مشاركة النساء في معركة أحد
مداواة الزهراء(ع) لجراح الرسول(ص):
روى الواقدي(1) عن سهل بن سعد الساعدي قال: خرج رسول الله(ص) يوم أحد وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وكانت فاطمة بنته(ع) تغسل عنه الدم وعلي بن أبي طالب(ع) يسكب عليها بالمجن، فلما رأت فاطمة(ع) أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى إذا صار رمادا ألزمته الجرح فاستمسك الدم .
نسيبة بنت كعب المازنية:
روي عن أبي واثلة(2) شقيق بن سلمة قال: ... وبقيت مع رسول الله(ص) نسيبة بنت كعب المازنية وكانت تخرج مع رسول الله(ع) في غزواته تداوي الجرحى، وكان ابنها معها، فأراد أن ينهزم ويتراجع فحملت عليه فقالت: يا بني إلى أين تفر؟ عن الله وعن رسوله؟ فردته فحمل عليه رجل فقتله، فأخذت سيف ابنها، فحملت على الرجل فضربته(3) على فخذه فقتلته، فقال رسول الله(ص): "بارك الله عليك يا نسيبة".
وكانت تقي رسول الله(ص) بصدرها وثدييها(4) حتى أصابتها جراحات كثيرة، وحمل ابن قميئة(5) على رسول الله عليه وآله فقال: أروني محمدا، لا نجوت إن نجا، فضربه على حبل عاتقه ونادى: قتلت محمدا واللات والعزى، ونظر رسول الله(ص) إلى رجل من المهاجرين قد ألقى ترسه خلف ظهره وهو في الهزيمة، فناداه: "يا صاحب الترس ألق ترسك ومر(6) إلى النار" فرمى بترسه، فقال رسول الله(ص): يا نسيبة خذي الترس، فأخذت الترس، وكانت تقاتل المشركين.
فقال رسول الله(ص): "لمقام نسيبة أفضل من مقام فلان وفلان وفلان".
زوجة حنظلة بن أبي عامر:
وكان حنظلة بن أبي عامر(7) رجل من الخزرج تزوج في تلك الليلة التي كانت صبيحتها حرب أحد ببنت(8) عبد الله بن أبي بن سلول، ودخل بها في تلك الليلة، وأستأذن رسول الله(ص) أن يقيم عندها، فأنزل الله: «إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم(9)» فأذن له رسول الله(ص)، [...]
فدخل حنظلة بأهله ووقع عليها(10)، فأصبح وخرج وهو جنب، فحضر القتال، فبعثت امرأته إلى أربعة نفر من الأنصار لما أراد حنظلة أن يخرج من عندها، وأشهدت عليه أنه قد واقعها، فقيل لها: لم فعلت ذلك؟
قالت: رأيت في هذه الليلة في نومي كأن السماء قد انفرجت فوقع فيها حنظلة، ثم انضمت، فعلمت أنها الشهادة، فكرهت أن لا أشهد عليه فحملت منه فلما حضر(11) القتال نظر إلى أبي سفيان على فرس يجول بين العسكر(12) فحمل عليه فضرب(13) عرقوب فرسه فاكتسعت الفرس، وسقط أبو سفيان إلى الأرض وصاح يا معشر قريش أنا أبو سفيان وهذا(14) حنظلة يريد قتلي، وعدا أبو سفيان ومر حنظلة في طلبه، فعرض له رجل من المشركين فطعنه فمشى إلى المشرك في طعنه(15) فضربه فقتله، وسقط حنظلة إلى الأرض بين حمزة وعمرو بن الجموح وعبد الله بن حزام وجماعة من الأنصار فقال رسول الله(ص): "رأيت الملائكة تغسل حنظلة بين السماء والأرض بماء المزن في صحائف(16) من ذهب" فكان يسمى غسيل الملائكة.
