كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 16/6/ 1979
بسم الله الرحمن الرحيم
غداً يوم مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء، يوم المرأة. إن مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة، وللإنسان، تجسدت في شخصية فاطمة الزهراء. لم تكن الزهراء امرأة عادية، بل كانت امرأة روحانية وملكوتية.. كانت إنسانا بتمام معنى الكلمة.. نسخةً من إنسانية متكاملة.. امرأة حقيقية كاملة.. حقيقية الإنسان الكامل. لم تكن امرأة عادية، بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان.. بل كائن إلهي جبروتي ظهر بصورة امرأة.
فغداً يوم المرأة؛ التي اجتمعت فيها كل الخصال الكمالية المتصوَّرة للإنسان، وللمرأة. المرأة التي تتحلى بجميع خصال الأنبياء. المرأة التي لو كانت رجلاً لكانت نبياً.. لو كانت رجلاً لكانت بمقام رسول الله.
غداً يوم المرأة.. حيث ولدت جميع أبعاد منزلتها وشخصيتها، غداً ذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات، والمظاهر الملكوتية، والإلهية، والجبروتية، والملكية والإنسية.. فهي إنسان بتمام معنى الإنسانية، وامرأة بكل ما تعنيه المرأة من معنى ايجابي.
إن المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل، وان هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثل أدنى مراتب الإنسان، أدنى مراتب المرأة وأدنى مراتب الرجل، بيد أن الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقاً من هذه المرتبة المتدنية؛ فهو في حركة دؤوبة، من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب؛ إلى الفناء في الألوهية. وإن هذا المعنى متحقق في الصديقة الزهراء، التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الإلهية؛ بالمدد الغيبي، وبتربية رسول الله(ص)، لتصل إلى مرتبةٍ دونها الجميع.
إذن، في مثل غد تحققت مختلف الأبعاد الممكن تصورها للمرأة، وظهرت المرأة إلى الوجود بتمام معناها. فغداً يوم المرأة، حقاً.
للأسف، كانت المرأة مظلومة في فترتين؛ ففي الجاهلية لحقها ظلم كثير قبل أن يمنّ الإسلام على الإنسان وينقذ المرأة من الظلم الذي كانت تعانيه، حيث كان التعامل معها لا يختلف عن التعامل مع الحيوانات، وربما أسوأ!
كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فجاء الإسلام وانتشلها من مستنقع الجاهلية.
وفي بلادنا ظلمت المرأة ثانيةً خلال فترة حكم (رضا خان) وابنه؛ إذ ظلموا المرأة تحت شعار المطالبة بتحريرها.
لقد ألحقوا بالمرأة ظلماً فادحاً؛ جرّدوها من عزّها وشرفها.. حوّلوها إلى سلعة بعد تلك المكانة المعنوية التي كانت تنعم بها، كل ذلك كان يتم باسم الحرية، باسم تحرير النساء والرجال سلبوا الحرية من المرأة والرجل، وأفسدوا أخلاق النساء، وأفسدوا شبابنا.
كان الشاه يرى في المرأة "جمالاً" ومظهراً؛ كان يقول: "المرأة رقة وجمال". وطبيعي أنَّ ذلك نابع من نظرته الحيوانية، إذ كان ينظر إلى المرأة بوحي من نظرته المادية، والخباثة الحيوانية التي كان يتصف بها. وهكذا جرّ المرأة من مقام الإنسانية إلى مرتبة الحيوان. أراد أن يوجد مكانة للمرأة فأنزلها من مقامها السامي إلى مرتبة الحيوانية، وجعلها ألعوبة ودمية؛ في حين أن المرأة إنسانة، بل إنسان عظيم، وهي مربية للمجتمع. ومن أحضان المرأة يولد الرجال. الرجل والمرأة الصالحان يولدان أولاً في أحضان المرأة؛ فالمرأة مربية للرجال.
إن سعادة البلدان وشقاءها منوطان بوجود المرأة؛ فبتربيتها الصالحة تصنع الإنسان، وتعمّر البلاد.
إن أحضان المرأة منطلق جميع السعادات، ولكن للأسف جعلوا من المرأة ألعوبة.
لقد ألحق الأب والابن ـخاصة الابن (محمد رضا بهلوي)ـ مصائب وأذىً بالمرأة لم تلحق مثلها بالرجال.
المرأة مبدأ جميع الخيرات. وقد رأيتم ورأينا كيف كان دور المرأة في هذه النهضة.
