مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

استعادة هویة المرأة المسلمة على أساس المفاهیم والمبادئ الثوریة- ا

استعادة هویة المرأة المسلمة على أساس المفاهیم والمبادئ الثوریة- الإسلامیة

فی نظرة إجمالية إلى التغییرات الأخيرة فی الشرق الأوسط وشمال أفریقیا، نتوصل إلى أن النساء هنّ أهم عنصر مؤثر ومحرّك فی هذه التطورات الجذریة التی اکتسحت المنطقة، وإن هذا الحضور الواسع والمؤثر المستلهم من نساء صدر الإسلام والقیم الإسلامیة والإلهیة، جدّد هویة النساء المسلمات وأعاد تقویمها على أسس مُستحدثة. هذه القیم التی أجلستهن فی مقدمة التحرکات والحرکات الثقافیة والسیاسیة في الساحة؟ مفاهیم من قبیل: التوجّه نحو الإسلام، معاداة الاستکبار الأجنبي والاستبداد الداخلي ومعاداة الصهیونیة.

هنا نسعى إلى معرفة کیف أصبحت النهضة الإسلامیة تجدیدا لهویة المرأة المسلمة على أساس المفاهیم والقیم الثوریة الإسلامیة؟ على الرغم من أننا نعلم أن هذا السؤال یعتمد على التقدیم والتأخير في زمان الثورة ولیس استعادة هویة النساء المسلمات حیث أن هاتین الظاهرتین تغییر اجتماعي مزدوج وبصورة عملیة لا یمکن الفصل بین الإثنین.

إن النتائج تشیر إلى أن النهضة الإسلامیة أدت إلى ازدهار وتجدید القیم الإلهیة والإسلامیة في المجتمع والتي نشرت العزة والکرامة للإنسان باعتباره «خلیفة الله في الأرض». فالنساء من خلال مشارکتهن وتأثیرهن العمیق فیه، حصلن على الهویة الإسلامیة والثوریة بناءاً على المفاهیم والقیم والتعالیم الدینیة والثوریة.

1) التوجّه نحو الإسلام

منذ الأيام الأولى للتغیرات السیاسیة الأخيرة في بعض الدول الإسلامیة الواقعة في شمال أفریقیا والشرق الأوسط، استخدم سماحة آیة الله الخامنئي مصطلح "الصحوة الإسلامیة" للتعبیر عن ذلك وبصورة تدریجیة تحوّل ذلك إلى "فکر الجمهوریة الإسلامیة". على الرغم من کل ذلك، امتنع الکثیر من المحللین والسیاسیین الغربیین عن استخدام المصطلح الخاص بالجمهوریة الإسلامیة ومضوا خلف تعابیر أخرى منها "الربیع العربي" و"الصحوة العربیة" و...

إن استخدام هذا المصطلح -مصطلح الربیع العربي- له أغراض وأهداف سیاسیة أکثر مما هو لبیان واقع الحال.

هؤلاء المحللون یدّعون أنه إذا ما أفضت الحرکات السیاسیة فی العالم العربي إلى تحولات أکثر حریة ولیبرالیة، فإن ذلك سیؤدی إلى إضعاف آثار الإسلام في المنطقة. لأن التوجه نحو الإسلام سیفقد أرضیته الرئیسیة.، کذلک الأبحاث المخالفة لأمریکا والکیان الصهیوني ستتبدل إلى توقعات ورغبات أکثر واقعیة، وکما نتوقع فإن هذه الأمور هي فقط حرب نفسیة وإعلامیة وأن نتیجة الانتفاضات من الناحیة العملیة ستکون شیئاً آخراً.

على الرغم من کل ذلك، فإن بعض السیاسیین وواضعي الاستراتیجیات الغربیین مجبرون على الاعتراف، مثال ذلك "روبرت فیسك"، الصحافي البریطاني المتخصص بأمور الشرق الأوسط یعتقد: "إن مصطلح الربیع العربي هو لفظة لتحریف صورة النهضة العربیة أو الإسلامیة التي تزلزل الشرق الأوسط.