زينب بنت جحش واستقبالها لرسول الله(ص):
"... وارتحل رسول الله(ص) ودخل المدينة واستقبلته النساء يولولن(17) ويبكين، فاستقبلته زينب بنت جحش فقال لها رسول الله(ص): احتسبي، فقالت: من يا رسول الله؟
قال: أخاك، قالت "إنا لله وإنا إليه راجعون" هنيئا له الشهادة، ثم قال لها: احتسبي، قالت(18): من يا رسول الله؟ قال: حمزة بن عبد المطلب، قالت: "إنا لله وإنا إليه راجعون" هنيئا له الشهادة، ثم قال لها: احتسبي، قالت(19): من يا رسول الله؟
قال : زوجك مصعب بن عمير، قالت: وا حزناه، فقال رسول الله(ص): إن للزوج عند المرأة لحدا مالا حد مثله، فقيل لها: لم قلت ذلك في زوجك؟
قالت: ذكرت يتم ولده.
شعر للإمام علي(ع) للسيدة فاطمة(ع):
أمالي الطوسي: المفيد، عن علي بن مالك النحوي، عن أحمد بن عبد الجبار، عن بشر بن بكر، عن محمد بن إسحاق عن مشيخته قال: لما رجع علي بن أبي طالب(ع) من أحد ناول فاطمة سيفه وقال:
أفاطم هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بلئيم
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد * ومرضاة رب بالعباد رحيم
قال: وسمع يوم أحد وقد هاجت ريح عاصف كلام هاتف يهتف وهو يقول: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي(20) فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفي أخا الوفي(21)
بيان: الرعديد بالكسر: الجبان، والمراد بالوفي حمزة وهو أخو الوفي أبي طالب عليهما السلام.
أقول: روي في الديوان المنسوب إليه(ع) بعد البيتين:
أريد ثواب الله لا شيء غيره * ورضوانه في جنة ونعيم
كنت امرأ أسمو إذ الحرب شمرت(22) * وقامت على ساق بغير مليم
أممت ابن عبد الدار حتى ضربته * بذي رونق يفري العظام صميم
فغادرته بالقاع فارفض جمعه * عباديد من ذي قانط وكليم
وسيفي بكفي كالشهاب أهزه * أجز به من عاتق وصميم
فما زلت حتى فض ربي جموعهم * وأشفيت منهم صدر كل حليم(23)
وقال شارح الديوان: لما أنشد علي(ع) هذه الأبيات قال النبي(ص): خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه، وقد قتل الله صناديد قريش بيديه.
وفي رواية أخرى: وانصرف المسلمون مع النبي(ص) إلى المدينة، فاستقبلته فاطمة(ع) ومعها إناء فيه ماء فغسل به وجهه، ولحقه أمير المؤمنين(ع) وقد خضب الدم يده إلى كتفه، ومعه ذو الفقار فناوله فاطمة(ع) وقال لها: خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم، وأنشأ يقول:
أفاطم هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بمليم
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد * وطاعة رب بالعباد عليم
أميطي دماء القوم عنه فإنه * سقى آل عبد الدار كأس حميم
وقال رسول الله(ص): خذيه يا فاطمة فقد أدي بعلك ما عليه، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش .
استقبال السيدة فاطمة(ع) للأمير(ع) وللرسول(ص):
لما انهزم الناس عن النبي(ص) في يوم أحد وثبت أمير المؤمنين(ع) قال له النبي(ص) ما لك لا تذهب مع القوم؟ قال(24) أمير المؤمنين(ع): أذهب وأدعك يا رسول الله؟ والله لا برحت حتى اقتل، أو ينجز الله لك ما وعدك من النصرة، فقال له النبي(ص): أبشر يا علي فإن الله منجز وعده، ولن ينالوا منا(25) مثلها أبداء، ثم نظر إلى كتيبة قد أقبلت إليه فقال له: احمل(26) على هذه يا علي، فحمل أمير المؤمنين(ع) عليها فقتل منها هشام بن أمية(27) المخزومي، وانهزم القوم، ثم أقبلت كتيبة أخرى فقال له النبي(ص): احمل على هذه، فحمل عليها فقتل منها عمرو بن عبد الله الجمحي(28)، وانهزمت أيضا، ثم أقبلت كتيبة أخرى فقال له النبي(ص): احمل على هذه، فحمل عليها فقتل منها بشر بن مالك العامري، و انهزمت الكتيبة ولم يعد(29) بعدها أحد منهم، وتراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبي(ص)، وانصرف المشركون إلى مكة، وانصرف المسلمون مع النبي(ص) إلى المدينة، فاستقبلته فاطمة(ع) ومعها إناء فيه ماء فغسل به وجهه، ولحقه أمير المؤمنين(ع) وقد خضب الدم يده إلى كتفه، ومعه ذو الفقار فناوله فاطمة(ع) وقال لها: خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم، وأنشأ يقول:
أفاطم هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بمليم
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد * وطاعة رب بالعباد عليم
أميطي دماء القوم عنه فإنه * سقى آل عبد الدار كأس حميم
وقال رسول الله(ص): خذيه يا فاطمة فقد أدي بعلك ما عليه، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش .
