مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

المنامات المقدسة 8

المنامات المقدسة 8

حينما كانت الفتاة وزوجة المستقبل لروح الله تجيب على طلب يدها بكلمة "لا"، كانت تقول هذه الكلمة بصدق، وحينما كانت تقول لا أحب مدينة قم، كانت تقول ذلك عن صدق أيضاً. وكانت صادقة أيضاً حينما قالت أنها رأت هذه الدار التي تسكنها الآن مع السيد روح الله، عبر الزمان والمكان في رؤياها المباركة. وإذا ما قالت إني أحب مدينة قم من أجلك فقط، لأني أحبك بروحي، فإن هذه العبارة تنطلق صافية رقراقة يمكن أن تُشاهد من خلفها روحها المجردة الناصعة في يد السيد روح الله وصدره.

ولا شك أن الله قد أهدى إليها الإمام تقديراً لصدقها، وأهداها إليه تقديراً لعفّة عينيه.

ويبدو أن الفطرة الإنسانية تدل على أن المرأة تستقبل الأعمال البيتية، في حين أن العمل خارج البيت من مهمة الرجل. وإذا ما أرادت المرأة أن تمارس دوراً ما خارج البيت، فلا يُباح لها ذلك إلاّ برضى الرجل، عدا الواجبات التي لا يُشترط فيها رضاه. وللإسلام في هذا الشأن تعليمات رائعة. أليست المرأة ذواقة وأكثر ذوقاً من الرجل في القضايا ذات الصلة بالبيت؟ أليست المرأة أشد حماساً من الرجل لديمومة الأسرة؟ ألا يشعر الابن أن حنان الأمومة أعظم من حنان الأبوة وأنه بحاجة إلى هذا الحنان في بداية مسيرته الحياتية، حتى ولو أبدى الأب حناناً أعمق من الأم؟ أليس وجود الاثنين ضرورياً في عملية خلق الابن، غير أنّ جهد الرجل في ذلك يقل عن ساعة، وألم الأم وكدحها يزيد عن تسعة أشهر؟ وهناك العشرات من هذه التساؤلات التي يمكن أن تسطع من خلالها حقيقة أنّ المرأة أكثر عاطفة وحماساً وتقبلاً للمسؤولية في الأعمال ذات العلاقة بالبيت والأسرة. وهذه قاعدة وما عداها استثناء، والقاعدة ليست بحاجة إلى تمرين، وإنما تبرز لوحدها. والاستثناء في هذا الأمر ناجم عن التربية الخاطئة والفوضى الاجتماعية والثقافية. فإذا لم تتلوث فطرة مجتمع من المجتمعات بالتربية الخاطئة، فمن الطبيعي ـوأكثر طبيعية حتى الاحساس بطبيعيتهـ أن تأخذ المرأة على عاتقها إدارة البيت. والعجيب أنّ المرأة في البيت رئيس دون أنْ تسيء إلى الشعور بالرئاسة العليا لدى الرجل، ومرؤوس دون أن تفقد إدارتها البيتية ظرافتها. المرأة قديرة في الحفاظ على غرورها الرقيق، حتى حينما تتقبل أعمالاً مذلّة، مثل غسل براز الأطفال النتن، هي بحاجة إلى فن قبل أن تكون بحاجة إلى إدارة. إذن هل تبقى هناك ضرورة لأوامر الرجل ونواهيه التي يصدرها بين الفينة والأخرى؟ إنّ مثل هذه الأوامر والنواهي التي يصدرها الرجل تعمل على تقويض الإدارة البيتية.

المصدر: مجلة المحراب، العدد: 1095، الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية

التعليقات (0)

اترك تعليق