خطاب في جمع من نساء محافظة قم (6/3/1979)
بسم الله الرحمن الرحيم
[...] إنّ نساء إيران وسيدات قم وبقية المدن سبّاقات في تحقيق هذا النصر، لقد حفّزن الرجال على الإقدام، وإنّ رجالنا مدينون لشجاعتكن أيتها النساء الشجاعات.. أنا مدين للرجال، وكذلك للنساء المكرمات..
الإسلام ينظر إليكن أيتها النساء نظرة خاصة، فعندما ظهر الإسلام بجزيرة العرب: كانت المرأة تفتقر إلى المكانة لدى الرجال، الإسلام هو الذي منحها العزة والرفعة، وساواها بالرجال..
إنّ العناية التي يوليها الإسلام للنساء تفوق العناية التي خصّ بـها الرجال، فللرجال حق على الشعوب، إلا أنّ حق النساء أكبر، لأنّ المرأة تربّي في أحضانها العظيمة رجالاً شجعاناً..
القرآن الكريم يربّي الإنسان، والمرأة أيضاً تربّي الإنسان، فوظيفة النساء تربية الإنسان، ولو جُردّت الأمم من النساء المربيات للإنسان، فإنّ هذه الأمم سوف تُهزم وتؤول الى الانحطاط وتتدنى إلى الحضيض..
النساء هنّ اللاتي يمنحن الشعوب القوة والشجاعة، ولقد شاركن في صدر الإسلام في الحروب مع الرجال أيضاً..
إنّ للمرأة منزلة سامية، فهي تتمتع بمكانة رفيعة، ولها في نظر الإسلام مقام سام..
لقد رأينا كيف أنّ النساء المحترمات قاومن في جبهات القتال جنباً إلى جنب الرجال، بل وسبّاقات على الرجال، وضحّين بأطفالهن وبشبابهن، وقاومن بشجاعة.
نحن نطالب بأن تحتل المرأة مكانتها الإنسانية السامية، لا أن تكون ألعوبة بأيدي أراذل الرجال.
لا بد للمرأة من المساهمة في تقرير مصيرها.. لا بد للنساء في الجمهورية الإسلامية من المشاركة في الانتخابات، فكما أنّ للرجل حق الانتخاب، فكذلك المرأة تمتلك مثل هذا الحق.
لقد أساءوا إلى مكانة المرأة في العقود الأخيرة، ومن الخيانات الكبرى التي لحقت بشعبنا أنهم سلبوا منّا طاقاتنا الإنسانية، وعملوا على تدنّي طاقات شبابنا وإضعاف طاقات نسائنا، وحطّوا من مكانتهن، فخانوا بذلك شعبنا، إذا جعلوا من نسائنا ألعوبة، ولقد أرادوا لهنّ الانحطاط، إلا أنّ الله تبارك وتعالى لم يشأ ذلك..
لقد أساؤوا إلى مكانة المرأة وأرادوا أن يجعلوا منها سلعة تنتقل بين الأيدي.
الإسلام يؤهّل المرأة لأن يكون لها دور في جميع الأمور: تماماً كالرجل، وكما ينبغي للرجل أن يتجنب الفساد، فكذلك المرأة مطالَبة بذلك، ولا ينبغي أن تكون النساء ألعوبة بأيدي الشباب التافهين، بل ينبغي للمرأة أن لا تحط من مكانتها ومنزلتها وتخرجمتبرجة ومزوّقة [لا سمح الله] لتطاردها أنظار الفاسدين..
ينبغي للمرأة أن تحافظ على إنسانيتها، وأن تتحلى بالتقوى، فللمرأة منزلة كريمة، وهي ذات إرادة، لقد خلقها الله عز وجل حرة كريمة، وكما وضع الله تبارك وتعالى قيوداً للرجل لئلا تقوده شهواته للفساد والإفساد: كذلك وضع مثلها للمرأة أيضاً، وكل هذا من أجل صلاحها، فالأحكام الإسلامية كلّها من أجل صلاح المجتمع..
أولئك الذين يسعون لجعل النساء ألعوبة بأيدي الرجال والشباب الفاسدين (هم) أناس خونة، ويجب على النساء الحذر منهن وعدم الانخداع والتصور أنّ من شان المرأة أن تخرجمتبرجة نصف عارية، ليس هذا من شأن المرأة، ولا يليق بها، ومثل هذه دمية، وليست امرأة..
على المرأة أن تكون شجاعة، وتؤدي دوراً في مقدرات البلاد المصيرية، فهي صانعة الإنسان ومربيته..
أسأل الله أن يحفظكن يا نساء إيران ونساء قم من كيد المفسدين الذين هم في الحقيقة حيوانات ولا ينتسبون للآدمية، فكان كان لكنّ دور أساس في هذه النهضات، فأنتنّ اليوم مطالَبات بالمساهمة في هذا النصر، و(عليكنّ) أن تنهضن وتنتفضن كلما تطلّب الأمر ذلك، فالبلاد بلادكم، وقد ولّت بإذن الله الأيادي الأجنبية، وأضحت عاجزة عن الإساءة الى هذا البلد..
لقد قُطعت أيدي المرتشين والناهبين، وعادت البلاد إليكم، ولابد لكم من إعمار البلاد: يجب على أبناء الشعب الإيراني جميعاً، سواء النساء والرجال، العمل على إعمار هذا البلد الذي خلّفوه لنا.. يد الرجل وحده غير قادرة على الإعمار، بل إنّ الرجل والمرأة مطالَبان كلاهما بالعمل على إعادة بناء البلاد.
بإمكان النساء المقبلات على زواج أن يضعن منذ البداية شروطاً لأنفسهن لا تخالف الشرع ولا تتعارض مع شأنهن، بإمكانهن أن يشترطن منذ البداية بأنه إذا ما كان الرجل سيئ الخُلق وأساء معاملتها فهي وكيل في الطلاق، لقد شرّع الإسلام لهنّ هذا الحق..
وإذا ما آمن الإسلام ببعض المحدوديات للرجال والنساء، فهي من أجل صلاحهم..
إنّ أحكام الإسلام كافة، سواء تلك التي تدعو للتجديد والتطور، أو التي تضع بعض القيود.. كلّها بصالحكم ومن أجلكم، فكما أنه جعل للرجل حق الطلاق، فإنه وضع لكنّ خيار الاشتراط على الزوجأثناء العقد بأنه إذا ما فعلتَ كذا وكذا كنتُ الوكيلة في الطلاق، فإذا ما اشترطت المرأة ذلك لن يُذعر الرجل بعدها، ولن يتمكن من وضع قيود للمرأة.. لا يستطيع أن يسيء خلقه معها، وإذا ما أساء الرجل التعامل مع زوجته فإنّ الحكومة الإسلامية تحول دون ذلك، وإذا لم يستجب الرجل يعزرونه ويطبقون عليه الحد، وإذا استمر على ذلك يفرّق المجتهد بينه وبين زوجته.
أسأل الله أن يمنّ عليكنّ بالعزّة والسلامة والسعادة وبالإيمان الكامل، ويوفقكن إلى التربية الصالحة والثقافة السليمة، وأن تكون السعادة حليفتكن في كل خطوة.
تحية لكنّ أيتها النساء العزيزات المكرمات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: موقع المجمع العالمي لأهل البيت(ع).
اترك تعليق