استقبال السيدة فاطمة(ع) للرسول(ص):
وصول خبر استشهاد الرسول(ص) إلى المدينة وخروج النساء ومنهم السيدة الزهراء(ع):
".. أصبح رسول الله(ص) متهيأ للقتال وجعل على راية المهاجرين عليا(ع)، وعلى راية الأنصار سعد بن عبادة، وقعد رسول الله(ص) في راية الأنصار، ثم مر(ص) على الرماة وكانوا خمسين رجلا وعليهم عبد الله بن جبير فوعظهم وذكرهم، وقال: "اتقوا الله واصبروا، وإن رأيتمونا يخطفنا الطير(30) فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم" وأقامهم عند رأس الشعب، وكانت الهزيمة على المشركين، وحسهم المسلمون بالسيوف حسا، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة ظهر أصحابكم(31) فما تنتظرون؟ فقال عبد الله: أنسيتم قول رسول الله(ص)؟
أما أنا فلا أبرح موقفي الذي عهد إلي فيه رسول الله ما عهد، فتركوا أمره وعصوه بعدما رأوا ما يحبون، وأقبلوا على الغنائم، فخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد فانتهى إلى عبد الله بن جبير فقتله، ثم أتى الناس من أدبارهم، ووضع في المسلمين السلاح فانهزموا، وصاح إبليس لعنه الله: وقتل محمد ورسول الله يدعوهم في أخراهم: "أيها الناس إني رسول الله(32) إن الله قد وعدني النصر فإلى أين الفرار"؟ فيسمعون الصوت ولا يلوون على شيء وذهبت صيحة إبليس حتى دخلت بيوت المدينة، فصاحت فاطمة(ع) ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلا وضعت يدها على رأسها، وخرجت فاطمة عليها السلام تصرخ.
خروج الزهراء(ع) تعدو حين قتل محمد(ع):
قال رسول الله(ص): من له علم بعمي حمزة؟
فقال له الحارث بن الصمة أنا أعرف موضعه، فجاء حتى وقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول الله(ص) فيخبره، فقال رسول الله(ص) لأمير المؤمنين(ع): يا علي اطلب عمك، فجاء علي(ع) فوقف على حمزة فكره أن يرجع إلى رسول الله(ص) فجاء رسول الله(ص) حتى وقف عليه، فلما رأى ما فعل به بكى، ثم قال: والله ما وقفت موقفا قط أغيظ علي من هذا المكان، لئن أمكنني الله من قريش لأمثلن بسبعين رجلا منهم، فنزل عليه جبرئيل(ع) فقال: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر(33)» فقال رسول الله(ص): بل أصبر، فألقى رسول الله(ص) على حمزة بردة كانت عليه، فكانت إذا مدها على رأسه بدت رجلاه، وإذا مدها على رجليه بدا رأسه، فمدها على رأسه وألقى على رجليه الحشيش، وقال: " لولا أني أحذر(34) نساء بني عبد المطلب لتركته للعقبان(35) والسباع حتى يحشر يوم القيامة من بطون السباع والطير".
وأمر رسول الله(ص) بالقتلى فجمعوا فصلى عليهم، ودفنهم في مضاجعهم، وكبر على حمزة سبعين تكبيرة.