أن التفکیر في التغییرات الحالیة في العالم الإسلامي لا تدع مجالاً للشك في أن هذه الأحداث لیست بصوریة أو مؤقتة، بل لها جذور في هویة وثقافة الشعوب المسلمة في المنطقة وأن هویة وثقافة هذه الشعوب لا تجد معنى لها إلا مع الإسلام. لا یمکن تفسیر هذه الأحداث بمعزل عن 100 عام من النضال ضد الاستبداد والاستعمار في العالم الإسلامي ومساعي قادة عظام مثل «سید جمال الدین أسد آبادی»، «الشیخ محمد عبده»، « سماحة الإمام الخمینی».

والحقیقة إن النهضة الإسلامیة أدت إلى استعادة النساء المسلمات هویتهن الممیزة ودورهن البنّاء والعظیم فی هذه التغییرات. وعلى سبیل المثال فی الیمن والبحرین حیث کان للنساء أکبر حضور فی المظاهرات المعادیة للنظام المستبد، والتقاریر التي نشرتها جمیع القنوات شهادة صادقة وواضحة على هذا الواقع ولا سبیل لإنکاره.

ولو أن النساء المسلمات فضّلن السکوت والانزواء في حالة الأنظمة السابقة لظهر تراجع في هذه التغییرات الثوریة ولکنهن انبرين لخدمة أهداف الثورة بکامل طاقاتهن وعزّزن هویتهن الثوریة الإسلامیة.

والأهم من ذلك هو أن النساء المسلمات وهن محور الأسرة، لهنّ أثر عظیم في تعلیم وتربیة الأجیال الشابة الجدیدة. ویمکن القول إن النهضة الإسلامیة هي ثمار سنوات مدیدة من الجهود المتواصلة لأمّهات مسلمات ثوریات حصلن على هویتهن الإسلامیة باستلهام مفاهیم وتعالیم الدین الحنیف وتربیة شباب مؤمن وثوری کان العنصر الأساسي للنهوض الإسلامي. وهذه الحقیقة تدعونا للجزم بأن الصحوة الإسلامیة واستعادة الهویة الإسلامیة الإلهیة للمرأة المسلمة، أمران متحدان مع بعض ولا یمکن الفصل بینهما.

کذلك یمکن القول إن المرأة المسلمة بتواجدها المؤثر في البنى المختلفة "مجتمع ما بعد الدکتاتوریة" تلعب دوراً مهماً في الترشید الاجتماعي والثوري، وإن ذکر بعض المصادیق یؤکد بأن المرأة تساهم في ارتقاء الثورة والقیم الإلهیة والإسلامیة.

2) مخالفة الاستکبار والاستبداد

الاستکبار والاستبداد توأمان لا ینفصلان عن بعضهما البعض، ویمارسان أعمالهما في البلدان الإسلامیة بکل حزم. وعلى سبیل المثال في بلد مثل السعودیة التي هي حلیفة استراتیجیة لأمریکا لا تعطي أي حریة للشعب وبصورة خاصة النساء. ولا توجد هناك أي انتخابات حقیقیة، ولا تتمتع النساء حتى بأقل درجة من الحریات الاجتماعیة والمدنیة، ویُمنعن من الوصول إلى المناصب العلمیة، الثقافیة، الإدارية، والسیاسیة، ولا یحق لهن حتى قیادة السیارات. وهو أمر لا یمکن تخیّله ولکنه أمر واقع لا ینبغی نکرانه. وهذا الاستبداد المطلق هو من جراء الدعم المالي والسیاسي الشدید، فضلاً عن الانحیاز الإعلامي الغربي للحکومات الجائرة والمستبدة في هذه الدول.

ومن البدیهي أن أحد أهم مطالب الشعوب المسلمة هي محاربة الاستکبار الخارجي والاستبداد الداخلي، ولمّا کانت النساء المسلمات قد وقعن ضحیة للظلم المضاعف فمن الطبیعي أن تکون صرخاتهن أعلى واعتراضهن أشد في هذا سبیلاً لاستلهام من القیم الحقیقیة للدین الإسلامي القویم .

