مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الإمام الخميني وحضور المرأة في النظام الإسلامي

الإمام الخميني وحضور المرأة في النظام الإسلامي

ثورة الإمام روح الله الموسوي الخميني(رض) على شموليتها وتعدد جوانب عظمتها، إلا أن ما يخص المرأة فيها يبقى الأبرز بعد أن شكلت حدثاً هاماً في تاريخها ومنعطفاً نوعياً في مسارها.
فهي إن كانت أحيت في قلوب المسلمين الأمل في استعادة وجودهم ومكانتهم العالمية بعد أن جسدت قدرة الإسلام على تحدي طواغيت عالمنا المعاصر فأنها على صعيد المجتمع النسائي كانت بمثابة النهوض الذي يحمل معه الحياة وذلك لكونها بثت في أعماق المرأة المسلمة تلك الهزة المباركة التي أيقظتها بعد طول هجمة وسبات لتنتشلها بشكل وبأخر من علل الاستضعاف والغفلة وعمى الانبهار وتدفع بها مجدداً نحو مستقبل رحب فيه من كريم الحياة ومعطياتها ما ذكر بأفياء عصر رسول الله والأئمة المعصومين(س).
وإنه من هنا تبرز مسألة التصدي لدراسة التحولات التي أحدثتها الثورة الإسلامية في وضع المرأة وبالتحديد دراسة ما يخص المرأة في فكر الإمام(رض) الذي عملت توجيهاته وإرشاداته الحكيمة على أحداث هذه النقلة النوعية الكبرى في حياة المرأة المسلمة المعاصرة.
فهذه الدراسة نعيش أهميتها في ظل الفراغ العالمي المميت في هذا الجانب خصوصاً وان فعالية دور المرأة في هذه الثورة لا يزال مجهولاً حتى في أوساط المسلمين نتيجة القمع الإعلامي الممارس من قبل قوى الاستكبار عالمياً وأدواته محلياً بهدف طمس معالم الإسلام الأصيل الذي أنتج هذه الثورة وهذا الفكر.

الإمام الخميني وحضور المرأة:
لم يختلف الإمام عن غيره من المراجع في تحديد صلاحيات وحدود وحقوق وواجبات المرأة ولكنه اختلف في انتهاج التطبيق العلمي بحيث كسر جمود الواقع المألوف وسعى إلى أن يطبق عملياً ما أقرته التعاليم السماوية وصولاً إلى تمثل النموذج القرآني الذي ينطلق من كون المرأة شريك أساسي في صناعة مستقبل الأمة وتقرير مصيرها. ومن هنا نجد أن الإمام أتاح للمرأة عملياً ما أتاحه الإسلام لها فكان بحق عالماً من العلماء اللذين تمثل فيهم قول الرسول(ص) «أنهم ورثة الأنبياء وأمناء الرسل»
فالمرأة في نظر الإمام(قدس) هي:
هاجر أم إسماعيل(ع) التي دعا الله سبحانه وتعالى رجال الأمة ونسائها أن يسعوا سعيها ضمن فريضة الحج الكبرى متذكرين تسليمها وصمودها.
وهي آسيا(س) التي قدمها تعالى مثلاً للذين آمنوا من رجال ونساء خير أمة منوهاً ومذكراً بشجاعتها وثباتها حتى الشهادة معلناً للعالمين عبر أعز رسالة تقاعس قوم ونهوض امرأة في وجه طغيان فرعون.
المرأة في نظر الإمام(رض): هي مريم(ع) في طهرها وصفاء سريرتها وصمودها ويقينها بالله تعالى..
وهي خديجة وما حفي به شخصها الكريم من رؤية ثاقبة وإدراك عميق وروح مبادرة وعلوّ همة وتضحية وبذل عزّ نظيره..
وهي سيدة النساء فاطمة(س) في كمالها وحضورها وتأثيرها العظيم في مسار هذه الأمة وتاريخها..
وهي زينب(س) في شجاعتها وصلابتها وثباتها وإصرارها على مواصلة المسيرة وصولاً إلى زلزلة عروش الظالمين.
