
الشهيدة معصومة كرباسي شهيدة على طريق القدس
"معصومة كرباسي" هي الشهيدة الإيرانية التي استشهدت في سبيل القدس والمقاومة. هاجرت إلى لبنان عام ٢٠٠٦ بعد زواجها من زميلها اللبناني، واستشهدت هي وزوجها دفاعًا عن محور المقاومة.
وُلدت معصومة كرباسي (أرزو) في شيراز عام ١٩٨٠. وهي ابنة الحاج حسين كرباسي، أحد رواد المسجد النبوي الشريف في شيراز، ومهندس بارز في منظمة الجهاد الزراعي. تخرجت من قسم هندسة الحاسوب في كلية الهندسة بجامعة شيراز، وكانت ناشطة ثقافية وإعلامية، وإحدى نخب البرمجة في هذه الجامعة. تزوجت معصومة من زميلها اللبناني الدكتور رضا عواضة عام ٢٠٠٣، وسافرت مع زوجها إلى لبنان عام ٢٠٠٦، حيث انضما إلى حزب الله في لبنان.
نشأت في أسرة قرآنية، وكانت أمًا متفانية لخمسة أطفال. على مر السنين، ومن خلال تأسيسها مراكز وتجمعات ثقافية ودينية ذات منظور وطني تجاه قضايا العالم الإسلامي، أصبحت أسطورة في المقاومة، وحققت الحلم الذي طالما كررته لعائلتها.
حصل رضا على درجة الماجستير في علوم الحاسوب من بيروت، ثم هاجر إلى طهران لمواصلة دراسته، وحصل على الدكتوراه من جامعة الأمير الكبير. كان من أبرز خبراء الأمن السيبراني في حزب الله، وقاتل ضد الكيان الصهيوني الغاصب إلى جانب حزب الله وزوجته حتى اللحظة الأخيرة.
في يوم السبت 19 تشرين الأول/أكتوبر، تعمدت طائرة مسيرة تابعة للجيش الإرهابي مطاردة سيارته في مدينة جونيه، كانت تقله هو وزوجته. كانت السيارة تسير عندما أطلقت طائرة الاستطلاع الإسرائيلية صاروخًا عليها، لكنه أصاب زاوية السيارة ولم يُصِب ركابها بأذى. أوقف عواضة السيارة. توقف على جانب الطريق السريع، ونزل منها، وأمسك بيد زوجته للاحتماء في زاوية. نزل ركاب السيارات الأخرى أيضًا، لكن يبدو أن أهداف الطائرة كانت واضحة. أُطلق صاروخ ثانٍ، واستشهد الزوجان.
كانت أمنية معصومة هي الشهادة:
قالت نرجس عباس آبادي، صديقة الشهيدة كرباسي: في عام ٢٠٠٦، مع اندلاع الحرب في لبنان، كانت معصومة قد وصلت لتوها. كانت أمنيتها أن تُستشهد. كانت تُعبّر عن هذه الأمنية العذبة بين الحين والآخر. على سبيل المثال، في عام ٢٠٠٦، ورغم إصرار عائلتها ومن حولها على ذهابها إلى إيران، كانت تقول: "سأبقى هنا، سأقاوم مع الشعب اللبناني، وإن قُدّر لي الاستشهاد، فسأستشهد". وفيت بوعدها، وبقيت في لبنان حتى آخر يوم من الحرب، مُفضّلةً المخاطرة بحياتها كلاجئة على البقاء مع الشعب. بالإضافة إلى نفسها وزوجها، لم تكن لديها أي حرج في تضحية أبنائها الخمسة بأنفسهم في هذا الطريق المقدس. كانت تقول دائمًا: "أبنائي مُخلصون للمرشد الأعلى". كانت متدينة جدًا ومحافظة. كلما ثار الحديث عن العمل الثقافي، كانت معصومة أول من يبادر. كثيرًا ما كنت أسمعها تُشجع اللبنانيين على تعلم اللغة الفارسية. وكانت تقول: "اللغة الفارسية هي لغة الثورة والجمهورية الإسلامية".
وأضافت: "كنتُ أرى معصومة أسبوعيًا أثناء قراءة دعاء كميل. آخر مرة أُقيم فيها دعاء كميل كانت قبل استشهاد إبراهيم عقيل والهجوم على زاهية. في ذلك اليوم، لم تكن معصومة في مزاجٍ كعادتها، فقد ارتسم على وجهها اللطيف والحيوي ملامح الخوف، وكانت قلقة على الشعب اللبناني. قالت: "الآن على الشعب اللبناني أن يُهجّر من جديد ويهجّر. تلك المنازل التي جاهدوا من أجلها ثمانية عشر عامًا، لكنني أعلم أنهم أقوياء لدرجة أنهم سيقولون ما في وسعهم، التضحية برأس السيد حسن نصر الله الذي استشهد".
قال حسين كرباسي، والد الشهيدة معصومة كرباسي: "الجميع يعودون إلى الله، ولكن المهم هو كيف نصل إليه، وبأي حمولة. أشكر الله على منحي هذه الفرصة لأردّ أمانته التي أولاني إياها بما يرضيه. لقد أهدتنا ابنتي معصومة وصهري العزيز هذه الهدية الثمينة إلى إمام الزمان (عج) والسيدة الزهراء (ع) وسائر الأئمة الطاهرين، ونرجو أن تكون مقبولة".
وأضاف: "ابنتي مهتمة بالعرفان منذ صغرها، وهي متدينة جدًا. عندما تحدثت معي عن زواجها، قالت إنها تريد الزواج من شخص يساعدها على التكامل. كنت على دراية بالوضع السياسي في لبنان، وحذرتها من أن لبنان يتعرض لقصف صاروخي مستمر، لكنها قالت: "أريد الزواج من رضا".
تابع كرباسي: "قبل أيام قليلة من استشهاد ابنتي، طلبت منها أن تأتي إلى إيران لأن الوضع هناك خطير. فقالت: أريد أن أكون مع زوجي". وفي النهاية، انضما إلى لقاء الله.
وأضاف: "كانت معصومة مجتهدة، وبعد تخرجها سافرت إلى لبنان. عملت في البداية كفنية في علم الحاسوب في إحدى الشركات. أتقنت عملها لدرجة أنها لم تأخذ إجازة. كانت ناشطة جدًا في الأنشطة الثقافية والحركة المهدوية، وشكلت مجموعات مهدوية. بالإضافة إلى ذلك، كانت ناشطة في حركة المقاومة، وكانت تقول: "يا أبتاه، ادع لي بالشهادة".
المصدر: hawzah.net
اترك تعليق