أهمية الأمومة وشرفها في كلام الإمام الخميني (قدس سره)
لقد مزج الله تبارك وتعالى قلوب الأمهات وأرواحهن بنور رحمة ربوبيته، بما يعجز عن وصفها أحد، ولن يدركها غيرهنّ. وإن هذه الرحمة الأزلية هي التي أكسبت الأُمّهات كل هذه القدرة على تحمل العذاب والمعاناة منذ لحظة استقرار النطفة في الأرحام، وطوال فترة الحمل، ولحظة الولادة، ومرحلة الطفولة إلى آخر العمر.. والمشقة والعذاب اللذين يعجز عن تحملهما الآباء ولو ليلة واحدة. وحقاً ما ورد في الحديث الشريف من أن "الجنة تحت أقدام الأمهات"..
إنكن أيتها النساء تحظين بشرف الأمومة.. وأنتنّ بهذا الشرف مقدّمات على الرجال.. إنكنّ تتعهدن مسؤولية تربية الأطفال في أحضانكنّ. وإن أول مدرسة يتعلم فيها الطفل هي حضن الأم، فالأم الصالحة تربي طفلاً صالحاً. وإذا ما كانت الأم منحرفة –لا سمح الله– سوف ينشأ الطفل منحرفاً في احضانها، لأن العلاقة التي تربط الاطفال بالام دونها أية علاقة أخرى.
وما دام الطفل في أحضان أمه، فإن كل ما يفكر به ويتطلع اليه يتلخص فيها، وينظر إليه من خلالها. إن كلام الأم وخُلقها وأفعالها تترك تأثيرها في الأطفال.
لا شك أن حضن الأم، الذي هو المدرسة الأولى للطفل، إذا ما كان مهذباً طاهراً، فإن الطفل ينشأ ويترعرع في سنينه الأولى على تلك الأخلاق الحميدة، وعلى هذا التهذيب والعمل الصالح. فإذا ما رأى الطفل الأخلاق الحسنة والأفعال الصالحة والكلام المهذب فسوف ينشأ على تلك الأخلاق والأفعال بوحي من تقليده لأمّه التي هي أسمى مَن يُقلد[1].
***
ليس من السهل عدّ حقوق الأم الكثيرة، ولا يمكن أداؤها حقها. إن ليلة واحدة من سهر الأم لطفلها، تعادل سنين من عمر أب ملتزم. أم الرأفة والرحمة التي تحملها نظرات الأم النورانية، ما هي إلاّ تجلٍ لرأفة ورحمة ربّ العالمين..
***
لقد مزج الله تبارك وتعالى قلوب الأمهات وأرواحهن بنور رحمة ربوبيته، بما يعجز عن وصفها أحد، ولن يدركها غيرهنّ. وإن هذه الرحمة الأزلية هي التي أكسبت الأُمّهات كل هذه القدرة على تحمل العذاب والمعاناة منذ لحظة استقرار النطفة في الأرحام، وطوال فترة الحمل، ولحظة الولادة، ومرحلة الطفولة إلى آخر العمر.. والمشقة والعذاب اللذين يعجز عن تحملهما الآباء ولو ليلة واحدة. وحقاً ما ورد في الحديث الشريف من أن "الجنة تحت أقدام الأمهات"[2].
وقد ورد بهذا التعبير اللطيف للدلالة على سمو عظمتها ودعوة الأبناء للبحث عن السعادة والجنة تحت تراب أقدامهن المباركة، والمحافظة على حرمتهن بعد حرمة الحق المتعال، والبحث عن رضا الله تبارك وتعالى في رضا الأمهات وسعادتهن. إن طفلاً صالحاً يتربى في أحضانكن من الممكن أن يسعد شعباً كاملاً. أما لو كانت تربيته سيئة فقد يفسد مجتمعاً لا سمح الله. لا تتصوروا أنه طفل؛ فقد ينزل هذا الطفل إلى المجتمع ويحتل موقعاً على رأس المجتمع ثم يسوقه إلى الفساد[3].
***
ينبغي لكنّ في أمومتكن تهذيب الاطفال.. كذلك في ممارستكن التعليم يجب عليكن أن تعملن على تهذيبهم.. يجب عليكن رفد المجتمع بأفراد صالحين، لتجعلوا من المجتمع مجتمعاً سليماً. وإن حصل العكس -لا سمح الله- فإنكنّ تتحملن وزر العواقب. فكما أن كل عمل خير ستقومون به، يعود جزء من حسناته إليكنّ، لكونكن منشأ عمل الخير هذا، فكذلك إذا ما منحتن المجتمع شريحة فاسدة –لا سمح الله – وراحت هذه الشريحة تعيث فساداً بالمجتمع، فإن ضرر ذلك سيلحق بكنّ أيضاً[4].
***
إن هذه الأم التي يترعرع الطفل في أحضانها، تتحمل أعظم مسؤولية، ولديها اشرف عمل، ألا وهو رعاية الطفل. إن تنشئة الطفل وتقديم إنسان للمجتمع، هو من أشرف الأعمال في العالم.. إنه الهدف الذي بعث الله تبارك وتعالى الأنبياء من أجله على مرّ التاريخ من آدم إلى الخاتم، فهم بعثوا لتربية الانسان[5].