قال: وصاح إبليس بالمدينة: قتل محمد، فلم يبق أحد من نساء المهاجرين والأنصار إلا وخرج(36)، وخرجت فاطمة بنت رسول الله(ص) تعدو على قدميها حتى وافت رسول الله(ص)، وقعدت بين يديه، وكان(37) إذا بكى رسول الله(ص) بكت، وإذا انتحب انتحبت.
امرأة من بني النجار قتل أبوها وزوجها وأخوها:
قال أبان: وحدثني أبو بصير، عن أبي جعفر(ع) قال: "... وكانت امرأة من بني النجار قتل أبوها وزوجها وأخوها مع رسول الله(ص) فدنت من رسول الله(ص) والمسلمون قيام على رأسه، فقال(38) لرجل: أحي رسول الله؟
قال: نعم، قالت: أستطيع أن أنظر إليه؟
قال: نعم، فأوسعوا لها فدنت منه وقالت: كل مصيبة جلل بعدك، ثم انصرفت.
مشاركة النساء في البكاء على حمزة:
قال: وانصرف رسول الله(ص) إلى المدينة حين دفن القتلى فمر بدور بني الأشهل وبني ظفر، فسمع بكاء النوائح على قتلاهن، فترقرقت عينا رسول الله(ص) وبكى، ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له اليوم، فلما سمعها سعد بن معاذ وأسيد بن حضير قالا(39) لا تبكين امرأة حميمها حتى تأتي فاطمة(ع) فتسعدها، فلما سمع رسول الله(ص) الواعية على حمزة وهو عند فاطمة(ع) على باب المسجد قال: ارجعن رحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن.
تحريض العصماء أم المنذر على الرسول(ص):
قال: ولما غزا رسول الله(ص) حمراء الأسد وثبت فاسقة من بني حطمة(40) يقال لها: العصماء أم المنذر بن منذر تمشي في مجالس الأوس والخزرج وتقول شعرا تحرض على النبي(ص)، وليس في بني حطمة(41) يومئذ مسلم إلا واحد يقال له: عمير بن عدي، فلما رجع رسول الله(ص) غدا عليها عمير فقتلها، ثم أتى رسول الله(ص) فقال: إني قتلت أم المنذر لما قالته من هجر، فضرب رسول الله على كتفه وقال: هذا رجل نصر الله ورسوله بالغيب، أما إنه لا ينتطح فيها عنزان.
قال عمير بن عدي: فأصبحت فمررت ببنيها وهم يدفنونها فلم يعرض لي أحد منهم، ولم يكلمني(42).
زوجة عمرو بن الجموح (قصة عمرو بن الجموح):
قال الواقدي: "... وكان عمرو بن الجموح رجلا أعرج فلما كان يوم أحد وكان له بنون أربعة يشهدون مع النبي(ص) المشاهد أمثال الأسد أراد قومه أن يحبسوه وقالوا: أنت رجل أعرج ولا حرج عليك وقد ذهب بنوك مع النبي(ص)، قال: بخ يذهبون إلى الجنة وأجلس أنا عندكم؟
فقالت هند بنت عمرو بن حرام امرأته: كأني أنظر إليه موليا قد أخذ درقته وهو يقول: اللهم لا تردني إلى أهلي، فخرج ولحقه بعض قومه يكلمونه في القعود فأبى وجاء إلى رسول الله(ص) فقال: يا رسول الله إن قومي يريدون أن يحبسوني هذا الوجه(43)، والخروج معك، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال له: أما أنت فقد عذرك(44) الله ولا جهاد عليك، فأبى، فقال النبي(ص) لقومه وبنيه: "لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة" فخلوا عنه، فقتل يومئذ شهيدا، قال : فحملته هند بعد شهادته وابنها خلاد وأخاها عبد الله على بعير، فلما بلغت منقطع الحرة برك البعير، فكان كلما توجهه إلى المدينة برك، وإذا وجهته إلى أحد أسرع، فرجعت إلى النبي(ص) فأخبرته بذلك، فقال(ص): إن الجمل لمأمور، هل قال عمرو شيئا؟
قالت: نعم، إنه لما توجه إلى أحد استقبل القبلة ثم قال: اللهم لا تردني إلى أهلي وارزقني الشهادة، فقال(ص): "فلذلك الجمل لا يمضي إن منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبره، منهم عمرو بن الجموح، يا هذه(45) ما زالت الملائكة مظلة على أخيك من لدن قتل إلى الساعة فينظرون(46) أين يدفن "ثم مكث رسول الله(ص) في قبرهم.