وأنه من هذه القاعدة الواضحة كان توجه الإمام وسعيه لإجلاء صورة المرأة وتركيز شخصيتها وحيث جعل مسألة إعادتها إلى مكانتها وإبراز دورها هماً من همومه فمن جهة كان يحرضها على أخذ مكانتها الحقيقية والتمسك بها قائلاً: "إننا نأمل أن تستيقظ جميع النساء من الغفلة التي فرضت عليها من قبل الناهبين حتى تصل إلى مقامها الرفيع"
ومن جهة أخرى كان يعمل على إبراز حقها ودورها وأبعاد نهوضها قائلاً للجميع "لقد ظهر الدين الإسلامي في الجزيرة العربية حيث المرأة مسحوقة عديمة الاعتبار فجعلها الإسلام في مكانها المناسب متساوية مع الرجل مرفوعة الرأس ذات كرامة وعزة بل حظيت بعناية أكثر من الرجل في الإسلام".
وهكذا نجد أنه مع وجود مستويات في النظر إلى المرأة والتعاطي معها إلا أن الإمام قطع شوطاً بعيداً في هذا واستطاع أن يشعل ثورة في هذا الشأن وذلك بعد أن مدّ لها يد العون وشدها عملياً من الدور الهامشي البعيد عن تعاليم الإسلام وأخرجها من الزاوية الضيقة التي حاصرها فيها جمع من الفقهاء متيحاً لها جميع الفرص والإمكانات من أجل النهوض مبيناً أن الفوارق الموجودة بين الجنسين لا علاقة لها بالطبيعة الإنسانية بل أنها نابعة من كون المرأة والرجل أحدهما يكمل الآخر وأن المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل هي المساواة في تحمل المسؤولية وأداء الواجب وصنع المستقبل.

حضور المرأة في الميدان السياسي:
لقد أكد الإمام على دور المرأة في الشأن السياسي واعتبره واجباً عليها أن تنهض به وقد لا نجد توضيحاً أكثر قوة في التشجيع على اقتحام هذا المجال كما نجده في أحاديث الإمام التي تشدد على ضرورة امتلاك المرأة لإرادتها وتمتعها بروح  المبادرة وبفكر قوي وشخصية مبدعة وقوية ساعياً لأن تكون أحاديثه بمثابة قوة دفع لها في هذا الميدان.
ولذا نجد أنه بعد انتصار الثورة وبعد الذي أبدته المرأة من مشاركة فعالة يحرص على ترسيخ هذا التوجيه في خطابه لهن: "أيتها النساء أيدكنّ الله حافظن على بقائكن في الساحة السياسية فالآن كل بيت يعتبر مركزاً من مراكز الدولة المسألة مسألة عقائدية لا مادية فالنساء حين يخرجن لأداء عمل ما كأن تتولى أحداهنّ منصباً من المناصب ويضحين بأولادهن لا يخرجن بهذه من أنفسهن بل أن الإسلام والقرآن هما اللذان يدفعانهن إلى الخروج مع الرجال بل أمامهم إلى ساحة العمل السياسية".
وجاء في إحدى أقواله في صحيفة النور " للمرأة في النظام الإسلامي حقوق كحقوق الرجل إذ أن لها حق الدراسة والعمل والملكية وحق التصويت وحق الترشيح. ولها حق في جميع الجوانب التي للرجل فيها حق. ولكن هناك حالات تحرم على الرجل بسبب ما ينجم عنها من مفاسد وحالات تحرم على المرأة أيضاً بسبب ما تؤدي إليه من مفاسد لأن الإسلام أراد أن يحفظ للمرأة وللرجل كرامتهما الإنسانية".
أيضاً في وصيته للأمة نجده(رض) يؤكد على معالم المجتمع الإسلامي الذي تشكل المرأة فيه ركناً أساسياً "نحن فخورون- يقول الإمام- بأن السيدات والنساء الهرمة والشابة الصغيرة والكبيرة حاضرات في الميادين الثقافية والاقتصادية والعسكرية جنباً إلى جنب مع الرجال أو أفضل منهم يبذلن الجهد من أجل إعلاء كلمة الإسلام وأهداف القرآن.
القادرات منهن على الحرب يشاركن في التدريب العسكري للدفاع عن الإسلام والدولة الإسلامية الذي هو من الواجبات المهمة, وقد حررن أنفسهن من أنواع الحرمان التي فرضت عليهن بل على الإسلام والقرآن. وقد حررن أنفسهن بكل شجاعة واقتدار وأخرجن أنفسهن من أسر الخرافات التي أوجدها الأعداء بواسطة الجهل وبعض المعممين الذين لا يفهمون مصالح المسلمين"
ترى هل هناك امرأة في عالمنا المعاصر نالت من التقدير أو نال جهدها قيمة بمستوى ما نالته المرأة من الإمام؟
وأي امرأة مسلمة بعد عهود المعصومين تفيأت ظلال الأحكام الإلهية وعاشت الدفع المعنوي والمادي بهذا القدر. فالإمام(رض) كما لاحظنا:
أولاً: بيّن بأن التعاليم الإسلامية كفلت للمرأة حرية الحركة والإبداع في كافة المجالات وأن ليس هناك إلا الضوابط الشرعية التي حددتها أحكام الإسلام والتي تحافظ على إنسانية المرأة وتصون مقامها.
