برّ السيدة فاطمة بنت أسد بالنبي وحديثها عنه(ص)
برّها بالنبي(ص):
قال الإمام الصادق(ع): «وكانت من أبرّ الناس برسول الله(ص)»(1).
وعُرف عنها أنّ أبا طالب لمّا أتاها بالنبي(ص) بعد وفاة عبد المطّلب، وقال لها: «اعلمي أنّ هذا ابن أخي، وهو أعزّ عندي من نفسي ومالي، وإيّاكِ أن يتعرّض عليه أحد فيما يريد، فتبسّمت من قوله، وكانت تؤثره على سائر أولادها، وكان لها عقيل وجعفر، فقالت له: توصيني في ولدي محمّد، وإنّه أحبّ إليّ من نفسي وأولادي، ففرح أبو طالب بذلك، فجعلت تكرمه على جملة أولادها، ولا تجعله يخرج عنها طرفة عين أبداً»(2).
فاطمة تتحدّث عن النبي(ص):
عن السيّدة فاطمة بنت أسد(ع)، قالت: لمّا ظهرت أمارة وفاة عبدالمطّلب، قال لأولاده: من يكفل محمداً؟
قالوا: هو أكيس(3) منّا، فقل لـه يختار لنفسه.
فقال عبد المطّلب: يا محمد جدّك على جناح السفر إلى القيامة، أي عمومتك وعمّاتك تريد أن يكفلك؟
فنظر في وجوههم ثمّ زحف إلى عند أبي طالب(ع).
فقال لـه عبد المطّلب: يا أبا طالب إني قد عرفت ديانتك وأمانتك، فكن لـه كما كنت له.
قالت: فلمّا توفّي أخذه أبو طالب، وكنت أخدمه وكان يدعوني الأم.
قالت: وكان في بستان دارنا نخلات، وكان أول إدراك الرطب، وكان أربعون صبياً من أتراب(4) محمّد، يدخلون علينا كل يوم في البستان، ويلتقطون ما يسقط، فما رأيت قطّ محمّداً(ص) يأخذ رطبة من يد صبي سبق إليها، والآخرون يختلس بعضهم من بعض، وكنت كل يوم ألتقط لمحمد حفنة(5) فما فوقها، وكذلك جاريتي، فاتّفق يوماً أن نسيت أن ألتقط لـه شيئاً، ونسيت جاريتي، وكان محمّد نائماً، ودخل الصبيان وأخذوا كل ما سقط من الرطب، وانصرفوا فنمت فوضعت الكم(6) على وجهي حياء من محمد(ص).
قالت: فانتبه محمد(ص)، ودخل البستان فلم يرَ رطبة على وجه الأرض، فانصرف، فقالت لـه الجارية: إنّا نسينا أن نلتقط شيئاً، والصبيان دخلوا وأكلوا جميع ما كان قد سقط.
قالت: فانصرف محمد إلى البستان، وأشار إلى نخلة، وقال: أيّتها الشجرة أنا جائع!
قالت: فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب، حتى أكل منها محمد(ص) ما أراد، ثم ارتفعت إلى موضعها.
قالت فاطمة: فتعجّبت، وكان أبو طالب قد خرج من الدار، وكل يوم إذا رجع وقرع الباب كنت أقول للجارية حتى تفتح الباب، فقرع أبو طالب الباب فعدوت حافية إليه وفتحت الباب وحكيت لـه ما رأيت.
فقال: هو إنما يكون نبياً، أنت تلدين وزيره بعد ثلاثين، فولدت علياً(ع) كما قال(7).
إن فاطمة بنت أسد ولدت طالباً، ولم نعرف لـه خبراً وقالوا: إنه لا عقب له، وقد توفّي قبل أن يهاجر النبي(ص) بثلاث سنين.
كما ولدت عقيلاً وجعفراً وعلياً، وكل واحد أسنُّ من الآخر بعشر سنين.
وولدت من البنات: اُم هانيء واسمها (فاختة)، وجمانة.
الهوامش:
1- المصدر السابق.
2- بحار الأنوار 15/383.
3- أكيس: أي أعقل، النهاية في غريب الحديث: ج4 ص217.
4- أتراب: أقران، (مجمع البحرين) مادّة ترب.
5- الحفنة: ملأ الكفّين، (لسان العرب) مادّة حفن.
6- الكُم: من الثوب مدخل اليد ومخرجها، (لسان العرب) مادّة كمم.
7- الخرائج والجرائح: ج1 ص138.
المصادر:
اترك تعليق