أم سلمة (رضوان الله عليها): زوجة النبي(ص)
اسمها ونسبها:
كنيتها أم سلمة، واسمها هند بنت حذيفة، يكنى بأبي أمية، ويلقب بزاد الراكب. واسم أمها عاتكة بنت عامر. وهي بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل.تزوجها عبد الله بن عبد الأسد، وكانت ممن أسلم قديما هي وزوجها، وهاجر بها إلى أرض الحبشة، ولدت زينب وسلمة وعمر ودرة، وتوفي زوجها على أثر جراح جرح في معركة أحد. وهي أول ظعينة هاجرت إلى المدينة.
زواجها من النبي(ص):
قال رسول الله(ص): إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: «إنا لله وإنا إليه راجعون» البقرة:156 اللهم عندك احتسبت مصيبتي فآجرني فيها، وأردت أن أقول وأبدلني بها خيرا فقلت: من خير من أبي سلمة؟ فما زلت حتى قلتها.
فلما انقضت عدتها خطبها أبو بكر وعمر فأبت، ثم أرسل إليها رسول الله(ص) يخطبها فقالت: مرحبا برسول الله(ص)، إني في خلالا ثلاثا: امرأة شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية(صاحبة صبيان)، وأنا امرأة ليس لي هاهنا أحد من أوليائي فيزوجني وأنا كبيرة.
فقال: أما ما ذكرت من غيرتك فإني أدعو الله تعالى أن يذهبها عنك، وأما ذكر من صبيك فإن الله تعالى سيكفيهم، وأما ما ذكرت من أنه ليس من أوليائك أحد شاهد، فليس من أوليائك أحد شاهد ولا غائب يكرهني، وأما ما ذكرت من الكبر فأنا أكبر منك.
فقبلت به، فقالت لابنها عمر: قم فزوج رسول الله(ص)، فزوجه. فدخل بها النبي(ص) في سنة أربع من الهجرة وقيل سنة ثلاث للهجرة النبوية.
سيرتها:
كانت أم سلمة (رضوان الله عليها) من أعقل النساء وكانت لها أساليب بديعة في استعطاف النبي(ص)، وأدب بارع في مخاطبته وطلب الحوائج منه.
ومن صفاتها أنها كانت فقيهة عارفة بغوامض الأحكام الشرعية، حتى أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يستشيرها ويرجع إلى رأيها.
وكانت موصوفة بالجمال، والعقل البالغ، والرأي الصائب، واقتراحها على النبي(ص) يوم الحديبية يدل على نضوج عقلها وصواب رأيها.
أم سلمة وآية التطهير:
وفي بيت أم سلمة نزلت: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا» الأحزاب: 33
قالت أم سلمة: جاء رسول الله(ص) إلى بيتي فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه، ثم جاء الحسين... ثم جاء علي... فاجتمعوا فأدخلهم رسول الله(ص) بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
فقلت: يا رسول الله وأنا.
قال: إنك على خير.
وفي رواية أخرى: أن النبي(ص) أخذ ثوبا فجلله فاطمة وعليا والحسن والحسين وهو معهم، ثم قرأ هذه الآية: (إنما يريد الله...).
قالت أم سلمة: فجئت أدخل معهم، فقال: مكانك.. إنك على خير.
جاء في كتاب مجمع البيان للطبرسي: قالت أم سلمة أن النبي(ص) كان في بيتها، فأتته فاطمة(ع) ببُرمة [البرمة: قدر مصنوع من الحجر] فيها حريرة [الحريرة: السكر مع النشأ المطبوخ] فقال لها: ادعي زوجك وابنيك [علي والحسن والحسين(ع)]، فأكلوا منها ثم ألقى عليهم كساءً له خيبريا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي.. ثم قالت أم سلمة: فأنزل الله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرُكُم تَطهِيراً». فقلت يا رسول الله وأنا معهم؟ قال: أنت إلى خير.
موقفها من أبي بكر:
عندما حرم أبو بكر حق الزهراء(ع) في فدك، قامت أم سلمة في مجلس أبي بكر وقالت له: يا أبا بكر، كيف اعتقدت أن ميراث النبي(ص) حرام؟ وأنه لم يوصِ بذلك؟!! مع العلم أن الله عزَّ وجل أمره في القرآن الكريم بإنذار عشيرته الأقربين، مهلاً يا أبا بكر، فإن رسول الله مطلع على أعمالك، وسيكون خصيمك في يوم الحساب، وسترى نتيجة أفعالك.
وعلى أثر هذا الموقف أمر أبو بكر بإيقاف إعطاء أم سلمة من بيت المال لمدة سنة واحدة.
ولاؤها لأمير المؤمنين(ع) وبنيه:
جاء في كتاب أعيان الشيعة: لما سار علي(ع) إلى البصرة لحرب الجمل، دخل على أم سلمة زوج النبي(ص) يودعها، فقالت: سِر في حفظ الله وفي كنفه، فوالله إنك لعلى الحق والحق معك، ولولا أني أكره أن أعصي الله ورسوله فإنه أمرنا أن نقر في بيوتنا لسرتُ معك، ولكن والله لأرسلن معك من هو أفضل عندي وأعز عليّ من نفسي إبني عمر.
عندما خرجت عائشة لقتال علي(ع) جاءت أم سلمة عليا(ع) وقدمت إليه ابنها عمر قائلة: يا أمير المؤمنين، لولا أن أعصي الله تعالى، وإنك لا تقبله مني، لخرجت معك، وهذا ابني عمر، والله لهو أعز علي من نفسي، يخرج معك فيشهد مشاهدك.
وكانت أم سلمة مستودعا لوصايا وكتب أهل العصمة.. روي أن عليا(ع) لما سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه والوصية، فلما رجع الحسن(ع) دفعتها إليه.
ولما توجه الحسين(ع) إلى العراق دفع إلى أم سلمة الوصية والكتب وغير ذلك، وقال لها: إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما دفعت إليك، فلما قتل الحسين(ع) أتى علي بن الحسين(ع) أم سلمة فدفعت إليه كل شيء أعطاها الحسين(ع).
روايتها للحديث:
روت أم سلمة أحاديث كثيرة عن النبي(ص)، كما روت عن فاطمة الزهراء(ع)، وغيرها من الصحابة والتابعين.
وكنموذج لما روته أم سلمة عن رسول الله(ص) ننقل الحديث الشريف الآتي: "علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض".
وفاتها:
هناك روايتان في وفاة أم سلمة (رضوان الله عليها): الأولى: أنها توفيت في شوال سنة (59 هـ)، والثانية: أنها توفيت آخر سنة (61 هـ).
قد عمرت حتى بلغها مقتل الحسين(ع) فوجمت لذلك وحزنت عليه كثيرا فلم تلبث إلا يسيرا، وقيل ماتت بعد الحسين(ع) بسنة أي سنة اثنتين وستين، وهي من آخر أمهات المؤمنين موتا، ودفنت في البقيع وكان لها يوم ماتت أربع وثمانون سنة.
المصدر: التبيان.
اترك تعليق