مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

مهر السيدة خديجة(ع)

مهر السيدة خديجة(ع)



مهر السيدة خديجة(ع)
إن أبا طالب قد ضمن المهر في ماله، كما هو صريح خطبته، ولكن خديجة رضوان الله تعالى عليها عادت، فضمنت المهر في مالها، فقال البعض: يا عجبا! المهر على النساء للرجال؟! فغضب أبو طالب، وقال: إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الأثمان، وأعظم المهر، وإن كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي.
ولكن يبقى: أن بعض الروايات تفيد: أن رسول الله(ص) نفسه قد أمهرها عشرين بكرة(1) وذلك ينافي أن يكون أبو طالب قد ضمن المهر، أو هي ضمنته دونه، أو هي لأبي طالب. إلا أن يكون المراد: أنه(ص) قد أمهرها بواسطة أبي طالب.
وقيل: إن عليا(ع) هو الذي ضمن المهر، قالوا: (وهو غلط، لأن عليا لم يكن ولد على جميع الأقوال في مقدار عمره (2)).
ويرد عليه: أن ثمة أقوالا -وإن كنا لا نشك في عدم صحتها- تفيد: أنه(ع) قد ولد قبل البعثة بعشرين، أو بثلاث وعشرين سنة. ولذا قال مغلطاي: (وهو غلط، كان علي إذ ذاك صغيرا لم يبلغ سبع سنين)(3). ونحن نغلط هذه الأقوال، ونستغربها، إذ أن ذلك معناه أنه(ع) قد استشهد وعمره ست وسبعون سنة. وهو ما لم يقل به أحد. فنحن لا نقبل قول مغلطاي، ولا نقبل قول أولئك الذين يزعمون أنه قد ضمن المهر، وذلك لما سيأتي في تاريخ ميلاده عليه الصلاة والسلام.
ثم نقول: إن أبا هلال العسكري ذكر أنه لما قيل: من يضمن المهر؟ قال علي وهو صغير: (أبي فلما بلغ الخبر أبا طالب جعل يقول: بأبي أنت وأمي)(1). ولربما يمكن تقريب هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار ما يقال: من أن عليا(ع) قد ولد قبل البعثة بعشر أو بخمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة، بل بثلاث وعشرين سنة، حسب بعض الأقوال النادرة.
ثم قارنا بينها وبين الأقوال التي تقرر: أنه(ص) قد تزوج خديجة وهو ابن ثلاثين سنة، أي قبل البعثة بعشر سنوات، أو وهو ابن سبع وثلاثين سنة، كما عن ابن جريج(2) أي قبل البعثة بثلاث سنوات، وقيل: تزوجها قبل البعثة بخمس سنين(3). فلعله(ع) قد قال ذلك وهو طفل صغير فاستحسن ذلك منه عمه أبو طالب.
وعن مقدار المهر، قيل: إنه عشرون بكرة. وقيل: اثنا عشر أوقية ونش، أي ما يعادل خمس مئة درهم، وقيل غير ذلك(4).

الهوامش:
1- السيرة الحلبية ج 1 ص 138 وراجع: تاريخ الخميس ج 1 ص 265 والسيرة النبوية لابن هشام ج 1 ص 201 والسيرة النبوية لابن كثير ج 1 ص 263 والسيرة النبوية لدحلان ج 1 ص 107.
2- السيرة الحلبية ج 1 ص 139 عن الفسوي في كتاب: ما روى أهل الكوفة مخالفا لأهل المدينة، وسيرة مغلطاي ص 12، والأوائل ج 1 ص 161.
3- سيرة مغلطاي ص 12.
4- الأوائل لأبي هلال العسكري ج 1 ص 161.
5- راجع تاريخ الخميس ج 1 ص 264. وراجع: مجمع الزوائد ج 9/ 219. وذكرت بعض الأقوال في التبيين في أنساب القرشيين ص 62 وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 20 ومختصر تاريخ دمشق ج 2 ص 275 قيل: تزوجها وهو ابن ثلاثين سنة وكذا في الاستيعاب (بهامش الإصابة) ج 4 ص 288 وسيرة مغلطاي ص 12 ومثله في المواهب اللدنية ج 1 ص 38 و 202 والروض الآنف ج 1/ 216.
6- الأوائل ج 1 ص 161.
7- راجع: السيرة الحلبية ج 1 ص 138 و 139.



المصدر: كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم(ص): السيد جعفر مرتضى العاملي، ج2.

التعليقات (0)

اترك تعليق