ثم قال: يا هند قد ترافقوا في الجنة جميعا بعلك وابنك وأخوك، فقالت هند: يا رسول الله فادع لي عسى أن يجعلني معهم.
قال: وكان جابر يقول: لما استشهد أبي جعلت عمتي تبكي، فقال النبي(ص): "ما يبكيها؟ ما زالت الملائكة تظل عليه بأجنحتها حتى دفن".
مشاركة نسيبة بنت كعب المازنية في معركتي أحد واليمامة:
أولاً: نسيبة بنت كعب وحديثها لأم سعد عن مشاركتها في معركة أحد:
قال الواقدي: وكانت نسيبة بنت كعب قد شهدت أحدا وابناها عمارة بن غزية وعبد الله بن زيد، وزوجها غزية، وخرجت ومعها شن لها في أول النهار تريد تسقي الجرحى، فقاتلت يومئذ وأبلت بلاء حسنا، فجرحت اثني عشر جرحا بين طعنة برمح أو ضربة بسيف، فكانت أم سعد تحدث فتقول: دخلت عليها فقلت لها: يا خالة حدثيني خبرك، فقالت: خرجت أول النهار إلى أحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلى رسول الله(ص) وهو في الصحابة والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله(ص) فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله(ص) بالسيف، وأرمي بالقوس حتى خلصت إلي الجراح فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور فقلت: يا أم عمارة من أصابك بهذا؟
قالت: أقبل ابن قميئة وقد ولى الناس عن رسول الله يصيح دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترض له مصعب بن عمير وناس معه فكنت فيهم فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذاك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان، فقلت لها: يدك ما أصابها؟
قال: وكان ضمرة بن سعيد يحدث عن آبائه، عن جدته وكانت قد شهدت أحدا تسقي الماء قالت: سمعت رسول الله(ص) يقول يومئذ: "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان" وكان يراها يومئذ تقاتل أشد القتال حتى جرحت ثلاثة عشر جرحا .
ثانياً: نسيبة ومعركة اليمامة:
قال: أصيبت يوم اليمامة، لما جعلت الأعراب تهزم بالناس نادت الأنصار: اخلصونا، فأخلصت الأنصار، فكنت معهم حتى انتهينا إلى حديقة الموت فاقتتلنا عليها ساعة حتى قتل أبو دجانة على باب الحديقة ودخلتها، وأنا أريد عدو الله مسيلمة فتعرض لي رجل فضرب يدي فقطعها، فوالله ما كانت لي ناهية، ولا عرجت عليها حتى وقفت على الخبيث مقتولا، وابني عبد الله بن زيد يمسح سيفه بثيابه، فقلت: أقتلته؟
قال: نعم، فسجدت شكرا لله عز وجل وانصرفت.
مداواة الزهراء(ع) لجراح الرسول(ص):
ذكر أحمد بن حنبل في مسنده، عن أبي حازم، عن سهل بأي شيء دووي جرح رسول الله(ص)؟
قال: كان علي(ع) يجئ بالماء في ترسه، وفاطمة(ع) تغسل الدم عن وجهه، وأخذ حصيرا فأحرق وحشي به جرحه(47).
الهوامش:
1- في المصدر: روى الواحدي.
2- هكذا في الكتاب ومصدره، وفيه وهم، والصحيح: أبى وائل. راجع التقريب وأسد الغابة وغيرهما.
3- وضربت خ ل.
4- في المصدر المطبوع بيديها وصدرها وثدييها. وفي المخطوط: بصدرها ويديها. (ثدييها خ ل).
5- قمية خ ل أقول: الصواب ما اخترنا في المتن.
