن المرأة المجاهدة، والمقاومة في لبنان هي مثال حيّ للمرأة المسلمة الحسينية

«وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتُفسدُنَّ في الارض مرّتين ولتعلُنَّ علواً كبيراً• فإذا جاء وعدُ أُولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديدٍ فجاسوا خلالَ الديار وكان وعداً مفعولا». (الإسراء آية 4-5).
قبل ستة عقود خلت قام الغرب المستعمر بزرع كيان عنصري صهيوني على أرض فلسطين، تحت حجج واهية لا أساس لها على الاطلاق، مستهدفاً شعبها الفلسطيني المظلوم بترابه، وانسانه، ومقدساته ومقدراته، وثرواته، وذلك عن طريق ارتكاب المجازر والجرائم الرهيبة بحقه، كانت نتيجتها تشريد آلاف الأهالي من مدنهم و قراهم باتجاه الدول المجاورة، وإقامه مستوطنات صهيونية بأسماء يهودية بديلة.
لقد كانت نكبة فلسطين المأساوية بداية نشوء كيان صهيوني عدواني عنصري توسعي، أخذ يوقد نار الحرب في المنطقة، مستفيدا من دعم الاستكبار العالمي ليحتل أراضٍ جديدة، وليُمعن في سياسة التمدد و التوسع بغية تحقيق مقولات التلمود الخبيث بدولة كبرى تمتد جغرافياً من الفرات الى النيل؛ لكن نتائج عدوانه المستمر لم تؤدّ إلى تحقيق أهدافه بالكامل، فكان تارة يأخذه أرض بالقوة، وتاره أخرى  يعجز عن تحقيق ذلك نتيجة التصدّي له ومواجهة من بعض المقاومين العرب والجنود آنذاك.

