مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

حقوق المرأة وواجباتها في الأسرة في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة

حقوق المرأة وواجباتها في الأسرة في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة

المقدمة:

إنّ الأسرة هي النواة الرئيسة للمجتمع البشري وتتشكل من مجموعة من الأشخاص الذين تربطهم علاقة وثيقة مع البعض من خلال العلاقة الزوجية أو القرابة النَّسَبيّة أو التبني وكل منهم يضطلع بأدوار الزوجة والأم والأب والزوج والأخت والإبن وهم يعملون على إنشاء ثقافة مشتركة في إطار المؤسسة الأسرية.
إنّ أهمية التطرق إلى موضوع "توثيق دعائم الأسرة" يتجذر في أهمية المؤسسة الأسرية ذاتها. وإنّ الكيان المقدّس للأسرة هو الركن الأساس للمجتمع البشري وهو المنهل الذي تنبثق منه جميع الثقافات. حيث إنّ سعادة المجتمع رهينة بالحفاظ على الأسرة واستمرار إنماءها. وإنّ الشرط الأول لبناء مجتمع سليم ومتنام هو الحفاظ على سلامة الأسرة وقوامها. وإنّ كافة المكتسبات العلميّة والفنيّة لأبناء البشر تظهر في ظل الأسر السليمة والآمنة. فضلاً على هذا، إنّ كفاءة العلم والفن وقيمتهما العالية لا تظهر إلا في ظل تكوين الأسرة ومن دون الأسرة لا تتحطم الهوية الإنسانية فحسب، بل تصبح كافة الجهود الفردية والاجتماعيّة عديمة الجدوى.
من وجهة نظر الأديان، خاصة دين الإسلام، يتوقع من المؤسسة الأسرية أن تأتي بحصيلة عمل على مستوى سام. وإضافة إلى ذلك، إنّ إنشاء الكيان الأسري والحفاظ على حيويته يعتبر من المؤشرات الرئيسة لكل مجتمع حي وتنام. وإنّ الإرتقاء بمستوى أداء الموارد البشرية ومدى كفاءتها التي تعد من إحدى معايير التنميّة لا يتحقق إلا في ظل أسرة كفوءة ومتماسكة. سواء كانت الأسرة التي يبصر الإنسان فيها النور ويصل في إطارها إلى مرحلة الكفاءة والإنتاج أو الأسرة التي يكونها ويتعلق بها في المستقبل؛ ولهذا فإنّ للأسرة الحظ الأوفر في الرفع من مستوى التنميّة. لكن ومع الأسف، لم تصنف لحد الآن في عداد معايير تقييم التنمية.
إنّ الهدف المنشود من تشكيل الأسرة والغرض الرئيس للإسلام من كل هذا التأكيد، والحث على إنشائها وتوثيق أواصر العلاقات بين أفرادها والتعزيز في تماسكها هو إشاعة القيم الإنسانيّة الرفيعة، ونشر الأهداف التوحيديّة وبالنتيجة عولمة التوحيد. وإنّ الحفاظ على الجنس البشري وتكثيره هو في الحقيقة مقدمة لتحقيق هذا الهدف السامي. في هذا المقال، نسعى إلى إلقاء نظرة إلى رؤية الإسلام واتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالنسبة لمكانة الأسرة في القوانين ووضع السياسات.
كما نستعرض أهم البرامج التنموية والإجراءات التنفيذية:
1- الأسرة من وجهة نظر الإسلام:
إنّ الشريعة الإسلاميّة السمحة أتحفت أبناء البشرية جمعاء ببرنامج الحياة السعيدة وأكّدت على أهمية الأسرة في مسار تكامل الإنسان واعتبرت "المودة والرحمة" الركنين الأساسيين في توطيد دعائم الكيان الأسري والعنصر الذي يضمن استمرار حياته والتعزيز في تماسكه.
ومن المنظور العام، إنّ تعاليم وفرائض الشريعة الإسلاميّة كافة تولي اهتماماً بالغاً للحفاظ على كيان الأسرة، بحيث تهتم بعضها بتزكية النفس والبعض الآخر تنظر إلى صلاح المجتمع والحفاظ على سلامته.