ان التاريخ يشهد على عظمة المرأة ودورها الريادي، ولكن لماذا التاريخ؟ فنحن أنفسنا شهدنا أية نساء ربّاهن الإسلام! أية نساء ساهمن في هذه النهضة! إن النساء اللاتي شاركن في النهضة هن هؤلاء النسوة المحجبات من سكان الجنوب في قم وبقية المدن. أما اللواتي رُبين تربية شاهنشاهية "آريامهر"، فلم يتدخلن في هذه النهضة مطلقاً. لقد ربّوهن تربية فاسدة وأبعدوهن عن القيم الإسلامية.
فالنساء المتلقيات تربية إسلامية، نزلن إلى الشوارع، وحملن أرواحهن على الأكف، وقدن النهضة إلى النصر.
إننا نعتبر نهضتنا مدينة للنساء؛ فالرجال كانوا ينزلون إلى الشوارع اقتداءً بالنساء، فهن شجّعن الرجال وكنّ دائماً في مقدمة الصفوف.
إن مثل هذه المرأة التي تتمكن من تحطيم قوة متمادية، شيطانية، كانوا قد عملوا في عهد رضا خان ومحمد رضا، على جرّها إلى التدني عن مقامها ومنزلتها. والرجال أيضاً جرّوهم إلى الانحطاط، والشباب أيضاً دفعوهم إلى التدني والانحطاط، إذ أوجدوا لشبابنا ما شاؤوا من مراكز الفسق والفجور. وباسم التقدم والحضارة جرّوا شبابنا إلى الفحشاء. باسم الحرية سلبونا جميع حرياتنا.
إن الذين أدركوا عصر رضا خان يعون ما أقول؛ لأنهم شاهدوا بأعينهم الأساليب التي مورست ضدنا وضد نسائنا المحترمات. كذلك يعيه أولئك الذين أدركوا عهد محمد رضا. فتحتَ لافتات خادعة وألفاظ معسولة، قادوا بلادنا إلى الخراب. والأسوأ من ذلك، انهم عملوا على إفساد شبابنا وخنق طاقاتنا الإنسانية.
كانت المرأة في عهد محمد ورضا بهلوي، عنصراً مظلوماً، دون أن تدرك ذلك. فلقد مارسوا ظلماً بحقها في عهدي رضا خان ومحمد رضا؛ لا يعرف أن كان مورس مثله في الجاهلية!
إن الانحطاط الذي جُرّت إليه النساء في هذا القرن، لا يُدرى إن كان عصر الجاهلية قد شهد مثله. في كلتا الفترتين كانت النساء مظلومات؛ في الجاهلية الأولى جاء الإسلام وأنقذهن من الأسر، وفي عصرنا هذا آمل أن يأخذ الإسلام بأيديهن وينقذهن من مستنقع الذل والظلم أيضاً.
أيتها النسوة المحترمات! كنّ على يقظة وحذر لئلاّ يضحكوا عليكن، ولا تنخدعن بأحابيل هؤلاء الشياطين الذين يريدون سوقكن إلى التدني والانحطاط، إنهم يخدعونكن، يريدون أن يجعلوا منكم ألعوبة كما كان يفعل الشاه الملعون. فاتجهن إلى الإسلام، يوفر لكن السعادة.
غداً يوم المرأة.. المرأة التي يفخر بها العالم.. يوم المرأة التي وقفت بنتها زينب بنت علي (عليهم السلام) في وجه الحكومة الطاغية وألقت خطبتها تلك، ونطقت بذلك الكلام الذي نعرفه جميعاً.. بنتها التي وقفت في وجه الطاغية الذي إذا ما نبس الرجال بكلمة قتلهم جميعاً، ووبّخته ولم تخف. وبّخت يزيد وأعلمته بأنه ليس إنساناً.
ينبغي للمرأة أن تتحلى بمثل هذه الشجاعة. وبحمد الله إن نساء عصرنا يتشبهن بهذه المرأة؛ إذ وقفن في وجه الطاغية شاهرات قبضاتهن الحديدية، والأطفال على صدورهن، وساهمن في النهضة.
نسأل الله أن يخلّصنا من شرّ الشياطين، وندعوه أن ينقذ شبابنا من شر شياطين الإنس، وأن يكفى سيداتنا وأخواتنا شرّهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: موقع الولاية.
كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة
بتاريخ 16/6/ 1979
غداً يوم مولد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء، يوم المرأة. إن مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة، وللإنسان، تجسدت في شخصية فاطمة الزهراء. لم تكن الزهراء امرأة عادية، بل كانت امرأة روحانية وملكوتية.. كانت إنسانا بتمام معنى الكلمة.. نسخةً من إنسانية متكاملة.. امرأة حقيقية كاملة.. حقيقية الإنسان الكامل. لم تكن امرأة عادية، بل هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان.. بل كائن إلهي جبروتي ظهر بصورة امرأة.
فغداً يوم المرأة؛ التي اجتمعت فيها كل الخصال الكمالية المتصوَّرة للإنسان، وللمرأة. المرأة التي تتحلى بجميع خصال الأنبياء. المرأة التي لو كانت رجلاً لكانت نبياً.. لو كانت رجلاً لكانت بمقام رسول الله.
غداً يوم المرأة.. حيث ولدت جميع أبعاد منزلتها وشخصيتها، غداً ذكرى مولد الكائن الذي اجتمعت فيه المعنويات، والمظاهر الملكوتية، والإلهية، والجبروتية، والملكية والإنسية.. فهي إنسان بتمام معنى الإنسانية، وامرأة بكل ما تعنيه المرأة من معنى ايجابي.
إن المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل، وان هذا المظهر الصوري الطبيعي يمثل أدنى مراتب الإنسان، أدنى مراتب المرأة وأدنى مراتب الرجل، بيد أن الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقاً من هذه المرتبة المتدنية؛ فهو في حركة دؤوبة، من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب؛ إلى الفناء في الألوهية. وإن هذا المعنى متحقق في الصديقة الزهراء، التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الإلهية؛ بالمدد الغيبي، وبتربية رسول الله(ص)، لتصل إلى مرتبةٍ دونها الجميع.
إذن، في مثل غد تحققت مختلف الأبعاد الممكن تصورها للمرأة، وظهرت المرأة إلى الوجود بتمام معناها. فغداً يوم المرأة، حقاً.
للأسف، كانت المرأة مظلومة في فترتين؛ ففي الجاهلية لحقها ظلم كثير قبل أن يمنّ الإسلام على الإنسان وينقذ المرأة من الظلم الذي كانت تعانيه، حيث كان التعامل معها لا يختلف عن التعامل مع الحيوانات، وربما أسوأ!
كانت المرأة مظلومة في الجاهلية، فجاء الإسلام وانتشلها من مستنقع الجاهلية.
وفي بلادنا ظلمت المرأة ثانيةً خلال فترة حكم (رضا خان) وابنه؛ إذ ظلموا المرأة تحت شعار المطالبة بتحريرها.
لقد ألحقوا بالمرأة ظلماً فادحاً؛ جرّدوها من عزّها وشرفها.. حوّلوها إلى سلعة بعد تلك المكانة المعنوية التي كانت تنعم بها، كل ذلك كان يتم باسم الحرية، باسم تحرير النساء والرجال سلبوا الحرية من المرأة والرجل، وأفسدوا أخلاق النساء، وأفسدوا شبابنا.
كان الشاه يرى في المرأة "جمالاً" ومظهراً؛ كان يقول: "المرأة رقة وجمال". وطبيعي أنَّ ذلك نابع من نظرته الحيوانية، إذ كان ينظر إلى المرأة بوحي من نظرته المادية، والخباثة الحيوانية التي كان يتصف بها. وهكذا جرّ المرأة من مقام الإنسانية إلى مرتبة الحيوان. أراد أن يوجد مكانة للمرأة فأنزلها من مقامها السامي إلى مرتبة الحيوانية، وجعلها ألعوبة ودمية؛ في حين أن المرأة إنسانة، بل إنسان عظيم، وهي مربية للمجتمع. ومن أحضان المرأة يولد الرجال. الرجل والمرأة الصالحان يولدان أولاً في أحضان المرأة؛ فالمرأة مربية للرجال.
إن سعادة البلدان وشقاءها منوطان بوجود المرأة؛ فبتربيتها الصالحة تصنع الإنسان، وتعمّر البلاد.
إن أحضان المرأة منطلق جميع السعادات، ولكن للأسف جعلوا من المرأة ألعوبة.
لقد ألحق الأب والابن ـخاصة الابن (محمد رضا بهلوي)ـ مصائب وأذىً بالمرأة لم تلحق مثلها بالرجال.
المرأة مبدأ جميع الخيرات. وقد رأيتم ورأينا كيف كان دور المرأة في هذه النهضة.