ثانياً: دلل(رض) على المكانة السامية التي يمنحها الإسلام وتشريعاته للمرأة مؤكداً أن ما تبذله بعض النساء من خلال مشاركتهن وخروجهن للساحة السياسية والذي يأتي بالتعب والمشقة ويكون على حساب بعض المسؤوليات هو تضحية منهن، وأن هذه التضحية مقدرة ويجب أن تصان وتؤخذ بعين الاعتبار لأن فقدانها يؤدي إلى حرمان الأمة من طاقة محركة وفاعلة ملفتاً إلى أن معادلة تربية طفل قد تكون أدنى من معادلة تحريك مجتمع. وأن معادلة العمل السياسي المرتبط بنهضة المجتمع وتنميته والدفاع عن مقدساته قد تكون أكبر من معادلة الاهتمام من امرأة داخل البيت لأن الإسلام والقرآن هما اللذان يدفعانها.
ثالثاً: لقد حرص الإمام(رض) كما لاحظنا على مساهمة المرأة في القوة الدفاعية أعدادا وتدريباً مؤكداً على المرأة القادرة على المواجهة والحرب في المجال العسكري، وأن تتعلم الفنون العسكرية لأن مسؤولية الحفاظ على الإسلام والدفاع عنه وعن الوطن الإسلامي يملي على المرأة جهاداً يتلأم مع قدراتها الذاتية وما تطلبه الظروف..
وأنه من أجل تعزيز هذه المكانة وهذا الدور. وتوضيحاً لاتجاه الحركة المستقبلية للمرأة نجد الإمام(رض) مع قيام أول مجلس خبراء يقول للمعنيين "أن لدينا نساء كفؤات. ابحثوا عن امرأة  لتكون عضواً في مجلس الخبراء"
ومع التحضير لأول انتخابات نيابية نجد الإمام يؤكد على ضرورة أن تخوض المرأة هذا المعترك، وحين يسأله أحدهم عن إمكانية تأجيل هذا الأمر للدورة الثانية نجده يجيب كما أن الرجل يمثل الشعب فأن المرأة أيضاً ممثلة للشعب.
وأنه قبل فترة وجيزة من وفاته نجده(رض) يختار المرأة لتكون عضواً في وفد هام مكوّن من ثلاثة أعضاء فقط من أجل حمل رسالته الشهيرة إلى الزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف. وحيث أخبرتني السيدة مرضية دباغ- في إحدى اللقاءات- إن الإمام قال لها يومها "أنا اخترتك من بين السيدات ومن بين الرجال لكي تكوني في هذا الوفد مع آية الله آملي" وقد شاركت حينها كما تقول في كل ما جرى من بحث. وحيّا فيها غورباتشيف الأم الإيرانية ونساء الثورة.

التلازم بين الحضور والضوابط الشرعية:
في إحدى المقابلات التي أجرتها صحيفة- الغارديان- يجيب الإمام (السيدة اليزابت تارغود) عن سؤالها: هل إن المرأة قادرة في ظل الحكومة الإسلامية على الاختيار بحرية بين الحجاب الإسلامي واللباس الغربي؟
قائلاً: "النساء ينعمن بالحرية في اختيار العمل والمصير، وكذلك نوع اللباس ضمن الموازين والضوابط الشرعية". "أن للمرأة في النظام الإسلامي عين ما للرجل من حقوق كحق الدرس وحق العمل وحق التملك وحق إبداء الرأي وحق المشورة. ولكن كما يحرم على الرجل تسبيب إفشاء الفساد كذلك يحرم على المرأة مثيلاتها"
وهكذا بيّن الإمام(رض) بأن الإسلام أرسى حقوق المرأة بالكامل وكفل لها حرية الحركة والإبداع في مختلف المواقع وإن المسألة هي مسألة الالتزام بالضوابط الشرعية التي تحفظ إنسانيتها وتصون مقامها ومكانتها.
عناوين سعى الإمام لإبرازها وترسيخها في المجتمع والدولة ككل معبداً لها الطريق باتجاه الدستور الإسلامي، الذي أكد على مكانة المرأة السياسية والتربوية وعلى حقها في الانتخاب والترشيح وحقها في اكتساب كافة أنواع العلوم التي تتناسب وقابليتها المختلفة.
