مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

حفظ حدود الله بين الرجل والمرأة- واجبات الرجل

حفظ حدود الله بين الرجل والمرأة- واجبات الرجل

  «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ[30]وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[31]وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ[32]» (النور 30- 32)


قوله تعالى: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ»:
الغض إطباق الجفن على الجفن، والأبصار جمع بصر وهو العضو الناظر، ومن هنا يظهر أن "من" في "من أبصارهم" لابتداء الغاية لا مزيدة ولا للجنس ولا للتبعيض كما قال بكل قائل، والمعنى يأتوا بالغض آخذا من أبصارهم . فقوله: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" لما كان "يغضوا" مترتبا على قوله: "قل" ترتب جواب الشرط عليه دل ذلك على كون القول بمعنى الأمر والمعنى مرهم يغضوا من أبصارهم والتقدير مرهم بالغض إنك إن تأمرهم به يغضوا، والآية أمر بغض الأبصار، وإن شئت فقل: نهي عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الأجنبي والأجنبية لمكان الإطلاق.
وقوله: "ويحفظوا فروجهم" أي ومرهم يحفظوا فروجهم، والفرجة والفرج الشق بين الشيئين، وكنى به عن السوأة، وعلى ذلك جرى استعمال القرآن المليء أدبا وخلقا، ثم كثر استعماله فيها حتى صار كالنص كما ذكره الراغب. والمقابلة بين قوله: "يغضوا من أبصارهم" و"يحفظوا" فروجهم يعطي أن المراد بحفظ الفروج سترها عن النظر لا حفظها عن الزنا و[...] كما قيل، وقد ورد في الرواية عن الصادق (عليه السلام) أن كل آية في القرآن في حفظ الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية فهي من النظر.
وعلى هذا يمكن أن تتقيد أولى الجملتين بثانيتهما، ويكون مدلول الآية هو النهي عن النظر إلى الفروج والأمر بسترها. ثم أشار إلى وجه المصلحة في الحكم وحثهم على المراقبة في جنبه بقوله: "ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون" .

بحث روائي:
وفي الكافي؛ [بإسناده عن أبي عمر والزبيري] عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث يذكر فيه ما فرض الله على الجوارح. قال: وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرم الله عليه، وأن يعرض عما نهي الله عنه مما لا يحل له وهو عمله وهو من الايمان. فقال تبارك وتعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه، ويحفظ فرجه أن ينظر إليه، وقال: "وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن " من أن تنظر إحداهن إلى فرج أختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليه. وقال: كل شئ في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فهو من النظر. 
 أقول: وروي القمي في تفسيره ذيل الحديث؛ [عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي بصير] عنه عليه السلام ، [وروي مثله عن أبي العالية وابن زيد].
وفي الكافي؛ [بإسناده عن سعد الاسكاف] عن أبي جعفر عليه السلام قال: استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان، وجعل ينظر خلفها، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه، فلما مضت المرأة نظر فإذ الدماء تسيل على ثوبه وصدره فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأخبرنه. قال: فأتاه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ما هذا؟ فأخبره فهبط جبرئيل بهذه الآية "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون".
أقول: ورواه في الدر المنثور [عن ابن مردويه] عن علي بن أبي طالب مثله، وظاهر الحديث أن المراد بالأمر بالغض في الآية النهي عن مطلق النظر إلى الأجنبية كما أن ظاهر بعض الروايات السابقة أنه نهي عن النظر إلى فرج الغير خاصة.

مصدر: الطبطبائي، السيد محمد حسين: الميزان في تفسير القرآن، ج15، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية- قم المقدسة، 1412 هـ.

التعليقات (0)

اترك تعليق