مرقد السيدة نفيسة(ره) في مصر
المشهد النفيسي:
وهو مرقد السيدة نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
ودفنت السيدة نفيسة في منزلها الذي هو قبرها الآن وأراد زوجها أن يحملها ليدفنها في المدينة مع أجدادها فسأله أهل مصر أن يتركها لتدفن عندهم من أجل التبرك بها.
ومزارها اليوم من أشهر مزارات أهل البيت في مصر ويقام لها مولد كبير.
وكان الملك الناصر محمد بن قلاوون هو الذي أمر بإنشاء مشهدها الحالي عام 714 هـ.
أما العامة السخاوي يقول في تحفة الأحباب ص 104: المشهد النفيسي يعرف بدرب السباع مثلما ذكره المقريزي.
ومدفنها بمنزلها الذي كانت ساكنة به وكان وهبه لها أمير مصر السري بن الحكم فأقامت عدة سنين فلما مرضت حفرت قبرها بيدها في وسط دارها وكانت تحفر فيه في كل يوم قليلا إلى أن تكامل الحفر فاتخذته مصلاها فكانت تنزل إليه وتصلي فيه.
إنشاء المشهد النفيسي وتجديده:
يُقال إن أول من بنى على قبر السيدة نفيسة عبيد الله بن السري بن الحكم أمير مصر ومكتوب في اللوح الرخام الذي على باب الضريح وهو الذي كان مصفحا بالحديد بعد البسملة ما نصه: نصر من الله وفتح قريب لعبد الله وولده معدّ، المكنى بأبي تميم، الإمام المستنصر بالله، أمير المؤمنين وعضد الدين، وفارس المسلمين، متّع الله ببقائه، وأعلى كلمته، وشد عضده بولده الأمير الأجلّ الأفضل، جلال الدين، ناصر الإسلام، خليل، أمر بإنشاء هذا المشهد الشريف النفيسي، مولانا أمير المؤمنين المشار إليه على يد ولده المشار إليه، أجرى الله الخير على يديه، وضاعف من يد البركات عليه، في شهر ربيع الآخر سنة 482 هـ.
وأمّا القبة التي على ضريحها فالذي جدّدها الخليفة الحافظ لدين الله عبد المجيد العلوي الفاطمي، وذلك بعض شهور سنة 482. وهو الذي [أمر] بعمل الرخام في المحراب ثم أخذ أرباب الدولة فى العمارة بجوار ضريحها تبرّكا بها.
وكان مكتوبا على باب ضريحها ما صورته:
يــــــا آل طه وحقّ الله حبّكم فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم القدر أنكم من لم يصلّ عليكم لا صلاة له
وصف ابن بطّوطة قبر السيّدة نفيسة رضوان الله عليها بقوله: وهذه التربة أنيقة البناء مشرفة، عليها رباط مقصود.
وفي (مساجد مصر 138:2) للدكتورة سعاد ماهر ما نصُّه: يُقال إنّ أوّل مَن بنى على قبرها هو عبيدُالله بن السريّ بن الحكم أمير مصر، وفي سنة 482 هجريّة أمر الحاكم الفاطمي المستنصر بالله بتجديد الضريح، كما أمر الحاكم الحافظ لدين الله سنة 532 هجرية بتجديد القبّة. وفي سنة 1173 هجريّة جدّد الضريحَ والمسجد الأميرُ عبدالرحمان كَتْخُدا.
وجاء في (مراقد المعارف 254:2) لحرز الدين ما نصُّه: مرقدها في مصر فوق القاهرة بالقرافة عند المشاهد، وكان الموضع يُعرَف قديماً بدرب السِّباع، فخُرِّب الدرب ولم يبقَ هناك سوى المشهد، وأوّل مَن بنى على قبرها قبّةً هو عبيدُالله بن السري بن الحكم أمير مصر مِن قِبل الحاكم العباسي، وقد كتبَ على رخامةٍ بباب ضريحها ما نصُّه:
بسم الله الرحمن الرحيم، نصرٌ مِن اللهِ وفتحٌ قريب، لعبدِالله وليِّه محمّدِ بن نجيم المستنصر بالله.. أمر بعمارة هذا الباب السيّد الأجلّ أميرُ الجيوش سيف الإسلام، ناصر الأنام، كافل قضاء المسلمين، وهادي دعاة المسلمين، عَضَدَ اللهُ به الدين، وأمتع اللهُ بقاء أمير المؤمنين،... في شهر ربيع الآخِر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة (482 هـ)، انتهى.
