مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

الزواج الميمون-2

الزواج الميمون-2

ولنا أن نتساءل: أي اقتراح ذلك الذي اقترحه السيد اللواساني؟ وكيف يمكن نقل نبأ رفض الفتاة إلى السيد روح الله؟ صحيح أن قلب روح الله أكبر من أي يهدّمه سماع نبأ رفض فتاة لا يعرف حتى اسمها، لكنه كان رغم ذلك رقيقاً إلى درجة كبيرة بحيث يمكن أن يحطمه أي موج. أصدقاؤه الحميمون ممن يحيطون -إلى حد ما- بأعماق روحه، يعلمون أن حبّ الله قد شغل كل ثنايا قلبه بحيث لم يبق فيه مكان لحب غيره، لكنهم لا يعلمون أنه قد خطا خطوات أبعد في العرفان: كان يعتبر كل حب يهزّ قلبه حباً إلهياً، وكريمة السيد الثقفي قد حلّت في قلبه منذ الإشارة الأولى دون أن يعرف اسمها أو يبصر ملامح وجهها.

ليس بالإمكان كتمان الأمر، غير أن المثير للعجب هو أن السيد روح الله حينما سمع جواب رفض كريمة السيد الثقفي الكبرى، رأى أن الخجل لا يجوز هنا رغم ما كان قد عُرف عنه من خجل، فطلب من السيد أحمد اللواساني ـ صديقه الحميم الآخر ـ أن يذهب إلى طهران ويطلب له يد الفتاة بشكل رسمي. وحينما عاد حمل إليه جواب رفض أشدّ. وحاول للمرة الثانية والثالثة والرابعة، فجاء الجواب أنّ شريك أملاك جدّة الفتاة قد طلب هو الآخر يدها، ولم يحصل على جواب أيضاً. فماذا كان بإمكان السيد روح الله أن يفعل أكثر من هذا؟ سوى أن يقلل من تردده على بيت السيد الثقفي كل لا تخجل عين من عين.

كان الآخرون يتساءلون: لماذا هذا الإصرار؟ من يقول أن السيد روح الله سيرضى بها حينما يراها؟ ومن يقول أنها حينما ترى روح الله سترضى به؟ وذهب السيد أحمد للمرة الخامسة إلى دار السيد الثقفي كي يقف على رأي الفتاة للمرة الأخيرة، لكنها لم تكن مستعدة حتى للمجيء. وتشاجر مع صديقه الحميم وقال له: "لماذا لا تستحصل رضاها؟". فأجابه: "الفتاة هي التي تريد أن تتزوج وليس أنا. أنا أرى السيد روح الله أفضل من أن يكون زوجاً لابنتي، لكنها لا توافق الأقرباء لا يوافقون. والأهم من ذلك أن هذه البنت عاشت مع جدتها من الرضاعة وتحب طهران، وقد جاءت إلى قم مراراً مكرهة، إنها لا تحبها، كانت تتململ فيها وسرعان ما كانت تغادرها. إنها ترغب في إكمال دراستها، لا زالت صغيرة، جدتها لا تسمح...".

إن طرح قضية هذا الزواج والإجابات المؤلمة عليه، كان بمثابة دواء مرّ في فم السيد روح الله، وحدثاً أحدثته الصداقة، إلاّ أنه انتزع سداة تلك الصداقة عن لحمتها.

ولهذا فإنّ هذه القضية ورغم مرارتها أيقظت السيد روح الله لأنه كان غارقاً في الدراسة والبحث والمطالعة وتتبع الأخبار السياسية وعجائب العرفان النظري إلى درجة أنه نسي تماماً أن الزواج عند المتدينين نصف الإيمان ومقولته المشهورة "المرأة مظهر تحقق الآمال البشرية" إلا أنه أضاف إلى قنوته الطويل دعاء آخر ربما كان بهذا المضمون "أيتها الذات القدسية، هبي لي زوجة قدسية".

المصدر: مجلة المحراب، الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية

التعليقات (0)

اترك تعليق