ان التاريخ يشهد على عظمة المرأة ودورها الريادي، ولكن لماذا التاريخ؟ فنحن أنفسنا شهدنا أية نساء ربّاهن الإسلام! أية نساء ساهمن في هذه النهضة! إن النساء اللاتي شاركن في النهضة هن هؤلاء النسوة المحجبات من سكان الجنوب في قم وبقية المدن. أما اللواتي رُبين تربية شاهنشاهية "آريامهر"، فلم يتدخلن في هذه النهضة مطلقاً. لقد ربّوهن تربية فاسدة وأبعدوهن عن القيم الإسلامية.
فالنساء المتلقيات تربية إسلامية، نزلن إلى الشوارع، وحملن أرواحهن على الأكف، وقدن النهضة إلى النصر.
إننا نعتبر نهضتنا مدينة للنساء؛ فالرجال كانوا ينزلون إلى الشوارع اقتداءً بالنساء، فهن شجّعن الرجال وكنّ دائماً في مقدمة الصفوف.
إن مثل هذه المرأة التي تتمكن من تحطيم قوة متمادية، شيطانية، كانوا قد عملوا في عهد رضا خان ومحمد رضا، على جرّها إلى التدني عن مقامها ومنزلتها. والرجال أيضاً جرّوهم إلى الانحطاط، والشباب أيضاً دفعوهم إلى التدني والانحطاط، إذ أوجدوا لشبابنا ما شاؤوا من مراكز الفسق والفجور. وباسم التقدم والحضارة جرّوا شبابنا إلى الفحشاء. باسم الحرية سلبونا جميع حرياتنا.
إن الذين أدركوا عصر رضا خان يعون ما أقول؛ لأنهم شاهدوا بأعينهم الأساليب التي مورست ضدنا وضد نسائنا المحترمات. كذلك يعيه أولئك الذين أدركوا عهد محمد رضا. فتحتَ لافتات خادعة وألفاظ معسولة، قادوا بلادنا إلى الخراب. والأسوأ من ذلك، انهم عملوا على إفساد شبابنا وخنق طاقاتنا الإنسانية.
كانت المرأة في عهد محمد ورضا بهلوي، عنصراً مظلوماً، دون أن تدرك ذلك. فلقد مارسوا ظلماً بحقها في عهدي رضا خان ومحمد رضا؛ لا يعرف أن كان مورس مثله في الجاهلية!
إن الانحطاط الذي جُرّت إليه النساء في هذا القرن، لا يُدرى إن كان عصر الجاهلية قد شهد مثله. في كلتا الفترتين كانت النساء مظلومات؛ في الجاهلية الأولى جاء الإسلام وأنقذهن من الأسر، وفي عصرنا هذا آمل أن يأخذ الإسلام بأيديهن وينقذهن من مستنقع الذل والظلم أيضاً.
أيتها النسوة المحترمات! كنّ على يقظة وحذر لئلاّ يضحكوا عليكن، ولا تنخدعن بأحابيل هؤلاء الشياطين الذين يريدون سوقكن إلى التدني والانحطاط، إنهم يخدعونكن، يريدون أن يجعلوا منكم ألعوبة كما كان يفعل الشاه الملعون. فاتجهن إلى الإسلام، يوفر لكن السعادة.
غداً يوم المرأة.. المرأة التي يفخر بها العالم.. يوم المرأة التي وقفت بنتها زينب بنت علي (عليهم السلام) في وجه الحكومة الطاغية وألقت خطبتها تلك، ونطقت بذلك الكلام الذي نعرفه جميعاً.. بنتها التي وقفت في وجه الطاغية الذي إذا ما نبس الرجال بكلمة قتلهم جميعاً، ووبّخته ولم تخف. وبّخت يزيد وأعلمته بأنه ليس إنساناً.
ينبغي للمرأة أن تتحلى بمثل هذه الشجاعة. وبحمد الله إن نساء عصرنا يتشبهن بهذه المرأة؛ إذ وقفن في وجه الطاغية شاهرات قبضاتهن الحديدية، والأطفال على صدورهن، وساهمن في النهضة.
نسأل الله أن يخلّصنا من شرّ الشياطين، وندعوه أن ينقذ شبابنا من شر شياطين الإنس، وأن يكفى سيداتنا وأخواتنا شرّهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر: موقع الولاية.
كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة
بتاريخ 16/6/ 1979
اترك تعليق