وقد جاء على ضريحها:
مقـصورةٌ أُتْقِنَتْ للهِ صَنعتُهـا تَستَوجبُ الشكرَ عندَ اللهِ والناسِ
سبب إهداء أمير مصر السري بن الحكم المكان للسيدة نفيسة ومآثرها:
السبب في ذلك هو أنّ الدار التي نزلت بها كان حولها جماعة من اليهود وبالقرب منها امرأة يهودية لها ابنة زمنة لا تقدر على الحركة فأرادت الأم أن تذهب إلى الحمام، فسألت ابنتها الزمنة أن تحمل إلى الحمام فامتنعت البنت من ذلك، فقالت أمها تقيمين في الدار وحدك، فقالت لها أشتهي أن أكون عند جارتنا الشريفة حتى تعودي.
فجاءت الأم إلى السيدة نفيسة واستأذنتها في ذلك فأذنت لها، فحملتها في زاوية من البيت وذهبت، ثم إنّ السيدة نفيسة (رضي الله تعالى عنها) توضأت فجرى ماء وضوئها إلى البنت اليهودية، فألهمها الله سبحانه وتعالى أن أخذت من ماء الوضوء شيئاً قليلاً بيدها ومسحت به على رجليها، فوقفت في الوقت بإذن الله تعالى وأقدمت تمشي على قدميها كأن لم يكن بها مرض قط، هذا والسيدة نفيسة مشغولة بصلاتها لم تعلم ما جرى، ثم إنّ البنت لمّا سمعت تجيء أمها من الحمام خرجت من دار السيدة نفيسة حتى أتت إلى دار أمها وطرقت الباب، فخرجت الأم تنظر من يطرق الباب، فبادرت البنت واعتنقت أمها فلم تعرفها وقالت لها من أنت؟
فقالت لها: أنا ابنتك.
قالت لها: وكيف قضيتك.
فأخبرتها بما فعلت، فبكت الأم بكاء شديدا وقالت هذا والله الدين الصحيح وما نحن عليه من الدين القبيح، ثم دخلت فأقبلت تقبّل السيدة نفيسة وقالت لها امددي يدك أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمدا رسول الله، فشكرت السيدة نفيسة ربها عز وجل وحمدته على هداها وإنقاذها من الضلال، ثم مضت المرأة إلى منزلها.
فلما حضر أبو البنت وكان اسمه أيوب ولقبه أبو السريا، وكان من أعيان قومه، ورأى البنت على تلك الحالة ذُهل وطاش عقله من الفرح وقال لامرأته كيف كان خبرها، فأخبرته بقصتها مع السيدة نفيسة، فرفع اليهودي رأسه إلى السماء وقال سبحانك هديت من تشاء وأضللت من تشاء والله هذا هو الدين الصحيح ولا دين إلا دين الإسلام، ثم أتى إلى باب السيدة نفيسة فمرغ خديه على عتبة بابها ونادى يا سيدة ارحميني واشفعي لمن هو في ظلام الضلال قد تاه، ومن دينه قد أبعده وأقصاه، فرفعت طرفها إلى السماء ودعت له بالهداية فأسلم وقال أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن جدك محمد رسول الله. ثم شاع خبر البنت وإسلامها وإسلام أمها وأبيها وجماعة من الجيران اليهود.