ولا شك إن الله سبحانه وتعالى لم یفضّل الرجل والمرأة على أحدهما الآخر، وإن معیار العظمة والکرامة هو التقوى والزهد. وإن النساء المؤمنات طالما کن مکرّمات عند الله سبحانه وتعالى في القرآن الکریم، کالسیدة مریم والسیدة آسیا اللتان کنّ من النساء اللاتي ذُکرت عظمتهن في القرآن. ولذلك فإن الظلم والإجحاف في حق النساء مغایر ومخالف للآیات الإلهیة الصریحة فیهذا الصدد.

ولا ریب إن محاربة أنظمة الظلم الاستبداد وإحقاق حق المسلمات والمحافظة على کرامتهن واحترامهن، هو جهاد مقدس ومبني على الآیات والروایات الصحیحة حیث استلهمت منها النساء المفاهیم والقیم الإسلامیة في النهضة الإسلامیة والجهاد الذی کان ثمرته الحریة وکرامة النساء والرجال طبعاً.

3) معادات الصهیونیة

أحد الأسباب الرئیسیة للوعي الشعبي في المنقطة یعود إلى نوع علاقة حکّام هذه البلدان مع الکیان الصهیونی المُحتل للقدس الشریف. ولذا کان موضوع قطع العلاقات مع الکیان الصهیونی على رأس قائمة طلبات الشعوب المنتفضة في المنطقة.

لذلك فإن الکیان الصهیوني کان من الجهات التی تأثرت کثیراً بسبب الثورات والانتفاضات العربیة وسعى إلى تقلیل آثار الثورات السلبیة علیها. ففی بدایة هذه الانتفاضات أعلن نتانیاهو قلقة من ظهور مثل هذه الحالة وسعی الشعب المنتفض إلى نیل العدالة والحریة، لأن هذه الانتفاضات تهدد أطماع الرموز الصهیونیة في المنقطة أکثر من السابق.

وبعد انتشار النهضات الإسلامية العربیة، سعى الکیان الصهیونی إلى اتخاذ استراتيجية التفرقة لیوقف انتشار الوعي الثوري المتنامي. والسبیل الذی اتبعه الکیان الصهیوني من أجل تحریف ثورات الشرق الأوسط عن هدفها السامی هو سعي مسؤولي الکیان الصهیوني إلى ربط الحرکات الثوریة بکلمات کالإرهاب والتشدد وما ذلك من ادعاءات ومزاعم من قبیل طرح شعارات تزعم أن الثورات العربیة لا تهدد فقط الأمن في الأراضي الفلسطینیة المحتلة بل العالم بأسره.

إن محاربة الکیان الصهیونی الذي عبر عنه الإمام الراحل بالغدة السرطانیة والتي بالطبع ممکن إزالتها، هو من أهم معالم النهضة الإسلامیة التي من أبرز أهدافها معاداة الصهیونیة.

وعلیه کانت النساء المسلمات إلى جنب أخوتهن المسلین قد شارکن بصورة واسعة في محاربة هذه الغدة السرطانیة، من خلال استعادة الهویة الإسلامیة والثوریة، وجعلن الصهیونیة العالمیة في رعب متزاید بسبب ذلك.

وما من شك إن الصهاینة عن طریق سیطرتهم على الإعلام ومراکز بث الأخبار، سعوا إلى تشویه هذه المشارکة الواسعة للنساء واستعادتهن لهویتهن.، وتحرکوا بیأس إلى إظهار النساء المسلمات کمتخلفات وبعیدات عن المجتمع لکی یقللوا من الغضب الثوري، غافلین عن أن الأخوات والأمهات المسلمات هنّ من أسس لهذه الحرکة العظیمة ضد الکیان الغاصب وهنّ من سیساهم في دحره أخیراً. 

المصدر: موقع المجلس الثقافي- الاجتماعي للنساء والأسرة.
محمد قربانی کلشن آباد

التعليقات (0)

اترك تعليق