***
لقد بُعث الانبياء لتربية الانسان. فهم مكلفون بأن يصنعوا من الفرد، الذي هو بشر، انساناً، ويزكوه.. هذا هو عمل الانبياء.. ويجب أن يكون عمل الأمهات أيضاً.. ينبغي للأمهات تزكية الأطفال الذين في أحضانهن من خلال سلوكهن وأفعالهن.
***
في حضن الأم يتربى الاطفال أفضل من تربيتهم على يد الأساتذة. إن العلاقة التي تربط الطفل بأمه لا تربطه بأي شخص آخر.. وما يسمعه الطفل من أمّه يرسخ في نفسه ويلازمه إلى آخر عمره.
***
على الأمهات أن يحرصن على تربية الأطفال تربية صالحة طاهرة. ينبغي أن تكون أحضانهن مدرسة علمية وإيمانية. وهو عمل عظيم جداً لا تقدر عليه غير الامهات. ان ملازمة الطفل لأمه اكثر من ملازمته للأب، وأن القدر الذي تتركه أخلاق الام على الطفل البريء، لا يتوفر للآخرين[6].
***
بإمكانكنّ أن تربين أطفالاً يحفظون ميراث الأنبياء ويحققون أهدافهم. وعليكن أيضاً المحافظة عليهم وإنجاب المحافظين والحراس، وهم أبناؤكن.. ربّوا مثل هؤلاء الأفراد.. ينبغي أن تكون بيوتكن مدارس لتربية الأبناء، وتخريج العلماء، ومهد التربية العلمية والدينية والتهذيب الأخلاقي. إن الاهتمام بمصير هؤلاء الاطفال يقع على عاتق الآباء والأمهات[7].
***
إن العطف والحنان الذي تغدقه الأم على ابنها العليل، يؤثر في تهدئة الطفل وتسكين آلامه أكثر من تأثير الدواء. فهو في تلك اللحظات بحاجة إلى من يسكّن روحه ويهدئ روعه، وإن الأم هي التي تمنحه الاطمئنان الروحي والسكون، ولا ينكر دور الأب أيضاً[8].
***
أيّتها النساء المحترمات! احرصن على تهذيب أنفسكنّ وأطفالكنّ.. ربين أطفالكنّ تربية إسلامية.. فالإسلام نظام متكامل.. إنكنّ في أحضان الإسلام، ولا بد لكنّ أن تتحلين بأخلاقه.. فالإسلام يشتمل على كل شيء.
ربين أطفالكن في أحضانكن تربية إسلامية.. تربية إنسانية.. حتى إذا ذهبوا إلى المدرسة، كانوا أطفالاً صالحين ذوي أخلاق حميدة. وآداب حسنة[9].
***
يجدر الانتباه إلى أن هؤلاء الاطفال الذين يتربون بين أيديكن، يجب أن يتلقوا تربية دينية أخلاقية.. فإذا منحتم المجتمع طفلاً متديناً، فإن مثل هذا الطفل المتدين الملتزم قد يصلح مجتمعاً. إن فرداً واحداً قد يصلح مجتمعاً. أما إذا تخرج من احضانكن من كانت تربيته سيئة –لا سمح الله– وكان طفلاً منحرفاً، فمن المحتمل أن يفسد مجتمعاً، وأنتن المسؤولات عن ذلك. عليكن أن تربين الطفل تربية صالحة، وبذلك لكنّ من الشرف بمنزلة شرف الأنبياء. اعلمن أنه إذا ما تربى الأطفال اللذين في أحضانكن، أو تحت رعايتكن تربية سيئة –لا سمح الله– فمن الممكن أن يفسدوا مجتمعاً كاملاً[10].
***
لو تربى الطفل في أحضان أمه تربية صالحة وانتقل إلى المدرسة. وربته المدرسة بدورها تربية صالحة وهكذا في الثانوية ثم الجامعة أو المراكز العلمية الأخرى، فقد نرى بعد برهة من الزمن أن الشباب جميعهم تلقوا تربية صالحة، ويعملون على قيادة بلادهم على طريق الصلاح والرقي[11].
—————————
1) من حديث حول دور الأمهات الحساس في تربية الأبناء بتاريخ 13/5/1979.
2) كنز العمال، حديث 45439
3) من حديث حول دور الأمهات الحساس في تربية الأبناء بتاريخ 13/5/1979.
4) من حديث حول دور الأمهات الحساس في تربية الأبناء بتاريخ 13/5/1979.
5) من حديث في جمع من العاملين في حقل التعليم والطلبة الجامعيين بتاريخ 24/5/1979.
6) من حديث في أعضاء الاتحاد الإسلامي لوزارة الصحة بتاريخ 17/7/1979.
7) من حديث في جمع من نساء فضلاء الحوزة العلمية في قم بتاريخ 26/5/1979.
8) من حديث في جمع من الأطباء بتاريخ 26/5/1979.
9) من حديث في جمع من نساء دزفول بتاريخ 11/6/1979.
10) من حديث في جمع من نساء دزفول بتاريخ 11/6/1979.
11) من حديث في أعضاء الاتحاد الإسلامي لوزارة الصحة بتاريخ 17/7/1979.
المصدر: وكالة أبنا.
اترك تعليق