قصة أم حبيبة وزواجها من الرسول(ص)
كانت قد خرجت مهاجرة إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصر(1) وثبتت على الإسلام، روي عن سعيد بن العاص قال: قالت أم حبيبة: رأيت في المنام كان عبيد الله بن جحش زوجي أسوأ صورة وأشوهها ففزعت فقلت: تغيرت والله حاله، فإذا هو يقول حين أصبح: يا أم حبيبة إني نظرت في الدين فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم دخلت في دين محمد قد رجعت(2) إلى النصرانية، فقلت: والله ما خير لك، وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له فلم يحفل بها(3) وأكب على الخمر حتى مات، فأرى في المنام كأن آتيا يقول: يا أم المؤمنين، ففزعت فأولتها أن رسول الله يتزوجني، قالت: فما هو إلا أن انقضت عدتي فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن، فإذا جارية له يقال لها: أبرهة، كانت تقوم على ثيابه ودهنه فدخلت علي فقالت: إن الملك يقول لك: إن رسول الله(ص) كتب إلي أن أزوجكه، فقلت: بشرك الله بخير، قالت: يقول لك الملك: وكلي من يزوجك، فأرسلت إلى خالد بن سعيد ابن العاص فوكلته، فأعطت(4) أبرهة سوارين من فضة وخدمتين كانتا في رجليها وخواتيم(5) فضة كانت في أصابع رجليها، سرورا بما بشرتها، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا، فخطب النجاشي فقال:
"الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، أما بعد فإن رسول الله(ص) كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله(ص)، وقد أصدقتها أربعمائة دينار".
ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فقال:
"الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله(ص)، وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله(ص)".
ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا، قالت أم حبيبة: فلما أتى بالمال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه خمسون مثقالا فخذيها فاستعيني بها، فأخرجت حقا فيه كل ما كنت أعطيتها فردته علي، وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك(6) شيئا، وأنا الذي أقوم على ثيابه ودهنه، و قد اتبعت دين محمد رسول الله، وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر، قالت: فلما كان الغد جاءتني بعدد ورس وعنبر و زباد(7) كثير فقدمت بكله على النبي(ص)، وكان يراه علي وعندي ولا ينكره ثم قالت أبرهة: حاجتي إليك أن تقرئي على رسول الله(ص) مني السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه، قالت: وكانت هي التي جهزتني، وكانت كلما دخلت علي تقول: لا تنسي(8) حاجتي إليك، فلما قدمت على رسول الله(ص) أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلت بي أبرهة فتبسم، وأقرأته منها السلام، فقال: وعليها السلام ورحمة الله وبركاته، وكان لأم حبيبة حين قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة، ولما بلغ أبا سفيان تزويج رسول الله(ص) أم حبيبة قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه وقيل: إن هذه القصة في سنة ست.
الهوامش:
1- في المصدر: فتنصر هو.
2- في المصدر: ثم قد رجعت.
3- أي لم يبال بها ولم يهتم لها.
4- في المصدر: فأعطيت أبرهة.
5- في المصدر: كانتا في رجلها، وخواتم فضة.
6- رزأ الرجل ماله: أصاب منه شيئا مهما كان، أي نقصه، ورزأ ورزئ الرجل: أصاب منه خيرا.
7- الزباد: مادة عطرة تتخذ من دابة كالسنور هي أكبر منه قليلا.
8- في المصدر: لا تنسني.
المصدر: بحار الأنوار: العلامة المجلسي. الطبعة الثانية المصححة، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج21.
"الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، أما بعد فإن رسول الله(ص) كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله(ص)، وقد أصدقتها أربعمائة دينار".
ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فقال:
"الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله(ص)، وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله(ص)".
ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا، قالت أم حبيبة: فلما أتى بالمال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه خمسون مثقالا فخذيها فاستعيني بها، فأخرجت حقا فيه كل ما كنت أعطيتها فردته علي، وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك(6) شيئا، وأنا الذي أقوم على ثيابه ودهنه، و قد اتبعت دين محمد رسول الله، وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر، قالت: فلما كان الغد جاءتني بعدد ورس وعنبر و زباد(7) كثير فقدمت بكله على النبي(ص)، وكان يراه علي وعندي ولا ينكره ثم قالت أبرهة: حاجتي إليك أن تقرئي على رسول الله(ص) مني السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه، قالت: وكانت هي التي جهزتني، وكانت كلما دخلت علي تقول: لا تنسي(8) حاجتي إليك، فلما قدمت على رسول الله(ص) أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلت بي أبرهة فتبسم، وأقرأته منها السلام، فقال: وعليها السلام ورحمة الله وبركاته، وكان لأم حبيبة حين قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة، ولما بلغ أبا سفيان تزويج رسول الله(ص) أم حبيبة قال: ذاك الفحل لا يقرع أنفه وقيل: إن هذه القصة في سنة ست.
الهوامش:
1- في المصدر: فتنصر هو.
2- في المصدر: ثم قد رجعت.
3- أي لم يبال بها ولم يهتم لها.
4- في المصدر: فأعطيت أبرهة.
5- في المصدر: كانتا في رجلها، وخواتم فضة.
6- رزأ الرجل ماله: أصاب منه شيئا مهما كان، أي نقصه، ورزأ ورزئ الرجل: أصاب منه خيرا.
7- الزباد: مادة عطرة تتخذ من دابة كالسنور هي أكبر منه قليلا.
8- في المصدر: لا تنسني.
المصدر: بحار الأنوار: العلامة المجلسي. الطبعة الثانية المصححة، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، 1403 - 1983 م. ج21.
اترك تعليق