لكن الله عزّ وجل قدّر لهذه الامة المظلومة، أن يخرج من صفوفها في مطلع الثمانينات، أناس يعلنون أنّ زمن الجهاد قد بدأ، وأنّ الحرية الحقيقية لايصنعها إلا الدم الحسيني والثائر والتضحيات والعطاءات الكبيره، و على قاعدة أداء التكليف الشرعي؛ فإمّا الشهادة وإمّا الانتصار وكلاهما إحدى الحسينين.
لقد كانت الأمة آنذاك أمام امتحان كبير؛ إمّا أن تجاهد عدوّ وتقف في وجهه، وإمّا أن ترضخ وتستسلم و هيهات أن تُذل، وشبابها يعلمون تماما أن قدوتهم ومثالهم على مرّ الزمن سيد الشهداء الحسين بن علي (ع) في واقعه كربلاء؛ والتي تبقي مسرحاً للمعنويات، والروحانيات يستمدون فيها دروس الحرية الحمراء مهما بلغت الأثمان. فرغم عدم التكافؤ بين المجاهدين والعدو الصهيوني من ناحية العدّة والعدد، فلقد وقف هؤلاء الشجعان يتصدون بالإيمان وقوة و اقتدار، يقتحمون مواقف العدو ويلحقون بقواته الخسائر الجسيمة، والهزائم التي كان يعترف بها رغم اعتماده سياسة إخفاء الخسائر. لقد كانت ثمار المجاهدين الانتصار المتواصل، لأن كل دم يُراق في مواجهة الصهاينة المجرمين يجعل تلك العاقبة حتمية وأكيدة التحقيق.
لقد تجسدت نظرية بيت العنكبوت المستمدة من القرآن الكريم حقيقة واقعية في هذا الصراع حيث أنّ الله موهنُ كيد الكافرين، قد كُشفت حقيقة الصهاينة الحاقدين الذين كانوا وعبر تاريخهم الأسود يقتلون الانبياء والاولياء ويتخذون بعضهم أرباباً وأولياءً من دون الله.
إنّ الهدف حينما يكون مقدساً وسامياً، فإنه يجعل المقاومين يقدمون على التضحية بكل ثبات واقدام دون أي خوف.
فالمدد الغيبي كان داعماً اسياسيا للمقاومين في كل حركتهم الجهادية، ولقد تجسد من خلال المواجهات البطولية في حرب تموز، حيث كانت المعنويات تتجلى في أبهى وأصدق صورها، ومشاهدها التي لايحدَّها عقلٌ انسان، كل ذلك كان نتيجة إخلاص المقاومين وعهدهم الصادق مع ربهم وشعبهم وأمتهم.
هذه المقاومة الاسلامية المجاهدة كان للمرأه دورٌ اساسي فيها، تمارسه في كل جوانب الجهاد والمقاومة وعلى الشكل التالي:
1- التصدي لقوات الاحتلال الصهيوني في السنوات الاولى، للاجتياح من خلال المشاركة في المسيرات والتظاهرات الرافضة لكل أشكال الاحتلال، وكان نتيجتها أن جرت مداهمات من قبل قوات العدو لبيوت العديد من النساء المجاهدات، واعتقالهن و زجهنَّ في معتقل أنصار وغيره، حيث تعرضن للتعذيب الوحشي علي يد الصهاينة المجرمين.
2-مشاركة المرأة المقاومة في العديد من المهام الأمنية التي كان لها تأثيرها في بعض العمليات الاستشهادية لجهة ايصال بعض المواد الضرورية اللازمة.
3- وعيها لدورها في المقاومة حيث أدركت أهمية مواجهة الصهاينة لدحرهم عن أرضنا، وتحملت المسؤلية في ذلك عن وعي حقيقي، رغم كل الظروف الصعبة والقاسية التي كانت تحيط بها وبالبلد آنذاك.
4- تعرضها وأطفالها لتهديدات العدو أساليبه الارهابيه بعد كل عملية جهادية تحصل وبالأخص نساء المقاومين وعوائلهم.
5- ثباتها في طريق الجهاد وحضورها في ساحات الجهاد بحماسة، وشجاعة، وصبر، وصمود حيث استخدمت في العديد من المواجهات الحجارة والحديد لتلقيها على روؤس الجنود الصهاينة في العديد من القرى والبلدان.
6- بلسمتها لجراحات المقاومين بعد كل عملية أو مواجهة والسهر على معالجتهم، وتأمين المستلزمات الطبية لهم بكل دقة وعناية واهتمام.
7- توزيعها للبيانات الصادرة عن المقاومة في السنوات الأولى للاحتلال، وبث الروح الجهادية في أوساط النساء ، وذلك لبناء مجتمع مقاوم قائم على التعاون بين جميع افراده.
8-مواقفها المشرّفة حينما كان يأتي نبأ استشهاد ابنها، أو أخيها، أو زوجها من ميدان الجهاد، فكان تأسيها بمصاب الحسين (ع) وعياله يرفع المعنويات ويعطي دفئاً وحماسة لبقية العوائل استعدادا للتضحية والفداء.
9- دورها الاعلامي المييز من خلال اللقاءات الهادفة، والمحاضرات، والندوات التي كانت أوقاتا لتعريف النساء عامة على خط المقاومة، والجهاد وبث الروح الجهادية في نفوسهن، والحث على المشاركة في كل الانشطة التي تدعم المقاومة وترفع من مستواها.
10- مشاركتها في مجال الكتابة السياسية، والادبية، والثقافية لنشر ثقافة المقاومة، ولتعريف الناس علي المنطلقات الفكرية، والتاريخية لنهج الجهاد المتمثل بثورة الامام الحسين (ع)، وتضحياته الكبرى مع عياله وأطفاله.
11- بروز نساء مجاهدات على مستوى القيادة النسوية، كان لهن دور اساسي في تنشئة الأجيال وتعبئتهم الهادفة، ومن أبرز وجوههن السيدة الشهيدة أم ياسر الموسوي، عقيلة سيد شهداء المقاومه التي كانت بحق امرأة فاضلة صالحة مجاهدة وقدوة للنساء المجاهدات في لبنان.
12-تغطيتها للتعبئة النسائيه أو التدريب على حمل السلاح للدفاع عن الانسان، والأرض إذا اقتضى الأمر تبعا للظروف الميدانيه.
13- رعايتها لأبناء المجاهدين واطفالهم فالرجل اثناء تأديته الواجب الجهادي تتحمل المرأة مسؤولية كبيرة من خلال الاهتمام بعياله وهذا من ارقى جوانب الجهاد.
14- و كانت المرأة اللبنانية، بشكل عام في كل مناطق لبنان، ابان حرب تموز تستقبل العوائل النازحة من القرى، والمدن التي كانت تتعرض للغارات المدمرة وقدمت لهم السكن والطعام، ولقد شكل ذلك مظهرا راقياً من مظاهر الوحدة الوطنية الصادقة بين مختلف شرائح المجتمع اللبناني.

و يبقى أن المرأة المجاهدة، والمقاومة في لبنان هي مثال حيّ للمرأة المسلمة الحسينية، التي ترى في عاشوراء الحسين(ع) الحقيقة الماثلة في العقل والقلب، و الرؤية و كما يقول الامام الخميني (رض) أنّ كل ما عندنا من عاشوراء الحسين(ع).
نعم إنّ جهادنا ومقاومتنا، وكل انتصاراتنا هي من معين كربلاء الحسين(ع) ذلك النبع الالهي الذي لا ينضب أبد الدهر.

  [بتصرف]
 المصدر: الموقع الاعلامي لثقافة الايثار والشهادة 
http://www.shahed.isaar.ir

التعليقات (0)

اترك تعليق