6- وسر خ ل.
7- وكان أبوه أبا عامر عمرو بن صيفي بن مالك بن النعمان قد خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وآله معه خمسون غلاما من الأوس وخرج مع الكفار إلى أحد، وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية الراهب، فسماه رسول الله(ص) الفاسق، وهو الذي بنى له مسجد الضرار.
8- بابنة خ ل.
9- النور: 62.
10- في المصدر: وواقع عليها.
11- " ": فلما حضر الحنظلة القتال.
12- بين العسكرين خ ل.
13- وضرب خ ل. أقول: في المصدر: فضرب على عرقوب فرسه.
14- وهو حنظلة خ ل.
15- طعنته خ ل.
16- في صحاف خ ل. أقول: هو الموجود في المصدر المخطوط.
17- ولولت المرأة: دعت بالويل. اعولت.
18- فقالت خ ل.
19- فقالت خ ل.
20- قال ابن هشام في السيرة 3: 52: وحدثني بعض أهل العلم أن ابن أبي نجيح قال: نادى مناد يوم أحد: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا على.
21- أمالي ابن الشيخ: 88 و 89.
22- يسمو خ ل.
23- ديوان علي عليه السلام: 125.
24- فقال خ ل.
25- ولن ينالوا لنا خ ل.
26- لو حملت خ ل.
27- في السيرة: هشام بن أبي أمية بن المغيرة.
28- عد ابن هشام من قتلى المشركين من بنى جمح بن عمرو: عمرو بن عبد الله بن عمير ابن وهب بن حذافة بن جمح: وقال: هو أبو عزة قتله رسول الله(ص) صبرا. أقول: وتقدم قصة قتل أبى عزة، فعليه ففي ذلك وهم، أو يحمل على تعدد عمرو بن عبد الله.
29- فلم يعد خ ل.
30- في المصدر: يخطفنا المشركون.
31- قال المصنف في الهامش: ظهر أصحابكم أي غلبوا عليها.
32- في المصدر: انا رسول الله.
33- النحل: 126 و 127.
34- أن احزن خ ل.
35- للعاقبة خ ل، أقول: في المصدر المطبوع: للعافية. وفي المخطوط: لولا أنى احذر نساء (بفناء خ ل) بنى عبد المطلب لتركته للاعافية (للعافية خ ل) والسباع أقول: وفي الامتاع "لولا أن يحزن نساءنا ذلك لتركناه للعافية حتى يحشر يوم القيامة من بطون السباع وحواصل الطير" والعافية وواحدها عاف: كل ما جاء يطلب الفضل والرزق من الناس والدواب والطير والسباع، ويريد هنا السباع والطير: أكالة اللحم والجيف.
36- خرجت خ ل. أقول: في المصدر: إلا خرج.
37- فكان خ ل.
38- هكذا في النسخ، والصحيح كما في المصدر: قالت.
39- في المصدر ونسخة المصنف: قالوا.
40- في المصدر: بنى خطمة.
41- في المصدر: بنى خطمة.
42- إعلام الورى: 52 - 55 ط 1 و 90 – 96.
43- في المصدر: عن هذا الوجه.
44- عذره على أو فيما صنع: رفع عنه اللوم والذنب، أو قبل معذرته.
45- في المصدر: يا هند.
46- " ": ينظرون.
47- زاد في المصدر: ورأي(ص) سيف على مختضبا فقال: إن كنت أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف، وسيف أبى دجانة غير مذموم، وذكره المقريزي أيضا في الامتاع، وذكر الجملة السابقة هكذا: فلما رأت فاطمة الدم لا يرقأ وهي تغسله وعلى يصب الماء عليها بالمجن أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم، ويقال: داوته بصوفة محترقة، وكان(ص) بعد يداوى الجرح في وجهه بعظم بال حتى يذهب إثره، ومكث يجد وهن ضربة ابن قميئة على عاتقه شهرا أو أكثر من شهر.
المصدر: بحار الأنوار: العلامة المجلسي. الطبعة الثالثة المصححة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج 20.
اترك تعليق