قال ابن زولاق: ولما شاعت هذه الكرامة بين النسا فلم يبق أحد إلا يقصد زيارة السيدة فعظم الأمر وكثر الناس والخلق على بابها، فطلبت عند ذلك الرحيل إلى بلاد الحجاز عند أهلها، فشق ذلك عليهم فسألوها في الإقامة فأبت، فاجتمع أهل مصر ودخلوا على أمير مصر السري بن الحكم فسألوه في ذلك، فبعث لها كتابا ورسولا بالرجوع عما عزمت عليه، فأبت فركب بنفسه وسألها الإقامة فقالت أنى كنت نويت الإقامة عندهم وإني امرأة ضعيفة فأكثروا علي في الإتيان وشغلوني عن عبادتي وجمع زادي لمعادي ومكاني، فقال لها السري أنا سأزيل عنك جميع ما شكوتيه وأسهل لك الأمر على ما ترضينه، أما ضيق المكان فإنّ لي دارا واسعة بدرب السباع وأشهد الله أني قد وهبتها لك وأسألك أن تقبليها مني ولا تخجليني بالرد علي، قالت إني لا أردك على خير تفعله، فعظم فرح السري بقبولها منه، فقالت كيف أصنع بهذه الجموع الوافدين علي فقال تقررين معهم أن يكون لهم يومان في الجمعة وباقي أيامك تتفرغين لخدمة مولاك، اجعلي يوم السبت ويوم الأربعاء، ففعلت ذلك في حال حياتها إلى أن توفيت في هذه المكان.
بعض من زار قبرها من الأولياء والعلماء والفقهاء والصالحين:
وزار قبرها جماعة من الأولياء والصّلحاء والعلماء، ومشايخ الرسالة، ولم يذكر أحدهم هذا القبر.
وممّن زارها بهذا المشهد في حياتها وبعد وفاتها الأستاذ الأكبر أبو الفيض ثوبان ذو النون بن إبراهيم المصري الإخميمى، أحد رجال الطريقة المعتبرين، وأبو الحسن الدّينورى، وأبو على الرّوذباري، وأبو بكر أحمد بن نصر الزّقّاق، وبنان بن محمد بن أحمد بن سعيد الحمال الواسطي، وشقران بن عبد الله المغربى، وإدريس بن يحيى الخولانى، والمفضل بن فضالة، وبكّار بن قتيبة، والإمام إسماعيل المزنى، وعبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع المصري، وولداه الإمام محمد، صاحب تاريخ مصر، وأخوه عبد الرحمن، والإمام أبو يعقوب البويطى، والربيع بن سليمان المرادي، وحرملة بن يحيى التجيبي الشافعي، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، والفقيه عبد الله بن وهب ابن أبى مسلم القرشى المالكي، وأبو جعفر بن محمد بن عبد الملك بنوقد عرف هذا المكان بإجابة الدعاء، كل ذلك مع الإخلاص، من غير رياء ولا سمعة، والله تعالى أعلم بالصواب.
بالنسبة للجامع بالمشهد النفيسي:
يقول ابن المتوج كما ذكره المقريزي في الجزء الثاني ص 306: هذا الجامع أمر بإنشائه الملك الناصر محمد بن قلاون فعمر في شهور سنة أربع وعشرة وسبعمائة وولى خطابته علاء الدين محمد بن نصر الله بن الجوهري شاهد الخزانة السلطانية، وأول خطبته فيه يوم الجمعة الثامن من صفر من السنة المذكورة، وحضر أمير المؤمنين المستكفي بالله أبو الربيع سليمان وولده وابن عمه والأمير كهرداش متولي شدة العمائر السلطانية وعمارة هذا الجامع ورواقاته والفسقية المستجدة.
وقيل إنّ جميع المصروف على هذا الجامع من حاصل المشهد النفيسي وما يدخل إليه من النذور ومن الفتوح، وهذا الجامع كان موضعه بستانا بجوار غيط العدة أنشأه الأمير حسين بن أبى بكر بن إسماعيل بن حيدر بك مشرف الرومي قدم مع أبيه من بلاد الروم إلى الديار المصرية فى سنة خمس وسبعين وستمائة، وتخصص بالأمير حسام الدين لاجين المنصوري قبل سلطنته فكانت له منه مكانة. هذا بالنسبة للجامع بالمشهد النفيسي.
المصادر:
1- أعلام النساء المؤمنات: محمد الحسون وأم علي مشكور. ط1، دار الأسوة للطباعة والنشر، إيران.
2- الشيعة في مصر من الإمام علي(ع) حتى الإمام الخميني(قده): صالح الورداني.
3- أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين، تحقيق وتخريج: حسن الأمين. دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج3.
4- مرشد الزوار إلى قبور الأبرار المؤلف: موفق الدين أبو محمد بن عبد الرحمن، ابن الشيخ أبي الحرم مكّي بن عثمان الشارعي الشافعي (المتوفى: 615هـ). ط1، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة، 1415 هـ.
5- www.imamreza.net
اترك تعليق