إنّ القرآن الكريم كونه أكمل منهج للإنسان في سبيل تحقيق الحياة الطيبة، خصص جزءاً كبيراً من آياته بالأسرة وتنظيم وتعديل علاقات أعضاءها مع بعضهم البعض وحقوق وواجبات كل من الأزواج والأبناء. وإنّ مطالعة آيات القرآن الكريم من شأنها أن تقود الإنسان إلى سبيل الرشاد والحصول على أفضل الطرق لتوثيق دعائم الأسرة.
فمن منظور القرآن والروايات الإسلاميّة، توجد أسباب وفوائد نفسية وأخلاقية واجتماعية ودينية عديدة لإنشاء الأسرة والحفاظ على تماسكها. منها:
- إنّ الزواج وسيلة للحصول على الراحة النفسية وهو إحدى السبل التي تؤدي إلى تكوين علاقات قائمة على أساس الود والمحبة مع الآخرين: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (سورة الروم، الآية: 21).
- وهو وسيلة للحفاظ على العفاف والاحتراز من الانزلاق في منحدر المعاصي والآثام. روي عن رسول الله(ص): "مَنْ أحبّ أن يلقى الله طاهراً مطهراً فليلقه بزوجة" (وسائل الشيعة، ج14، ص6).
الزواج وسيلة للحفاظ على سلامة الجسم والنفس. قال رسول الله(ص): "زوجوا أيامكم فإنّ الله يُحسن لهم في أخلاقهم ويوسّع لهم في أرزاقهم ويزيدهم في مروّاتهم" (بحار الأنوار، ج103، ص222).
- الزواج يساعد على سلامة البيئة المجتمعيّة «وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (سورة النور، الآية: 32).
التوليد وزيادة النسل: عن أبي جعفر(ع) قال: قال رسول الله(ص): "ما يمنع المؤمن أن يتخذ أهلا؟! لعل الله يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلا الله" وسائل الشيعة، ج20، أبواب مقدمات النكاح وآدابه، الباب رقم 1، الحديث رقم 3.
- الحصول على الراحة والسكون «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ» (سورة الأعراف، الآية: 189)، و«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (سورة الروم، الآية: 21). كما روي عن رسول الله(ص): "ما بُني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله عز وجل من التزويج" وسائل الشيعة، ج20، أبواب مقدمات النكاح وآدابه، الباب رقم 1، الحديث رقم 4.
قال أمير المؤمنين(ع): "تزوجوا فإنّ رسول الله(ص) قال: من أب أن يتبع سنتي فإن من سنّتي التزويج" وسائل الشيعة، ج20، أبواب مقدمات النكاح وآدابه، الباب رقم 1، الحديث رقم 14.
بعد بزوغ فجر الثورة الإسلاميّة المباركة في إيران، حظيت الأسرة ودور المرأة في التعزيز من تماسكها، بمكانة أسمى في المجتمع. حيث قال سماحة الإمام الخميني الراحل(قده) مؤسس الجمهورية الإسلاميّة الإيرانية مبيناً لمدى أهمية دور المرأة في المؤسسة الأسرية: "المرأة هي الكائن الوحيد الذي من شأنه إتحاف المجتمع بأفراد يرقى المجتمع (بل المجتمعات) ببركة وجودهم نحو الاستقامة والقيم الإنسانية العليا".
كما تفضل سماحة قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي بالقول حول هذا الموضوع: "إنّ تأكيد الإسلام على الدور الفريد للنساء في الأسرة لا يعني مطلقاً معارضته لتواجدهن في الميادين المختلفة وإنما يمنح الأصالة والأولوية لدور المرأة كأم وزوجة في مقابل سائر النشاطات والأدوار الأخرى التي يقوم بها لأنّ بقاء الجنس البشري ونموه وشموخه واستقرار وسلامة المجتمع رهن بتحقيق هذا الدور".
2- توجهات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجال وضع القوانين والسياسات المعنية بالأسرة:
أ‌- القوانين:

- دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية:
إنّ الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع وهي النواة الرئيسة لإنماء الإنسان ورقيه ولهذا فإنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتبنى اتجاها استراتيجيا منتظما يؤكد على رعاية مصالح الأسرة خلال اتخاذ السياسات والتخطيط في كافة المجالات. وإنّ الدستور يذكر الأسرة كإحدى أركانه بشكل صريح: "إذ إن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع الإسلامي، يجب أن تؤدي كافة القوانين والخطط المعنيّة إلى التيسير في إنشائها والحفاظ على قداستها وتوثيق العلاقات الأسرية بين أفرادها على أساس تعاليم الشريعة الإسلاميّة".
- منظومة حقوق المرأة وواجباتها في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة:
حقوق الفتيات ومسؤولياتهن في الأسرة:
البند رقم 14-
حق تمتع الفتيات برعايةٍ لائقة من قبل الوالدين.
البند رقم 15- حق الفتيات في التمتع بالنفقة التّامة بما في ذلك المسكن، واللباس، والتغذية السليمة، وجميع التسهيلات الصحية الضامنة لسلامتهن الجسدية والنفسية.
البند رقم 16- حق الفتيات في التعليم والتربية وخلق الظروف التي تساعد في ازدهار قدراتهن وإبداعاتهن.
البند رقم 17- حق الفتيات في تأمين الحاجات العاطفية والنفسية وتمتعهن بمعاملةٍ لطيفة من قبل الوالدين وحمايتهن من العنف الأسري.
البند رقم 18- حق الفتيات في التمتع بإمكانيات الأسرة دون التمييز بين الفتاة والفتی.
البند رقم 19- حق الفتيات اللواتي يفتقدن إلی معيل أو اللواتي هن في ظل معيل سيء من قبل الأقارب أو المتطوعين لإعالتهنّ مع رعاية مصالحهن وتمتعهن بحماية الحکومة وإشرافها.
البند رقم 20- مسؤوليتهن تجاه احترام الوالدين وإطاعة أوامرهما المشروعة والمعاملة الحسنة تجاه جميع أعضاء الأسرة.