تكريس دور المرأة في الدستور:
كان لا بد لدستور الجمهورية الإسلامية المستمد من قوانين الإسلام السامية من أن يأخذ بالاعتبار. المساواة التي يعتمدها القرآن الكريم والشارع المقدس في تعاطيها مع المرأة والرجل على حد سواء. فالمشروع الحضاري الإسلامي يعمل على إيجاد الإنسان الكامل- الإنسان الرجل والإنسان المرأة- ويصون كرامته ويقرّ له حقوقه كاملة غير منقوصة. وهذا ما أكدته المادة العاشرة من هذا الدستور "حماية القانون تشمل جميع أفراد الشعب -نساء ورجالاً- بصورة متساوية وهم يتمتعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن الموازين الإسلامية"
وفي المادة الحادية والعشرين نقرأ: "الحكومة مسؤولة -في إطار الإسلام- عن تأمين حقوق المرأة في كافة المجالات"
كما يشدد الدستور في أكثر من مادة على مساواة الرجل والمرأة حال القانون وفي شؤون عدة مثل التمتع بالأمن والتعليم والتربية. والعمل والتملك. وعموماً فإن أسم المرأة أينما ورد في مواد الدستور فهو للتأكيد على هذه المساواة.
وهكذا باتت المرأة منذ انتصار الثورة تمثل أهمية خاصة في برامج النظام الإسلامي العام. فلا يكاد يمر يوم بعد قيام الجمهورية الإسلامية إلا وتصدر الحكومة برامج لصالح المرأة وحقوقها.. بحيث يمكن التأكيد بأن تطوراً كبيراً تم انجازه في فترة زمنية قصيرة مقارنة بما حققته المطالبات بحقوق في بلدان العالم.. وإن ما تناهى إلينا أو وقفنا عليه في هذا المجال عبر أستاذة جامعية مسؤولة في طهران هو:
أن الرجال والنساء في الجمهورية الإسلامية يتمتعون بحقوق متساوية في العمل وتقديمات الضمان الاجتماعي والتعليم المجاني ومنها أيضاً:
1- إيجاد المحاكم الصالحة للحفاظ على الأسرة واستمرار بقائها..
2- تعديل قانون العمل كتمديد إجازة الولادة إلى أربعة أشهر ولها حق المطالبة بشهرين للرضاعة.
3- دفع راتب المرأة المتوفاة إلى أقربائها.
4- توفير تأمين خاص للأرامل والنساء والعجائز وفاقدات المعيل.
5- إعطاء الأمهات الصالحات القيمومة على أولادهن عند فقدانهم الولي الشرعي من أجل رعايتهم
6- أما إذا التفتنا حضور المرأة الفعلي على مستوى المناصب العليا والمواقع المتقدمة
فنجد: أن هناك ثلاثة مساعدات لرئيس الجمهورية -في الشؤون القانونية- وشؤون النخب العلمية في الجامعات- وشؤون المرأة والأسرة.
وهناك وزيرتان وإحدى عشر امرأة كنائب في مجلس الشورى. إضافة إلى مساعدة ومستشارة لشؤون المرأة لكل وزير، ومعاونة لشؤون المرأة لكل رئيس بلدية، وكرئيس للجامعة هناك اثنتين، وكمساعد لرئيس الجامعة هناك عشرون سيدة. إضافة إلى أعداد كبيرة في منصب مدير عام سواء في وزارة الصحة أو العلوم أو التربية والتعليم أو غيرها.
أما كعميدات كليات وكرئيسات لأقسام علمية في الجامعات فهناك أعداد كبيرة. أيضاً هناك أعداد لا تعد كمديرات لمجمعات تربوية وحيث باتت نسبة الإناث في الجامعات 60% بالنسبة إلى الذكور 
وهناك أعداد من النساء قاضيات لشؤون الأسرة- وأعداد لا تحصى كمديرات لحوزات (في كل مدينة حوزة للأخوات) إضافة إلى أكثر من خمسة عشر امرأة يدرسن بحث خارج عند السيد القائد دام ظله. إضافة إلى حضورهن المهيب كمجتهدات في الحوزة العلمية.
أما على مستوى الكتابة والتأليف والشعر والترجمة والأبحاث المتنوعة والإعلام -صحافة وإذاعة وتلفزيون- أو كموظفات في سائر الإدارات والمؤسسات والوزارات فهناك أعداد هائلة وكبيرة جداً وهذا عدا من الأعداد الكبيرة على مستوى الاختراعات والاكتشافات والإبداعات التي يتم رعايتها ودعمها.
ولا شك بأن هذه المكاسب العظيمة هي جزء يسير مما حصلت عليه المرأة الإيرانية. وإن هذا بالتالي لم يتحقق لولا القيادة الصالحة والتي تمثلت بشخص الإمام الخميني(رض) وشخص سماحة القائد الخامنئي دام ظله. التي عملت على تثبيت دور المرأة إضافة إلى التعاليم الإسلامية التي حركت في المجتمع دوافع تقدير المرأة وتشجيعها على تبوء مكانتها وموقعها في مسيرة المجتمع الأمثل.
وإنه من البديهي القول بأن التأسي الحميم برسول الله وآل البيت(ع) الذي انتهجه الإمام الخميني كان له أبلغ الأثر في أحداث هذه النقلة النوعية في حياة المسلمة المعاصرة وعلى أرض إيران بالخصوص،
فهو من جهة كسر بتوجيهاته وخطبه الفاصل الكبير الذي أقامته عهود الاستضعاف بين النظرية والتطبيق، وأظهر عملياً بأن دور المرأة في المشروع الإسلامي هو دور أساس وأنها هي نفسها شريك أساس في النهوض وتحمل المسؤولية.
ومن جهة ثانية نجده أشعل ثورة عارمة في هذا الشأن، إذ رغم وجود مستويات في النظر إلى المرأة والتعاطي معها إلا أن الإمام قطع شوطاً بعيداً في هذا الجانب بحيث أتاح لها جميع الفرص والإمكانات ومدّ لها يد العون. بل شدها عملياً من الدور الهامشي البعيد عن تعاليم الإسلام وأخرجها من الزاوية الضيقة التي حصرها فيها جمع من الفقهاء ودفع بها باتجاه الدور الجهادي العام. عاملاً من جهة على إبراز حقها. ومن جهة ثانية كان يسعى كأب عطوف لأن يوضح للجميع معالم دورها وأبعاد نهوضها على مختلف الصعد.
وعليه فإن حضور المرأة الإيرانية في المجتمع والدولة بات واقعاً ملموساً بعد قيام ثورة الإمام(رض)، فهي اليوم تشارك الرجل في مختلف المجالات سواء منها الاجتماعية أو التربوية أو السياسية أو الثقافية، وهي إلى هذا تتمتع بكامل الفرص التي يتمتع بها الرجل من الانتخاب أو الترشيح لمجلس الشورى أو المجالس البلدية. كما تشارك في اختيار رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الخبراء، وفي تقرير طبيعة النظام الإسلامي. وتبعاً لهذا فإنها أصبحت تستطيع المشاركة في كافة النشاطات والمسؤوليات السياسية وليس هناك ما يمنعها من الدخول إلى هيئة الرئاسة في البرلمان ورئاسة البرلمان نفسه. وهي إلى هذا عضو في المجلس الأعلى للطاقة النووية.
وبكلمة أخيرة فإن الثورة الإسلامية في إيران تمكنت من أن تعيد للمرأة الإيرانية مكانتها الحقيقية وأن تفتح أمامها مختلف السبل لتمارس دورها ومسؤولياتها بحيث أزاحت من طريقها جميع العوائق.
يبقى: أن المرأة المسلمة التي عاشت في ظل الرعاية الحقة لولي الفقيه، والتي باتت بفضل الله تعالى تدرك دورها الإيماني الفعال في الحياة، وباتت تملك رؤية واضحة وموقفاً محدداً من كافة القضايا التي تحيط بها هي اليوم مدعوة وأكثر من أي وقت مضى إلى أن تضطلع بدورها الريادي المتمشي مع الرسالة العالمية للإسلام.
إنها مدعوة لليقظة والفطنة في وجه المكائد التي تريد العبث بوحدة مجتمعها وتماسكه، والتي تستهدف أساساً الإسلام العزيز. فالإمام الخميني(رض) شكل بثورته صرخة نحو الخلاص من أسر النظم الوضعية والقيود التي تفرضها قوى الاستكبار العالمي. ونحن مدعوات من أجل تعميق وعي هذا الخط والسير به بنفس القوة التي كان يطرحها الإمام(رض) مع عدم الخوف أو التزلزل أو الانهزام أمام التحديات مهما تعاظمت.


عفاف الحكيم
17-3-2013

التعليقات (0)

اترك تعليق