حقوق المرأة ومسؤوليتها في تكوين الأسرة وضمان استمرارها:
البند رقم 21- حق المرأة ومسؤوليتها تجاه توثيق دعائم أرکان كيان الأسرة وحقها في التمتع بالدعم القانوني اللازم لأجل الحد من نشوب الخلافات والتقليل من نسبة الطلاق.
البند رقم 22- حق المرأة في التمتع بالإمكانيات الثقافية، والإجتماعية، والإقتصادية لأجل التيسير في الزواج في الوقت المناسب ضمن التأكيد على واجبها في الالتزام وضبط النفس في فترة ما قبل الزواج.
البند رقم 23- الحق في الوعي بالنسبة لحقوق وواجبات الزوجين وآداب رعاية الزوج والتمتع بالإمكانيات اللازمة في هذا المجال.
البند رقم 24- حق معرفة المعايير الصحيحة لاختيار الزوج ونوعية التعرف على الزوج واختياره.
البند رقم 25- حقوق وواجبات الزوجين في الوعي بالضوابط الدينية الخاصة بالزواج؛ منها ضرورة تمتع كلاهما بنفس المستوى من المعتقدات الدينية.
البند رقم 26- حق المرأة في تعيين الشروط ضمن نطاق عقد الزوجية وفي إطار الضوابط الشرعية والتمتع بضمان تنفيذ هذه الشروط.
البند رقم 27- حق تسجيل عقد الزواج والطلاق بشكل رسمي والرجوع للمراجع الرسمية والقانونية.
البند رقم 28- حق المرأة في التمتع بالحقوق المادية خلال فترة الحياة الزوجية.
البند رقم 29- حق المرأة وواجبها في تلبية حاجات الزوج وحفظه في عرضه عند غيابه، والحفاظ على صحة العلاقة الجنسيّة وسلامتها وتحديدها على الزوج القانوني وحق رفع التظلم أمام القانون في حال نقضها.
البند رقم 30- حق المرأة وواجبها في اختيار السكن المشترك وحسن المعاشرة وتوفير الأمن النفسي للزوج من خلال العلاقات الزوجية معه وحق الإعتراض ورفع التظلم للمراجع القانونية عند إساءة المعاشرة من قبل الزوج.
البند رقم 31- حق المرأة وواجبها في رفع مستواها العلمي والمعنوي والأخلاقي وذلك بالتعاون مع أعضاء الأسرة.
البند رقم 32- حق المرأة وواجبها في صلة الأرحام.
البند رقم 33- حق المرأة في الخصوبة والحمل وتنظيم وتحديد النسل والتمتع بالتعاليم والإمكانيات المناسبة في هذا المجال.
البند رقم 34- حق المرأة في التمتع بالدعم والرعاية المادية والمعنوية خلال فترة الحمل والإرضاع.
البند رقم 35- واجب المرأة في رعاية  حقوق الجنين خاصة الحفاظ علی حياته ونموه.
البند رقم 36- حق المرأة وواجبها تجاه حضانة الأولاد وتأمين الأمن النفسي والعاطفي لهم وتربيتهم تربية دينية وأخلاقية لائقة.
البند رقم 37- حق المرأة في الإستعانة بالزوج ومشاركته في تربية الأولاد.
البند رقم 38- حق الأمهات في الحصول علی الأمن المادي والمعنوي خصوصاً في مرحلة الشيخوخة والعجز.
البند رقم 39- حق المرأة وواجبها تجاه إعالة الوالدين وتوفير معاشهم قدر استطاعتها.
حقــوق المـرأة وواجباتها عند تفكك الأسرة:
البند رقم 40-  حق الانفصال عن الزوج في حال عدم إمكانية التعايش، بعد مراجعة المحكمة وتقديم الأدلة المقبولة ومسؤوليتها تجاه رعاية قوانين الطلاق.
البند رقم 41-  حقها في فسخ عقد النكاح عند التدليس وظهور العيوب المعروفة، وحقها في أخذ التعويض عن الخسارة اللاحقة بها جراء التدليس.
البند رقم 42- حق المرأة في الحصول علی حقوقها الماديّة عند فسخ عقد النکاح والتمتع بمعاملةٍ حسنة من قبل الزوج عند الانفصال.
البند رقم 43- حقها في حضانة الطفل ومسؤوليتها تجاه ذلك وضرورة تمتعها بالدعم المالي من قبل الأب وحقها كذلك في اللقاء بالطفل بعد انقضاء مدّة الحضانة أو إلغائها.
البند رقم 44- حق تمتع المرأة بحقوقها الشخصية أثناء العدة وحقها في الزواج بعد انقضاء عدتها.
البند رقم 45- حقها في رفع الدعوی أمام المحاكم لمنع الزوج من الزواج للمرة الثانية، في حال عدم قدرته علی تأمين النفقة وإجراء العدالة بين الزوجات ورعاية سائر الحقوق.
البند رقم 46- المسؤولية المدنية والجزائية للأب والأم حال التقصير في الحفاظ علی الطفل وكذلك مسؤوليتهما أمام القانون جراء ممانعة الآخر اللقاء بالأولاد.

المصدر: مسيرة تطور المرأة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مركز شؤون المرأة والأسرة- رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية 2012م.

التعليقات (0)

اترك تعليق